رغم أهمية القراءة والاطلاع بالنسبة للكاتب المبدع وجودة ما ينتجه، فإن هناك كتابًا أجانب عُرفوا عالميًا، أعلنوا في أكثر من محفل ولقاء، أنهم لا يقرؤون الكتب، وقد ادعى بعضهم أنه اكتفى بما حصّله خلال دراسته بمراحلها المختلفة، فيما تذرع بعض آخر بحجج أخرى مختلفة نتطرق إليها فيما يلي.
*الكاتب الانجليزي كونان دويل ذائع الصيت ومبتكر شخصية المُحقّق الشرطي شرلوك هولمز، ردّد في أكثر من لقاء صحفي معه، أنه لا يقرأ الكتب، وأن انشغالاته بالكتابة لا تترك له الوقت لقراءة المزيد من الكتب، إلا في حالات قليلة وربما نادرة. معروف أن دويل هو مؤلف العشرات من المؤلفات البوليسية، وأن الكثير من رواياته وأقاصيصه تحوّلت إلى أفلام سينمائية شاهدها الناس في شتى بقاع العالم.
*الكاتب الفرنسي جورج سيمنون مبتكر شخصية المُحقّق مجرييه، ومؤلف المئات من الروايات بينها رواية "هذه المرأة لي"، التي أهلته للترشح للحصول على جائزة نوبل الادبية، كان يقول كلّما سئل عمّا يقرأه من الاعمال الادبية المعاصرة، قائلًا إنه لا يقرأ مؤلفات الآخرين، مُبرّرًا هذا بحُجتين إحداهما خشيته من أن يتأثر بسواه من الكُتّاب، والآخر أن المواضيع المتعارف عليها في عالم الكتابة والتأليف معروفة ولا يتجاوز عددُها الثلاثة والثلاثين موضوعًا. سيمنون هذا كان أسرع كاتب تأليفًا في العالم. وضع خلال حياته الادبية أكثر من ستمائة رواية، وتحوّل الكثير من رواياته أيضًا إلى أفلام مشهورة.
*الكاتب الروائي الامريكي إرسكين كالدول، مؤلّف القصص القصيرة والروائي الذي عرف العالم قصته مع الكتابة وكفاحه من أجل أن يكون كاتبًا، كما قرأنا في كتابه المشهور" سمّها خبرة"( ترجم إلى العربية مرتين، الجديدة بينهما صدرت مؤخرًا عن دار المدى السورية، والقديمة صدرت عن دار منشورات الهلال المصرية)، هذا الكاتب كان يُقسّم الناس إلى نوعين أحدهما يقرأ والآخر يكتب، وقد فضّل كما ورد في كتابه المذكور أن يكون من النوع الذي يكتب. لهذا انكب على الكتابة وانصرف عن القراءة.
السؤال الذي يُطرح إزاء مواقف هؤلاء الكتاب من القراءة وانصرافهم عنها، هل حقًا بإمكان الكاتب المعاصر الذي يقف أمام تراث ضخم في شتى المجالات، أن ينصرف عن القراءة وأن يتكرّس للكتابة فقط؟ في رأيي أن الاجابة هي بالنفي، فالقراءة هي البطارية التي تشحن قريحة الكاتب المبدع لا سيّما في عصرنا الحديث، كما أنها هي التي تتيح له الامكانية لأن يكون استمرارًا لثقافة ومثقفين آخرين. أضف إلى هذا أن تأليف أي من الكُتّاب كتابًا واحدًا قد يغني عن العشرات من الكتب، فالكتابة ليست كمًا بقدر ما هي كيف. أضف إلى هذا أن ما قاله دويل وسيمنون وكالدول لا يُعتبر قاعدة وإنما هو استثناء.. ويمكن اعتباره حالات خاصة.
مُجمل الرأي أنه لا يوجد كاتب في عالمنا جدير بصفته هذه ويمكنه الانصراف عن القراءة والاطلاع، والانقطاع للكتابة والتأليف، لسبب بسيط هو أن الكاتب ليس نسيج وحده في عالمنا وإنما هو استمرار لثقافة وتاريخ إبداعي طويل. كما يرى الشاعر الانجليزي تي. اس. اليوت.. في أكثر من كتابة نقدية وتقعيديه له.
ملاحظة: في أدبنا العربي لم اقرأ تصريحًا لكاتب معروف يذهب إلى مثل ما ذهب إليه هؤلاء الكُتّاب فيما يتعلق بعزوفهم عن القراءة، وانكبابهم على الكتابة مُكرّسين لها جُلّ أوقاتهم. ومما أذكره في هذا المجال أن طه حسين كان ينصح الكتاب الشباب بالقراءة والمزيد منها وقد تجسّدت نصيحته هذه بقوله لأنيس منصور: اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ. وكان طه حسين يقترح على الكُتّاب الجُدد أن يقرؤوا أربعة كتب من أدبنا العربي القديم قبل مباشرتهم الكتابة. هذه الكتب فيما أتذكر هي: البيان والتبيين، الكامل في اللغة والادب، الأمالي والعقد الفريد.
*الكاتب الانجليزي كونان دويل ذائع الصيت ومبتكر شخصية المُحقّق الشرطي شرلوك هولمز، ردّد في أكثر من لقاء صحفي معه، أنه لا يقرأ الكتب، وأن انشغالاته بالكتابة لا تترك له الوقت لقراءة المزيد من الكتب، إلا في حالات قليلة وربما نادرة. معروف أن دويل هو مؤلف العشرات من المؤلفات البوليسية، وأن الكثير من رواياته وأقاصيصه تحوّلت إلى أفلام سينمائية شاهدها الناس في شتى بقاع العالم.
*الكاتب الفرنسي جورج سيمنون مبتكر شخصية المُحقّق مجرييه، ومؤلف المئات من الروايات بينها رواية "هذه المرأة لي"، التي أهلته للترشح للحصول على جائزة نوبل الادبية، كان يقول كلّما سئل عمّا يقرأه من الاعمال الادبية المعاصرة، قائلًا إنه لا يقرأ مؤلفات الآخرين، مُبرّرًا هذا بحُجتين إحداهما خشيته من أن يتأثر بسواه من الكُتّاب، والآخر أن المواضيع المتعارف عليها في عالم الكتابة والتأليف معروفة ولا يتجاوز عددُها الثلاثة والثلاثين موضوعًا. سيمنون هذا كان أسرع كاتب تأليفًا في العالم. وضع خلال حياته الادبية أكثر من ستمائة رواية، وتحوّل الكثير من رواياته أيضًا إلى أفلام مشهورة.
*الكاتب الروائي الامريكي إرسكين كالدول، مؤلّف القصص القصيرة والروائي الذي عرف العالم قصته مع الكتابة وكفاحه من أجل أن يكون كاتبًا، كما قرأنا في كتابه المشهور" سمّها خبرة"( ترجم إلى العربية مرتين، الجديدة بينهما صدرت مؤخرًا عن دار المدى السورية، والقديمة صدرت عن دار منشورات الهلال المصرية)، هذا الكاتب كان يُقسّم الناس إلى نوعين أحدهما يقرأ والآخر يكتب، وقد فضّل كما ورد في كتابه المذكور أن يكون من النوع الذي يكتب. لهذا انكب على الكتابة وانصرف عن القراءة.
السؤال الذي يُطرح إزاء مواقف هؤلاء الكتاب من القراءة وانصرافهم عنها، هل حقًا بإمكان الكاتب المعاصر الذي يقف أمام تراث ضخم في شتى المجالات، أن ينصرف عن القراءة وأن يتكرّس للكتابة فقط؟ في رأيي أن الاجابة هي بالنفي، فالقراءة هي البطارية التي تشحن قريحة الكاتب المبدع لا سيّما في عصرنا الحديث، كما أنها هي التي تتيح له الامكانية لأن يكون استمرارًا لثقافة ومثقفين آخرين. أضف إلى هذا أن تأليف أي من الكُتّاب كتابًا واحدًا قد يغني عن العشرات من الكتب، فالكتابة ليست كمًا بقدر ما هي كيف. أضف إلى هذا أن ما قاله دويل وسيمنون وكالدول لا يُعتبر قاعدة وإنما هو استثناء.. ويمكن اعتباره حالات خاصة.
مُجمل الرأي أنه لا يوجد كاتب في عالمنا جدير بصفته هذه ويمكنه الانصراف عن القراءة والاطلاع، والانقطاع للكتابة والتأليف، لسبب بسيط هو أن الكاتب ليس نسيج وحده في عالمنا وإنما هو استمرار لثقافة وتاريخ إبداعي طويل. كما يرى الشاعر الانجليزي تي. اس. اليوت.. في أكثر من كتابة نقدية وتقعيديه له.
ملاحظة: في أدبنا العربي لم اقرأ تصريحًا لكاتب معروف يذهب إلى مثل ما ذهب إليه هؤلاء الكُتّاب فيما يتعلق بعزوفهم عن القراءة، وانكبابهم على الكتابة مُكرّسين لها جُلّ أوقاتهم. ومما أذكره في هذا المجال أن طه حسين كان ينصح الكتاب الشباب بالقراءة والمزيد منها وقد تجسّدت نصيحته هذه بقوله لأنيس منصور: اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ. وكان طه حسين يقترح على الكُتّاب الجُدد أن يقرؤوا أربعة كتب من أدبنا العربي القديم قبل مباشرتهم الكتابة. هذه الكتب فيما أتذكر هي: البيان والتبيين، الكامل في اللغة والادب، الأمالي والعقد الفريد.