إذا كان هناك مكانُ يجب أن يحظى فيه المتعلِّمُ بالاحترام respect و التّقدير considération والتثمين valorisation والكرامة dignité، إنه المدرسة. الاحترام والتّقدير والتثمين والكرامة أمورٌ تقوِّي رغبةَ هذا المتعلِّم على التَّعلُّم وتحفِّزه على حب المدرسة وما توفره له من ظروف للتًَّنويرِ وبناء شخصيته. المتعلِّم، طفلا كان أم مراهقا أم شابا، كإنسان، له الحق في أن يُحتَرَمَ شخصُه وتُصانُ كرامتُه وشرفُه. غير أن هذا التَّقديرَ والاحترامَ والتَّثمين والكرامةَ، إنْ كانوا مضمونين قانونيا، اجتماعيا وأخلاقيا، قد يتعرَّضون أحيانا لتجاوزات تقود إلى إهانة المتعلِّم والنقصِ من عزَّتِه وكرامته. ولا داعيَ للقول أن مثل هذه الممارسات المُهِينة للمتعلِّم لا تزال قائمةً وكثيرة ومعمولٌ بها في الوسط المدرسي من طرف بعض المدرسين عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ. من بين هذه الإهانات، أذكر على سبيل المثال :
1.أن يقولَ المدرس للمتعلِّم، أمامَ رفاقه التَّلاميذ الآخرين : أنتَ سيء أو ضعيف أو بليد أو كسول… أولا، مثل هذا القول لا يجوز أن يتفوَّهَ به المدرس سواءً أمامَ المتعلِّمين أو على انفرادٍ مع المتعلِّم. لا يجوز قانونيا، نفسيا، أخلاقيا واجتماعيا. قد يكون هذا النوع من الإهانة بمثابة الضربة النفسية القاضية التي قد لا يتخلَّص منها هذا المتعلِّم إلا بعد انقضاء وقت طويل. ثانيا، المدرس لا يملك أيَّ دليل دامغ يبيِّن أن المتعلِّمَ فعلا سيء أو ضعيف أو كسول… وخصوصا أن النَّقطَ التي حصَّلَ عليها المتعلِّم لا تدلُّ، على الإطلاق، أن المتعلِّم المعني هو فعلا كسولٌ أو ضعيفٌ…
مثل هذه التَّصرُّفات يجب أن تختفيَ من الممارسة التَّعليمية لأنها تجرح العواطف وتُهين كرامة المتعلِّم. وإذا كان بعض المدرسين يظنون أن تصرُّفَهم هذا سيخفِّز المتعلِّم على بدل مزيد من الجهد للخروج من وضع الكسل والضعف…، فهذا خطأ فادح يتنافى مع المعطيات التربوية éducatives وكذلك مع المُعطيات البيذاغوجية/النفسية psychopédagogiques ولا مع المعطيات الإنسانية.
2.أن يُدلِيَ المدرسُ بالنُّقط المحصَّل عليها مقابل التَّمارين أو الواجبات المدرسية علناً وجهراً داخل القسم. إن هذا التَّصرُّفَ يُعد بمثابة ضربة قاضية لمبدأ "تكافؤ الفرص" الذي، من أجل تكريسه على أرض الواقع، أنشِئت المنظومات التربوية والتَّعليم العمومي. إنه تصرُّف يكرِّس التَّفاوتات التَّعلُّمية التي هي شيء طبيعي داخلَ القسم الواحد.
كل متعلِّمٌ له إيقاعٌ خاص به في عملية التَّعلُّم. وهذا الإيقاع يجب على المدرسة أن تحترمَه وتوفِّر كل الظروف لإزالته عملاً بمبدأ تكافؤ الفرص.
دور المدرس ليس هو إهانة المتعلِّم أمام أنداده بترتيب التلاميذ إلى فئتين متناقضتين : فئة المجتهدين وفئة الكسلاء. دورُه هو بدل الجهود لإلحاق فئة ما يسميه هو الكسلاء بفئة المجتهدين. كل متعلِّم له ظروفُه الاجتماعية، المادية والاقتصادية التي، إما تساعده على التَّعلم وإما تكبح رغبتَه في إنجاح هذا التعلُّم. ما يُؤسف له هو أن المدرسةَ، إلى حد الآن، تبنَّت مبذأ الانتقائية عوض مبدأ تكافؤ الفرص.
3. أن يلجأَ المدرسُ إلى العنف الكلامي أو الجسدي أثناء ممارسته التعليمية التَّعلُّمية اعتقادا منه على أن هذا التَّصرفَ سيساعده على تحفيز المتعلمين على الانحراط قلبا وقالبا في عملية التَّعلم. عادةً، المدرس، من خلال تكوينه التربوي، يعرف جيدا أنه لا شيءَ يدخل دماغَ المتعلم تحت الضغط pression والإكراه contrainte والعنف violence. وحتى إنْ دخلت أشياءٌ للدماغ، فسُرعان ما تتبخَّر لأنها ليست ناتجة عن رغبة المتعلم في التعلُّم. وخير مثال يمكن الاستشهادُ به في هذا الصدد، حفظ القرآن الكريم في الكتاتيب. حِفظٌ سرعان ما يتلاشى لأنه، في غالب الأحيان، تمَّ تحت الإكراه، وبالأخص، تحت شتى أنواع العقاب الجسدي.
4.أن يلجأَ المدرسُ بغير حق إلى الأحكام المسبقة دون التَّوفُّر على ما يثبت صحةَ هذه الأحكام. كأن يقولَ المدرسُ مثلاً : "هذا المتعلِّم لا يريد أن يتعلَّم" أو "غير قادر على التَّعلُّم" أو كأن يقول المدرس "هذا المتعلم محكوم عليه بالفشل" بمعنى أنه لا داعيَ لضياع الوقت معه. المشكل كل المشكل هو أن بعضَ المدرسين يؤمنون إيمانا راسخا بأن هذه الأحكام المسبقة حقيقة و واقع لا يمكن تغييرُه.
بل منهم مَن يعتقد أن هذا الوضعَ موروث، وبالتالي، مرسَّخٌ بيولوجيا في ذات المتعلِّم. بينما هذا النوع من المتعلِّمين المصنَّفين خطأً في خانة الفاشلين هم في الحقيقة ضحايا ظروف نفسية، اجتماعية، اقتصادية، عائلية… إنه وضعٌ خطيرٌ قد تكون له تداعيات مقلقة على الحياة المدرسية للمتعلِّم، وحتى على حياته خارجَ المدرسة. ما لا يجب إغفالُه هو أن المدرسَ له دورٌ مهم في التَّصدِّي لمثل هذا الوضع من خلال إبداعه البيداغوجي والتربوي.
5.أن يلجاَ بعض المدرسين إلى احتقار المتعلمين الذين تصدرُ عنهم أجوبة خاطئة عن الأسئلة التي يطرحُها أثناء إلقائه الدروس. وقد يتمُّ هذا الاحتقار عن طريق كلامٍ جارحٍ أو عن طريق حركة مُهينة. إنه تصرُّفٌ لا يليق بمدرسٍ يُعتبَر مربِّيا ومساهِما في التنشئة الاجتماعية للمتعلِّمين. من الأخطاء يتعلَّم الناس. بل إن الخطأَ كان ولا يزال عنصرا أساسيا في نظريات التَّعلُّم التي تعتمد على الاستفادة من الأخطاء pédagogie de l'erreur.
فعوضَ أن يعتبِرَ المدرسُ الخطأَ مصدرا أو فرصةً للتَّعلُّم، فإنه يعاقِب المتعلِّمَ عليه. وعوضَ أن يُحتقرَ المتعلِّمُ، من الأفيد أن يتمَّ البحثُ عن سبب الخطأ والتَّأكُّد من أن المتعلِّمَ أدركَ ما يجعله يجتنب هذا الخطأ لاحقا. ولهذا، فإن المدرسَ مطالبٌ بأن يُظهرَ للمتعلِّم أنه مهتمٌّ بجواب المتعلِّم ولو كان خاطئا. وقد يكون من المفيد جدا أن يقودَ المدرسُ المتعلِّمَ لتصحيح الخطأ بنفسِه… والائحة طويلة.
وللتوضيح، هذه التَّصرُّفات ليست حكرا على منظومة تربوية دون أخرى. إنها موجودة في العديد من المدارس، سواءً عندنا أو عند غيرنا. إنها ظاهرة كونية تعاني منها المنظومات التربوية على الصعيد العالمي. غير أنه، بالنسبة لمنظومتنا التربوية، أسبابُها كثيرة أذكرُ منها على سبيل المثال :
1.نقصٌ في القوانين المنظِّمة للحياة المدرسية،
2.نقصٌ في التَّكوين التَّربوي للمدرسين علما أن هذا التَّكوين الذي كان في الماضي تدور أطوارُه في المدارس العليا للأساتذة أو في المراكز التَّربوية الجهوية أو حتى في كلية علوم التَّربية كان يُعطي أهميةً كبرى لمواد التّدريس ويُهملُ إلى حدٍّ كبير الجانب البيداغوجي، التَّربوي، النفسي/ التربوي، و بالأخص، سوسيولوجيا التربية التي، من خلالِها، تتمُّ دراسةُ العلاقات التي تربط المدرسَ بالمتعلمين.
3.جزء لا يُستهانُ به من المدرسين اختاروا مهنةَ التَّدريس للإفلات من البطالة ولضمان لقمة عيشهم وليس عن حبٍّ لمهنة التَّدريس والميول إليها بهواية و شغف.
4.مهنة التَّدريس، بحكم ضُعف الأجور التي يتقاضاها المدرسون، لا تجلُب أحسنَ وأجودَ الأطر المتخرِّجة من الجامعات ومن المدارس والمعاهد العليا كالمهندسين و الدكاترة.
5.عددٌ لا يستهان به من المدرسين ليس لهم أي تكوين أو إذا خضعوا لتكوينٍ، فإنه غالبا ما يكون تكوينا قصير المدة، أي لا يسمن ولا يغني من جوع.
6.إذا قمنا بدراسة للوقوف على مستوى تكوين المدرسين العاملين بميدان التَّعليم، على الأقل منذ السبعينيات، فسنجد أن هناك خليطاً غريبا من التَّكوينات التي خضع لها المدرِّسون قبل الالتحاق بالأقسام، فضلا عن وجود فئة لا يُستهانُ بها من المدرسين لم يخضعوا، على الأطلاق، لأي تكوين.
و هذا دليل قاطع على أن مَن بيدهم أمرُ تسيير وتدبير شؤون المنظومة التربوية، إما ليس لهم أية نظرة، على المدى البعيد، لإنجاح هذين التسييرَ والتدبيرَ، وإما كانت المناصبُ وإهمالُ المسئولية، بالنسبة لهم، أولى من بناء مستقبل المتعلمين علما أن جزأً لا يُستهان به منهم يبعثون فلدات أكبادهم لمدارس البعثات الأجنبية أو للمدارس الخصوصية ذات الجودة العالية أو يبعثونهم للدراسة بالخارج.
إن هذا التَّفاوتَ في التَّكوينات ينعكس حتما على أداء المدرسين داخل الأقسام علما أن فشلَ أو نجاحَ المنظومة التربوية في أداء مهامها مرتبطٌ، إلى حدٍّ كبيرٍ، بما يجري داخل الأقسام. وبعبارة أخرى، كلما كان تكوينُ المدرسين عاليا وجيدا، كلما انعكست جودةُ هذا التكوين على أداء المتعلمين تعليماً، تعلُّماً، تربيةً، تهذيباً، تفكيراً، نفتُّحاً، تنويراً، تحرُّراً…
1.أن يقولَ المدرس للمتعلِّم، أمامَ رفاقه التَّلاميذ الآخرين : أنتَ سيء أو ضعيف أو بليد أو كسول… أولا، مثل هذا القول لا يجوز أن يتفوَّهَ به المدرس سواءً أمامَ المتعلِّمين أو على انفرادٍ مع المتعلِّم. لا يجوز قانونيا، نفسيا، أخلاقيا واجتماعيا. قد يكون هذا النوع من الإهانة بمثابة الضربة النفسية القاضية التي قد لا يتخلَّص منها هذا المتعلِّم إلا بعد انقضاء وقت طويل. ثانيا، المدرس لا يملك أيَّ دليل دامغ يبيِّن أن المتعلِّمَ فعلا سيء أو ضعيف أو كسول… وخصوصا أن النَّقطَ التي حصَّلَ عليها المتعلِّم لا تدلُّ، على الإطلاق، أن المتعلِّم المعني هو فعلا كسولٌ أو ضعيفٌ…
مثل هذه التَّصرُّفات يجب أن تختفيَ من الممارسة التَّعليمية لأنها تجرح العواطف وتُهين كرامة المتعلِّم. وإذا كان بعض المدرسين يظنون أن تصرُّفَهم هذا سيخفِّز المتعلِّم على بدل مزيد من الجهد للخروج من وضع الكسل والضعف…، فهذا خطأ فادح يتنافى مع المعطيات التربوية éducatives وكذلك مع المُعطيات البيذاغوجية/النفسية psychopédagogiques ولا مع المعطيات الإنسانية.
2.أن يُدلِيَ المدرسُ بالنُّقط المحصَّل عليها مقابل التَّمارين أو الواجبات المدرسية علناً وجهراً داخل القسم. إن هذا التَّصرُّفَ يُعد بمثابة ضربة قاضية لمبدأ "تكافؤ الفرص" الذي، من أجل تكريسه على أرض الواقع، أنشِئت المنظومات التربوية والتَّعليم العمومي. إنه تصرُّف يكرِّس التَّفاوتات التَّعلُّمية التي هي شيء طبيعي داخلَ القسم الواحد.
كل متعلِّمٌ له إيقاعٌ خاص به في عملية التَّعلُّم. وهذا الإيقاع يجب على المدرسة أن تحترمَه وتوفِّر كل الظروف لإزالته عملاً بمبدأ تكافؤ الفرص.
دور المدرس ليس هو إهانة المتعلِّم أمام أنداده بترتيب التلاميذ إلى فئتين متناقضتين : فئة المجتهدين وفئة الكسلاء. دورُه هو بدل الجهود لإلحاق فئة ما يسميه هو الكسلاء بفئة المجتهدين. كل متعلِّم له ظروفُه الاجتماعية، المادية والاقتصادية التي، إما تساعده على التَّعلم وإما تكبح رغبتَه في إنجاح هذا التعلُّم. ما يُؤسف له هو أن المدرسةَ، إلى حد الآن، تبنَّت مبذأ الانتقائية عوض مبدأ تكافؤ الفرص.
3. أن يلجأَ المدرسُ إلى العنف الكلامي أو الجسدي أثناء ممارسته التعليمية التَّعلُّمية اعتقادا منه على أن هذا التَّصرفَ سيساعده على تحفيز المتعلمين على الانحراط قلبا وقالبا في عملية التَّعلم. عادةً، المدرس، من خلال تكوينه التربوي، يعرف جيدا أنه لا شيءَ يدخل دماغَ المتعلم تحت الضغط pression والإكراه contrainte والعنف violence. وحتى إنْ دخلت أشياءٌ للدماغ، فسُرعان ما تتبخَّر لأنها ليست ناتجة عن رغبة المتعلم في التعلُّم. وخير مثال يمكن الاستشهادُ به في هذا الصدد، حفظ القرآن الكريم في الكتاتيب. حِفظٌ سرعان ما يتلاشى لأنه، في غالب الأحيان، تمَّ تحت الإكراه، وبالأخص، تحت شتى أنواع العقاب الجسدي.
4.أن يلجأَ المدرسُ بغير حق إلى الأحكام المسبقة دون التَّوفُّر على ما يثبت صحةَ هذه الأحكام. كأن يقولَ المدرسُ مثلاً : "هذا المتعلِّم لا يريد أن يتعلَّم" أو "غير قادر على التَّعلُّم" أو كأن يقول المدرس "هذا المتعلم محكوم عليه بالفشل" بمعنى أنه لا داعيَ لضياع الوقت معه. المشكل كل المشكل هو أن بعضَ المدرسين يؤمنون إيمانا راسخا بأن هذه الأحكام المسبقة حقيقة و واقع لا يمكن تغييرُه.
بل منهم مَن يعتقد أن هذا الوضعَ موروث، وبالتالي، مرسَّخٌ بيولوجيا في ذات المتعلِّم. بينما هذا النوع من المتعلِّمين المصنَّفين خطأً في خانة الفاشلين هم في الحقيقة ضحايا ظروف نفسية، اجتماعية، اقتصادية، عائلية… إنه وضعٌ خطيرٌ قد تكون له تداعيات مقلقة على الحياة المدرسية للمتعلِّم، وحتى على حياته خارجَ المدرسة. ما لا يجب إغفالُه هو أن المدرسَ له دورٌ مهم في التَّصدِّي لمثل هذا الوضع من خلال إبداعه البيداغوجي والتربوي.
5.أن يلجاَ بعض المدرسين إلى احتقار المتعلمين الذين تصدرُ عنهم أجوبة خاطئة عن الأسئلة التي يطرحُها أثناء إلقائه الدروس. وقد يتمُّ هذا الاحتقار عن طريق كلامٍ جارحٍ أو عن طريق حركة مُهينة. إنه تصرُّفٌ لا يليق بمدرسٍ يُعتبَر مربِّيا ومساهِما في التنشئة الاجتماعية للمتعلِّمين. من الأخطاء يتعلَّم الناس. بل إن الخطأَ كان ولا يزال عنصرا أساسيا في نظريات التَّعلُّم التي تعتمد على الاستفادة من الأخطاء pédagogie de l'erreur.
فعوضَ أن يعتبِرَ المدرسُ الخطأَ مصدرا أو فرصةً للتَّعلُّم، فإنه يعاقِب المتعلِّمَ عليه. وعوضَ أن يُحتقرَ المتعلِّمُ، من الأفيد أن يتمَّ البحثُ عن سبب الخطأ والتَّأكُّد من أن المتعلِّمَ أدركَ ما يجعله يجتنب هذا الخطأ لاحقا. ولهذا، فإن المدرسَ مطالبٌ بأن يُظهرَ للمتعلِّم أنه مهتمٌّ بجواب المتعلِّم ولو كان خاطئا. وقد يكون من المفيد جدا أن يقودَ المدرسُ المتعلِّمَ لتصحيح الخطأ بنفسِه… والائحة طويلة.
وللتوضيح، هذه التَّصرُّفات ليست حكرا على منظومة تربوية دون أخرى. إنها موجودة في العديد من المدارس، سواءً عندنا أو عند غيرنا. إنها ظاهرة كونية تعاني منها المنظومات التربوية على الصعيد العالمي. غير أنه، بالنسبة لمنظومتنا التربوية، أسبابُها كثيرة أذكرُ منها على سبيل المثال :
1.نقصٌ في القوانين المنظِّمة للحياة المدرسية،
2.نقصٌ في التَّكوين التَّربوي للمدرسين علما أن هذا التَّكوين الذي كان في الماضي تدور أطوارُه في المدارس العليا للأساتذة أو في المراكز التَّربوية الجهوية أو حتى في كلية علوم التَّربية كان يُعطي أهميةً كبرى لمواد التّدريس ويُهملُ إلى حدٍّ كبير الجانب البيداغوجي، التَّربوي، النفسي/ التربوي، و بالأخص، سوسيولوجيا التربية التي، من خلالِها، تتمُّ دراسةُ العلاقات التي تربط المدرسَ بالمتعلمين.
3.جزء لا يُستهانُ به من المدرسين اختاروا مهنةَ التَّدريس للإفلات من البطالة ولضمان لقمة عيشهم وليس عن حبٍّ لمهنة التَّدريس والميول إليها بهواية و شغف.
4.مهنة التَّدريس، بحكم ضُعف الأجور التي يتقاضاها المدرسون، لا تجلُب أحسنَ وأجودَ الأطر المتخرِّجة من الجامعات ومن المدارس والمعاهد العليا كالمهندسين و الدكاترة.
5.عددٌ لا يستهان به من المدرسين ليس لهم أي تكوين أو إذا خضعوا لتكوينٍ، فإنه غالبا ما يكون تكوينا قصير المدة، أي لا يسمن ولا يغني من جوع.
6.إذا قمنا بدراسة للوقوف على مستوى تكوين المدرسين العاملين بميدان التَّعليم، على الأقل منذ السبعينيات، فسنجد أن هناك خليطاً غريبا من التَّكوينات التي خضع لها المدرِّسون قبل الالتحاق بالأقسام، فضلا عن وجود فئة لا يُستهانُ بها من المدرسين لم يخضعوا، على الأطلاق، لأي تكوين.
و هذا دليل قاطع على أن مَن بيدهم أمرُ تسيير وتدبير شؤون المنظومة التربوية، إما ليس لهم أية نظرة، على المدى البعيد، لإنجاح هذين التسييرَ والتدبيرَ، وإما كانت المناصبُ وإهمالُ المسئولية، بالنسبة لهم، أولى من بناء مستقبل المتعلمين علما أن جزأً لا يُستهان به منهم يبعثون فلدات أكبادهم لمدارس البعثات الأجنبية أو للمدارس الخصوصية ذات الجودة العالية أو يبعثونهم للدراسة بالخارج.
إن هذا التَّفاوتَ في التَّكوينات ينعكس حتما على أداء المدرسين داخل الأقسام علما أن فشلَ أو نجاحَ المنظومة التربوية في أداء مهامها مرتبطٌ، إلى حدٍّ كبيرٍ، بما يجري داخل الأقسام. وبعبارة أخرى، كلما كان تكوينُ المدرسين عاليا وجيدا، كلما انعكست جودةُ هذا التكوين على أداء المتعلمين تعليماً، تعلُّماً، تربيةً، تهذيباً، تفكيراً، نفتُّحاً، تنويراً، تحرُّراً…