ليتني عرفته من قبل
تلك المقدِّمة بين يدي كتابه الذي تطالعونه ، إذ في المرء هـمَّـة تسعى بـه بين الناس أن يقدم أعلامهم اتباعًا لسيرة الكبار في التأريخ لأعـلام الأُمَّـة ، وفي هذا المضمـار يقف طودًا بين سالفيه من ابن خلِّـكان والصفديّ وابن إياس والمسعوديّ والمقريزيّ، ولحقًا بالزركليّ ومحمّد رجب البيوميّ وأحمد العلاونة، سُـنَّة متبعة، ونهج لاحب متوارث، تعرف المناقب فتحمد ، ويراها الخلف مشاعل هداية فيتبعونها ناجين مِنْ لأواء الطريق وضلال الرأي . عـرف السَّابقون منهج الجرح والتعديل فانكشف عوار الدخيل نِـيَّــةً ومعتقدًا ، وحـمد لصاحب السّويّ ما ارتـآه . هذا د . علي زين العابدين الحسينيّ بآخـرة يقدم لنا سيرة علماء معاصرين ، وجـدَ فيهم معالـم الهدى لخلفٍ تتنازعـــه تيَّارات شتَّى ، وآراء متضاربة ، وغيلان على قارعة الطريق تنتهبهم . فكان أنْ شرع سنان قلمه براءة
إلى الله ليبين للناس الغثّ من السَّمين ، وفي هذا حمدٌ له وثناء .
تصافح كــتاباته فــتشعر بفقيـهٍ يكـتب، أو تـنـظر في فـكرة فـتجـده ساردًا يناغم بحـرفه فوق طرسه .
لا أحبَّ للمرء مِنْ أن يقدم للقراء نمطًا فريدًا من الكتابات الرصينة التي قـلَّ في عالـم العربية مثيلها ، فالكثرة مما تـقذف به المطابع زبـَدٌ يذهب جفاء، لـذا ماتت الذائقة وعـزّ الأسلوب الذي يـُحتذى ، أحسنَ الحسينيّ إذ أخلص عمله لنماذج علمية متباينة، فلكلِّ شخصية جانبٌ يجـد فيه القارىء بـُغيته .
لقد أوجـد د . مـحمد رجب البيومي في السَّرد عالــمًـا مترامي الأطراف ، امتلك آلية اللغة فَـلان لها شماسها، وأرخت بين يديها عنانها، لقد عرف القرّاء كتابات حسين مؤنس التاريخية، فدهشوا من متنه وبراعته في احتواء الفكرة التي نشرت الوعي بأهمية الكتابة التاريخية عن النماذج البشرية التي قـدمت ما ينفع .
وما تـفتأ الأيام تدور بالكرام يعتامهم الموت نقّاد الجواهر؛ فتكون الكتابة عنهم بعض سلوى وتفريج همّ فالدواهي قواصم، يخفف منها التأريخ لمنائر الهدى ومصابيح الدُّجى، فإن جهلت غامت أمام اللاحقين الرؤيـة . وحسنًا صنع د . علي زين العابدين الحسيني باشتراعه ذلك النهج في إدراك الأعيان . أدركنا من الغرب عنايته برموزه، بله تخليد مآثرهم حتى كان منَّا قوم يعتنون بهم ويتغافلون عن بني جلدتهم . يكتب الحسينيّ لا يبتغي غير الله ، فابتدرت نـفسي مقدِّمًا لهذا الكتاب، وإن ذا شرف أزجاه إلـيّ، فالقارىء نصيف الكاتب فيما ذهب إليه، يتحمَّل تبعة العمل مشاركة له في مذهبه ورأيــه . وإني تاركك أيها القارىء لتعايش شخصياته ، ولا أعـدو الحقيقة إن قلت إنك غانمٌ حلوَ الحديث وبديعَ القول ، وتلك آيـة الصِّدق في البيان .
هذه مقدمة بين يدي كتابه آثرت أن أدع القارىء يطالع غـير مغالٍ فيما كتبتُ ، فهذا كاتبٌ لا تحتجن مقالته، ولا تنفرد سطوره بغير ما يوسِّع ضيقًا ، ويثري عالـم الكــتـابـة .
في القاهرة 31/ 12 / 2021
تلك المقدِّمة بين يدي كتابه الذي تطالعونه ، إذ في المرء هـمَّـة تسعى بـه بين الناس أن يقدم أعلامهم اتباعًا لسيرة الكبار في التأريخ لأعـلام الأُمَّـة ، وفي هذا المضمـار يقف طودًا بين سالفيه من ابن خلِّـكان والصفديّ وابن إياس والمسعوديّ والمقريزيّ، ولحقًا بالزركليّ ومحمّد رجب البيوميّ وأحمد العلاونة، سُـنَّة متبعة، ونهج لاحب متوارث، تعرف المناقب فتحمد ، ويراها الخلف مشاعل هداية فيتبعونها ناجين مِنْ لأواء الطريق وضلال الرأي . عـرف السَّابقون منهج الجرح والتعديل فانكشف عوار الدخيل نِـيَّــةً ومعتقدًا ، وحـمد لصاحب السّويّ ما ارتـآه . هذا د . علي زين العابدين الحسينيّ بآخـرة يقدم لنا سيرة علماء معاصرين ، وجـدَ فيهم معالـم الهدى لخلفٍ تتنازعـــه تيَّارات شتَّى ، وآراء متضاربة ، وغيلان على قارعة الطريق تنتهبهم . فكان أنْ شرع سنان قلمه براءة
إلى الله ليبين للناس الغثّ من السَّمين ، وفي هذا حمدٌ له وثناء .
تصافح كــتاباته فــتشعر بفقيـهٍ يكـتب، أو تـنـظر في فـكرة فـتجـده ساردًا يناغم بحـرفه فوق طرسه .
لا أحبَّ للمرء مِنْ أن يقدم للقراء نمطًا فريدًا من الكتابات الرصينة التي قـلَّ في عالـم العربية مثيلها ، فالكثرة مما تـقذف به المطابع زبـَدٌ يذهب جفاء، لـذا ماتت الذائقة وعـزّ الأسلوب الذي يـُحتذى ، أحسنَ الحسينيّ إذ أخلص عمله لنماذج علمية متباينة، فلكلِّ شخصية جانبٌ يجـد فيه القارىء بـُغيته .
لقد أوجـد د . مـحمد رجب البيومي في السَّرد عالــمًـا مترامي الأطراف ، امتلك آلية اللغة فَـلان لها شماسها، وأرخت بين يديها عنانها، لقد عرف القرّاء كتابات حسين مؤنس التاريخية، فدهشوا من متنه وبراعته في احتواء الفكرة التي نشرت الوعي بأهمية الكتابة التاريخية عن النماذج البشرية التي قـدمت ما ينفع .
وما تـفتأ الأيام تدور بالكرام يعتامهم الموت نقّاد الجواهر؛ فتكون الكتابة عنهم بعض سلوى وتفريج همّ فالدواهي قواصم، يخفف منها التأريخ لمنائر الهدى ومصابيح الدُّجى، فإن جهلت غامت أمام اللاحقين الرؤيـة . وحسنًا صنع د . علي زين العابدين الحسيني باشتراعه ذلك النهج في إدراك الأعيان . أدركنا من الغرب عنايته برموزه، بله تخليد مآثرهم حتى كان منَّا قوم يعتنون بهم ويتغافلون عن بني جلدتهم . يكتب الحسينيّ لا يبتغي غير الله ، فابتدرت نـفسي مقدِّمًا لهذا الكتاب، وإن ذا شرف أزجاه إلـيّ، فالقارىء نصيف الكاتب فيما ذهب إليه، يتحمَّل تبعة العمل مشاركة له في مذهبه ورأيــه . وإني تاركك أيها القارىء لتعايش شخصياته ، ولا أعـدو الحقيقة إن قلت إنك غانمٌ حلوَ الحديث وبديعَ القول ، وتلك آيـة الصِّدق في البيان .
هذه مقدمة بين يدي كتابه آثرت أن أدع القارىء يطالع غـير مغالٍ فيما كتبتُ ، فهذا كاتبٌ لا تحتجن مقالته، ولا تنفرد سطوره بغير ما يوسِّع ضيقًا ، ويثري عالـم الكــتـابـة .
في القاهرة 31/ 12 / 2021