مناضل من أجل الحرية ومن أجل تحرر فلسطين من الاحتلال قضى قرابة ثلثي عمره في سجون الاحتلال واستشهد فيها جراء الإهمال الطبي بعد تشخيصه بمرض السرطان. مارس الكتابة داخل السجن وصدرت له مؤلفات عديدة توثق تجربة النضال والأسر.
أكمل دراسته في المعتقل وحصل على الماجستير، وهرّب نطفة إلى خارج السجن، وأصبح أبا في سن 57 عاما، ويُعد من أبرز الأسرى المنظرين، وصدرت له عدة مؤلفات، أبرزها "صهر الوعي" و"الزمن الموازي" ورواية "حكاية سرّ الزيت"، التي نالت جوائز محلية وعربية.
وقد سمى نفسه "رجل الكهف" الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنه قضى معظم سنوات حياته في السجن، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه أكثر من مرة.
رحلة حياة في دراسة للأكاديمي الفلسطيني عبد الرحيم الشيخ، بعنوان «المكان الموازي: رسم الزمن في فكر وليد دقّة»، يقول ملخّصاً جانباً من رحلة دقة في الحياة: «ذهب في رحلات علاجه إلى الخضيرة (1961 - 1978). أمضى دقّة مطلع شبابه (1979 - 1982) عاملاً في أحد المطاعم في تل أبيب، والتقى اليهود والعرب الآتين للعمل في قاع المدينة، كما زار في هذه الفترة عدة مناطق من فلسطين المحتلة كنابلس ورام الله والقدس، حين رغب في التسجيل للدراسة في جامعة النجاح أو جامعة بيرزيت أو الجامعة العبرية. وعمل دقّة في الفترة 1983 - 1986 في مدينة طولكرم وفي مستعمرة إيلات في أم الرشراش المحتلة قبل أن يلتحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ويذهب إلى التدريب في سوريا حيث مرّ بدمشق، وتدرّب في درعا، وزار مخيم اليرموك قبل عودته إلى فلسطين المحتلة، عن طريق قبرص. أمّا رحلة أسره، بين الشباب والكهولة، في السجون الصهيونية (1986 - 2023)، فتنقّل فيها بين جميع السجون ومراكز الاعتقال والعزل الصهيونية على امتداد فلسطين التاريخية» («مجلة الدراسات الفلسطينية»، العدد 135، صيف 2023).
نال وليد دقة، في السجون، لقب المثقف والمفكر، وحاز درجات علمية رفيعة وهو في السجن، ففي عام 2010 حاز درجة البكالوريوس في الدراسات الديموقراطية من الجامعة المفتوحة الإسرائيلية، وبعدها بسنوات، تحديداً في عام 2016، حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية (مسار الدراسات الإسرائيلية) من جامعة القدس. وخلال سني عمره التي قضاها أسيراً حتى استشهاده أمس، علّم الكثير من الأسرى، وأعطاهم معرفة علمية أكاديمية، فهو ضمن الهيئة التعليمية والإدارية داخل سجن «هداريم» الذي تشكّلت فيه جامعة السجن، والتي تمنح رسمياً درجة الماجستير للأسرى.
وفي تتبّع سيرة ومسيرة وليد دقة النضالية ، لم يفوت فرصه دون أن يكون له صفحه نضالية فألف العديد من الكتب منها ، منها: " يوميّات المقاومة في مخيَّم جنين 2002" (2004)، " صهرُ الوعي أو إعادةُ تعريف التعذيب" (2010)، " الزَّمنُ الموازي" (2011)، " حكاية سرِّ الزَّيت" (2018 - وهي جزء من ثلاثيّةٍ لليافعين، تضمّ أيضاً مخطوطة " حكاية سرِّ السَّيف" (2022) و"حكاية سرِّ الطَّيف" (لم تصدر بعد)، وديواناً شعريّاً، والعديد من الرسوم الفنّيّة.
حياة الأسير وليد دقه لم تكن خاليه من ملاحم البطولة والنضال زارته سناء سلامة في سجن عسقلان لأول مرة عام 1996 كصحافية مهتمة بالأسرى، وتطورت العلاقة بينهما، فطلب منها كتباً، وبات يرسل لها مقالات للنشر، وفي الأثناء كانت العلاقة بينهما تتخذ شكلاً، أثمر زواجاً في 10 آب عام 1996، بعد نضال في وجه السجن والسجان الإسرائيليين، حين خاضا معركة لانتزاع موافقة من إدارة السجون من أجل إقامة حفل زفافهما في السجن، مع السماح لعائلتيهما المقربتين، إضافة إلى 22 أسيراً من المقربين منه في المشاركة وأيضاً السماح بالتصوير، فيديو وصور عادية، والسماح بسماع موسيقى كأي عقد قران عادي. وبعد رفض الطلبات، لم يستسلم وليد وسناء، وبالفعل حصلا على كل ما طلباه باستثناء السماح لـ 9 أسرى فقط بالمشاركة وليس 22 كما طلب وليد. وبينما كان الزفاف مقاماً، كان الأسرى يقيمون حفلاً داخل الزنازين فرحاً بوليد وسناء، وفرحاً بهذه السابقة التي حصلت في سجون الاحتلال، بانتصار السجين على السجان مجدداً.
هذا الزواج الذي ضجت فيه فلسطين والعالم أجمع أثمر عن طفلة ولدت من نطفة محررة في 3 شباط 2020، سمّاها ميلاد، التقاها مرات قليلة، وفي مرات أخرى منعها الاحتلال من لقاء والدها. وخلال عمرها الذي ناهز السنوات الأربع، دخلت ميلاد على خط والديها النضالي، فكما هي ثمرة نضال، هي مناضلة على خطى والديها من أجل الحرية.
وقد نشرت مجلة " الآداب " اللبنانية نصاً بتوقيع ميلاد وليد دقة، قالت فيه: " نعم، أنا الطفلة التي انتظرتْ أكثرَ من عقد، ووُلدتْ من نُطفةٍ محرَّرةٍ على الرغم من كلّ إجراءاتهم وقوانينِهم بمنعي من الحياة. لقد بلغتُ من العمر ما يكفي لأرويَ عليكم قصّتي. سيقول أحدُكم بالتأكيد إنّ هذا جنون؛ فحتّى لو كانت هذه الطفلةُ معجزةً فلا يمكن أن تروي تفاصيلَ حكايةٍ حصلتْ أحداثُها قبل ولادتها وهي في هذه السنّ. وقد يقول آخرُ إنْ ليس من الأخلاقيّ تقويلُ طفلةٍ رضيعةٍ - مستغلّين براءتها - كلاماً على هذه الدرجة من الخطورة وينطوي على اتهامات، من دون خشية، لدولةٍ تمتلك أقوى رابع جيشٍ في العالم. ومع ذلك، ورغم أنَّ هذا البلد بلدُ المعجزات، بلدُ الإسراء والمعراج، مهدُ السيّد المسيح عليه الصلاة والسلام، فإنّني لستُ طفلةً معجزة، بل ثمرةُ تصميمٍ وإصرارٍ وتحدٍّ. زمنُ المعجزات قد ولّى، ونحن اليومَ في زمن التعجيزات الإسرائيليّة وغطرستِها" .
أكمل دراسته في المعتقل وحصل على الماجستير، وهرّب نطفة إلى خارج السجن، وأصبح أبا في سن 57 عاما، ويُعد من أبرز الأسرى المنظرين، وصدرت له عدة مؤلفات، أبرزها "صهر الوعي" و"الزمن الموازي" ورواية "حكاية سرّ الزيت"، التي نالت جوائز محلية وعربية.
وقد سمى نفسه "رجل الكهف" الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنه قضى معظم سنوات حياته في السجن، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه أكثر من مرة.
رحلة حياة في دراسة للأكاديمي الفلسطيني عبد الرحيم الشيخ، بعنوان «المكان الموازي: رسم الزمن في فكر وليد دقّة»، يقول ملخّصاً جانباً من رحلة دقة في الحياة: «ذهب في رحلات علاجه إلى الخضيرة (1961 - 1978). أمضى دقّة مطلع شبابه (1979 - 1982) عاملاً في أحد المطاعم في تل أبيب، والتقى اليهود والعرب الآتين للعمل في قاع المدينة، كما زار في هذه الفترة عدة مناطق من فلسطين المحتلة كنابلس ورام الله والقدس، حين رغب في التسجيل للدراسة في جامعة النجاح أو جامعة بيرزيت أو الجامعة العبرية. وعمل دقّة في الفترة 1983 - 1986 في مدينة طولكرم وفي مستعمرة إيلات في أم الرشراش المحتلة قبل أن يلتحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ويذهب إلى التدريب في سوريا حيث مرّ بدمشق، وتدرّب في درعا، وزار مخيم اليرموك قبل عودته إلى فلسطين المحتلة، عن طريق قبرص. أمّا رحلة أسره، بين الشباب والكهولة، في السجون الصهيونية (1986 - 2023)، فتنقّل فيها بين جميع السجون ومراكز الاعتقال والعزل الصهيونية على امتداد فلسطين التاريخية» («مجلة الدراسات الفلسطينية»، العدد 135، صيف 2023).
نال وليد دقة، في السجون، لقب المثقف والمفكر، وحاز درجات علمية رفيعة وهو في السجن، ففي عام 2010 حاز درجة البكالوريوس في الدراسات الديموقراطية من الجامعة المفتوحة الإسرائيلية، وبعدها بسنوات، تحديداً في عام 2016، حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية (مسار الدراسات الإسرائيلية) من جامعة القدس. وخلال سني عمره التي قضاها أسيراً حتى استشهاده أمس، علّم الكثير من الأسرى، وأعطاهم معرفة علمية أكاديمية، فهو ضمن الهيئة التعليمية والإدارية داخل سجن «هداريم» الذي تشكّلت فيه جامعة السجن، والتي تمنح رسمياً درجة الماجستير للأسرى.
وفي تتبّع سيرة ومسيرة وليد دقة النضالية ، لم يفوت فرصه دون أن يكون له صفحه نضالية فألف العديد من الكتب منها ، منها: " يوميّات المقاومة في مخيَّم جنين 2002" (2004)، " صهرُ الوعي أو إعادةُ تعريف التعذيب" (2010)، " الزَّمنُ الموازي" (2011)، " حكاية سرِّ الزَّيت" (2018 - وهي جزء من ثلاثيّةٍ لليافعين، تضمّ أيضاً مخطوطة " حكاية سرِّ السَّيف" (2022) و"حكاية سرِّ الطَّيف" (لم تصدر بعد)، وديواناً شعريّاً، والعديد من الرسوم الفنّيّة.
حياة الأسير وليد دقه لم تكن خاليه من ملاحم البطولة والنضال زارته سناء سلامة في سجن عسقلان لأول مرة عام 1996 كصحافية مهتمة بالأسرى، وتطورت العلاقة بينهما، فطلب منها كتباً، وبات يرسل لها مقالات للنشر، وفي الأثناء كانت العلاقة بينهما تتخذ شكلاً، أثمر زواجاً في 10 آب عام 1996، بعد نضال في وجه السجن والسجان الإسرائيليين، حين خاضا معركة لانتزاع موافقة من إدارة السجون من أجل إقامة حفل زفافهما في السجن، مع السماح لعائلتيهما المقربتين، إضافة إلى 22 أسيراً من المقربين منه في المشاركة وأيضاً السماح بالتصوير، فيديو وصور عادية، والسماح بسماع موسيقى كأي عقد قران عادي. وبعد رفض الطلبات، لم يستسلم وليد وسناء، وبالفعل حصلا على كل ما طلباه باستثناء السماح لـ 9 أسرى فقط بالمشاركة وليس 22 كما طلب وليد. وبينما كان الزفاف مقاماً، كان الأسرى يقيمون حفلاً داخل الزنازين فرحاً بوليد وسناء، وفرحاً بهذه السابقة التي حصلت في سجون الاحتلال، بانتصار السجين على السجان مجدداً.
هذا الزواج الذي ضجت فيه فلسطين والعالم أجمع أثمر عن طفلة ولدت من نطفة محررة في 3 شباط 2020، سمّاها ميلاد، التقاها مرات قليلة، وفي مرات أخرى منعها الاحتلال من لقاء والدها. وخلال عمرها الذي ناهز السنوات الأربع، دخلت ميلاد على خط والديها النضالي، فكما هي ثمرة نضال، هي مناضلة على خطى والديها من أجل الحرية.
وقد نشرت مجلة " الآداب " اللبنانية نصاً بتوقيع ميلاد وليد دقة، قالت فيه: " نعم، أنا الطفلة التي انتظرتْ أكثرَ من عقد، ووُلدتْ من نُطفةٍ محرَّرةٍ على الرغم من كلّ إجراءاتهم وقوانينِهم بمنعي من الحياة. لقد بلغتُ من العمر ما يكفي لأرويَ عليكم قصّتي. سيقول أحدُكم بالتأكيد إنّ هذا جنون؛ فحتّى لو كانت هذه الطفلةُ معجزةً فلا يمكن أن تروي تفاصيلَ حكايةٍ حصلتْ أحداثُها قبل ولادتها وهي في هذه السنّ. وقد يقول آخرُ إنْ ليس من الأخلاقيّ تقويلُ طفلةٍ رضيعةٍ - مستغلّين براءتها - كلاماً على هذه الدرجة من الخطورة وينطوي على اتهامات، من دون خشية، لدولةٍ تمتلك أقوى رابع جيشٍ في العالم. ومع ذلك، ورغم أنَّ هذا البلد بلدُ المعجزات، بلدُ الإسراء والمعراج، مهدُ السيّد المسيح عليه الصلاة والسلام، فإنّني لستُ طفلةً معجزة، بل ثمرةُ تصميمٍ وإصرارٍ وتحدٍّ. زمنُ المعجزات قد ولّى، ونحن اليومَ في زمن التعجيزات الإسرائيليّة وغطرستِها" .