دفع إلي اليوم وأنا مار في سوق الحميدية أخ لنا من الوراقين الأدباء متدين غيور، كتاباً جديداً لأمين الريحاني اسمه: قلب العراق، صدر في هذه الأيام في بيروت، وأقرأني فيه الفقرة الآتية (ص 265)، ولست أعرف من الكتاب أكثر منها، فأحببت أن أنشرها ليقول فيها الرصافي كلمته، فهو المتهم فيها، وإليه تنسب هذه الآراء. . . وليطلع عليها فحولة الكتاب، وحماة الدين، وورثة البيان القرآني: الرافعي والزيات وعزام، ويروا رأيهم في هذه (الأفكار الجديدة)!
وهذه هي الكلمة بنصها وفصها:
قال:
(إن للرصافي رأياً في الوحي الشعري غريباً: هو لا يؤمن بالوحي، أو بالحري الوحي المنزل، إنما يعتقد أن القوة الشعرية في الإبداع تتعلق بقوة ألباه في الجماع، وأن الضعف الذي يعتري القوة الواحدة يتصل بالأخرى، إذن لابد من التوازن بينهما، بل هو ضروري. . . (إلى أن قال):
. . . ثم ذكر النبي محمداً، وهو في نظر معروف شاعر عظيم على أن أجمل قصائد النبي، أي أجمل السور القرآنية، إنما هي التي جاء بها في عهد الاعتدال الجنسي يوم لم يكن له غير خديجة زوجاً، أما بعد وفاة خديجة فقد أصبح محمد مزواجاً، وكانت القصائد - السور - في هذا العهد مثل نسائه (كذا) أي دون ما تقدم منها ومنهن
فقد كتب الرصافي سيرة النبي محمد، وأطلعني عليها مخطوطة بيده، في سبعة دفاتر من الدفاتر المدرسية، فما أدهشني منها ما فيها من العلم والتحقيق لأن مصادر الموضوع متوفرة لمن شاء معالجته، وأحسن البحث والموازنة، إنما أدهشتني القوة النافذة والمقدرة على التحليل والاستخراج، والتفلسف في عقائد لا تستقيم بغير الإيمان والجرأة والصراحة مع الاتكال على العقل والعلم فيهما
فقد استخدم في (سيرته) المصباح الذي استخدمه العلماء الأوربيون في نقد التوراة، أي مصباح النقد الأعلى الذي ينير العلم بنور العقل والمقارنات التاريخية، ومما يزيدك إعجاباً بالرصافي أنه لا يحسن لغة أجنبية، فقد ركن في كل ما حلل وأول واستخرج واستنتج إلى اجتهاده الخاص وإلى علومه الواحدة العربية
وإنك لتدرك الروح في مصنفه هذا إذا ما علمت رأيه بالله، فقد قال لي مرة: إن الآية لا إله إلا الله، لا معنى لها ويجب أن تبطل، أو تبدل بالآية، لا إله إلا الوجود، أي أن الكون هو الله، والله هو الكون، هي عقيدة البانيتزم أي الحلول وهو فيها على اتفاق والزهاوي، قد يهمل وينسى كثير من شعر الرصافي في المستقبل، وتظل سيرته النبوية من الكتب التي تقرأ وتكتنز
ذاك هو الرصافي في دينه) اهـ
فما هو رأي الشاعر الكبير الأستاذ معروف الرصافي؟. . .
دمشق
علي الطنطاوي
وهذه هي الكلمة بنصها وفصها:
قال:
(إن للرصافي رأياً في الوحي الشعري غريباً: هو لا يؤمن بالوحي، أو بالحري الوحي المنزل، إنما يعتقد أن القوة الشعرية في الإبداع تتعلق بقوة ألباه في الجماع، وأن الضعف الذي يعتري القوة الواحدة يتصل بالأخرى، إذن لابد من التوازن بينهما، بل هو ضروري. . . (إلى أن قال):
. . . ثم ذكر النبي محمداً، وهو في نظر معروف شاعر عظيم على أن أجمل قصائد النبي، أي أجمل السور القرآنية، إنما هي التي جاء بها في عهد الاعتدال الجنسي يوم لم يكن له غير خديجة زوجاً، أما بعد وفاة خديجة فقد أصبح محمد مزواجاً، وكانت القصائد - السور - في هذا العهد مثل نسائه (كذا) أي دون ما تقدم منها ومنهن
فقد كتب الرصافي سيرة النبي محمد، وأطلعني عليها مخطوطة بيده، في سبعة دفاتر من الدفاتر المدرسية، فما أدهشني منها ما فيها من العلم والتحقيق لأن مصادر الموضوع متوفرة لمن شاء معالجته، وأحسن البحث والموازنة، إنما أدهشتني القوة النافذة والمقدرة على التحليل والاستخراج، والتفلسف في عقائد لا تستقيم بغير الإيمان والجرأة والصراحة مع الاتكال على العقل والعلم فيهما
فقد استخدم في (سيرته) المصباح الذي استخدمه العلماء الأوربيون في نقد التوراة، أي مصباح النقد الأعلى الذي ينير العلم بنور العقل والمقارنات التاريخية، ومما يزيدك إعجاباً بالرصافي أنه لا يحسن لغة أجنبية، فقد ركن في كل ما حلل وأول واستخرج واستنتج إلى اجتهاده الخاص وإلى علومه الواحدة العربية
وإنك لتدرك الروح في مصنفه هذا إذا ما علمت رأيه بالله، فقد قال لي مرة: إن الآية لا إله إلا الله، لا معنى لها ويجب أن تبطل، أو تبدل بالآية، لا إله إلا الوجود، أي أن الكون هو الله، والله هو الكون، هي عقيدة البانيتزم أي الحلول وهو فيها على اتفاق والزهاوي، قد يهمل وينسى كثير من شعر الرصافي في المستقبل، وتظل سيرته النبوية من الكتب التي تقرأ وتكتنز
ذاك هو الرصافي في دينه) اهـ
فما هو رأي الشاعر الكبير الأستاذ معروف الرصافي؟. . .
دمشق
علي الطنطاوي