تتميز قصص ” كالفراشات…” للقاص والأديب المغربي عبد الرحيم التدلاوي بميزات وخاصيات سردية تسهم في تطوير ما راكمه من تجارب سابقة في جنس القصة القصيرة ، والقصة قصيرة جدا، وهو ما جمع بينهما الكاتب في دفتي هذه الأضمومة ، بحيث انمازت جل القصص بالتنوع والغنى على مستوى عناصر الحكي وموضوعاته في تداخل أفرز نصوصا تنأى عن النمطية والتكرار والاجترار بما أنتجه من أشكال متجددة ؛ فمن حيث العناصر استخدم أسلوبا بصيغ تشذ عن المألوف ، في مثل : ” أريد أن أجالسني قليلا … ” ص56 ، في تداخل وتشابك بين متكلم تواصل وتواشج مع ذاته عبر رغبة في مجالستها ، وقوله : ” تلاشى حضوره في عالمها الافتراضي بغطة زر . ” ص 57، وما تحب لبه العبارة من إيحاء مختزل يدل على إنهاء علاقة بدوافع ، لا تخوض في التفاصيل ، تستدعي سرعة الحسم والقطع مع التوسل بتقنيات التواصل الحديثة في توظيف لمعجمها الخاص ( عالم افتراضي ، ضغطة زر ) ، وما يطبع هذا الأسلوب من تعبير بصيغ مجازية طبعت العديد من نصوص المجموعة كما في ” رشقة ” حيث نقرأ : ” كان يهوى رشق الحجر بطوب قلبه ؛ سريعا تفجرت من قلب الحجر الأمنيات . ” ص7، فبشكل مجازي غدا للقلب طوب يرمي به الحجر الذي ينفجر أمنيات وأماني ، مما يشرع النص على معاني ودلالات بحمولات تعبيرية متشعبة المرامي ، متعددة الآفاق ، وفي قصة ” تحليق ” نقرأ أيضا : ” شعر بخوف رهيب ، فقص أجنحة الحلم . ” ص12 ، بحيث تغدو للحلم أجنحة يتم قصها لإيقاف جموح إحساس رهيب بخوف تولد عن الانسياق وراء امتدادات الحلم واستشرافاته .
وبعبارات أكثر اختزالا واقتضابا في : ” وتابع مضغ الموت . ” ص 22، وما يحمله تحويل الموت كنهاية حتمية إلى طعام يمضغ بتجريده ، أي الموت ،من معانيه الوجودية ، وإفراغه من محتواها الميتافيزيقي ، ونظرا لطغيان الأسلوب المجازي على أغلب فصول قصص الأضمومة وتفاصيلها يصعب الإحاطة به ومقاربته بشكل كاف وواف . كما يحضر عنصر التضاد في بعض النصوص مضفيا عليها رحابة في الرؤية ، وانفتاحا على آفاق تزخر بزخم دلالي ورمزي كما في قصة ” شياطين ” : ” كان يقتل بوحشية ، وأمام الكاميرا يطلق الدموع نادما … ” ص8 ، في تجسيد لمفارقة القوة والضعف المتأرجحتين بين الجسارة والصلابة ، واللين والوهن . وفي نص ” أمواج في ثلاث صور ” حيث تقبل الزوجة على قراءة سلسلة (عبير) الطافحة رومانسية ، بينما يغوص الزوج في ( متاهات المغامرة والجاسوسية ) وهي مفارقة يشكل طرفاها تضادا من حيث نزعات وميولات تنجذب نحو نوع معين من القراءة تماشيا مع شغف كل طرف بما يشبع حاجاته النفسية ، وما يرضي مآربه الحسية والوجدانية .
وجانب الغرابة المتمثل في العودة من الموت نحو المنزل : ” عدت من موتي إلى منزلي … “ص17 ، وهو ما يثير الاستغراب ، وينفلت من ربقة التصور العادي في إطار ثوابت المواضعات وتقاليدها التي تجمع على اعتبار الموت نهاية حتمية لا تخضع لأي تغيير أو تأويل إلا إن كان ذلك من باب الزوغان والانزياح عن ضوابط ونواميس الوجود كأن يعود الميت إلى منزله! ودائما في موضوع الموت ، وفي مشهد آخر لا يقل غرابة ، يتمثل في وقوف الميت على قبره : ” أقف على في ذلك الركن البارد تحت ظل أعجف … وأذرف علي الكثير من الدمع عل الأرض تخضر وتورق الأشجار … ” ص 31 ، أملا في إسهام ماء الدموع في ارتداء الأرض حلة خضراء ، ونتوء أوراق الأشجار . وفي تغير الحاكم ، بما يرمز إليه من سلطة ونفوذ ، وتحوله إلى بساط أحمر : ” أمامي الحاكم .. وقد تحول إلى بساط أحمر .. ” ص 17، وما يفتحه ذلك من آ فاق رحبة ومتشعبة لتأويل متعدد الأسئلة والقراءات . وإلى جانب العناصر السردية التي توسل بها القاص لإغناء متنه القصصي ، وتنويع أساليبه ، اعتمد موضوعات كالدين الذي استمد بعض أساليبه من سور القرآن الكريم في مثل : ” تطويه طي سجل للكتاب … “ص11 ، كما ورد في سورة ” الأنبياء ” ، وفي سورة ” النمل ” كذلك وما صدر من تحذير نملة لبقية النمل من أن يدهسهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون : ” ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ” السورة ، وما صدر عن النبي سليمان إزاء قولها من بشر وانشراح( مبتسما وشاكرا الله على نعمه) ، وكيف أجاب صاحب الحذاء بنفيه التفكير أن يصبح نملة لأنه لم يفكر أن يكون سليمان في قصة ” جحر” ، وما ينطوي عليه حوار النص المختزل والمقتضب من دلالات وأبعاد مختلفة . والالتجاء إلى الصلاة في أوقات الشدة لتطهير النفس من شوائب الحيرة والارتياب التي ما تفتأ تلم بها وتراودها : ” حاول أن يلوذ بالصلاة دون جدوى .. ” ص57 ، وموضوع الحلم الذي تعددت مراميه ومقصدياته في العديد من نصوص المجموعة كقصة ” مهارة ” : ” كان مجرد حلم راوده ليلا … ” ص28، وفي” تصحيح إمضاء ” حيث ظهر جده الأكبر الذي أوقف زخم هذيانه : ” في الحلم ، ظهر جدي الأكبر معاتبا ، ثم سحب مني رخصة الهذيان . ” ص29 ، أو الحلم بأمنية تساور ذهنه ، وتجول بمخيلته ، وتخلصه من براثن الوحدة والعزلة : ” ويحلم بفتاة دافئة الحضور ، تبدد غيوم عزلته ” ص 53 ، وفي توظيف أسلوب السخرية كما في قصة ” أمل ” : ” حاولت أن أكون غزالا لكن الحمار الذي يسكنني أبى إلا أن ينهق! ” ص38 ، حيث نسف النهيق أمل التحول إلى غزال .
وفي أفق تنويع أشكال النصوص ، وإغناء أبعادها التعبيرية والدلالية لجأ الكاتب إلى اعتماد التلميح كتحفيز للقارئ على المساهمة في رسم معالم نزعة إبداعية ذات حمولات جمالية ورمزية تستوجب امتلاك عدة معرفية قادرة على الغوص في خبايا النص ، وسبر أغواره ، وعدم الاكتفاء بالوقوف على حدود عتباته ، في مثل نص ” إعلان ” : ” حذاء الزعيم يطلب تلميعا … باللسان . وقع بالباب ازدحام .. ” ص 18 ، في إشارة لمدى تهافت فئة من الانتهازيين على التقرب من المسؤولين بشتى الطرق لنيل رضاهم ، والاستفادة من ريع عطاءاتهم .
كما تم التطرق لواقع الثقافة والإبداع ، وما يعيشه من نكوص يعكسه العزوف عن حضور منتدياته ، وتأثيث فضاء لقاءاته احتفاء و دعما لقيمته الرمزية والاعتبارية : ” لم يبال الشاعر المفتون بالكلمات ، وهو ينشد قصائده بفراغ القاعة ، تمادى في غيه ، فقد كان ممتلئا بالشعر والهواء النقي . ” ص 27، بحيث تجلى رد فعل الشاعر، الذي ألقى قصائده وسط قاعة فارغة، في تماديه بإنشاد نصوصه ممتطيا صهوة الغي والغواية بوازع فيض شعري تطفح بها ألياف فؤاده ، وأعماق وجدانه ، ومصير شاعر مرموق في قصة ” أخيرا ” ، عانى من التجاهل والتهميش ، إلى أن التفتت إليه إحدى الجمعيات ( المشتغلة بالخارج ) وقررت أن تمنحه مكافأة ضخمة اعتبارا وتقديرا لقيمة إبداعه إلا أن دعوة الاحتفاء تزامنت مع حدث موته : ” تزامنت الدعوة والموت . ” ص 16، وهو ما تكرر في نص ” أخيرا” حيث وضع صديق الشاعر المحتفى على كرسيه كفنه : ” بلغت مكان الحفل ، ووضعت على كرسيه كفنه . ” ص15 ، تعبيرا عن موت يحمل بين طياته العديد من معاني الجحود والتنكر بدل الاحتفاء والتقدير والاعتبار.
فقصص ” كالفراشات … ” الموزعة بين قصص قصيرة جدا ، وقصص قصيرة تغني تجربة القاص والأديب المغربي عبد الرحيم التدلاوي بما أضفته عليها من ألوان جديدة في تشكيل متنها الذي خرق مواثيق السرد الموجز ( قصة قصيرة جدا ) والتي غدت ” فلاشات ” في العديد من النصوص المرقمة والتي لم تتجاوز السطر الواحد في ” قينة وقنينة / فلاشات قصصية ” ص 39: الفلاش1 ،3،4،5،7، و 9، 10،13، 14، و15الموسوم ب” منازل ” من ص 40. في اختلاف عن التسمية المعهودة والمتداولة في القصة القصيرة جدا على مستوى الصياغة والدلالة من قبيل : الومضة والشذرة . وهو ما يؤكد مقدرات الكاتب الفنية والإبداعية على رسم مسار نهج قصصي موسوم بالإضافة والتنويع.
وبعبارات أكثر اختزالا واقتضابا في : ” وتابع مضغ الموت . ” ص 22، وما يحمله تحويل الموت كنهاية حتمية إلى طعام يمضغ بتجريده ، أي الموت ،من معانيه الوجودية ، وإفراغه من محتواها الميتافيزيقي ، ونظرا لطغيان الأسلوب المجازي على أغلب فصول قصص الأضمومة وتفاصيلها يصعب الإحاطة به ومقاربته بشكل كاف وواف . كما يحضر عنصر التضاد في بعض النصوص مضفيا عليها رحابة في الرؤية ، وانفتاحا على آفاق تزخر بزخم دلالي ورمزي كما في قصة ” شياطين ” : ” كان يقتل بوحشية ، وأمام الكاميرا يطلق الدموع نادما … ” ص8 ، في تجسيد لمفارقة القوة والضعف المتأرجحتين بين الجسارة والصلابة ، واللين والوهن . وفي نص ” أمواج في ثلاث صور ” حيث تقبل الزوجة على قراءة سلسلة (عبير) الطافحة رومانسية ، بينما يغوص الزوج في ( متاهات المغامرة والجاسوسية ) وهي مفارقة يشكل طرفاها تضادا من حيث نزعات وميولات تنجذب نحو نوع معين من القراءة تماشيا مع شغف كل طرف بما يشبع حاجاته النفسية ، وما يرضي مآربه الحسية والوجدانية .
وجانب الغرابة المتمثل في العودة من الموت نحو المنزل : ” عدت من موتي إلى منزلي … “ص17 ، وهو ما يثير الاستغراب ، وينفلت من ربقة التصور العادي في إطار ثوابت المواضعات وتقاليدها التي تجمع على اعتبار الموت نهاية حتمية لا تخضع لأي تغيير أو تأويل إلا إن كان ذلك من باب الزوغان والانزياح عن ضوابط ونواميس الوجود كأن يعود الميت إلى منزله! ودائما في موضوع الموت ، وفي مشهد آخر لا يقل غرابة ، يتمثل في وقوف الميت على قبره : ” أقف على في ذلك الركن البارد تحت ظل أعجف … وأذرف علي الكثير من الدمع عل الأرض تخضر وتورق الأشجار … ” ص 31 ، أملا في إسهام ماء الدموع في ارتداء الأرض حلة خضراء ، ونتوء أوراق الأشجار . وفي تغير الحاكم ، بما يرمز إليه من سلطة ونفوذ ، وتحوله إلى بساط أحمر : ” أمامي الحاكم .. وقد تحول إلى بساط أحمر .. ” ص 17، وما يفتحه ذلك من آ فاق رحبة ومتشعبة لتأويل متعدد الأسئلة والقراءات . وإلى جانب العناصر السردية التي توسل بها القاص لإغناء متنه القصصي ، وتنويع أساليبه ، اعتمد موضوعات كالدين الذي استمد بعض أساليبه من سور القرآن الكريم في مثل : ” تطويه طي سجل للكتاب … “ص11 ، كما ورد في سورة ” الأنبياء ” ، وفي سورة ” النمل ” كذلك وما صدر من تحذير نملة لبقية النمل من أن يدهسهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون : ” ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ” السورة ، وما صدر عن النبي سليمان إزاء قولها من بشر وانشراح( مبتسما وشاكرا الله على نعمه) ، وكيف أجاب صاحب الحذاء بنفيه التفكير أن يصبح نملة لأنه لم يفكر أن يكون سليمان في قصة ” جحر” ، وما ينطوي عليه حوار النص المختزل والمقتضب من دلالات وأبعاد مختلفة . والالتجاء إلى الصلاة في أوقات الشدة لتطهير النفس من شوائب الحيرة والارتياب التي ما تفتأ تلم بها وتراودها : ” حاول أن يلوذ بالصلاة دون جدوى .. ” ص57 ، وموضوع الحلم الذي تعددت مراميه ومقصدياته في العديد من نصوص المجموعة كقصة ” مهارة ” : ” كان مجرد حلم راوده ليلا … ” ص28، وفي” تصحيح إمضاء ” حيث ظهر جده الأكبر الذي أوقف زخم هذيانه : ” في الحلم ، ظهر جدي الأكبر معاتبا ، ثم سحب مني رخصة الهذيان . ” ص29 ، أو الحلم بأمنية تساور ذهنه ، وتجول بمخيلته ، وتخلصه من براثن الوحدة والعزلة : ” ويحلم بفتاة دافئة الحضور ، تبدد غيوم عزلته ” ص 53 ، وفي توظيف أسلوب السخرية كما في قصة ” أمل ” : ” حاولت أن أكون غزالا لكن الحمار الذي يسكنني أبى إلا أن ينهق! ” ص38 ، حيث نسف النهيق أمل التحول إلى غزال .
وفي أفق تنويع أشكال النصوص ، وإغناء أبعادها التعبيرية والدلالية لجأ الكاتب إلى اعتماد التلميح كتحفيز للقارئ على المساهمة في رسم معالم نزعة إبداعية ذات حمولات جمالية ورمزية تستوجب امتلاك عدة معرفية قادرة على الغوص في خبايا النص ، وسبر أغواره ، وعدم الاكتفاء بالوقوف على حدود عتباته ، في مثل نص ” إعلان ” : ” حذاء الزعيم يطلب تلميعا … باللسان . وقع بالباب ازدحام .. ” ص 18 ، في إشارة لمدى تهافت فئة من الانتهازيين على التقرب من المسؤولين بشتى الطرق لنيل رضاهم ، والاستفادة من ريع عطاءاتهم .
كما تم التطرق لواقع الثقافة والإبداع ، وما يعيشه من نكوص يعكسه العزوف عن حضور منتدياته ، وتأثيث فضاء لقاءاته احتفاء و دعما لقيمته الرمزية والاعتبارية : ” لم يبال الشاعر المفتون بالكلمات ، وهو ينشد قصائده بفراغ القاعة ، تمادى في غيه ، فقد كان ممتلئا بالشعر والهواء النقي . ” ص 27، بحيث تجلى رد فعل الشاعر، الذي ألقى قصائده وسط قاعة فارغة، في تماديه بإنشاد نصوصه ممتطيا صهوة الغي والغواية بوازع فيض شعري تطفح بها ألياف فؤاده ، وأعماق وجدانه ، ومصير شاعر مرموق في قصة ” أخيرا ” ، عانى من التجاهل والتهميش ، إلى أن التفتت إليه إحدى الجمعيات ( المشتغلة بالخارج ) وقررت أن تمنحه مكافأة ضخمة اعتبارا وتقديرا لقيمة إبداعه إلا أن دعوة الاحتفاء تزامنت مع حدث موته : ” تزامنت الدعوة والموت . ” ص 16، وهو ما تكرر في نص ” أخيرا” حيث وضع صديق الشاعر المحتفى على كرسيه كفنه : ” بلغت مكان الحفل ، ووضعت على كرسيه كفنه . ” ص15 ، تعبيرا عن موت يحمل بين طياته العديد من معاني الجحود والتنكر بدل الاحتفاء والتقدير والاعتبار.
فقصص ” كالفراشات … ” الموزعة بين قصص قصيرة جدا ، وقصص قصيرة تغني تجربة القاص والأديب المغربي عبد الرحيم التدلاوي بما أضفته عليها من ألوان جديدة في تشكيل متنها الذي خرق مواثيق السرد الموجز ( قصة قصيرة جدا ) والتي غدت ” فلاشات ” في العديد من النصوص المرقمة والتي لم تتجاوز السطر الواحد في ” قينة وقنينة / فلاشات قصصية ” ص 39: الفلاش1 ،3،4،5،7، و 9، 10،13، 14، و15الموسوم ب” منازل ” من ص 40. في اختلاف عن التسمية المعهودة والمتداولة في القصة القصيرة جدا على مستوى الصياغة والدلالة من قبيل : الومضة والشذرة . وهو ما يؤكد مقدرات الكاتب الفنية والإبداعية على رسم مسار نهج قصصي موسوم بالإضافة والتنويع.