كثيرٌ من الناس يعتقدون اعتقادا راسخا أن الإسلامَ هو دينٌ خاص بالمسلمين. وهذا خطأٌ ناتج عن عدم تدبُّر آيات القرآن الكريم. ثلاثة أسباب حاسمة تبيِّن بأن الإسلامَ ليس دينا خاصا بالمسلمين. ولإزالة كل لُبسٍ، المسلمون هم الناس الذين أسلموا ويُسلِمون وجوهَهم لله، أي الناس الذين يخشون اللهَ ويُطيعون أوامرَه وأوامرَ رسولِه محمد (ص) ويخضعون لها. فهل من عدل إلهي أن يُخصِّصَ، سبحانه وتعالى، دينَه لناس دون آخرين؟
السبب الأول هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، لو أراد أن يتديَّن الناسُ بعدَّة أديان، ما كان لينزِّلَ القرآن على نبيِّه ورسوله محمد (ص) ويأمره أن يبلِّغَ تعاليمَه للبشرية جمعاء. وهذا ليس بشءٍ عسير عليه سبحانه وتعالى.
السبب الثاني هو أن كلمة "دين" وردت في القرآن الكريم على صيغة المفرد. فكلما تحدَّث، سبحانه وتعالى، عن الدين، إلا وأورده، في القرآن الكريم، على صيغة المفرد. يقول، عز وجل : :إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ… (آل عمران، 19). ويقول كذلك : "وَ مَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ…" (آل عمران، 85). كما يقول : "...وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا... (المائدة، 3). لو أراد الله، سبحانه وتعالى، أن يكونَ الناسُ على عدَّة أديان، ما كان ليُقرِنَ، في هذه الآيات الثلاثة الدين، بصيغة المفرد، بكلمة "الإسلام". وفي آياتٍ أخرى، يقترن الدين، بصيغة المفرد، بفعل "أسلمَ"، كقوله، سبحانه وتعالى : "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (آل عمران، 83). أو كقوله : "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (النساء، 125). إذن، الإسلام، كدين، هو أن يُسلِمَ مَن يدِينون به وجوهَهم لله، أي أن يخضعوا لأوامره وأن يُطيعوه ويخشونه. الدين، عند الله، واحد، وهو الإسلام الذي أمر جميع رُسُله، من نوح، عليه السلام، إلى محمد (ص)، آخِر الرسل والأنبياء.
السبب الثالث هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، بعث محمدا لجميع الناس أو للبشرية جمعاء مصداقا لقوله، جل وعلا : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (سبإ، 28). كما يقول، عزَّ وجلَّ : "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة، 33). أهمُّ عبارة في هذه الآية الأخيرة، هي : "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ". "لِيُظْهِرَهُ"، أي ليبيِّن أنه الدين الذي أراده الله، سبحانه وتعالى، لعباده. "عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ"، أي ليبرزَ دين الله الذي هو الإسلام بالنسبة للأديان الأخرى. والملاحظ، في هذه الآية، هو أن الله لم يستعمل جمعَ دين الذي هو "أديان". بل عبَّر عن هذا الجمع بعبارة "الدِّينِ كُلِّهِ".
بعد هذه التَّوضيحات، حان الوقت للإجابة عن السؤال الذي هو عنوان هذه المقالة : "هل هناك فرقٌ بين المسلم والإسلام؟"
بدون تردُّدٍ، أقول وأعيد، هناك فرقٌ كبيرٌ بين المسلم والإسلام. وكما سبق الذكر، المسلمون هم الناس الذين أسلموا ويُسلِمون وجهَهم لله، أي الناس الذين يُطيعون اللهَ ورسولَه ويخضعون لأوامره ويخشونه. بينما الإسلام، كدين، هو عبادات وقيم إنسانية سامية لا يمكن فصلُها عن هذه العبادات.
والعبادات، من المفروض، أن تُقوِّيَ القيم الإنسانية والقيم الإنسانية، من المفترض، أن تُقوِّيَ العبادات. والقيم الإنسانية، المترتِّبة عن العبادات، تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للناس وتحثهم على تحمُّل مسئوياتِهم وعلى الابتعاد عن الظلم والفساد.
من بين هذه القيم الإنسانية، أذكر على سبيل المثال: الحق، الاستقامة، النزاهة، التسامح، العدل، الكرامة، المساواة، الصدق، الإخلاص، الرحمة، الإحسان، التواضع، الكرم، العفو، المودة، التعاون، التضامن…
ولا داعيَ للقول أن الربطَ بين العبادات والقيم الإنسانية، أي بين الإسلام، كدين، والقيم الإنسانية، من شأنه أن يُقوِّيَ طمأنينةَ وسعادةَ الأفراد والمجتمعات.
هذا هو الإسلام، كعقيدة ودين وصراط مستقيم. أما المسلم، أي المتديِّن بدين الإسلام، فقد أسلم وجههَه، إلا مَن رحم ربي، في عصرنا هذا، لحب المادة والاتِّصاف بالأنانية والخضوع للأهواء والرغبات عوضَ الخضوع لأوامر الله، سبحانه وتعالى.
وما يزيد في الطين بلَّةً، هو أن الانحرافَ عن المبادئ والقيم الإنسانية المترتِّبة عن الإسلام، كدين، يتعزَّز من خلال اللجوء إلى شبكات التَّواصل الاجتماعي التي أصبحت وسيلةً للابتعاد عن هذه المبادئ والقيم.
وحتى المدرسة والأسرة، بحكم تأثُّرِهما بعدوى العصر، فإنهما في طريق التَّخلِّي عن دورهما الأساسي المتمثِّل في ضمان تنشئة اجتماعية وأخلاقية تتماشى مع ما يفرضه الإسلام كدين.
وفي الختام، ما يفرضه الواقع هو أنه شتان ما بين كثيرٍ من المسلمين والإسلام، كدين، سنَّه الله منذ بعثه لأول رسول، نوح عليه السلام. عند هذا النوع من المسلمين، الإسلام أصبح ثقافة، إن لم أقل عادة تُمارَس فيها طقوس تديُّنية اعتيادية وتكرارية دون ارتباطٍ حميمٍ، وثيقٍ وعميقٍ بالإسلام، كدين، له خمسة أركان. في هذا النوع من المسلمين، تندرج الجماعات التي لا ترى في الإسلام كدين إلا وسيلةً قابلة للأدلجة susceptible de faire l'objet d'une idéologie، بالإمكان استغلالُها للوصولِ إلى السلطة أو لاكتساب المال والجاه. ولهذا، غالبا ما يحدث خلطٌ، في أذهان الناس، بين الإسلام، كدينٍ Islam، وبين الإسلام السياسي Islamisme. الإسلام دينٌ له خمسة أركان. والإسلام السياسي، عبارة عن إيديولوجيا، لطالما أدَّت إلى العنف بجميع أشكاله.
السبب الأول هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، لو أراد أن يتديَّن الناسُ بعدَّة أديان، ما كان لينزِّلَ القرآن على نبيِّه ورسوله محمد (ص) ويأمره أن يبلِّغَ تعاليمَه للبشرية جمعاء. وهذا ليس بشءٍ عسير عليه سبحانه وتعالى.
السبب الثاني هو أن كلمة "دين" وردت في القرآن الكريم على صيغة المفرد. فكلما تحدَّث، سبحانه وتعالى، عن الدين، إلا وأورده، في القرآن الكريم، على صيغة المفرد. يقول، عز وجل : :إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ… (آل عمران، 19). ويقول كذلك : "وَ مَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ…" (آل عمران، 85). كما يقول : "...وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا... (المائدة، 3). لو أراد الله، سبحانه وتعالى، أن يكونَ الناسُ على عدَّة أديان، ما كان ليُقرِنَ، في هذه الآيات الثلاثة الدين، بصيغة المفرد، بكلمة "الإسلام". وفي آياتٍ أخرى، يقترن الدين، بصيغة المفرد، بفعل "أسلمَ"، كقوله، سبحانه وتعالى : "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (آل عمران، 83). أو كقوله : "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (النساء، 125). إذن، الإسلام، كدين، هو أن يُسلِمَ مَن يدِينون به وجوهَهم لله، أي أن يخضعوا لأوامره وأن يُطيعوه ويخشونه. الدين، عند الله، واحد، وهو الإسلام الذي أمر جميع رُسُله، من نوح، عليه السلام، إلى محمد (ص)، آخِر الرسل والأنبياء.
السبب الثالث هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، بعث محمدا لجميع الناس أو للبشرية جمعاء مصداقا لقوله، جل وعلا : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (سبإ، 28). كما يقول، عزَّ وجلَّ : "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة، 33). أهمُّ عبارة في هذه الآية الأخيرة، هي : "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ". "لِيُظْهِرَهُ"، أي ليبيِّن أنه الدين الذي أراده الله، سبحانه وتعالى، لعباده. "عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ"، أي ليبرزَ دين الله الذي هو الإسلام بالنسبة للأديان الأخرى. والملاحظ، في هذه الآية، هو أن الله لم يستعمل جمعَ دين الذي هو "أديان". بل عبَّر عن هذا الجمع بعبارة "الدِّينِ كُلِّهِ".
بعد هذه التَّوضيحات، حان الوقت للإجابة عن السؤال الذي هو عنوان هذه المقالة : "هل هناك فرقٌ بين المسلم والإسلام؟"
بدون تردُّدٍ، أقول وأعيد، هناك فرقٌ كبيرٌ بين المسلم والإسلام. وكما سبق الذكر، المسلمون هم الناس الذين أسلموا ويُسلِمون وجهَهم لله، أي الناس الذين يُطيعون اللهَ ورسولَه ويخضعون لأوامره ويخشونه. بينما الإسلام، كدين، هو عبادات وقيم إنسانية سامية لا يمكن فصلُها عن هذه العبادات.
والعبادات، من المفروض، أن تُقوِّيَ القيم الإنسانية والقيم الإنسانية، من المفترض، أن تُقوِّيَ العبادات. والقيم الإنسانية، المترتِّبة عن العبادات، تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للناس وتحثهم على تحمُّل مسئوياتِهم وعلى الابتعاد عن الظلم والفساد.
من بين هذه القيم الإنسانية، أذكر على سبيل المثال: الحق، الاستقامة، النزاهة، التسامح، العدل، الكرامة، المساواة، الصدق، الإخلاص، الرحمة، الإحسان، التواضع، الكرم، العفو، المودة، التعاون، التضامن…
ولا داعيَ للقول أن الربطَ بين العبادات والقيم الإنسانية، أي بين الإسلام، كدين، والقيم الإنسانية، من شأنه أن يُقوِّيَ طمأنينةَ وسعادةَ الأفراد والمجتمعات.
هذا هو الإسلام، كعقيدة ودين وصراط مستقيم. أما المسلم، أي المتديِّن بدين الإسلام، فقد أسلم وجههَه، إلا مَن رحم ربي، في عصرنا هذا، لحب المادة والاتِّصاف بالأنانية والخضوع للأهواء والرغبات عوضَ الخضوع لأوامر الله، سبحانه وتعالى.
وما يزيد في الطين بلَّةً، هو أن الانحرافَ عن المبادئ والقيم الإنسانية المترتِّبة عن الإسلام، كدين، يتعزَّز من خلال اللجوء إلى شبكات التَّواصل الاجتماعي التي أصبحت وسيلةً للابتعاد عن هذه المبادئ والقيم.
وحتى المدرسة والأسرة، بحكم تأثُّرِهما بعدوى العصر، فإنهما في طريق التَّخلِّي عن دورهما الأساسي المتمثِّل في ضمان تنشئة اجتماعية وأخلاقية تتماشى مع ما يفرضه الإسلام كدين.
وفي الختام، ما يفرضه الواقع هو أنه شتان ما بين كثيرٍ من المسلمين والإسلام، كدين، سنَّه الله منذ بعثه لأول رسول، نوح عليه السلام. عند هذا النوع من المسلمين، الإسلام أصبح ثقافة، إن لم أقل عادة تُمارَس فيها طقوس تديُّنية اعتيادية وتكرارية دون ارتباطٍ حميمٍ، وثيقٍ وعميقٍ بالإسلام، كدين، له خمسة أركان. في هذا النوع من المسلمين، تندرج الجماعات التي لا ترى في الإسلام كدين إلا وسيلةً قابلة للأدلجة susceptible de faire l'objet d'une idéologie، بالإمكان استغلالُها للوصولِ إلى السلطة أو لاكتساب المال والجاه. ولهذا، غالبا ما يحدث خلطٌ، في أذهان الناس، بين الإسلام، كدينٍ Islam، وبين الإسلام السياسي Islamisme. الإسلام دينٌ له خمسة أركان. والإسلام السياسي، عبارة عن إيديولوجيا، لطالما أدَّت إلى العنف بجميع أشكاله.