المحامي علي ابوحبله - إسرائيل تخطط لضم الضفة واحتلال غزة وترسيخ نظامها العنصري

يجادل علماء الديموغرافيا عما إذا كان هناك بالفعل تكافؤ ديموغرافي بين اليهود والعرب الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. ويجادل هؤلاء الذين يقللون من قيمة العامل الديموغرافي بأن العرب البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة الذين يعيشون في غزة "التي تسيطر عليها حماس"، يجب اقتطاعهم من السكان العرب، لكن هذا الطرح قد ينهار إذا احتلت إسرائيل غزة كما هو مخطط له من قبل أركان حكومة الحرب

بحسب تصريحات رئيس حكومة الحرب الصهيونية نتنياهو : "في اليوم التالي لما وصفه بتفكيك حماس، يجب أن يكون هناك حضور نشط للجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة. نحن من نريد مكافحة الإرهاب"، حسب تعبيره.

ولكنه قال في عام 2003 إن التركيبة السكانية العربية في إسرائيل يجب ألا تتخطى عتبة الـ50% للمحافظة على الشخصية اليهودية لدولة إسرائيل. وفسَّر ذلك قائلاً: "إن دمج الأقلية العربية في المجتمع هو مسألة تتعلق بالأرقام أيضاً. فإذا وصلت إلى 40%، سوف تكون الدولة اليهودية إلى زوال"، وتصبح دولة ثنائية القومية؟ وسوف تفقد إسرائيل ما تصفه بـ"شخصيتها اليهودية"، مما يجلب نهاية للحلم الصهيوني.

ويقول الموقع العبريYnet : "في هذه الحالة سوف يصبح القانون الأساسي: إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي، الذي ينص على أن "ممارسة حق تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل هي أمر فريد بالنسبة للشعب اليهودي"، كما لو أنه مجرد كلام فارغ". ويضيف قائلاً: "يكفي أن نتخيل كيف ستتغير صورة القدس، إذا قرر سكان المدينة من العرب ممارسة حقهم في المشاركة في الانتخابات البلدية (انخفضت الأغلبية اليهودية في المدينة مع مرور السنوات، وتبلغ الآن 60%)". )

كل المؤشرات تشير إلى أن مصير إسرائيل مثل نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا لم تستطيع الإفلات من الضغط الدولي؟

اعتبرت كل من منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية والعفو الدولية بالفعل إسرائيل دولة فصل عنصري، ورغم تبنّي بعض المعلقين لهذا التوصيف لم تتبنّاه بعد أي حكومة غربية، ولكن مع ضم الضفة واحتلال غزة، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العنصرية، قد يتحول هذا التوصيف إلى توصيف رسمي.

وكما انهار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تحت الضغط الدولي، قد تُجَبر إسرائيل أيضاً على منح حقوق سياسية إلى أي شخص يعيش ضمن ولايتها القضائية، وهو أمر قد يؤدي إلى حل الدولة الواحدة بين النهر والبحر.

كل المؤشرات تدلل لا بل تؤكد أن حل الدولة الواحدة التي تضم إسرائيل وفلسطين تزداد فُرصه مع إصرار حكومة الحرب اليمينية المتطرفة على ضم الضفة، وتخطيطها لإعادة احتلال غزة، وكأنها تريد أن تُفجّر قنبلة سكانية فلسطينية في نفسها؛ بسبب أطماعها في الأرض الفلسطينية، وإصرارها على منع قيام دولة فلسطينية.

ويحذر الفلسطينيون من أنه في حال غياب حل الدولتين القابل للتطبيق، قد يضطرون لمراجعة مطالبهم: ولن يعود مطلبهم دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، بل حقوق ديمقراطية متساوية للجميع، داخل دولة واحدة تمتد بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، حسبما ورد في تقرير لموقع Ynet الإسرائيلي.

ولذلك، فإن المطالبة بدولة واحدة لم تصبح بعد السياسة الفلسطينية الرسمية. بيد أن التأثير المحتمل للحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة قد يثبت قوته بالنسبة للاعتبارات الفلسطينية. فهل يصدم مثل هذا التحول إسرائيل، مثلما صُدمت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟

كثير من الفلسطينيين باتوا على قناعه أن توسع المستوطنات اليهودية في قلب الأراضي الفلسطينية التي يُستهدف منها أن تكون أراضي الدولة الفلسطينية، يقود إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل تتجه نحو الضم، وتعمل باستمرار من أجل ابتلاع هذه الأراضي.، ووفق ذلك ، إذا ألغى الفلسطينيون مطلبهم بإقامة دولة مستقلة، وطالبوا بدلاً من ذلك بالحصول على حقوق متساوية، فإن غالبية المجتمع الدولي سوف تضطر إلى دعم مطلبهم. ومع مرور الوقت، سوف تجد هذه البلاد أنه من الصعوبة تبرير واقع لا يحق فيه للفلسطينيين المشاركة في العملية الديمقراطية التي تحدد الحكومة المسئولة عن مصير إسرائيل، والتي تحكم الفلسطينيين بشكل غير ديمقراطي وعبر نظامَين قانونين منفصلين.

الباحثة الاجتماعية في جامعة “باريس سيتي”، نيتزان بيرلمان، التي تركز في عملها بشكل خاص على المجتمع الإسرائيلي، إنه بينما تتجه كل الأنظار نحو غزة، فإن الحكومة الإسرائيلية تواصل بكل حزم مشروعها القومي والاستيطاني. فمنذ وصولها إلى السلطة في ديسمبر عام 2022، نفذت حكومة بنيامين نتنياهو، وهي الحكومة الأكثر يمينية وتعصبا التي عرفتها إسرائيل على الإطلاق، إصلاحات مهمة فيما يتعلق بالخدمة المدنية والقضاء والاستيطان.

وفي أعقاب هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر الماضي، سعت حكومة نتنياهو إلى “اغتنام الفرصة” لتحقيق أهدافها المتمثلة في التوسع الإقليمي وتوسيع الوجود اليهودي “من البحر إلى نهر الأردن”، تقول الباحثة الاجتماعية.

في هذا السياق، يكتسب خطاب “العودة إلى غزة” شرعية غير مسبوقة. ففي عام 2005، وفي ظل حكومة أريئيل شارون، تم تنفيذ خطة “فك الارتباط” المثيرة للجدل. وعلى الرغم من أنه كان حليفا رئيسيا لحركة الاستيطان، إلا أن شارون أمر بتدمير كتلة غوش قطيف الاستيطانية في قطاع غزة بالإضافة إلى أربع مستوطنات أخرى في شمال الضفة الغربية. وشكّل “الانفصال” صدمة عميقة داخل المعسكر القومي الإسرائيلي، حيث اعتُبرت الخطوة خيانة كبيرة من رئيس الوزراء، وخطأ يجب تصحيحه، تُذكّر الباحثة.

" وتتابع الباحثة التوضيح أن البرلمان الإسرائيلي عرض قبل بضعة أشهر هذه الإمكانية القانونية. وفي نهاية شهر مارس الماضي، صوّت النواب لصالح قانون إنهاء خطة فك الارتباط، مما يمهد الطريق لإعادة بناء المستوطنات في المناطق المعنية: قطاع غزة والمستوطنات الأربع في الضفة الغربية. وفي حين بدا التفويض بـ“العودة إلى غزة” رمزيا بحتا، فقد قالت الوزيرة أوريت ستروك في اليوم نفسه لإحدى وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة: “العودة إلى قطاع غزة ستتضمن، للأسف، العديد من الضحايا، ولكن لا شك أنها في نهاية المطاف جزء من أرض إسرائيل، وسيأتي يوم نعود فيه إليها”. وتبدو هذه الكلمات أكثر أهمية من أي وقت مضى، بحسب الباحثة الاجتماعية نيتزان بيرلمان " .

ولا تقتصر الدعوة إلى التوسع الاستيطاني على قطاع غزة، بل يشمل الضفة الغربية أيضا. ودعا بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، إلى “تعلم الدروس من أحداث 7 أكتوبر” وتطبيقها في الضفة الغربية من خلال إنشاء “مناطق أمنية خالية من العرب” حول كل مستوطنة. ورغم أن مطلبه لم ينفذ بعد، إلا أن المستوطنين والجيش ينفذونه من خلال تهديد الفلسطينيين بالسلاح وإجبارهم على مغادرة منازلهم، مما تسبب في مقتل 243 فلسطينيا وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” فقد تم في الفترة ما بين 7 أكتوبر و30 نوفمبر، طرد 1009 فلسطينيين من منازلهم في الضفة الغربية، مما أثر على ستة عشر تجمعاً سكانياً. وقد حطمت حكومة بنيامين نتنياهو الأرقام القياسية من حيث تراخيص البناء في المستوطنات، حيث منحت 13 ألف ترخيص في سبعة أشهر (الرقم القياسي السابق كان 12 ألفا لعام 2020 بأكمله)، فضلاً عن تقنين 22 بؤرة استيطانية، بحسب منظمة السلام الآن.

في حال ضم الضفة واحتلال غزة، كما تخطط حكومة الحرب اليمينية المتطرفة التي تحكم إسرائيل، قد يصبح الفلسطينيون أغلبية في الأرض بين البحر والنهر، وبدون شكل من أشكال الدولة الفلسطينية، يرسخ هذا حقيقة أن إسرائيل دولة عنصرية، ورغم أن احتمال فرض عقوبات على إسرائيل في ظل الوضع الحالي يبدو صعباً، ولكن مع استمرار الاحتلال وإلغاء الشخصية السياسية المستقلة للأراضي الفلسطينية، ومع صعود أجيال جديدة في الغرب وتغير في المواقف لجهة دعم الحقوق والمطالب الفلسطينية سيكون هناك مواقف أكثر حساسية للتفرقة العنصرية التي تمارسها إسرائيل ، وأشد جرأة في انتقاد إسرائيل، قد تجد الدولة الصهيونية نفسها مهددة بفرض عقوبات بسبب إقامتها نظاماً للفصل العنصري.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...