المحامي علي ابوحبله - معركة طوفان الأقصى تسقط نظرية وأيدلوجية جاب وتنسكي

الحرب على غزه والضفة الغربية تختلف عن سابقاتها هي حرب وجود كما يصفها المتطرفون في إسرائيل ، . ولا يرجع السبب في كونها مختلفة فقط إلى كبر وحجم العملية غير المسبوقة التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما أعقبها من "انتقام جبار" تمارسه إسرائيل، كما وصفه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، والذي أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين وتدمير كل مقومات الحياة في غزه

تختلف هذه الحرب عن الحروب الأخرى لأنها تأتي في وقت تتداعى فيه خطوط الصدع التي تقسم الشرق الأوسط. فعلى مدى عقدين من الزمن على الأقل، كان الصدع الأكثر خطورة في المشهد الجيوسياسي الممزق في المنطقة هو بين أصدقاء وحلفاء إيران، وأصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة.



يضغط وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل لإفشال أية جهود دولية لوقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين معتبرين ذلك هزيمة للدولة العبرية أمام حركة حماس ويطالبون بمواصلة الحرب البرية حتى القضاء على الحركة.

وهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير الثلاثاء بحل الحكومة الإسرائيلية في حال توقفت الحرب بقطاع غزة في تدوينة مقتضبة له، بحسابه على منصة "إكس" بالتزامن مع حديث عن اتفاق جديد محتمل لهدنة إنسانية طويلة المدى بالقطاع وإنهاء الحرب الدائرة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي.

وقال بن غفير "وقف الحرب يساوي حل الحكومة" وهو ما يشير إلى الضغوط التي تواجهها حكومة بنيامين نتنياهو من قبل اليمين المتطرف.

وفي وقت سابق الثلاثاء قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن وقف الحرب مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة "خطة للقضاء على إسرائيل" وذلك في تدوينة على منصة "إكس"، ردا على معلق الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي جاكي حوجي.

وكتب حوجي "سيتم قريباً طرح اقتراح على الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي: إطلاق سراح جميع المختطفين بمن فيهم الجنود، مقابل إنهاء الحرب".

الحرب على غزه والضفة الغربية في أبعادها المتمثلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والإقليمي والدولي اكتسب شرعية جميع الأحزاب في إسرائيل بكافة مكوناتهما موالاة ومعارضه ، و جميع الأحزاب الصهيونية يجمعهم موقف ثابت من إسرائيل الكبرى التي ترتكز على التوسع والاستيطان لأنهم جميعا محكومون بأيدلوجيه ومرجعيه جاب وتنسكي ومرجعيتها «نظرية الجدار الحديدي التي أطلقها وطوّرها الصّهيوني التصحيحي زئيف جابوتنسكي. يقصد جاب وتنسكي بالجدار الحديدي بناء القوة العسكرية الصهيونية التي تشكل جداراً من الحديد، لا توجد فيه أية تصدعات أو شقوق، بحيث كلما حاول العربي والفلسطيني مقاومة العدوّ الصّهيوني سيصطدم رأسه بهذا الجدار ويتعب وييأس، وفي هذه اللحظة بالذات يمكن التوصل إلى تسوية مع هذا العربي، بالنظرة الصهيونية. ووفق تلك النظرية الصهيونية فهم جميعا يعملوا لأجل ما يسمونه إسرائيل الكبرى ضد الشعب الفلسطيني والعرب جميعا بدون تفريق بين مطبع وغير مطبع .

عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023 حطمت نظرية الأمن الإسرائيلي ، وقد عدت أكبر ضربة تتعرض لها "إسرائيل" في تاريخها ، وشكلت ضربة قاسية لمفهوم الأمن القومي الصهيوني بما يطرح علامة استفهام على قابلية هذا الكيان على الحياة. إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن قواعد العلوم السياسية التي تقوم عليها الكيانات السياسية لا تنطبق على "إسرائيل" لكونها ليست كيانا قائماً بحد ذاته بمقدار ما تشكل امتداداً للهيمنة الأميركية من جهة وللرأسمالية العالمية الصهيونية من جهة أخرى.

وبوجهة غلاة المتطرفين في إسرائيل فان معركة طوفان الأقصى شكلت ضربه قويه لأيدلوجية ونظرية " فلاديمير زئيف جابتونسكي " مؤسس التيار التنقيحي في الحركة الصهيوني، وجماعة الأرغون الإرهابية، والأب المؤسس لليكود واليمين الصهيوني بشكل عام. ، ومن لم يقرأ مقاله “الجدار الحديد (نحن والعرب)” فلن يعرف كيف يفكر نتني اهو وحزبه واليمين المتصهين والمتطرف ، تجاه الفلسطينيين والمفاوضات والمسيرة السلمية.

فكرته المحورية: لا يوجد إمكانية للتفاهم مع العرب (الفلسطينيين) والطريقة الوحيدة للتفاهم معهم هي السلاح، واقتلاع العرب بالقوة أمر أخلاقي ما دام من أجل مشروع نبيل (المشروع الصهيوني ومرتكزا ته الاستيطان والإحلال ) وهذا هو جوهر الحرب على غزه والضفة الغربية وهدفها التدمير المم نهج وتدمير كل مقومات الحياة وتقود للضم والترحيل ألقسري

يقول " جاب وتنسكي " لا يمكن أن يكون هنالك اتفاقية طوعية بيننا وبين عرب فلسطين، لا اليوم ولا في المستقبل المنظور، ولا أقول ذلك لأنني أريد إيذاء الصهاينة المعتدلين، ولا أظن أنهم سيتأذون باستثناء أولئك الذين ولدوا عميانًا، فقد أدركوا منذ زمن بعيد أنه من المستحيل أن يقبل عرب فلسطين طواعية بتحويل “فلسطين” من دولة عربية إلى دولة بأغلبية يهودية.

لدى قرائي فكرة عامة عن تاريخ الاستعمار في دول أخرى، واقترح عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار جميع الأسبقيات التي يعرفونها، ليروا إن كان هنالك حالة استعمارية واحدة تم إنجازها بموافقة الشعب الأصلي، لا يوجد أي سباقة من هذا النوع.

الشعوب الأصلية، متحضرة كانت أم غير متحضرة، قاومت بعناده المستعمرين، بغض النظر إن كان (المستعمرون) متحضرين أم متوحشين. وسواء تعامل المستعمرون بطريقة نزيهة أم لا، لم يكن ليشكل أي فرق (لدى الشعوب الأصلية )

ووفق كل ذلك يخطئ من يظن أن هناك فروقا بين نتنياهو أو بينت او لابيد أو غانتس أو ليبرمان وحتى سومتي رش ويتمار بن غفير جميعا محكومون بأيدلوجية وفكر جابتونسكي والفرق يتعلق بهم هم وليس بنا… بالنسبة لنا..لا شيء… لا شيء! بل العكس من ذلك الوضع يسير للأسوأ.

ووفق هذا المفهوم تندرج الحرب على غزه والضفة الغربية وبالأخص المخيمات الفلسطينية والهدف تطويع الشعب الفلسطيني وكسر شوكة المقاومة ليتسنى ترسيخ المشروع الاستيطاني الاحلالي في الضفة الغربية والقدس والترحيل والتهجير ألقسري للفلسطينيين في غزه بعد التدمير المم نهج وانعدام الحياة فيها .

لقد ضربت عملية طوفان الأقصى مرتكزات نظرية الأمن الإسرائيلية وأصابت أيدلوجية جابتونسكي في مقتل ، ونجح الفلسطينيون في السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي المحتلة للمرة الأولى. أيقظ هذا الانهيار مجددا هواجس احتمال انهيار دولة الاحتلال في ظل صمود الفلسطينيين وصلابتهم رغم القمع والحصار، كما قوّض الشعور بالأمان والاستقرار الذي أتاح المزيد من عمليات الهجرة والاستيطان خلال العقود الأخيرة.

بغض النظر عن تداعيات الحرب الإسرائيلية الوحشية الحالية على غزة، فقد انهارت نظرية الأمن الإسرائيلية، وتهاوت نظريات “كي الوعي” و”جز العشب”، وأثبتت مقاربة “المعركة بين الحروب” فشلها في تقويض قدرات المقاومة أو ردعها عن تنفيذ هجوم ضخم مثل الذي نفذته صبيحة 7 أكتوبر/تشرين أول. ولذا؛ تعكس تصريحات قادة الاحتلال على وقع الصدمة، وعلى وقع أزمة ثقة تهز الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بأن النموذج الأمني والاستراتيجي السابق انتهى، وهو ما يعني أنهم بصدد البحث عن فرض “نموذج جديد” وبناء نظرية أمن جديدة، ترمم جاذبية “إسرائيل” وسمعتها المنهارة كملاذ آمن لليهود من أنحاء العالم. لكنّ هذه مهمة لا تبدو بسيطة أو قريبة المنال، بغض النظر عن مآل الدمار الحاصل في قطاع غزة ، ويبقى أقصر الطرق لتحقيق الأمن والاستقرار هو تحقيق السلام المستند لقرارات الشرعية الدولية والإقرار بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...