الحرب النفسية الإسرائيلية على ضوء تداعيات الحرب على غزه

الحرب النفسية الإسرائيلية على ضوء تداعيات الحرب على غزه

المحامي علي ابو حبلة

لا بد من التصدي للحرب النفسية التي تقودها وسائل الإعلام الإسرائيلي ضد المواطن العربي والعقل العربي لتغيير الإدراك والسلوك لوجود إسرائيل والتعامل معها، بدل عدائها وهذا ما دأبت عليه الجهات المتخصصة بالحرب النفسية بشن حملتها لإضعاف روح المقاومة ضد إسرائيل، بتنا أمام حرب نفسيه مشرعة الأبواب وتستهدف الفلسطيني والعربي لإضعاف مقاومته وصولا لتحقيق هزيمته نفسيا ليستسلم أمام فرض سياسة الأمر الواقع، وهنا لا بد من شن هجمة معاكسة ومهاجمة ومحاصرة إسرائيل بالأسلوب والوسائل نفسها.

مفهوم الحرب النفسية وأهدافها:

تعرف الحرب النفسية بأنها « هي الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة -التي توجهها- أهدافها .

عدة صور وأساليب تستخدم لتحقيق تلك المهام للحرب النفسية كما عرفها وذكرها الخبراء في علم النفس لخطر الحرب النفسية وتتمحور في:

أولا :- الكلمة المسموعة أو المقروءة التي من شأنها التأثير على العقول والعواطف والسلوك، وهو مجال تتعدد فيه الأشكال والوسائل كالكتاب والصحيفة والمجلة والمنشور واللافتة والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.. الخ.

ثانيا :- الشائعات، وهي أخبار مشكوك في صحتها، ويتعذر التحقق من أصلها، وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة إليهم، ويؤدي تصديقهم لها أو نشرهم لها "وهذا هو ما يحدث غالبا" إلى إضعاف الروح المعنوية.

ثالثا:- التهديد بواسطة القوة " تحريك الأساطيل - إجراء المناورات الحربية بالقرب من الحدود - تصريحات القادة - إعلان التعبئة الجزئية.. الخ ".

رابعا :- الخداع عن طريق الحيل والإيهام.

خامسا :- بث الذعر والتخويف والضغط النفسي.

سادسا:- الإغراء والتضليل والوعد لاستدراج الجانب الآخر لتغيير موقفه.

أنواع الحرب النفسية

ومن المفيد أن نعرف أن جهد الحرب النفسية أو الدعاية يوجه في ثلاثة أنواع جرى العرف على تسميتها بحسب مصدرها بالأسماء التالية:

الدعاية البيضاء:

وهي نشاط الدعاية العلني والصريح، الذي يحمل اسم الدولة التي توجهه مثل: الإذاعة ووكالات الأنباء والتصريحات الرسمية، ولذلك تسمى أحيانا بالدعاية الصريحة أو الرسمية.

الدعاية الرمادية:وهى الدعاية الواضحة المصدر، ولكنها تخفي اتجاهاتها ونواياها وأهدافها، أي التي تعمل وتدعو إلى ما تريد بطريق غير مباشر، كالكتاب الذي يحتوى على قصة أو رواية عادية، لكنه يدعو - بين السطور -وبطريق غير مباشر إلى اعتناق مذهب سياسي معين أو التعاطف معه.

الدعاية السوداء:

وهي الدعاية التي لا تكشف عن مصدرها مطلقا، فهي عملية سرية تماما، ومن أمثلتها الصحف والإذاعات والمنشورات السرية والخطابات التي ترسل إلى المسئولين غفلا من التوقيع أو باسم أشخاص أو منظمات وهمية أو سرية.

الرمادية أخطر الألوان:

وبالمقارنة بين تلك الألوان الثلاثة للدعاية، يتضح لنا أن الدعاية الرمادية هي أخطرها على الإطلاق: فالإنسان بقليل من الوعي والفطنة، يستطيع أن يكشف بسرعة ما وراء الدعاية البيضاء والسوداء، أما الدعاية الرمادية فهو يتجرعها قبل أن يكتشف أهدافها، ويتعرض لتأثيرها دون أن يشعر، لأنها "تتسلل" إلى عقله ووجدانه مستترة وراء شيء ظاهري لا غبار عليه.. أي أنه "يتناول السم في العسل".. والمعروف أن حملات الدعاية تضم عادة الألوان الثلاثة، ولا تكتفي بلون واحد منها، لكننا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الدعاية الرمادية تحظى بالنسبة الأكبر، وأنها هي الأكثر استعمالا والأوسع انتشارا، وذلك تأكيدا لكونها أقوى أثرا.

إنّ الحرب النفسية هي " حرب العصر " ، حيث إنها حرب تغيير السلوكيات والقناعات وميدانها الشعوب والأفراد مدنيين كانوا أم عسكريين، وهي من أخطر الأسلحة؛ لأنها تقوم على إضعاف معنويات الخصم وتحطيم إرادته وهنا مكمن قوتها، إضافة لذلك فقد أصبح من الصعب على الدول -حتى العظمى منها- تحمل تكاليف الحرب العسكرية المباشرة التي تستنزف طاقاتها المالية والاقتصادية بشكل هائل، خاصة مع ترّدي الوضع المالي والاقتصادي لأكبر الدول في العالم، إضافة إلى رفض معظم شعوب تلك الدول بالزج بأبنائها في أتون الحروب المشتعلة، فلذلك اختارت تلك الدول أن تهزم أعداءها وتحكم سيطرتها عليهم من خلال ممارسة الحرب النفسية، فأنشأوا في سبيل ذلك مكاتب تكون تابعة لأجهزة الاستخبارات عادةً، شغلها الشاغل التخطيط ووضع الاستراتيجيات لهذا النوع من الحروب، وهمّها نشر الشائعات وزرع الفتن، والترصد والتضليل ضد أعدائها لحماية أمنها القومي على المدى البعيد كهدف رئيس قبل كل شيء.

فقد نجحت تلك الدول في أغلب الأحيان في تحقيق أهدافها من دون النزول إلى الأرض أو تعريض جنودها للخطر، ولكن في بعض الأوقات الأخرى تكون الحرب النفسية مقدمة للحرب العسكرية مثلما وقع في العراق مثلا، فيتم إطلاق الترسانة الإعلامية، والعمل في الخفاء، لتعبيد الطريق للقوات المهاجمة بعد ذلك..

الحرب النفسية هي حرب معنوية بالأساس اختلف المتخصصون في مبناها اللغوي فمنهم من يطلق عليها حرب العصابات والحرب الباردة أو حرب الأفكار والحرب الدعائية، ولكنهم جميعا اتفقوا على معناها، بأنها شكل من أشكال الصراع الذي يهدف للتأثير على الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه وإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن الحرب النفسية، إذا فهي حرب لا يمكن مواجهتها الند للند لأنّها تدور في الظلام وخلف الستار وتتغلغل بدون لفت الأنظار أو إحداث أي ضجيج.

وقد تعددت التعريفات للحرب النفسية وتنوعت، حيث يُعتبر الكولونيل» بلاو « أول من وضع أسس الحرب النفسية وذلك عام 1935، إذ كان يشغل منصب رئيس المعمل النفسي في وزارة الدفاع، بينما كان أول ظهور لهذا المصطلح بشكل رسمي على يد الأمريكي لينبارجر سنة 1954 حيث يقول إنها الاستخدام المنظم للدعاية والتدابير الإعلامية المقاربة بهدف التأثير في آراء وعواطف فئات الأجانب في البلدان المعادية من أجل تحقيق أهداف السياسة القومية أو الأهداف العسكرية، بينما تعرّفها وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون بأنها استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول للدعاية وغيرها من الإجراءات الإعلامية التي تستهدف جماعات معادية أو محايدة أو صديقة بغية التأثير على آرائها واتجاهاتها وسلوكها بطريقة تساعد الدول المستخدمة لهذا المخطط على تحقيق سياساتها وأهدافها ومصالحها، ويمكن القول كتعريف إجرائي بأنها حملة شاملة تُستعمل فيها كل الأدوات المستطاعة وكل الأجهزة للتأثير في عقول جماعة محددة بهدف تهديم قناعات معينة وإحلال أخرى في مكانها تتماشى مع مصالح الطرف الذي يشن الحملة.

يظهر لنا جليا خطورة الشائعات والحرب النفسية الإسرائيلية ومدى قدرتها على اختراق الصفوف ومحاولات إضعاف المعنويات وبث القلاقل والفتن داخل المجتمع، إن الحرب النفسية التي يتعرض لها الفلسطينيون والعرب يرصد لها ميزانيات بالملايين فما نحن فاعلون لمواجهة الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل وتستهدف النيل من قوتنا وإرادتنا، علينا عدم الاستسلام للشائعات وحملات التضليل ورفض تغيير السلوكيات والإدراك تجاه من يحتل الأرض والقدس وفلسطين ويصر على معاداة من يخالف مشروعهم التوسعي.

وعلى عاتق الجهات المسؤوله ان تعنى في كيفية التصدي لهذه الحرب القذرة التي يتعرض لها شعبنا على أيدي حفنه من المرتزقة موجهون في ترويج الخبر والدعاية المغرضة ضمن حرب نفسيه تخدم الاحتلال واستمرار احتلاله ، فهل لنا أن نعي الحقيقة لننتصر على الحرب النفسية وفي طليعتها حرب الاشاعه المغرضة وعبر كل الوسائل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...