المبادئ والأخلاقيات في حياة الانسانيه كالملح في الطعام، لكن فقدان المبادئ والأخلاق من الحياة سيُفسدها. ولا يمكن أن تُستساغ وسيظل الضمير مُتعَباً ، ولا جدال حول أهمية توافر المبادئ والأخلاقيات في كل شيء ، بلا استثناء، حتى لو كانت حالة الحرب، فكلاهما يجب أن يكونا حاكمين في أي عمل، لأنهما تشكّلان عنصراً فارقاً في كَونه جيءَ به على الوجه الأكمل، ويظن المراقب فيه كما لو أنه عملٌ ينبض بالروح والحياة، أو أن يكون عملاً حركياً جامداً بحتاً لا يعدو كونه إجراءً وظيفياً مثل الآلة يقوم به المرء دون أي زيادة أُخرى.
أما الأخلاق فهي معايير السلوك أو القواعد المتعارف عليها، توصَف بالحُسن أو القُبح، ويكون مصدرها الدين، أو الثقافة، وكذلك أعراف المجتمع، وهنا تستوقفنا أحداث ما أقدمت عليه قوات الاحتلال في جنازة الصحفية الشهيدة المرحومة شرين ابوعاقله وقد قتلت على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين ، هذا الاعتداء الهمجي على موكب التشييع وحملة جثمان شرين ابوعاقله فاق التصور في أحداثه واحدث ردة فعل دوليه مستنكره الفعل الذي أقدمت عليه قوات الاحتلال وجردها من إنسانيتها .
وسائل إعلام عبرية، هناك تخوف إسرائيلي كبير من عواقب الإدانات الدولية والعربية للعنف والممارسات التي تمارس من قبل جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين ، تعهد الجيش الإسرائيلي، باتخاذ إجراءات تأديبية بحق الجنود الذين ظهروا في مقطع فيديو "خطير" داخل أحد المساجد في جنين بالضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "إكس" إنه "تم إبعاد الجنود الذين ظهروا في مقطع الفيديو "عن النشاط ألعملياتي بشكل فوري، بمجرد استلام مقاطع الفيديو والتحقيق الأولي في ملابسات الحادث من قبل القادة".
ووصف أدرعي سلوك المقاتلين الذين يظهرون في مقاطع الفيديو بأنه "خطير ويتعارض كليا" من قيم الجيش الإسرائيلي، متوعدا باتخاذ إجراءات تأديبية بحق الجنود بموجب ذلك.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا للاشتباكات في الضفة الغربية. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن 11 على الأقل قُتلوا في المداهمات المستمرة في جنين منذ يوم الثلاثاء.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" أشارت، الأربعاء، إلى انتشار مقاطع مصورة مسجلة وصور في الآونة الأخيرة تظهر جنودا إسرائيليين يتصرفون بطريقة مهينة في غزة، كترديد شعارات عنصرية تدعو لمحو غزة واستعراض ملابس داخلية لنساء.
ووفقا للوكالة فقد تم تصوير المقاطع المسجلة من قبل الجنود أنفسهم أثناء وجودهم في غزة، مما سببا حرجا للجيش الإسرائيلي في الوقت الذي يواجه فيه انتقادات دولية بسبب "تكتيكاته العنيفة" وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة.
في أحد هذه المقاطع، يركب الجنود دراجات هوائية وسط الأنقاض. وفي صورة أخرى، يقوم جندي بنقل سجادات صلاة المسلمين إلى دورات المياه.
وفي صورة ثالثة يقوم جندي بتصوير خزانة الملابس الداخلية التي تم العثور عليها في منزل في غزة. وفي واحدة أخرى، يمكن مشاهدة جندي إسرائيلي يقف بجوار كلمات مكتوبة باللون الأحمر على مبنى تقول "بدلا من محو الكتابة على الجدران، دعونا نمحو غزة".
وظهرت المقاطع بعد أيام قليلة من تسريب صور ومقاطع مصورة لفلسطينيين محتجزين في غزة وقد جردوا من ملابسهم، وكانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، وهو ما لفت انتباه المجتمع الدولي أيضا.
في سياقِ الحربِ على قطاعِ غزّة، استدعى بنيامين نتنياهو رئيسُ حكومة الحرب الإسرائيليّة – في أحد خطاباته – نصًّا دينيًّا، قائلًا: "يجبُ أن تتذكّروا ما فعله العماليقُ بكم، كما يقول لنا كتابُنا المقدّس. ونحن نتذكّر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل وفي هذا تحريض واضح للعنصرية والسلوك اللا أخلاقي التي تتسم فيها الحرب على غزه
وفي سفر العدد نقرأ: "ثم رأى عماليق فنطق بمثله، وقال: عماليق أوّل الشعوب، وأما آخرته فإلى الهلاك" (24: 20). وفي سفر صموئيل الأوّل نقرأ: "فالآن اذهب واضرب عماليق وحرِّموا كلَّ ما له، ولا تَعْفُ عنهم؛ بل اقتل رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحِمارًا" (15: 3). وفيه أيضًا نقرأ: " وأرسلك الربّ في طريق وقال: اذهب وحرّم الخطاة عماليق وحاربهم حتى يَفنوا" (15: 18).
تتحدّث المقاطع السابقة – بوضوح – عن "محو" عماليق و"إهلاكهم" و"تحريمهم" أي إبادتهم، بل إن الفِقرة (3) من سفر صموئيل الأول تتحدث – صراحة – عن قتل الجميع من رجال ونساء وأطفال ورضّع وحيوانات، الأمر الذي نجد له نظائر أيضًا في سفر يشوع؛ إذ أمر يشوع – عند اقتحامه أرضَ كنعان مع بني إسرائيل – قائلًا: "حرِّموا كل ما في المدينة – من رجل وامرأة، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير – بحدّ السيف" (6: 21).
وهذا يعني – مجددًا – إباحة الإبادة الجماعية التي تشمل الإنسان والحيوان. وكان بعض اليهود قد استشعر الإشكال الأخلاقيّ الذي تثيره آية سفر صموئيل الأول المبيحة لإبادة عماليق كليًّا، فحاول تسويغ ذلك بالقول: إن الإبادة يمكن تبريرها في حال مواجهة "مجموعة من العصابات التي لا تفهم معنى الإنسانية"، وعماليق كانوا يمثّلون الشر و"يورِّثونه" لأطفالهم الذين لو عاشوا لسلكوا مسلك آبائهم!. بل من اللافت هنا أنّ بعض الاعتذاريين قد ضرب المثل بداعش التي تقدم – من وجهة نظره – أبرز مثال على عماليق اليوم، والنتيجة أن إفناء عماليق – كما تفيده الفِقرة السابقة – كان "حربًا أخلاقية إنسانية"، وفي هذا السياق، يغدو، مفهومًا، سعْيُ إسرائيل الحثيث إلى تشبيه حماس بداعش منذ اليوم الأوّل من الحرب؛ لاستباحة كل شيء: البشر، والحجر، والحيوانات.
ويبدو أنَّ هذه الفكرة أو ما سُمي هنا "قيم التوراة" سكنت العديد من المسئولين والسياسيين الإسرائيليين، فديفيد بن غوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأوّل قال: إنه "لا بد من وجود استمرارية من يشوع بن نون إلى جيش الدفاع الإسرائيلي". ويشوع – كما سبق – مارسَ الإبادة بحسَب نصّ العهد القديم، ونتنياهو وضعَ الحرب على غزة في سياق تاريخي يمتدّ إلى 3000 سنة!.
إن سلوك إسرائيل سواء من خلال خطابَيها الديني والسياسي، أم من خلال ممارساتها الفعلية في الحرب على غزة- نموذجًا فجًّا للتوحّش الذي يدّعي – في السياق اليهودي – استعادة "قيم التوراة"، ويزعم – في السياق الدولي – أنه لا يخالف القانون الدولي الإنساني. ورغم أن الأحكام والتقويمات الأخلاقية بحاجة – دومًا – إلى تعليل وتسويغ، وأن سلوك الدول والأفراد هو محلّ للمساءلة النقدية والتقويمية؛ فإنَّ السمة الأساسيّة للخطاب الإسرائيلي هي أنه هو نفسه المعيار، ولا يخضع لأي معيار، بل يُقدم نفسَه على أنَّ أخلاقيته من الوضوح بحيث لا تقبل النقاش (self-evident).
يجب الخروج من دائرة "الاعتياد" الذي صنعته إسرائيل لقبول المجتمع الدولي للجرائم الإسرائيلية وسلوك قواتها ، وتطبيعه ومحاولة التعايش معه بشكل من "القبول" بالاستمرار بارتكاب الجرائم، والنفاذ منها دون عقاب، فقط لكونها جرائم يومية متكررة، حيث تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي يوميا أنماطا متكررة من الجرائم والاعتداءات وقد ازدادت وطيرتها بالحرب على غزه ، واستطاع من خلال تكرارها صناعة ما يشبه "العادة" التي تؤدي لنمط من التعامل معها وكأنها "مظهر طبيعي" من مظاهر الاحتلال التي تتحول يوميا إلى فعل يومي ونمط اعتيادي لا يحظى بعضها بالتغطية الإعلامية ولا المتابعة القضائية والسياسية في الكثير من الحالات.
هذه الاعتداءات والجرائم المتكررة، يجب إخضاعها لمعايير المحاسبة وملاحقة الجنائية الدولية، وضرورة محاسبة ومسائلة وملاحقة مصدري القرارات من قبل القيادات العسكرية، وحتى السياسية (يكفي جمع التصريحات الرسمية من نتنياهو وبن غفير وسومتيرش وعميحاي إلياهو وغيرهم ) للتأكيد على أن هذه الذهنية التي يعبرون عنها، لا تمثل مجرد تعبيرات شعبوية شاذة، وإنما هي بالواقع انعكاس لتعليمات تمثل الأساس للنمط المتكرر من الجرائم والانتهاكات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحربه على غزه والضفة الغربية والمستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين بشكل ونمط يومي متواصل ومتكرر و جميعها انعكاس لثقافة الكره والحقد والإلغاء للآخر.
أما الأخلاق فهي معايير السلوك أو القواعد المتعارف عليها، توصَف بالحُسن أو القُبح، ويكون مصدرها الدين، أو الثقافة، وكذلك أعراف المجتمع، وهنا تستوقفنا أحداث ما أقدمت عليه قوات الاحتلال في جنازة الصحفية الشهيدة المرحومة شرين ابوعاقله وقد قتلت على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين ، هذا الاعتداء الهمجي على موكب التشييع وحملة جثمان شرين ابوعاقله فاق التصور في أحداثه واحدث ردة فعل دوليه مستنكره الفعل الذي أقدمت عليه قوات الاحتلال وجردها من إنسانيتها .
وسائل إعلام عبرية، هناك تخوف إسرائيلي كبير من عواقب الإدانات الدولية والعربية للعنف والممارسات التي تمارس من قبل جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين ، تعهد الجيش الإسرائيلي، باتخاذ إجراءات تأديبية بحق الجنود الذين ظهروا في مقطع فيديو "خطير" داخل أحد المساجد في جنين بالضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "إكس" إنه "تم إبعاد الجنود الذين ظهروا في مقطع الفيديو "عن النشاط ألعملياتي بشكل فوري، بمجرد استلام مقاطع الفيديو والتحقيق الأولي في ملابسات الحادث من قبل القادة".
ووصف أدرعي سلوك المقاتلين الذين يظهرون في مقاطع الفيديو بأنه "خطير ويتعارض كليا" من قيم الجيش الإسرائيلي، متوعدا باتخاذ إجراءات تأديبية بحق الجنود بموجب ذلك.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا للاشتباكات في الضفة الغربية. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن 11 على الأقل قُتلوا في المداهمات المستمرة في جنين منذ يوم الثلاثاء.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" أشارت، الأربعاء، إلى انتشار مقاطع مصورة مسجلة وصور في الآونة الأخيرة تظهر جنودا إسرائيليين يتصرفون بطريقة مهينة في غزة، كترديد شعارات عنصرية تدعو لمحو غزة واستعراض ملابس داخلية لنساء.
ووفقا للوكالة فقد تم تصوير المقاطع المسجلة من قبل الجنود أنفسهم أثناء وجودهم في غزة، مما سببا حرجا للجيش الإسرائيلي في الوقت الذي يواجه فيه انتقادات دولية بسبب "تكتيكاته العنيفة" وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة.
في أحد هذه المقاطع، يركب الجنود دراجات هوائية وسط الأنقاض. وفي صورة أخرى، يقوم جندي بنقل سجادات صلاة المسلمين إلى دورات المياه.
وفي صورة ثالثة يقوم جندي بتصوير خزانة الملابس الداخلية التي تم العثور عليها في منزل في غزة. وفي واحدة أخرى، يمكن مشاهدة جندي إسرائيلي يقف بجوار كلمات مكتوبة باللون الأحمر على مبنى تقول "بدلا من محو الكتابة على الجدران، دعونا نمحو غزة".
وظهرت المقاطع بعد أيام قليلة من تسريب صور ومقاطع مصورة لفلسطينيين محتجزين في غزة وقد جردوا من ملابسهم، وكانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، وهو ما لفت انتباه المجتمع الدولي أيضا.
في سياقِ الحربِ على قطاعِ غزّة، استدعى بنيامين نتنياهو رئيسُ حكومة الحرب الإسرائيليّة – في أحد خطاباته – نصًّا دينيًّا، قائلًا: "يجبُ أن تتذكّروا ما فعله العماليقُ بكم، كما يقول لنا كتابُنا المقدّس. ونحن نتذكّر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل وفي هذا تحريض واضح للعنصرية والسلوك اللا أخلاقي التي تتسم فيها الحرب على غزه
وفي سفر العدد نقرأ: "ثم رأى عماليق فنطق بمثله، وقال: عماليق أوّل الشعوب، وأما آخرته فإلى الهلاك" (24: 20). وفي سفر صموئيل الأوّل نقرأ: "فالآن اذهب واضرب عماليق وحرِّموا كلَّ ما له، ولا تَعْفُ عنهم؛ بل اقتل رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحِمارًا" (15: 3). وفيه أيضًا نقرأ: " وأرسلك الربّ في طريق وقال: اذهب وحرّم الخطاة عماليق وحاربهم حتى يَفنوا" (15: 18).
تتحدّث المقاطع السابقة – بوضوح – عن "محو" عماليق و"إهلاكهم" و"تحريمهم" أي إبادتهم، بل إن الفِقرة (3) من سفر صموئيل الأول تتحدث – صراحة – عن قتل الجميع من رجال ونساء وأطفال ورضّع وحيوانات، الأمر الذي نجد له نظائر أيضًا في سفر يشوع؛ إذ أمر يشوع – عند اقتحامه أرضَ كنعان مع بني إسرائيل – قائلًا: "حرِّموا كل ما في المدينة – من رجل وامرأة، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير – بحدّ السيف" (6: 21).
وهذا يعني – مجددًا – إباحة الإبادة الجماعية التي تشمل الإنسان والحيوان. وكان بعض اليهود قد استشعر الإشكال الأخلاقيّ الذي تثيره آية سفر صموئيل الأول المبيحة لإبادة عماليق كليًّا، فحاول تسويغ ذلك بالقول: إن الإبادة يمكن تبريرها في حال مواجهة "مجموعة من العصابات التي لا تفهم معنى الإنسانية"، وعماليق كانوا يمثّلون الشر و"يورِّثونه" لأطفالهم الذين لو عاشوا لسلكوا مسلك آبائهم!. بل من اللافت هنا أنّ بعض الاعتذاريين قد ضرب المثل بداعش التي تقدم – من وجهة نظره – أبرز مثال على عماليق اليوم، والنتيجة أن إفناء عماليق – كما تفيده الفِقرة السابقة – كان "حربًا أخلاقية إنسانية"، وفي هذا السياق، يغدو، مفهومًا، سعْيُ إسرائيل الحثيث إلى تشبيه حماس بداعش منذ اليوم الأوّل من الحرب؛ لاستباحة كل شيء: البشر، والحجر، والحيوانات.
ويبدو أنَّ هذه الفكرة أو ما سُمي هنا "قيم التوراة" سكنت العديد من المسئولين والسياسيين الإسرائيليين، فديفيد بن غوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأوّل قال: إنه "لا بد من وجود استمرارية من يشوع بن نون إلى جيش الدفاع الإسرائيلي". ويشوع – كما سبق – مارسَ الإبادة بحسَب نصّ العهد القديم، ونتنياهو وضعَ الحرب على غزة في سياق تاريخي يمتدّ إلى 3000 سنة!.
إن سلوك إسرائيل سواء من خلال خطابَيها الديني والسياسي، أم من خلال ممارساتها الفعلية في الحرب على غزة- نموذجًا فجًّا للتوحّش الذي يدّعي – في السياق اليهودي – استعادة "قيم التوراة"، ويزعم – في السياق الدولي – أنه لا يخالف القانون الدولي الإنساني. ورغم أن الأحكام والتقويمات الأخلاقية بحاجة – دومًا – إلى تعليل وتسويغ، وأن سلوك الدول والأفراد هو محلّ للمساءلة النقدية والتقويمية؛ فإنَّ السمة الأساسيّة للخطاب الإسرائيلي هي أنه هو نفسه المعيار، ولا يخضع لأي معيار، بل يُقدم نفسَه على أنَّ أخلاقيته من الوضوح بحيث لا تقبل النقاش (self-evident).
يجب الخروج من دائرة "الاعتياد" الذي صنعته إسرائيل لقبول المجتمع الدولي للجرائم الإسرائيلية وسلوك قواتها ، وتطبيعه ومحاولة التعايش معه بشكل من "القبول" بالاستمرار بارتكاب الجرائم، والنفاذ منها دون عقاب، فقط لكونها جرائم يومية متكررة، حيث تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي يوميا أنماطا متكررة من الجرائم والاعتداءات وقد ازدادت وطيرتها بالحرب على غزه ، واستطاع من خلال تكرارها صناعة ما يشبه "العادة" التي تؤدي لنمط من التعامل معها وكأنها "مظهر طبيعي" من مظاهر الاحتلال التي تتحول يوميا إلى فعل يومي ونمط اعتيادي لا يحظى بعضها بالتغطية الإعلامية ولا المتابعة القضائية والسياسية في الكثير من الحالات.
هذه الاعتداءات والجرائم المتكررة، يجب إخضاعها لمعايير المحاسبة وملاحقة الجنائية الدولية، وضرورة محاسبة ومسائلة وملاحقة مصدري القرارات من قبل القيادات العسكرية، وحتى السياسية (يكفي جمع التصريحات الرسمية من نتنياهو وبن غفير وسومتيرش وعميحاي إلياهو وغيرهم ) للتأكيد على أن هذه الذهنية التي يعبرون عنها، لا تمثل مجرد تعبيرات شعبوية شاذة، وإنما هي بالواقع انعكاس لتعليمات تمثل الأساس للنمط المتكرر من الجرائم والانتهاكات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحربه على غزه والضفة الغربية والمستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين بشكل ونمط يومي متواصل ومتكرر و جميعها انعكاس لثقافة الكره والحقد والإلغاء للآخر.