الدكتور حسن حميد:
" قاوم الجزائريون بما امتلكوه، جيش فرنسا، وهو من أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ولم يهابوه، مثلما يقوم الفلسطينيون الان يقاومون جيشاً اسرائليا، هومن أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ،ولم يهابوه..."
"نعم الأدب يكتب تاريخ البلاد وهي تواجه ظلم المستعمر.."
"لقد قالت الثورة الجزائرية وبوضوح شديد: الشعوب لاتهزم..وهذا يقين أيده التاريخ."
"لقد اشتق الجزائريون والفلسطينيون خندقاً للكفاح الثقافي يوازي خندقهم الثوري."
أجرت الحوار هجيرة نسرين بن جدو و خصت به جريدة الأنطولوجيا للسرد العربي.
هو كاتب قصصي وباحث روائي فلسطيني أصدر أكثر من عشرة مجموعات قصصية تحتوي بين دفاتها أكثر من 100 قصة قصيرة، حازت نصوصه على جوائز في البلاد العربية و في ألمانيا، منها جائزه نجيب محفوظ لعام 1999 عن رواية "جسر بنات يعقوب" التي ترجمت لللغتين الفرنسية والتركية، يسعدني ويشرفني استضافة الدكتور حسن حميد فمرحبا بك ضيفا عزيزا.
لي الشرف أن اكون معكم.
الإستعمار، الإستيطان ،الإحتلال... تعددت الأسماء والمغزى واحد، وهو الإستيلاء على ارض ليست له واستغلال سكانها واقتلاعهم من أراضهم وديارهم بالإبادة و التهجير، حيث يحول البلاد التي يستعمرها إلى أرض جديدة وينزع منها كل معالمها الأثرية، الدينية، السياسية، والثقافية ليمارس السيطرة المطلقة عليها من خلال المستوطنين. هذا ما عرفته الجزائر عام 1830 عندما قامت فرنسا باحتلالها ،ومرت به فلسطين عام 1948 عندما تم الإستيطان من طرف اليهود، وعام 1967 عندما قام الجيش الإسرائيلي باحتلال الضفة الغربية ،جزء من الأردن ،قطاع غزة، هضبة الجولان السوري و شبه جزيرة سيناء في حرب سميت حرب الأيام الستة والتي دخلت القاموس الفلسطيني باسم "النكسة"
هل يعتقد الدكتور حسن ان كتابة التاريخ الحقيقي عن طريق القصة او الرواية مسؤولية الكاتب و إلى اي مدى؟
نعم..
دائما يلعب الأدب هذا الدور المهم جداً عندما يصاب المجتمع بارتجافة تهدد سيادته وتاريخه وارضه وتقاليده ولغته وعاداته وأمن أهله.وحال أهل فلسطين كانت على هذا النحو منذ مئة سنة وأزيد..لذلك هب الأدباء والكتّاب والشعراء بكتابة التاريخ الفلسطيني عبر القصيدة والرواية والقصة القصيرة والمسرحية وأدب الأطفال..لأن الأخبار وأعداد الشهداء والجرحى والمفقودين..سيلتهمها تقادم السنين..وهنا يأتي دور الأدب كيما يخلد الأحداث والحادثات،ويعيد لأسماء الثوار والقادة بريق أفعالهم الوطني،ويعيد للتاريخ الوطني توهجه مرة أخرى.
مجزرة دير ياسين كانت أرقاماً..وبوساطة الأدب غدت سيرة وطنية تتحدث عن القرية وعدد السكان وعدد الشهداء ودمار البيوت وما فعله الاسرائيليون من تمثيل بجثث الشهداء،وما حدث من هلع وخوف شمل بيوت القرية كلها..
نعم الأدب يكتب تاريخ البلاد وهي تواجه ظلم المستعمر..تولستوي كتب في روايته / الحرب والسلام/ تاريخ مواجهة الشعب الروسي لجيش نابليون بونابرت،وفيركور كتب رواية/ صمت البحر/ التي تتحدث عن شكل من أشكال المقاومة الفرنسية يوم احتلت المانيا باريس في الحرب العالمية الثانية..والأمثلة كثيرة..عشرات الروايات كتبت عن احتلال بريطانية لجنوب أفريقيا،وكتّاب الجزائر كتبوا سيرة المستعمر الفرنسي وممارساته الشيطانية من جهة،وسيرة الشعب الجزائري وهو يقاوم، فكتب ابن هدوقة،وكاتب ياسين، والطاهر وطار،وواسيني الأعرج تاريخ بلاد المليون ونصف المليون تاريخ الأجداد.
بالنسبه للجزائر، فجرت تلك المعارك والمقاومات الشعبية الشديدة للشيخ المقراني، الشيخ الحداد، لاله فاطمة نسومر، وبوزيان القلعي وغيرهم ثورة تحريرية، كان رشاشها بيانا ثار على إثره الشعب الجزائري، سنامها قادة تخطط وتدبر كيفية التخلص من هذا الإستدمار الغاشم، فاندلعت حرب الجزائر في الفاتح من نوفمبر 1954 حيث شارك فيها ما لا يزيد عن 1500 جندي مجاهد بقطع سلاح قليلة وقنابل تقليدية الصنع معدودة، قدم بعدها الشعب الجزائري قوافل متعاقبة من الشهداء من خيرة ابنائه المخلصين الذين رووا بدمائهم الزكية كل شبر من أرضنا الطيبة وبات أديمها مزيجا من عظام الشهداء الطاهرة المباركة، بخطوات متماثلة وعلى نفس الدرب تسير المقاومة الفلسطينية منذ عهد الإنتداب البريطاني إلى يومنا هذا .
بحكم المحبة و اختلاط الدم بين الجزائر وفلسطين، وما شهدته الدولتان من هول الإستعمار ،وما أثمرت به العلاقات السياسية، هل نستطيع القول ان المقاومة الفلسطينية التحريرية تستلهم قوتها ونضالها من الثورة التحريرية الجزائرية المباركة؟
نعم..
ما قام به ثوار الجزائر ،ومنذ عام 1954 وحتى عام 1962،بل وما قبل هذا التاريخ( اعني ما قام به الأمير عبد القادر الجزائري)..هو المرآة الوطنية والثورية يحدق اليها الشعب الفلسطيني على الدوام كي يتعلم منها الخطط وأسرار المواجهة،وليتلم منها الدرس الوطني الأوفى والأجمل بأن لا تفريط بالوطن مهما عزّت التضحيات،ومهما طال الزمن.
تعلّم الفلسطينيون من الثورة الجزائرية الصبر،والجرأة،وعشق الوطن، والمقدرة على تحريره من رجس الاستعمار،وان لا طمأنينة أو حياة امنة الا بطر د المستعمر ورده خائباً مندحراً.
والثورة الجزائرية كانت المثال لكل الدول والشعوب التي نالت استقلالها بعد انتصار الثورة الجزائرية.
لقد قالت الثورة الجزائرية وبوضوح شديد: الشعوب لاتهزم..وهذا يقين أيده التاريخ.
ما لاحظناه في كثير من الثورات انه يكون التركيز على النضال السياسي أكثر من النضال الثقافي الذي لا يقل اهميه عن النضال الثوري، يمكن كذلك ان يكون التعريف بالقضية الفلسطينية باستعمال مختلف الفنون مثل المسرح و السينما، ونذكر على سبيل المثال مسرحية "شعب الله المختار" لأحمد علي باكثير ،عمل مسرحي ناقش القضية الفلسطينية ،من الأعمال الدرامية: فيلم "فتاة من فلسطين" الذي تطرق للقضية الفلسطينية عام 1948 بعد النكبة مباشرة، فيلم جميلة بوحيرد وفيلم معركة الجزائر ،هذه الأفلام التي ناقشت كذلك القضية الجزائرية إبان الإستعمار الفرنسي للجزائر ... المقاومة الفلسطينية بالشعر والرواية والمقاومة الجزائرية كذلك بالشعر والرواية ومن أبرز المقاومين عن الحرية شاعر الثورة الجزائرية "مفدي زكريا" صاحب "إلياذة الجزائر" وما حملته من ثورة وغضب وجمال في طياتها، كذلك عندما نقول أدب المقاومه نستذكر الكاتب الصحفي الشهيد "غسان كنفاني" الذي أصدر 18 كتابا ،و كتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني حيث ترجمت هذه الاعمال إلى 20 لغة و أدرجت بعض أعماله في مناهج المدارس والجامعات ،ليس الوحيد بطبيعة الحال هنالك كذلك "محمود درويش" الملقب بشاعر الثورة الفلسطينية ،و نخبة كبيره من الأدباء والشعراء عرفوا بنصرتهم للقضية الفلسطينية والجزايريه .
ما هي نقاط التقاطع بين الكفاح الثقافي الجزائري والكفاح الثقافي الفلسطيني و ماذا كانت أبعاده في نصرة القضيتين معا؟
أكّد أدباء البلدين على أهمية النضال الشعبي،وقوة الارادة، والصبر،وعدم الخوف ،أو الخضوع لقوة المحتل مهما تعاظمت،وأن المستعمر لا يفهم لغةً سوى لغة القوة،ولن يطوي سنوات العذاب والاذلال الا بالمقاومة والمواجهة.
قاوم الجزائريون ،بما امتلكوه،جيش فرنسا،وهو من أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث،ولم يهابوه، مثلما يقوم الفلسطينيون الان يقاومون جيشاً اسرائليا، هومن أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ،ولم يهابوه... كل هذا ظهّره الكتّاب الجزائريون في مدوناتهم الأدبية..يكفي قراءة ما كتبه مفدى زكريا الشاعر الذي ظلمته الحياة،و الطاهر وطار..لتعرف كيف ناضل الجزائريون حتى نالوا استقلالهم العزيز، والحال هي نفسها لدى كتّاب فلسطين ..يكفي أن تقرأ أشعار ابراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي وعبد الرحيم محمود وتوفيق زيّاد ،وراشد حسين ،ومحمود درويش،وسميح القاسم، وخالد أبو خالد، ومعين بسيسو،و يكفي أن تقرأ روايات ومسرحيات وقصص: جبرا ابراهيم جبرا ،وغسان كنفاني ،وسميرة عزام، ويحيى يخلف، ورشاد أبو شاور، وتوفيق فياض لتعرف أهمية النضال الفلسطيني.
لقد اشتق الجزائريون والفلسطينيون خندقاً للكفاح الثقافي يوازي خندقهم الثوري.
بعيدا عن مزاعم الصهاينة، كيف ساهمت الرواية الفلسطينية في تأريخ الرواية الفلسطينية الحقيقية؟
الصراع مع الاسرائيلي المحتل، وهو يمثل اخر صورة من صور الاستعمار القديم، هو صراع على كل شيء، على الأرض ،والتاريخ، والحياة ،..وعلى الرؤيا.
والأخطر هو الصراع على السردية/ الرواية التي يتبناها الطرفان..كل ما تقوله الرواية الاسرائيلة باطل ومزاعم وتخليق مزور وكذب مفضوح..لا تؤيده المصداقية،كما لا يؤيده المنطق..الكيان الصهيوني..ليس مخلوقاً طبيعياً، انه مولود صنعته القوة البريطانية،وهو اليوم محروس بالقوة الأمريكية والغربية معاً، مولود خلق في الأمم المتحدة سنة 1948 ،وسوف يزول لأنه نبت شيطاني، وهذا ما تقفز عنة السردية الاسرائيلة ولا تريد ذكره..الكيان الاسرائيلي ،ومنذ عام 1948 يهوّد كل شيء..ولم ينجح ،ولن ينجح... فيافا ستظل يافا وليست تل أفيف..انهم يسرقون كل شيء ويسمونه بأسماء عبرية ،ويحاولون صنع تاريخ أو تراث لهم.. وأنا لا أستطيع أن أذكر للاسرائيين تاريخاً سوى تاريخ المجازر بحق الفلسطينيين ،ولا تراثاً سوى تراث سرقة تراث الاخرين..من نجمتهم..الى سرقة الثوب الفلسطيني.
سردية الاسرائيلي وسردية الفلسطيني هما صراع بين الباطل والحق،وبين الزعبرة والحقيقة.
كيف نشأ شعر المقاومة في وسط الفلسطينيين المثقفين؟ وكيف ساهم هذا الشعر بالتعريف بالقضية الفلسطينية خارج الديار؟
نشأ شعر المقاومة الفلسطينية منذ احتل الانكليز البلاد الفلسطينية عام 1917،والاداب والفنون عادة هي التي تعلن شرارة البدء للمقاومة ،فكان الشعر خندقاً مجاوراً لخندق الثائرين بوجه الانكليز أولاً،ثم بوجه العصابات الصهيونية ثانية..وقد كان للشعر الشعبي الفلسطيني الدور الوطني الكبير المحرض على المقاومة ،وفي كل الأوقاتوالمناسبات ومن أهم الشعراء الشعبيين الفلسطينيين : نوح ابراهيم الذي كان اسمه يتردد في كل بيت، مثلما كانت أشعاره تتردد في كل تظاهرة وطنية ،وبعد عام 1948 اتسعت رقعة شعر المقاومة الفلسطينية باتساع رقعة الظلم الذي وقع على البلاد الفلسطينية، بدءاً من مجزرة دير ياسين الى مجزرة كفر قاسم..الى ملحمة طوفان الأقصى في هذه الأيام.
شعر المقاومة الفلسطينية اليوم له مكانة مهمة في مدونة الشعر العربي لانه حفظ تاريخ الثورة الفلسطينية خلال 100 سنة من المقاومة.
وقد عرّف شعر المقاومة الفلسطينية بالقضية الفلسطينية بعد أن ترجم الى لغات عالمية عدة ،وبعد أن كتبه شعراء فلسطينيون أصحاب مواهب عظيمة مثل:
عبد الكريم الكرمي، ونوح ابراهيم، وعبد الرحيم محمود ،وابراهيم طوقان، ومحمود درويش ،وسميح القاسم ،وعز الدين المناصرة ،وأحمد دحبور..وقد درس هذا الشعر في الكثير من البلدان العربية.
حدثني دكتور حسن عن المقاومة بالشعر والرواية بين الماضي والحاضر؟
أيضاً،كان للرواية الفلسطينية دور بارز في تعريف العالم بالقضية الفلسطينية،تماماً مثلما كان دور الشعر..
ومنذ رواية/ مذكرات دجاجة/ ل موسى الحسيني..وحتى اخر رواية صادرة اليوم..والروائيون الفلسطينيون يكتبون التاريخ الوطني الفلسطيني..وتاريخ الثورة الفلسطينية داخل الوطن الفلسطيني وخارجه..
لقد حفظت الرواية الفلسطينية العادات والتقاليد والأعراف والأحلام الفلسطينية،وهي اليوم من اهم المدونات السردية العربية،وفرسانها كثرة: جبرا ابراهيم جبرا ،وغسان كنفاني ،وأميل حبيبي ،وتوفيق فياض، ورشاد أبو شاور ،ويحيى يخلف، وعاطف ابو سيف ،ووليد الشرفا..
ما هو دور أدب المقاومة في نصرة القضايا العادلة عموما وثورة الجزائر وفلسطين خاصة؟
الأدب عموما، ومنه الشعر والرواية، هو من يعبر عن ضمير الشعب الذي يواجه الظلم ،وهو الذي يروي البطولات، وهو الذي يصف المعارك ،وهو الذي يمجد أفعال الثوار.
كل العرب ،عرفوا ما أنجزه الشعب الجزائري من بطولات ،وأبرزها نيل الاستقلال من خلال الشعر والقصة والمسرحيات والروايات الجزائرية ،وعرفوا اسماء المدن والبلدات والمعارك الجزائرية من الاشعار والقصص والروايات الجزائرية، وهذا الدور لعبه الشعر وعموم أجناس الأدب الفلسطيني،في الداخل والخارج..وحين ترجم الأدبان الجزائري والفلسطيني الى اللغات العالمية عرف الاخرون أهمية الشعبين وهما يناضلان ضد المحتلين، والبطولات التي عمت الجغرافية الجزائرية والفلسطينية.
دور الادب الجوهري هو مقاومة الظلم والدفاع عن الحرية والقيم الانسانية.
هل لديك دكتور أفكار نهائية ترغب في مشاركتها مع القراء والجمهور؟
أنا عاشق للجزائر وأهلها الأوفياء الذين علموا الدنيا كيف يكون العشق للأرض والتاريخ والعادات والتقاليد.
دكتور حسن ! لقائي معك كان شيقا و مفيدا! أشكرك على قبول الدعوة مرة أخرى و لنا لقاء في قادم الأيام إن شاء الله في مواضيع أخرى.
مع محبتي الدائمة..
" قاوم الجزائريون بما امتلكوه، جيش فرنسا، وهو من أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ولم يهابوه، مثلما يقوم الفلسطينيون الان يقاومون جيشاً اسرائليا، هومن أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ،ولم يهابوه..."
"نعم الأدب يكتب تاريخ البلاد وهي تواجه ظلم المستعمر.."
"لقد قالت الثورة الجزائرية وبوضوح شديد: الشعوب لاتهزم..وهذا يقين أيده التاريخ."
"لقد اشتق الجزائريون والفلسطينيون خندقاً للكفاح الثقافي يوازي خندقهم الثوري."
أجرت الحوار هجيرة نسرين بن جدو و خصت به جريدة الأنطولوجيا للسرد العربي.
دائما يلعب الأدب هذا الدور المهم جداً عندما يصاب المجتمع بارتجافة تهدد سيادته وتاريخه وارضه وتقاليده ولغته وعاداته وأمن أهله.وحال أهل فلسطين كانت على هذا النحو منذ مئة سنة وأزيد..لذلك هب الأدباء والكتّاب والشعراء بكتابة التاريخ الفلسطيني عبر القصيدة والرواية والقصة القصيرة والمسرحية وأدب الأطفال..لأن الأخبار وأعداد الشهداء والجرحى والمفقودين..سيلتهمها تقادم السنين..وهنا يأتي دور الأدب كيما يخلد الأحداث والحادثات،ويعيد لأسماء الثوار والقادة بريق أفعالهم الوطني،ويعيد للتاريخ الوطني توهجه مرة أخرى.
مجزرة دير ياسين كانت أرقاماً..وبوساطة الأدب غدت سيرة وطنية تتحدث عن القرية وعدد السكان وعدد الشهداء ودمار البيوت وما فعله الاسرائيليون من تمثيل بجثث الشهداء،وما حدث من هلع وخوف شمل بيوت القرية كلها..
نعم الأدب يكتب تاريخ البلاد وهي تواجه ظلم المستعمر..تولستوي كتب في روايته / الحرب والسلام/ تاريخ مواجهة الشعب الروسي لجيش نابليون بونابرت،وفيركور كتب رواية/ صمت البحر/ التي تتحدث عن شكل من أشكال المقاومة الفرنسية يوم احتلت المانيا باريس في الحرب العالمية الثانية..والأمثلة كثيرة..عشرات الروايات كتبت عن احتلال بريطانية لجنوب أفريقيا،وكتّاب الجزائر كتبوا سيرة المستعمر الفرنسي وممارساته الشيطانية من جهة،وسيرة الشعب الجزائري وهو يقاوم، فكتب ابن هدوقة،وكاتب ياسين، والطاهر وطار،وواسيني الأعرج تاريخ بلاد المليون ونصف المليون تاريخ الأجداد.
ما قام به ثوار الجزائر ،ومنذ عام 1954 وحتى عام 1962،بل وما قبل هذا التاريخ( اعني ما قام به الأمير عبد القادر الجزائري)..هو المرآة الوطنية والثورية يحدق اليها الشعب الفلسطيني على الدوام كي يتعلم منها الخطط وأسرار المواجهة،وليتلم منها الدرس الوطني الأوفى والأجمل بأن لا تفريط بالوطن مهما عزّت التضحيات،ومهما طال الزمن.
تعلّم الفلسطينيون من الثورة الجزائرية الصبر،والجرأة،وعشق الوطن، والمقدرة على تحريره من رجس الاستعمار،وان لا طمأنينة أو حياة امنة الا بطر د المستعمر ورده خائباً مندحراً.
والثورة الجزائرية كانت المثال لكل الدول والشعوب التي نالت استقلالها بعد انتصار الثورة الجزائرية.
لقد قالت الثورة الجزائرية وبوضوح شديد: الشعوب لاتهزم..وهذا يقين أيده التاريخ.
قاوم الجزائريون ،بما امتلكوه،جيش فرنسا،وهو من أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث،ولم يهابوه، مثلما يقوم الفلسطينيون الان يقاومون جيشاً اسرائليا، هومن أقوى جيوش الدنيا في العصر الحديث ،ولم يهابوه... كل هذا ظهّره الكتّاب الجزائريون في مدوناتهم الأدبية..يكفي قراءة ما كتبه مفدى زكريا الشاعر الذي ظلمته الحياة،و الطاهر وطار..لتعرف كيف ناضل الجزائريون حتى نالوا استقلالهم العزيز، والحال هي نفسها لدى كتّاب فلسطين ..يكفي أن تقرأ أشعار ابراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي وعبد الرحيم محمود وتوفيق زيّاد ،وراشد حسين ،ومحمود درويش،وسميح القاسم، وخالد أبو خالد، ومعين بسيسو،و يكفي أن تقرأ روايات ومسرحيات وقصص: جبرا ابراهيم جبرا ،وغسان كنفاني ،وسميرة عزام، ويحيى يخلف، ورشاد أبو شاور، وتوفيق فياض لتعرف أهمية النضال الفلسطيني.
لقد اشتق الجزائريون والفلسطينيون خندقاً للكفاح الثقافي يوازي خندقهم الثوري.
والأخطر هو الصراع على السردية/ الرواية التي يتبناها الطرفان..كل ما تقوله الرواية الاسرائيلة باطل ومزاعم وتخليق مزور وكذب مفضوح..لا تؤيده المصداقية،كما لا يؤيده المنطق..الكيان الصهيوني..ليس مخلوقاً طبيعياً، انه مولود صنعته القوة البريطانية،وهو اليوم محروس بالقوة الأمريكية والغربية معاً، مولود خلق في الأمم المتحدة سنة 1948 ،وسوف يزول لأنه نبت شيطاني، وهذا ما تقفز عنة السردية الاسرائيلة ولا تريد ذكره..الكيان الاسرائيلي ،ومنذ عام 1948 يهوّد كل شيء..ولم ينجح ،ولن ينجح... فيافا ستظل يافا وليست تل أفيف..انهم يسرقون كل شيء ويسمونه بأسماء عبرية ،ويحاولون صنع تاريخ أو تراث لهم.. وأنا لا أستطيع أن أذكر للاسرائيين تاريخاً سوى تاريخ المجازر بحق الفلسطينيين ،ولا تراثاً سوى تراث سرقة تراث الاخرين..من نجمتهم..الى سرقة الثوب الفلسطيني.
سردية الاسرائيلي وسردية الفلسطيني هما صراع بين الباطل والحق،وبين الزعبرة والحقيقة.
شعر المقاومة الفلسطينية اليوم له مكانة مهمة في مدونة الشعر العربي لانه حفظ تاريخ الثورة الفلسطينية خلال 100 سنة من المقاومة.
وقد عرّف شعر المقاومة الفلسطينية بالقضية الفلسطينية بعد أن ترجم الى لغات عالمية عدة ،وبعد أن كتبه شعراء فلسطينيون أصحاب مواهب عظيمة مثل:
عبد الكريم الكرمي، ونوح ابراهيم، وعبد الرحيم محمود ،وابراهيم طوقان، ومحمود درويش ،وسميح القاسم ،وعز الدين المناصرة ،وأحمد دحبور..وقد درس هذا الشعر في الكثير من البلدان العربية.
ومنذ رواية/ مذكرات دجاجة/ ل موسى الحسيني..وحتى اخر رواية صادرة اليوم..والروائيون الفلسطينيون يكتبون التاريخ الوطني الفلسطيني..وتاريخ الثورة الفلسطينية داخل الوطن الفلسطيني وخارجه..
لقد حفظت الرواية الفلسطينية العادات والتقاليد والأعراف والأحلام الفلسطينية،وهي اليوم من اهم المدونات السردية العربية،وفرسانها كثرة: جبرا ابراهيم جبرا ،وغسان كنفاني ،وأميل حبيبي ،وتوفيق فياض، ورشاد أبو شاور ،ويحيى يخلف، وعاطف ابو سيف ،ووليد الشرفا..
كل العرب ،عرفوا ما أنجزه الشعب الجزائري من بطولات ،وأبرزها نيل الاستقلال من خلال الشعر والقصة والمسرحيات والروايات الجزائرية ،وعرفوا اسماء المدن والبلدات والمعارك الجزائرية من الاشعار والقصص والروايات الجزائرية، وهذا الدور لعبه الشعر وعموم أجناس الأدب الفلسطيني،في الداخل والخارج..وحين ترجم الأدبان الجزائري والفلسطيني الى اللغات العالمية عرف الاخرون أهمية الشعبين وهما يناضلان ضد المحتلين، والبطولات التي عمت الجغرافية الجزائرية والفلسطينية.
دور الادب الجوهري هو مقاومة الظلم والدفاع عن الحرية والقيم الانسانية.