283 - الله والنبي والعيد العربي
في رسالة لأبي الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني (بديع الزمان):
إن عيد الوَقود لَعيدُ إفك، وإن شعار النار لشعار شرْك. وما أنزل الله بالسذق سلطاناً، ولا شرّف نيروزاً ولا مِهرجاناً. وإنما جعل الله (تعالى) النار تذكرة ومتاعاً، ولم يضرب لها عيداً، ولم يجعلنا لها عبيداً. الله والنبيّ، والعيد العربيّ، والتكبير الجهير، وتلك الجماهير، والملائكة بعد ذلك ظهير، والرحمة صوباً وصبّا، والبركات فيضاً وفضاً، والموسم الطاهر من لغو الحديث. هذا هو العيد، وذلك هو الضلال البعيد. . .
284 - . . . والوجوه قباح
الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن:
لا يوحشنَّك أنهم ما ارتاحوا ... مما جلاه عليهم المُداحُ
فهمُ كقوم عُلّقت بإزائهم ... بيضُ المرائي والوجوه قباحُ
285 - إذن تستوي
سمع بعض الحكماء رجلاً يقول:
قلب الله الدنيا!
فقال: إذن تستوي لأنها مقلوبة
286 - رسالة. . .
قال صاحب البدائع: خرج المعتصم بن صُمادح صاحب المَريّة يوماً إلي بعض متنزهاته فحلّ بروضة قد سفرت عن وجهها البهيج، وتنفست عن مسكها الأريج، وماست معاطف أغصانها، وتكللت بلؤلؤ الطلّ أجياد قضبانها. فتشوّف إلى الوزير أبي طالب بن غانم أحد كبراء دولته فكتب إليه بديهاً بورقة كُرُنب بعود من شجرة:
أقبلْ أبا طالب إلينا ... واسقط سقوط الندى علينا
287 - لئيم العطاس في (كامل) المبرد: يروى أن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس - أتته وفود من الروم، وقام السِّماطان فأتى برجل منهم، وعطس أحد من السماطين، فأخفى عطسته فقال له عبد الملك لما انقضى أمر الوفد: هلاّ - إذ كنت لئيم العطاس - أتبعت عطستك صيحة حتى تخلع بها قلب العِلج
288 - سرقت حمرة الخدود الملاح
ابن الزقاق الأندلسي:
ورياض من الشقائق أضحت ... يتهادى بها نسيم الرياح
زرتها والغمام يلطم منها ... زَهرات تفوق لون الراح
قلت: ما ذنبها؟ فقال مجيباً: ... سرقت حمرة خدود الملاح!
289 - ليس الهوى بالاختيار
في (نهاية الأرب): قال رجل من أهل المدينة كان أديباً ظريفاً طلاباً للأدب والملح: كنت يوماً في مجلس رجل من قريش، ومعنا قينة ظريفة حسنة الصورة، ومعنى فتى من أقبح ما رأته العين، والقينة مقبلة عليه بحديثها وغنائها. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا فتى من أحسن الناس وجهاً فأقبل عليّ صاحب البيت فقال: إن في أمر هذين لعجباً، قلت: وما ذاك؟ قال: هذه الجارية تحب هذا (يعني القبيح الوجه) وليس لها في قلبه محبة، وهذا الحسن الوجه يجدها وليس له في قلبها محبة. قال المدني: فقلت لها: تختارين هذا وهو أقبح من ذنوب المصرين، على هذا الذي هو أحسن من توبة التائبين! فقالت لي: ليس الهوى بالاختيار، ثم أنشأت تغني وتقول:
فلم تُلمِ المحبَّ على هواه ... فكلُّ متيمٍ كلفٍ عميدِ
يظنّ حبيبَه حسناً جميلاً ... وإن كان الحبيب من القرود!
290 - رحمة الله عليه
(في سيرة عمر بن عبد العزيز) لابن الجوزي: قال إبراهيم ابن هشام بن يحيى بن يحيي العناني: حدثني أبي عن جدي قال: كنت عند هشام بن عبد الملك جالساً، فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرّها الوليد وسليمان حتى استُخلف عمر (رحمه الله) نزعها. فقال له هشام: أعدْ مقالتك، فقال: يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان، حتى إذا استخلف عمر (رحمه الله) نزعها. فقال: (والله) إن فيك لعجبا! إنك تذكر من أقطع جدك القطيعة ومن أقرها فلا تترحم عليه، وأنا قد أمضينا ما صنع عمر رحمة الله عليه. . .
291 - الورد والياسمين
قال هبة الله محمد النصيبي: كنت في زمن الربيع والورود في داري بنصيبين، وقد أحضر من بستاني من الورد والياسمين شيء كثير، وعملت - على سبيل الولع - دائرة من الورد تقابلها دائرة من الياسمين فاتفق أن أدخل على المهذب والحسن ابن البرقعيدي الشاعران فقلت لهما: اعملا في هاتين الدائرتين. ففكرا ساعة ثم قال المهذب:
يا حسنها دائرةً ... من ياسمين مشرق
والورد قد قابلها ... في حلة من شفق
كعاشق وحبّه ... تغامزا بالحدق
فاحمرّ ذا من خجل ... واصفر ذا من فرق
فقلت للحسن: هات، فقال: سبقني المهذب إلى ما لمحته في هذا المعنى وهو قولي:
يا حسنها دائرة ... من ياسمين كالحلي
والورد قد قابلها ... في حلة من خجل
كعاشق وحبه ... تغامزا بالمقل
فاحمر ذا من خجل=واصفر ذا من وجل
فعجبت من اتفاقهما في سرعة الاتحاد، والمبادرة إلى حكاية الحال!
292 - أخاف ألا أموت في أوله
قيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق؟ فإن مالك عريض
قال: الدهر أعرض منه
قيل: كأنك تؤمل أن تعيش الدهر كله
قال: لا، ولكن أخاف ألاّ أموت في أوله
مجلة الرسالة - العدد 226
بتاريخ: 01 - 11 - 1937
في رسالة لأبي الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني (بديع الزمان):
إن عيد الوَقود لَعيدُ إفك، وإن شعار النار لشعار شرْك. وما أنزل الله بالسذق سلطاناً، ولا شرّف نيروزاً ولا مِهرجاناً. وإنما جعل الله (تعالى) النار تذكرة ومتاعاً، ولم يضرب لها عيداً، ولم يجعلنا لها عبيداً. الله والنبيّ، والعيد العربيّ، والتكبير الجهير، وتلك الجماهير، والملائكة بعد ذلك ظهير، والرحمة صوباً وصبّا، والبركات فيضاً وفضاً، والموسم الطاهر من لغو الحديث. هذا هو العيد، وذلك هو الضلال البعيد. . .
284 - . . . والوجوه قباح
الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن:
لا يوحشنَّك أنهم ما ارتاحوا ... مما جلاه عليهم المُداحُ
فهمُ كقوم عُلّقت بإزائهم ... بيضُ المرائي والوجوه قباحُ
285 - إذن تستوي
سمع بعض الحكماء رجلاً يقول:
قلب الله الدنيا!
فقال: إذن تستوي لأنها مقلوبة
286 - رسالة. . .
قال صاحب البدائع: خرج المعتصم بن صُمادح صاحب المَريّة يوماً إلي بعض متنزهاته فحلّ بروضة قد سفرت عن وجهها البهيج، وتنفست عن مسكها الأريج، وماست معاطف أغصانها، وتكللت بلؤلؤ الطلّ أجياد قضبانها. فتشوّف إلى الوزير أبي طالب بن غانم أحد كبراء دولته فكتب إليه بديهاً بورقة كُرُنب بعود من شجرة:
أقبلْ أبا طالب إلينا ... واسقط سقوط الندى علينا
287 - لئيم العطاس في (كامل) المبرد: يروى أن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس - أتته وفود من الروم، وقام السِّماطان فأتى برجل منهم، وعطس أحد من السماطين، فأخفى عطسته فقال له عبد الملك لما انقضى أمر الوفد: هلاّ - إذ كنت لئيم العطاس - أتبعت عطستك صيحة حتى تخلع بها قلب العِلج
288 - سرقت حمرة الخدود الملاح
ابن الزقاق الأندلسي:
ورياض من الشقائق أضحت ... يتهادى بها نسيم الرياح
زرتها والغمام يلطم منها ... زَهرات تفوق لون الراح
قلت: ما ذنبها؟ فقال مجيباً: ... سرقت حمرة خدود الملاح!
289 - ليس الهوى بالاختيار
في (نهاية الأرب): قال رجل من أهل المدينة كان أديباً ظريفاً طلاباً للأدب والملح: كنت يوماً في مجلس رجل من قريش، ومعنا قينة ظريفة حسنة الصورة، ومعنى فتى من أقبح ما رأته العين، والقينة مقبلة عليه بحديثها وغنائها. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا فتى من أحسن الناس وجهاً فأقبل عليّ صاحب البيت فقال: إن في أمر هذين لعجباً، قلت: وما ذاك؟ قال: هذه الجارية تحب هذا (يعني القبيح الوجه) وليس لها في قلبه محبة، وهذا الحسن الوجه يجدها وليس له في قلبها محبة. قال المدني: فقلت لها: تختارين هذا وهو أقبح من ذنوب المصرين، على هذا الذي هو أحسن من توبة التائبين! فقالت لي: ليس الهوى بالاختيار، ثم أنشأت تغني وتقول:
فلم تُلمِ المحبَّ على هواه ... فكلُّ متيمٍ كلفٍ عميدِ
يظنّ حبيبَه حسناً جميلاً ... وإن كان الحبيب من القرود!
290 - رحمة الله عليه
(في سيرة عمر بن عبد العزيز) لابن الجوزي: قال إبراهيم ابن هشام بن يحيى بن يحيي العناني: حدثني أبي عن جدي قال: كنت عند هشام بن عبد الملك جالساً، فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرّها الوليد وسليمان حتى استُخلف عمر (رحمه الله) نزعها. فقال له هشام: أعدْ مقالتك، فقال: يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان، حتى إذا استخلف عمر (رحمه الله) نزعها. فقال: (والله) إن فيك لعجبا! إنك تذكر من أقطع جدك القطيعة ومن أقرها فلا تترحم عليه، وأنا قد أمضينا ما صنع عمر رحمة الله عليه. . .
291 - الورد والياسمين
قال هبة الله محمد النصيبي: كنت في زمن الربيع والورود في داري بنصيبين، وقد أحضر من بستاني من الورد والياسمين شيء كثير، وعملت - على سبيل الولع - دائرة من الورد تقابلها دائرة من الياسمين فاتفق أن أدخل على المهذب والحسن ابن البرقعيدي الشاعران فقلت لهما: اعملا في هاتين الدائرتين. ففكرا ساعة ثم قال المهذب:
يا حسنها دائرةً ... من ياسمين مشرق
والورد قد قابلها ... في حلة من شفق
كعاشق وحبّه ... تغامزا بالحدق
فاحمرّ ذا من خجل ... واصفر ذا من فرق
فقلت للحسن: هات، فقال: سبقني المهذب إلى ما لمحته في هذا المعنى وهو قولي:
يا حسنها دائرة ... من ياسمين كالحلي
والورد قد قابلها ... في حلة من خجل
كعاشق وحبه ... تغامزا بالمقل
فاحمر ذا من خجل=واصفر ذا من وجل
فعجبت من اتفاقهما في سرعة الاتحاد، والمبادرة إلى حكاية الحال!
292 - أخاف ألا أموت في أوله
قيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق؟ فإن مالك عريض
قال: الدهر أعرض منه
قيل: كأنك تؤمل أن تعيش الدهر كله
قال: لا، ولكن أخاف ألاّ أموت في أوله
مجلة الرسالة - العدد 226
بتاريخ: 01 - 11 - 1937