حسب مُعجم المعاني الجامع، الغوغائية هي نوع من الأساليب السياسية التي يلجأ فيها بعضُ السياسيين إلى التَّملُّق والمُداهية والنفاق من أجل كسب وِدِّ الجماهير وجعلها تُناصِر وتساند هؤلاء السياسيين. وهذه الأساليب غالبا ما يلجأ لها السياسيون الوصوليون أو السياسيون الفاسدون الذين هم في حاجة لدعم الجماهير للوصول إلى مراكز السلطة، وبالتَّالي، تحقيق مآربهم الدنيئة.
وغوغائيات الرئيس الجزائري كثيرة ومتنوِّعة. وكلُّها موجَّهةٌ للاستهلاك الداخلي، أي لكسب المزيد من الشرعية لدى الشعب الجزائري. أو لتظهرَ الرئاسة الجزائرية وكأنها تُحقِّق مكاسب دبلوماسية أو لها نفوذ على المستوى الدولي. والحقيقة أن هذه الرئاسة لا تُحقِّق مكاسب ولا لها نفوذٌ على المستوى الدولي. وهنا، لا بدَّ أن نتذكَّرَ أن الجزائر، كدولة، رُفِضَت عضويتُها في مجموعة "البريكس" BRICS. وحينها، لما سأل أحدُ الصحفيين وزيرَ خارجية روسيا عن المعايير التي تعتمدها هذه المجموعة لقبول عضوية البلدان الأخرى، أجاب قائلا : من بين هذه المعايير، يجب أن يكونَ للبلد الذي يطلب العضويةَ ثقلٌ وتأثيرٌ (نفود) على المستوى الجيوسياسي. وبما أن مجموعةَ "البريكس" رَفَضَت عضويةَ الجزائر، كدولة، فمن الواضح أن هذه الدولة ليس لها نفوذ ولا هم يحزنون. وكل ما قاله ويقوله الرئيس الجزائري أن بلدَه "قوة ضارِبة" ليس إلا كلاما فارغا موجَّها، أولا وقبل كل شيء، للاستهلاك الداخلي ويدخل في خانة غوغائيات هذا الرئيس الشهيرة.
وآخِرُ غوغائيةٍ لهذا الرئيس، مناداتُه لإصلاح مجلس الأمن. علما أن هذا الإصلاحَ مطروحٌ منذ الثمانينيات واستغرق نقاشُه بين الحكومات طيلة 17 سنة، داخلَ الجمعية العامة للأمم المتَّحِدة. وإلى حدِّ الآن، لم يتوصَّل هذا النقاشُ إلى نتيجة. وما يؤكِّد غوغائيةَ الرئيس الجزائري هو أنه يعرف حق المعرفة أن هذا المشكل مطروحٌ منذ زمان. ولهذا ولذرِّ الرماد على عيون الشعب الجزائري، فإنه نادى بإصلاحٍ استعجالي لمجلس الأمن!
غريبٌ أمرُ هذا الرجل! ما لم تستطع تحقيقَه الجمعيةُ العامةُ للأمم المتحِدة التي تضم 192 دولة، طيلةَ 43 سنة، يريد الرئيس الجزائري تحقيقَه فورا. وكأن الجزائرَ، فعلا، قوة ضاربة يُحسب لها ألف حساب على المستويين الجيوسياسي والجيواستراتيجي. وكأنها، فعلا، تحتلُّ المراتب الأولى على المستوى الاقتصاذي، الاجتماعي، الثقافي، العلمي، النكنولوجي، العسكري، الصناعي… بينما جزائرُ اليوم، هي دولةٌ ريعية، أي يعتمد اقتصادها على مداخيل بيع النفط والغاز الطبيعي. وهذا يعني أن اقتصادَ بلادَ الجزائر لا يخلق الثروةَ، وإن خلقها، فهي ضعيفة بالمقارنة مع مداخيل النفط والغاز الطبيعي.
وما يزيد غوغائيةَ الرئيس الجزائري غرابةً، هو أن الجزائر ستصبح، ابتداءً من فاتح يناير 2024، عضوا غير دائمٍ في مجلس الأمن. وهنا غوغائيةٌ أخرى أضخم من غوغائياتِه المعتادة. إن الرئيس الجزائري يريد أن يُظهِرَ للعالم أن عضويةَ بلادِه في مجلس الأمن سيكون لها تأثيرٌ على هذا الأخير ليُعيدَ النظرَ في تشكيلتِه. وما يزيد في الغرابة ما هو أغرب، هو أن الرئيس الجزائري يعرف، حقَّ المعرفة، أن الإعضاءَ غير الدَّائمين في مجلس الأمن لا تأثيرَ لهم، على الإطلاق، على قرارات هدا الأخير. ويعلم كذلك أن وجودَ الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن ليس إلا مُحاكاة simulation للديمقراطية لخِداع الرأي العام العالمي وإيهامِه بأن قراراتِه تتمُّ عبر التَّصويت.
ولنفرض أن دولةَ الجزائر، بحكم وجودها في مجلس الأمن، ستلحُّ وتعيد على إصلاح مجلس الأمن، وربما تتقدَّم بمُلتمسٍ للجمعية العامة في هذا الشان (وهذا شيءٌ مستبعدٌ)، فمن السهل على الأعضاء الدائمين إسقاطَه باللجوء إلى حق النقض، أي الفيتو veto.
وعلى ذكر عضوية الجزائر في مجلس الأمن، فإنها، هي الأخرى، كانت محطَّ غوغائياتٍ من طرف رئيس البلاد و وسائل الإعلام لنفس البلاد. لقد قدَّم الرئيسُ الجزائري و وسائلُ إعلامِه هذه العضوية كإنجازٍ عظيمٍ حقٌّقته البلادُ كتتويج لنجاح دبلوماسيتها ومكانتها المتميِّزة في العالم. بينما الحقيقة غير ذلك على الإطلاق.
مجلس الأمن يتألُّف من 15 عضوا، 5 منهم دائمون وهم الولايات المتحدة، المملكة المتجدة، فرنسا، الصين وروسيا. و10 أعضاء غير دائمين يُنتَخَبون من طرف الجمعية العامة لمدة سنتين. قراراتُ هذا المجلس تُمرَّرُ عبرَ تصويت كل الأعضاء الخمسة عشر علما أن الأعضاءَ الدائمين يتمتَّعون بحق النقض أو الفيتو. وكل قارة خُصِّصَ لها عددٌ من الأعضاء غير الدَّائمين. القارة الإفريقية خُضِّصَ لها 3 أعضاء هم حاليا الغابون Gabon، غانا Ghana والموزمبيق Mozambique. الغابون والموزمبيق ستنتهي ولايتُهما في آخِرِ السنة الحالية. ولتعويضهما، يتم التَّرشيحُ ثم يأتي تصويتُ الجمعية العامة. ما لم تتمْ الإشارة إليه في غوغائيات الرئيس وإعلامه، هو أنه لم يترشَّح لهذا التعويض إلا بلدان هما سْيِيرا ليون Sierra Leone والجزائر. فبحكم هذا التَّرشيح، من الطبيعي جدا أن تكونَ الجزائرُ عضوا غير دائم في مجلس الأمن. ورغم ذلك، فإن سْيِيرا ليون، البلد الصغير والمغمور حصل على 188 صوتا من أصل 192 بينما الجزائر حصلت فقط على 184 صوتا. السؤال المطروح هنا هو : "هل كانت الجزائر ستُنتَخَبُ كعضو غير دائم في مجلس الأمن لو كانت البلدان المُرشَّحة أكثر من بلدين؟
إذن، فكل ما يروِّجه الرئيس الجزائري وإعلامُه حول العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن ليس إلا غوغائية مملوءة بالكذب والوهم والخداع وذرِّ الرماد على عيو الشعب الجزائري لجعله يعطي للنظام الحاكم شيئا من المشروعية التي يعرف هذا النظام أنه ليس أهلا لها.
هكذا يكون السياسيون الذين يصلون إلى الحكم بطُرق ملتوية وغير ديمقراطية. إنهم لا يثقون في شعوبهم. وحتى يفرضون سلطتَهم على هذه الشعوب، إما يفرضون هذه السلطة بالقوة وإما يجعلون الشعوبَ تعيش في الوهم وفي الشعارات الفارغة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. بالنسبة للجزائر ومن ضمن شعارات رئيسها الفارغة، شعار "نصرُ فلسطين ظالمة أو مظلومة". لما اندلعت الحربُ ضدَّ غزة، سكت حُكام الجزائر سكتةً قلبية علما أن الرئيس الجزائري قال : "فلسطين، اتركوها لي، سأتكلَّف بها شخصيا". إلى درجة أن إحدى النساء الغزاويات رأيتُها تصيح، عبر قناة الجزيرة، وتقول : "أينك يا تبون؟"
مَن أراد أن يتعلَّمَ الغوغائية، فعليه أن يخضعَ لتدريبٍ داخل المرادِية!
وغوغائيات الرئيس الجزائري كثيرة ومتنوِّعة. وكلُّها موجَّهةٌ للاستهلاك الداخلي، أي لكسب المزيد من الشرعية لدى الشعب الجزائري. أو لتظهرَ الرئاسة الجزائرية وكأنها تُحقِّق مكاسب دبلوماسية أو لها نفوذ على المستوى الدولي. والحقيقة أن هذه الرئاسة لا تُحقِّق مكاسب ولا لها نفوذٌ على المستوى الدولي. وهنا، لا بدَّ أن نتذكَّرَ أن الجزائر، كدولة، رُفِضَت عضويتُها في مجموعة "البريكس" BRICS. وحينها، لما سأل أحدُ الصحفيين وزيرَ خارجية روسيا عن المعايير التي تعتمدها هذه المجموعة لقبول عضوية البلدان الأخرى، أجاب قائلا : من بين هذه المعايير، يجب أن يكونَ للبلد الذي يطلب العضويةَ ثقلٌ وتأثيرٌ (نفود) على المستوى الجيوسياسي. وبما أن مجموعةَ "البريكس" رَفَضَت عضويةَ الجزائر، كدولة، فمن الواضح أن هذه الدولة ليس لها نفوذ ولا هم يحزنون. وكل ما قاله ويقوله الرئيس الجزائري أن بلدَه "قوة ضارِبة" ليس إلا كلاما فارغا موجَّها، أولا وقبل كل شيء، للاستهلاك الداخلي ويدخل في خانة غوغائيات هذا الرئيس الشهيرة.
وآخِرُ غوغائيةٍ لهذا الرئيس، مناداتُه لإصلاح مجلس الأمن. علما أن هذا الإصلاحَ مطروحٌ منذ الثمانينيات واستغرق نقاشُه بين الحكومات طيلة 17 سنة، داخلَ الجمعية العامة للأمم المتَّحِدة. وإلى حدِّ الآن، لم يتوصَّل هذا النقاشُ إلى نتيجة. وما يؤكِّد غوغائيةَ الرئيس الجزائري هو أنه يعرف حق المعرفة أن هذا المشكل مطروحٌ منذ زمان. ولهذا ولذرِّ الرماد على عيون الشعب الجزائري، فإنه نادى بإصلاحٍ استعجالي لمجلس الأمن!
غريبٌ أمرُ هذا الرجل! ما لم تستطع تحقيقَه الجمعيةُ العامةُ للأمم المتحِدة التي تضم 192 دولة، طيلةَ 43 سنة، يريد الرئيس الجزائري تحقيقَه فورا. وكأن الجزائرَ، فعلا، قوة ضاربة يُحسب لها ألف حساب على المستويين الجيوسياسي والجيواستراتيجي. وكأنها، فعلا، تحتلُّ المراتب الأولى على المستوى الاقتصاذي، الاجتماعي، الثقافي، العلمي، النكنولوجي، العسكري، الصناعي… بينما جزائرُ اليوم، هي دولةٌ ريعية، أي يعتمد اقتصادها على مداخيل بيع النفط والغاز الطبيعي. وهذا يعني أن اقتصادَ بلادَ الجزائر لا يخلق الثروةَ، وإن خلقها، فهي ضعيفة بالمقارنة مع مداخيل النفط والغاز الطبيعي.
وما يزيد غوغائيةَ الرئيس الجزائري غرابةً، هو أن الجزائر ستصبح، ابتداءً من فاتح يناير 2024، عضوا غير دائمٍ في مجلس الأمن. وهنا غوغائيةٌ أخرى أضخم من غوغائياتِه المعتادة. إن الرئيس الجزائري يريد أن يُظهِرَ للعالم أن عضويةَ بلادِه في مجلس الأمن سيكون لها تأثيرٌ على هذا الأخير ليُعيدَ النظرَ في تشكيلتِه. وما يزيد في الغرابة ما هو أغرب، هو أن الرئيس الجزائري يعرف، حقَّ المعرفة، أن الإعضاءَ غير الدَّائمين في مجلس الأمن لا تأثيرَ لهم، على الإطلاق، على قرارات هدا الأخير. ويعلم كذلك أن وجودَ الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن ليس إلا مُحاكاة simulation للديمقراطية لخِداع الرأي العام العالمي وإيهامِه بأن قراراتِه تتمُّ عبر التَّصويت.
ولنفرض أن دولةَ الجزائر، بحكم وجودها في مجلس الأمن، ستلحُّ وتعيد على إصلاح مجلس الأمن، وربما تتقدَّم بمُلتمسٍ للجمعية العامة في هذا الشان (وهذا شيءٌ مستبعدٌ)، فمن السهل على الأعضاء الدائمين إسقاطَه باللجوء إلى حق النقض، أي الفيتو veto.
وعلى ذكر عضوية الجزائر في مجلس الأمن، فإنها، هي الأخرى، كانت محطَّ غوغائياتٍ من طرف رئيس البلاد و وسائل الإعلام لنفس البلاد. لقد قدَّم الرئيسُ الجزائري و وسائلُ إعلامِه هذه العضوية كإنجازٍ عظيمٍ حقٌّقته البلادُ كتتويج لنجاح دبلوماسيتها ومكانتها المتميِّزة في العالم. بينما الحقيقة غير ذلك على الإطلاق.
مجلس الأمن يتألُّف من 15 عضوا، 5 منهم دائمون وهم الولايات المتحدة، المملكة المتجدة، فرنسا، الصين وروسيا. و10 أعضاء غير دائمين يُنتَخَبون من طرف الجمعية العامة لمدة سنتين. قراراتُ هذا المجلس تُمرَّرُ عبرَ تصويت كل الأعضاء الخمسة عشر علما أن الأعضاءَ الدائمين يتمتَّعون بحق النقض أو الفيتو. وكل قارة خُصِّصَ لها عددٌ من الأعضاء غير الدَّائمين. القارة الإفريقية خُضِّصَ لها 3 أعضاء هم حاليا الغابون Gabon، غانا Ghana والموزمبيق Mozambique. الغابون والموزمبيق ستنتهي ولايتُهما في آخِرِ السنة الحالية. ولتعويضهما، يتم التَّرشيحُ ثم يأتي تصويتُ الجمعية العامة. ما لم تتمْ الإشارة إليه في غوغائيات الرئيس وإعلامه، هو أنه لم يترشَّح لهذا التعويض إلا بلدان هما سْيِيرا ليون Sierra Leone والجزائر. فبحكم هذا التَّرشيح، من الطبيعي جدا أن تكونَ الجزائرُ عضوا غير دائم في مجلس الأمن. ورغم ذلك، فإن سْيِيرا ليون، البلد الصغير والمغمور حصل على 188 صوتا من أصل 192 بينما الجزائر حصلت فقط على 184 صوتا. السؤال المطروح هنا هو : "هل كانت الجزائر ستُنتَخَبُ كعضو غير دائم في مجلس الأمن لو كانت البلدان المُرشَّحة أكثر من بلدين؟
إذن، فكل ما يروِّجه الرئيس الجزائري وإعلامُه حول العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن ليس إلا غوغائية مملوءة بالكذب والوهم والخداع وذرِّ الرماد على عيو الشعب الجزائري لجعله يعطي للنظام الحاكم شيئا من المشروعية التي يعرف هذا النظام أنه ليس أهلا لها.
هكذا يكون السياسيون الذين يصلون إلى الحكم بطُرق ملتوية وغير ديمقراطية. إنهم لا يثقون في شعوبهم. وحتى يفرضون سلطتَهم على هذه الشعوب، إما يفرضون هذه السلطة بالقوة وإما يجعلون الشعوبَ تعيش في الوهم وفي الشعارات الفارغة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. بالنسبة للجزائر ومن ضمن شعارات رئيسها الفارغة، شعار "نصرُ فلسطين ظالمة أو مظلومة". لما اندلعت الحربُ ضدَّ غزة، سكت حُكام الجزائر سكتةً قلبية علما أن الرئيس الجزائري قال : "فلسطين، اتركوها لي، سأتكلَّف بها شخصيا". إلى درجة أن إحدى النساء الغزاويات رأيتُها تصيح، عبر قناة الجزيرة، وتقول : "أينك يا تبون؟"
مَن أراد أن يتعلَّمَ الغوغائية، فعليه أن يخضعَ لتدريبٍ داخل المرادِية!