المحامي علي ابوحبله - إخفاق إسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب: بدأ زمن البحث عن التسوية

عندما بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة تحدّث المسئولون الإسرائيليون عن حرب طويلة، وبعد وصول الحرب ودخولها الشهر الثالث من القتال أصبح بالإمكان القول أنّ هذه الحرب هي الأطول التي تخوضها دولة الاحتلال ، ويبدو بحسب كل الوقائع والتوقعات أن الحرب لم تحقق النتائج التي وعد بتحقيقها وهناك قلق واستياء شعبي إسرائيلي من استمرار الحرب

منذ الحرب ،على قطاع غزة وحكومة الحرب التي مارست سياسة الأرض المحروقة وطالت آلتها العسكرية الحجر والشجر والبشر وتدعي أن هدفها تدمير قوة المقاومة الفلسطينية وإخضاع الشعب الفلسطيني، وجدت حكومة الحرب برئاسة بنيامين نتنياهو هو نفسها غارقة في مستنقع غزة، وجيشها، وخصوصاً قوات النخبة فيه، يمنى بأفدح الخسائر دون تحقيق النتائج المرجوة ودون تقديم دليل يقنع الإسرائيليين باستمرار جدوى الحرب ، كذلك فإن " إسرائيل " تكبّدت خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة الشلل في حركة الاقتصاد والسياحة ووقف حركة الملاحة في مطار بن غوريون وعزل الكيان الإسرائيلي جواً،وكذلك بحرا وبلغت الخسائر المنظورة مليارات من الدولارات.

لم يعد بإمكان حكومة الحرب التي يرئسها نتني اهو أن تستمر في هذه الحرب طويلاً لاعتبارات عديدة، أبرزها الداخلية المتعلقة بالاقتصاد، حيث تبرز تحذيرات من مراكز أبحاث إسرائيليه من خطر الأزمة الاقتصادية الحالية والتي قد تؤدي إلى انهيار واسع لن يكون بوسع حكومة بنيامين نتانياهو الخروج منه لسنوات طويلة، فإلى جانب الجمود الاقتصادي الكامل، واستدعاء الاحتياط العسكري، هناك أزمة النزوح وتذمّر النازحين ، ويضاف إلى ذلك قضية المحتزين الإسرائيليين وهي قضية تؤرق الإسرائيليين وتدفعهم يوميا للتظاهر مطالبين بعقد صفقة تبادل وان اقتضت تبييض السجون والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين

هناك تخوف حقيقي من قبل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية من تآكل وتضاؤل الدعم لإسرائيل وهناك حديث عن تذمر أمريكي باستمرار الحرب بوتيرتها الحالية وإلحاق الخسائر بالمدنيين الفلسطينيين وممارسة سياسة التجويع ومنع الماء والدواء وقطع الكهرباء عن ما يقارب مليون وتسعمائة ألف نازح ، ، فقد بدأ الحديث داخل الكيان الإسرائيلي عن وضع مهلة زمنية أميركيّة للإسرائيليين تنتهي بداية العام المقبل أو منتصف الشهر المقبل ، و بحال لم يقتنع المسئولون الإسرائيليون بوقف الحرب قد تلجأ أميركا إلى تخفيض الدعم العسكري، والّذي من دونه لا يمكن الاستمرار طويلا خاصة وأن إدارة بإيدن والحزب الديمقراطي بات أمام خسارة محققه بسبب دعم إدارة بإيدن لإسرائيل في حربها على غزه .

الانجازات التي تحدث عنها الجيش الإسرائيلي في شمال غزه تبدده يوميا الاشتباكات مع قوى المقاومة والخسائر التي تلحق بالجيش " الإسرائيلي " ، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق أي إنجاز يُذكر، لا بالقضاء على جيوب المقاومة، أو وقف إطلاق الصواريخ من القطاع على تل أبيب ولا حركة حماس أعلنت استسلامها وألقت سلاحها، لذلك يدور حديث بحسب مصادر متابعه عن أن الهجوم البري الإسرائيلي على غزة قد ينتهي في خانيونس، مع التشديد على أنّ هذه النقطة بالتحديد هي من أصعب النقاط التي يدخلها الإسرائيليون وهي بحسب اعتراف قاده عسكريين إسرائيليين أنها من أشرس المعارك التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي

في هذا الوقت يمكن القول أن البحث الجدي في مرحلة ما بعد الحرب على غزّة قد انطلق فعلياً بعد قبول إسرائيل لضرورة البحث في هذه المسألة، على اعتبار أن الأهداف التي وضعتها لحربها لن تتحقق بالكامل وهو ما بات على اقتناع به المجتمع الإسرائيلي الذي يزيد من ضغطه على الحكومة في الشارع.

الوضع في الجنوب اللبناني لن يكون بمعزل عن الحلول المقترحة لنزع فتيل الصراع وبما يضمن أمن دولة الاحتلال وبحسب المحللين والمتابعين فإن التسوية هذه التي سيكون بكل تأكيد الأميركي والإيراني طرفاً فيها لا بد أن تتطرق إلى الوضع في لبنان، ولكن ما يتم طرحه حالياً من قبل المبعوثين الدوليين لا يرقى لأن يكون حلاً ممكناً لأن الحديث عن تعديل القرار 1701، أو فرض تطبيق إنشاء منطقة عازلة بالقوة، او جعل القرار تحت البند السابع في الأمم المتحدة، كلها خيارات لن يكون بالإمكان تطبيقها على أرض الواقع، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة ستكون للبحث في التسويات ولكن تحت "النار"، سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني.

من جهته يتوقع المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، معركة بطيئة وطويلة، ويدعو الجمهور إلى طول نفس وعدم الضغط على كابينيت الحرب والحكومة والجيش، ويقول إن الجيش بحاجة إلى "نافذة زمنية" ليس من الإدارة الأميركية فقط، بل من الجمهور الإسرائيلي لأن الطريق ما زالت طويلة.

الطريق الطويلة التي تترجم زمنيا ببضعة أشهر وربما سنة، كما صرح أكثر من مسئول إسرائيلي، تعني بمفهوم العديد من المحللين العسكريين والسياسيين غرق الجيش الإسرائيلي في وحل غزة، وفي هذا السياق، حذر الكاتب الأميركي، توماس فريدمان، إسرائيل، من الاستمرار في غزوها البري لغزة كي لا تغوص في وحلها إلى الأبد، وأن تصبح كل "علل" القطاع تحت مسؤوليتها، إلى جانب اضطرارها إلى إدارة سكانه الذين يزيد عددهم على مليوني شخص يرزحون تحت وطأة أزمة إنسانية، كما أن سيناريو من هذا القبيل "سيلطخ"، على حد تعبيره، سمعة الجيش الإسرائيلي الذي ما زال يسعى لاستعادة ثقة الإسرائيليين به.

داني ربينوفيتش يتوقع أيضا أنه بغياب ما وصفه بـ"إستراتيجية خروج"، فإن إسرائيل ستغرق في الوحل الغزي، ويشير إلى أنه بالرغم من رغبة بايدن بتقويض حماس وتحطيم المحور الإيراني في الشرق الأوسط، فإنه غير محصن بوجه استطلاعات الرأي التي تؤشر إلى أن الكارثة الإنسانية في غزة تضعفه وتزيد من قوة ترامب، لذلك فإنه سيقوم عشية الانتخابات بوضع إسرائيل أمام خيار قاس، وهو إما إلقاء السلاح وإما أن تكمل الحرب لوحدها دون تسليح ودون حاملة طائرات ودون دعم سياسي، ويرى أن انسحابا سياسيا من هذا النوع من شأنه أن يفسر في إيران وربما في روسيا والصين كضوء أخضر لفتح معركة متعددة الجبهات من شأنها أن تؤدي إلى خراب إسرائيل.

ويخلص ربينوفيتش إلى القول بعدم وجود حل عسكري في غزة، وإذا لم يتوفر أمل للغزيين والفلسطينيين عموما، فإن المأزق سيتعمق، مشيرا إلى أن نجاح الجيش الإسرائيلي في مهماته من شأنه أن يزيد من تصميم الفلسطينيين وتقربهم وتقرب حلفاؤهم من إطلاق حرب إقليمية، "حرب يأجوج ومأجوج، التي إذا وُجِدت إسرائيل فيها وحيدة، فإنها لن تنتهي مثلما يرغب سموتريتش وبن غفير وغلاة المتطرفين في إسرائيل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...