المحامي علي ابوحبله - مطلوب استراتجيه وطنيه لمواجهة المخاطر التي تتهدد تصفية القضية الفلسطينية

ما بعد معركة طوفان الأقصى لن يكون كما قبله في ظل الحرب الدموية وسياسة التطهير العرقي التي تشنها إسرائيل على غزه والضفة الغربية وما تحمله من مؤشرات وتداعيات جميعها تدلل على أن حكومة الحرب الصهيونية التي يرئسها نتنياهو ماضيه في تنفيذ مخططها لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التدمير الممن هج في قطاع غزه لكل مقومات الحياة وتدمير البني التحتية وإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني ومحاصرته بمنع الدواء والغذاء وقطع الكهرباء والماء في سبيل مواصلة الضغط على السكان لإجبارهم على الترحيل ألقسري إلى سيناء ضمن سياسة الوطن البديل [/B]

القضية الفلسطينية والوضعية الفلسطينية ببعدها التاريخي وبأهميتها السياسية وبهذا الزمن التي عليه حيث أن الطريق الذي سلكته منظمة التحرير وقبولها لمبدأ التفاوض وبعد أكثر من ثلاثين عاما من التفاوض العبثي على قاعدة اتفاقية اسلوا واتفاقية باريس ألاقتصاديه وكل الاتفاقات التي انبثقت عن اوسلوا جميعها أصبحت من الماضي ولا تصلح منطلقا لإعادة المفاوضات مع إسرائيل خاصة وان أمريكا الراعي لعملية التفاوض أصبحت تفتقد للمصداقية وارتباطها بإسرائيل ارتباط استراتيجي وهي تتبنى موقف إسرائيل ومنحتها الغطاء في حربها على غزه تحت مقولة حق الدفاع عن النفس ومدتها بالعتاد اللازم لإكمال مهمتها في غزه للإجهاض على قوى المقاومة وهي تدفع بسياسة الترحيل ألقسري وتمارس ضغوطها على مصر لاستقبال المهجرين قسرا في الأراضي المصرية وهناك موقف صارم للقيادة المصرية والاردنيه بعدم السماح للتهجير ألقسري للفلسطينيين

أمريكا بمواقفها من مشاريع التسوية بدءا من مشروع كلينتون للسلام وخطة خارطة الطريق للرئيس جورج بوش الابن ... وخطة اوباما لإعلان ألدوله بنهاية ولايته وخطة بإيدن وتمسكه برؤيا الدولتين جميعها ذهبت أدراج الرياح وهي الأخرى أصبحت من الماضي .

إن الموقف الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني ومشاركته بالحرب على قطاع غزه ومواقف الإدارات الامريكيه من قضية الاستيطان واستعمال حق النقض الفيتو ضد مشروع أي قرار يدين إسرائيل وأي قرار يدعم الحقوق الوطنية الفلسطينية وجميعنا يذكر موقف إدارة اوباما من موضوع الطلب الفلسطيني للاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران والقدس عاصمة فلسطين وما قامت به أمريكا من ممارسة الضغوط ضد الفلسطينيين لعدم تقديم طلبهم وممارسة الضغوط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن تجنبا لاستعمال الفيتو للحفاظ على ما تبقى لها من مصداقية بفعل سياستها الفاضحة حيث نجحت الدبلوماسية الامريكيه بالضغط على البوسنة والهرسك وغيرها من الدول لعدم دعم الطلب الفلسطيني الأمر الذي حال ودون تمرير الطلب الفلسطيني ورفضه .

الرباعية الدولية هي الأخرى كانت فاقده لمصداقيتها وتبنت مواقف إسرائيل وان القضية الفلسطينية كانت وما زالت في مربعها الأمني ، إن ما تقوم به أمريكا من خلال إرسال مبعوثيها وما تقوم به الدول الغربية من ضغط على السلطة الفلسطينية ، وما تقوم به بعض الدول العربية من استعمال المساعدات المالية كوسيلة ضغط لترسيخ مفهوم سلطة الحكم الذاتي والقبول بمشاريع وخطط التطبيع ، الأمر الذي يتطلب وبعد تلك السنين من المفاوضات العبثية من رسم معالم للمرحلة المستقبلية بعد الحرب على غزه ومن وضع استراتجيه تحكم العمل السياسي المستقبلي بما يضمن الحقوق الوطنية الفلسطينية وبما يضمن السيادة الوطنية للشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير وإقامة ألدوله الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على قاعدة ومرجعية القرارات الدولية

منذ اوسلوا ولغاية الآن تغيرت المعالم السياسية والجغرافية والديموغرافية للأرض الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي منذ ما بعد رابين ولغاية الآن تقوم بعمل ممنهج لأجل إسقاط مشروع ألدوله الفلسطينية والإبقاء على الاداره الذاتية لإدارة شؤون ومصالح الفلسطينيين في قصبات المدن والقرى الفلسطينية وان إسرائيل بهذا الواقع هي المستفيدة وان مخططها ألتهويدي وبرنامجها يسير بخطى ثابتة حسب ما هو مخطط له ، إن إسرائيل استفادت من عملية المراوغة والتهرب من كل الاستحقاقات التي تتطلبها عملية السلام وأنها وبالدعم الأمريكي والأوروبي ما زالت ترى في الاستيطان والاستيلاء على الأراضي عملا استراتجيا وهي لهذا ترفض الدعوة لإزالة مستوطنات قائمه وترفض تجميد الاستيطان وهي تتوسع بإنشاء البؤر الاستيطانية .

هناك تداخل اليوم بين التجمعات السكنية الفلسطينية والمستوطنات وان هذا خطر داهم يتهدد الوجود الفلسطيني المستقبلي ، إن النظرة ألاستراتجيه الاسرائيليه للضفة الغربية واعتبارها أرضا تاريخيه وارض الآباء والأجداد وهي بوجهة النظر الاسرائيليه أراضي متنازع عليها ،وان الموقف الأمريكي والأوروبي من قضايا الاستيطان والحدود ومن الموقف المنحاز لإسرائيل بحربها على غزه والخطط التي تعد لغزه بعد الحرب وكيفية إدارتها إذا نجح مخطط الحرب تضع الفلسطينيون والقضية الفلسطينية أمام مخاطر تتهددها وتهدد الوجود الفلسطيني وتتطلب رؤيا وطنيه استراتجيه لمواجهة المخاطر المحدقة بمستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته

الوحدة الوطنية مطلوبة وليست مثالية وإمكانية إزالة الخلافات والتناقضات والتباينات تستند إلى أن ما يجمع الفلسطينيين أكبر مما يفرقهم إذا وضعوا في أولويتهم الصراع مع الاحتلال كأولوية على ما عداه من خلافات خاصة بعد الحرب على غزه والضفة الغربية وهذا يتطلب سرعة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتشكيل إطار وطني قادر ومتمكن على مواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية ويشكل مرجعيه في اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات

يجب التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية شعب قوامه ما يقارب خمسة عشر مليون فلسطيني في الداخل والشتات ، وان يشارك الجميع في الإطار الوطني المقترح للمرحلة ألراهنه) ضمن المحاور التالية :-

المحور الأول : البرنامج الوطني والسياسي :

لا يمكن تقديم أي رؤية وطنية إستراتيجية ﻹستعادة الوحدة الوطنية دون النظر إلى ما يجري على الواقع (الوضع الراهن ) ، لا نريد الغرق في تفاصيل المواقف السياسية ومن يقدم لنفسه تبريرا ودفاعا عن سلوكه الفئوي على حساب المعالجة للموضوع الوطني ، الأولوية هي في مواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية على اثر تداعيات الحرب على غزه ومواجهة المخططات الصهيو أمريكية لسياسة الترحيل ألقسري ومحاولات تجسيد الفصل لغزه عن الضفة الغربية وهذا يتطلب النضال من أجل التحرر من الاحتلال والظلم والقهر والتهويد .

دخلت القضية الفلسطينية بعد الحرب على غزه في نفق مظلم لا يبدو على المدى المنظور أن هناك مخرجا منه إلا إذا امتلك طرفي الانقسام (فتح وحماس ) وباقي الفصائل إرادة سياسية تهدف الوصول إلى إستراتيجية ورؤية وطنية شاملة للخروج من المأزق واستعادة الوحدة الوطنية دون الأخذ للتهديدات الاسرائيليه والامريكيه والغربية على اعتبار أن الكل الفلسطيني بات مستهدف وبات كل من يطالب بحقه بالعيش بحريه وكرامه وينادي بالتحرر من الاحتلال إرهابي

فلو نظرنا إلى الواقع الفلسطيني الحالي نرى بأنه يعاني من تشرذم وضعف تنظيمي وانقسام إداري سلطوي ، بالإضافة إلى عدم وجود نظام سياسي موحد بحكم التقسيم الجغرافي (سلطة كيانيه منقسمة في الضفة وغزه ) أما الشتات الفلسطيني فأوضاعه مرتهنة لواقع المعطيات السياسية والاجتماعية للأنظمة السياسية والإجتماعيه في أماكن تواجده

إن البرنامج الوطني المطلوب هو برنامج لحياة ومستقبل خمسة عشر مليون فلسطيني وليس لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة ، لذلك يجب أن يكون برنامجا اقتصاديا اجتماعيا ثقافيا سياسيا شاملا ، فلو نظرنا إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني فهي ليست أفضل حالا من قضيتنا الوطنية فالفلسطينيون يعانون من انعدام للأفق السياسي والسلام في ظل حكومة الحرب الحالية وصلت إلى طريق يكاد يكون منعدما ، كل ذلك يترافق مع تردي الأوضاع ألاقتصاديه في الأرض الفلسطينية المحتلة وبالأخص قطاع غزة بعد تدميره وتدمير كل مقومات الحياة فيه ، وفي القطاع يقيم حاليا نحو مليونا مواطن فلسطيني محاصرون من الاحتلال وقطعت عنهم الماء والكهرباء وكل سبل الحياة وباتت الغالبية العظمى تعيش في العراء يفترشون الارض ويلتحفون السماء وبات القصف اليومي يستهدفهم جميعا وتشن عليهم أبشع أنواع حرب عرفها التاريخ الحديث وترقى لمستوى جرائم الهولوكوست

إن البرنامج الوطني المستند إلى استراتجيه وطنيه ، يعبر عن رؤية وطنية إستراتيجية للقضية الفلسطينية هذه الإستراتيجية هي الأساس التي تقوم عليها سياسات الدول والكيانات السياسية العقلانية وباتت أمر ملح في ظل المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية وتتهدد الوجود الفلسطيني

إن أكبر حقيقة واقعية وعلمية تمكننا من توحيد كل الفئات والشرائح الاجتماعية والاختلاف في الجنس والعمر هي تعزيز الديمقراطية الداخلية وارتباطها عضويا بالقضايا الوطنية ، فكلما زادت وتطورت العملية الديمقراطية داخل المؤسسات الرسمية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني وترشحت كمفهوم وممارسة تصبح المشاركة الوطنية أوسع .

ما لدينا اليوم لا يتعدى إدارة سياسية للمناطق الفلسطينية بل هو إدارة ذاتية لبلدية كبيره اسمها الضفة الغربية وأخرى اسمها قطاع غزة مع بعض الخصوصيات ، مع الأخذ بعين الاعتبار تشرذمهما نتيجة الانقسام والاحتلال الذي يحاول يوميا فرض وقائع جديدة من خلال وضع الحواجز العسكرية وإقامة المستوطنات . وهي إدارة منزوعة الصلاحيات السيادية .وهذا يتطلب تشكيل حكومة وحده وطنيه تجمع الكل الفلسطيني وتنقذ الوضع الفلسطيني من حالة الانهيار والتفكك السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتفوت ألفرصه على المخططات الصهيو أمريكية لتشكيل أداره دوليه لإدارة قطاع غزه ما يعني في المحصلة تصفيه ممنهجه للقضية الفلسطينية وسياسة حرق المراحل

المحور الثاني

التنسيق العربي ضرورة تفرضها أجندة الصراع مع الاحتلال وبخاصة مع دول الجوار العربي ونقصد التنسيق السياسي والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار العربي وتحديدا الأردن ومصر لفرض وقائع جديدة ومعادلات جديدة في لعبة الصراع مع الاحتلال وعلى طريق التحلل والانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال على طريق التحرير والاستقلال الاقتصادي والتحرر من القيود والضغوط ألاقتصاديه التي تمارسها سلطات الاحتلال وللوقوف في وجه سياسة الترحيل ألقسري ومحاولات الانقضاض على القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية وحقيقة القول أن الموقف المصري والأردني من القضية الفلسطينية موقف استراتيجي ويقف في وجه كل محاولات الترحيل القسري لسكان غزه

المحور الثالث

الاشتباك السياسي والقانوني على كافة المحافل والمنابر الدولية مع حكومة الاحتلال وعدم الإذعان للضغوط التي تمارسها سلطات الاحتلال للتخلي عن الخطوات القانونية التي في محصلتها محاصرة الاحتلال وكشف ممارساته أمام المجتمع الدولي وضرورة تشكيل لجان متخصصة لتوثيق جرائم حرب الاباده والتطهير العرقي التي تمارس بحق الفلسطينيين في غزه مع ما يستتبع ذلك سرعة التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ودعوة الدول السامية أعضاء مجلس حقوق الإنسان للاجتماع للتنديد بجرائم اسرائيل وخرقها الفاضح لكافة الاتفاقيات الدوليه ومواثيق حقوق الإنسان

الكل الفلسطيني عليه ان يدرك الخطر الذي يتهدد الفلسطينيين وان يبادر الجميع للخروج من الانقسام والوصول لرؤية وطنيه واستراتجيه تجمع الجميع وتؤسس للمستقبل الفلسطيني ووضع الخطط التي تكفل حقا وقولا الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية والتصدي لكل المخططات التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ، وأن خيار الفلسطينيون ما زال الإيمان المطلق بحقوقهم الشرعية والوطنية وحقهم بتقرير المصير وتطلعاتهم للحرية والأمن والسلام وهذا الموقف والمطلب يعرضهم لحرب الإبادة والتطهير العرقي التي تشن عليهم من قبل اسرائيل وأمريكا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...