في رواية"دولة شين": الأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق تُعرّي الواقع وتخاطب العقل وتضع الإنسان في مواجهة فلسفية أمام تحديات الوعي الإنساني.
قراءة روائية ومقاربة نقدية يقدمها الروائي المصري/ أحمد عبدالله إسماعيل.
تمهيد :
مما لا شك فيه أن حضارات الأمم تُبنى بالأخلاق والقيم، وأن انهيارها مرتبط بالانحلال والانحراف عن منهج الله الواحد الأحد.
يقول ابن خلدون: "إذا تأذن الله بانقراض المُلك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث في الأندلس وأدى فيما أدى إلى ضياعه". (١)
وأدرك هذه الحقيقة أيضًا المؤرخ الإسباني "خوسيه أنطونيو كوندي"حيث قال: "العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات". (٢)
وصدق الله العظيم القائل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (٣) .
رمزية العنوان:
اشتغلت الأديبة وفاء عبد الرزاق على تسمية عملها بتقنية الرمزية؛ لأن استخدام حرف "شين" ترمز به إلى اسم الشيطان، وهو الرمز الذي يخدم الفكرة العامة للعمل؛ إذ يتحول العالم في نظر الكاتبة إلى دولة كبيرة يحكمها الشيطان، دولة يحكم الشيطان فيها كل تصرفاتنا ويلجأ كل سكان هذه الدولة إلى هذا الشيطان لاتهامه بكل زلل، وخطأ، وخطيئة، وقرار متسرع، ودم مسفوح مسفوك، عالم يموج بالصراعات يبحث الظالم فيه عن سبب منطقيّ لظلمه، ومبرر معقول لقسوته الشديدة وقوته الغاشمة أمام من يظلمهم من الأبرياء والمستضعفين؛ لهذا لن يجد هؤلاء الغلاظ القساة غير الشيطان؛ ليلقوا عليه باللائمة؛ وليخرجوا من دائرة الاتهام، ولو في الدنيا على أقل تقدير.
أما الأصل الاصطلاحي للعنوان "دولة شين"، فنجد أن تعريف و معنى دولة في المعجم:
1. دَوْلَة: (اسم)
◦ دَوْلَة : مصدر دالَ
2. دَولة: (اسم)
◦ الجمع : دَوْلات و دُوَل
◦ الدَّوْلَةُ : الاستيلاءُ والغَلَبَة
◦ الدُّولَةُ : شيءٌ متبادل من مال ونحوه
◦ الدَّوْلَةُ :جمع كبير من الأفراد، يَقْطن بصِفة دائمة إقليمًا معيَّنًا، ويتمتع بالشخصية المعنوية وبنظام حكومي وبالاستقلال السياسي
◦ الدَّوْلَةُ في الحرب بين الفِئَتَين: أَن تهزم هذه مرّة وهذه مرّة
◦ الدَّوْلَةُ :الحَوْصَلَةُ
◦ الدَّوْلَةُ :القانِصَةُ
◦ الدَّوْلَةُ :الشِّقشِقَةُ
◦ الدَّوْلَةُ من البطن: جانِبُهُ
◦ الدَّوْلَةُ :السُّرّة والجمع : دُوَل
◦ اشتراكيَّة الدَّولة: اشتراكيّة تكون باستعمال الدَّولة سلطاتِها للمساواة بين الرَّعيّة وسيطرتها على المصالح العامَّة،
◦ الدَّوْلة العظمى: دولة قويّة ومسيطرة تمتلك القوّة الكافية للتأثير على الأحداث في العالم،
◦ دالتدولتُه: زال نفوذُه وأهميّته،
◦ دُول العالم الثَّالث: الدُّول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينيّة،
◦ دَوْلَة داخل الدَّوْلَة: صاحب نفوذ مؤثِّر،
◦ دَوْلَة مستقلَّة: ذات سيادة،
◦ دُول عدم الانحياز/ الدُّول غير المنحازة: مجموعة من الدول ساد بينها اتِّجاه سياسيّ يهدف إلى تأكيد استقلالها إزاء الدَّولتين العظميين: الاتِّحاد السوفيتي سابقًا والولايات المتحدة الأمريكيّة، مُحاوِلةً أن يكون لها دور في السِّياسة الدوليّة،
◦ رأسماليّة الدَّوْلة: رأسماليّة تملك الدولة بموجبها معظم وسائل الإنتاج أو تسيطر عليها وهي شبيهة باشتراكيّة الدولة،
◦ رَجُل دَوْلة: قائد سياسيّ يُرى أنّه يعمل للصالح العام بلا أهداف شخصيَّة،
◦ صاحب الدَّولة: لقب رئيس الوزراء
◦ كاتب الدَّولة: (السياسة) منصب وزير في بعض الدولالعربيَّة
◦ مجلس الدَّولة: (السياسة) هيئة قضائيَّة عليا لها حقّ الرَّقابة على تشريعات الحكومة
◦ وزير دولة: (السياسة) وزير بلا حقيبة وزاريّة
◦ دول الطَّوْق: (السياسة) مجموعة الدول التي تحيط بإسرائيل، وهي: مصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين
◦ دولة مُهَيْمنة: دولة تسيطر على الشئون الخارجيّة لدولةٍ أخرى وتسمح لها فقط بتولِّي شؤونها الدَّاخليَّة
◦ الدَّوْلَةُ الحَديثَةُ : نِظامُ البِلادِ وَجِهازُها الإِدارِيُّ والسِّياسِيُّ والاقْتِصادِيُّ والاجْتِماعِيُّ (٤)
كما أن تعريف و معنى شين في المعجم:
1. شَيْن: (اسم)
◦ شَيْن : مصدر شانَ
2. شَين: (اسم)
◦ بِهِ شَيْنٌ : قُبْحٌ، عَيْبٌ
◦ مصدر شانَ
3. شين: (اسم)
◦ الشِّيْنُ : العَيْبُ والقُبْحُ
◦ الشِّيْنُ :خلاف الزَّين
◦ الشِّينُ : هو الحرف الثالث عشر من حروف الهجاء، وهو مهموس رخْو ومخرجه من وسط اللسان، بينه وبين وسط الحنك الأعلى وهو من الحروف التي تسمى بالشَّجْريَّةِ
◦ شين: (مصطلحات)
◦ شأن شينا، والشين هو العيب والقبح . (فقهية)
◦ شانَ : (فعل)
◦ شانَ يَشين ، شِنْ ، شَيْنًا ، فهو شائن ، والمفعول مَشين
◦ شَانَ سُمْعَتَهُ : أسَاءَ إلَيْهَا بِالحَطِّ مِنْهَا وَالْمَسِّ بِهَا، لَطَّخَهَا، دَنَّسَهَا، عَابَهَا، شَوَّهَهَا ، مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ (حديث)
◦ شانَ موقفَه: شوّهه وعابه، عكسه زانه
◦ فِعلٌ/ سلوكٌ شائن: مخجل مُخزٍ، يحطّ من القدر،
◦ اتّهام شائن: مهين محقِّر،
◦ أَشانَ : (فعل)
◦ أشانَ يُشين ، أَشِنْ ، إشانةً ، فهو مُشِين ، والمفعول مُشان
◦ أشان موقفَه شانه، شوَّهه وعابه ،
◦ فعل مُشين: قبيح (٥)
موضوع الرواية
تناولت الأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق في روايتها "دولة شين"تاريخ الإنسانية منذ بدء الخليقة من يوم خلق الله آدم مرورًا بقصص عديدة وصولًا إلى يومنا هذا، تحكي الرواية واقع الإنسان وما وصل إليه العالم من فصام يُجبر الكاتب والأديب والمفكر والمثقف في كل مكان على تناول الصراع بين الخير المستضعف والشر الغاشم المعتدي، والإجابة عن السؤال الذي أثارته الرواية وهو : "هل يكمن الشيطان في داخلنا أمأنه يشاهد أفعالنا في عجب شديد واستغراب وتصلّب وتشنج ؟!"؛ فهي أول رواية تعالج هذا الموضوع المهم، ويظهر ذلك في كلمات الراوي بالنص الروائي:
"كان الشياطين يستمعون إليها بشغف ويمدون أطرافهم تعجبًا وتصلبًا مما يسمعون، تتشنج أطرافهم كلما زادت شيطانة (بشرى) في الوصف، محاولين إعادة تأهيل ذواتهم لتصبح أكثر شرا، وضمانا للتفاهم بالشر". (٦)
الغلاف
يُعتبر الغلاف إحدى أهم عتبات النص الروائي؛ إذ يعبر بوضوح شديد عن القضية التي تتناولها الرواية؛ حيث يظهر الشيطان بقرنيه وملامحه وجسده القوي في إشارة إلى سلطته الهائلة على بني البشر، رغم إيمانه هو نفسه بأنه ليس له قوة إلا على الذين يتولونه من المُعرضين عن ذكر الله، كما يظهر على الغلاف نصف وجه لامرأة بلا عينين وقد تحول نصف رأسها العلوي إلى درجات سلم يبدو أنها تشير إلى غياب الفكر وانعدام الرؤية واتباع خطوات الشيطان بالاكتفاء بجسد المرأة دون النظر إلى عقلها في رمزية لسيطرة الشهوة على فكر الإنسان في الآونة الأخيرة، وما يجعل هذا التصور حقيقة هو اختيار اللون الأسود ليكون في خلفية صورة الغلاف الذي يقترن فيه نصف وجه المرأة بمجسم يوضح الشيطان بجسده ورأسه وربما تشير درجات السلم الذي يقف الشيطان خلفه إلى خطوات الشيطان التي يتبعها كثير من الغاوين.
من هنا، نجد أن غلاف الرواية يوحي بمضمونها؛ ليشد القارئ نحوها ليجيب عن سؤال مهم: هل نُلقي بتبعات كل أفعالنا المُنكرة التي تدفعنا إلى ارتكابها نفوسنا الأمّارة بالسوء على نوع من النساء اللائي يُمهدن طريق الخطيئة من ناحية، والشيطان الذي يجري من الإنسان مجرى الدم من ناحية أخرى كمبرر بديهي وأولي لا بديل عنه في محاولة فاشلة منا لتبرئة أنفسنا ؟! (٧)
لغة الكاتبة
أعطت الروائية رؤية جديدة لحدث أزلي، اعتمادًا على طريقة سردها الرشيقة، فهي لم تهتم - من وجهة نظري - بتعمّد الإبهار اللغوي كعادة الكتّاب الروائيين بقدر اهتمامها بإيصال الفكرة الفلسفية إلى القارئ؛ لتشعل فتيل النار في سؤال يشغل تفكير كل إنسان؛ لذلك فإن هذه الرواية تتجاوز حدود الزمان والمكان لتتناول مسألة كونية تشغل الإنسان حيثما كان؛ ولهذا أرى أنها عبرت وتجاوزت حدود الجغرافيا والتاريخ لتشمل البعد الإنساني في كل مكان منذ خلق آدم وحواء حتى اللحظة، كما أن عمق لغة الكاتبة جعلت الرواية قويّة لغويا، حتى أنك تكاد تجاهد للبحث عن خطأ لغوي أو إملائيّ.
بنية الرواية
من يقرأ "دولة شين"لن يجد قصة تحتوي على الحوار والحدث، هذا بعيد عن الحقيقة؛ لأن الرواية تتجاوز البناء التقليدي إلى بناء من نوع مختلف؛ إذ تعتمد الرواية على الشكل العام الذي تتخذه القصة والرسم الفعلي لترتيب الأحداث والتفاصيل بما يولّد كثير من المعاني المقصودة على نحو محدد، وتركز بنية الرواية على العلاقات بين البدايات والنهايات، وعلى وحدة الحدث، وتوحيد كل أجزاء الرواية للعناصر معًا لشخصيات ترغب وتريد وتحتاج وتفعل وتحاول الإفلات من كل ذلك بإلصاق تلك الأفكار والأفعال بإغواء النساء لهم وإلقاء معظم اللوم على الشيطان الكامن في داخلهم، الشيطان الذي يدفعهم دفعًا لتتبع تلك النساء اللاهيات، واتباع شهواتهم على اختلاف ألوانها.
نادرًا ما تجد رواية عربية تتحدث عن فكرة يتجلى فيها الموروث الديني الذي يعتبر الشيطان أسوأ قرين لبني البشر، وتضعنا أمام حقيقتنا وتخلع عنا الأقنعة الزائفة؛ لتعرّي الواقع وتحاول إيقاظ الوعي النائم في سُبات عميق في حين يدفن معظم الناس رءوسهم في الرمال بدلًا من مواجهته أو النهوض في وجهه.
جاءت الرواية بأحداث مأساوية تقشعر لها الأبدان تشي بزوال الدين من القلوب، وكأننا وصلنا إلى مرحلة نهاية العالم أو آخر الزمان، بخلاف الأحداث العادية التي عاشها كل إنسان في العالم، فمن منّا لم تحدثه نفسه بأنه أفضل من غيره؟! من منّا لم يمر بحالة الازدواج في الواقع الذي يعيشه بين رجل تقي نقي ورع وفي قرارة نفسه يميل إلى إتيان كثير من الأفاعيل المنكرة سواء كان الأمر داخليًّا بلا مبرر أو مدفوعًا بأسباب منطقية مثل "بشرى"التي وجدت المبررات التي أجبرت شخصيتها على التحول إلى ما صارت إليه؛ فأصبحت تكره كل رجل ملتح وتحاول الإيقاع به ثم تقتله بسبب ما حدث لها في طفولتها وصباها.
عرضت الرواية حالة الفصام بين الورع الظاهري وربما الحقيقي من ناحية وسيطرة شهوة الجنس بصوره المختلفة في الوقت نفسه على الإنسان من ناحية أخرى مثل ممارسة (أمير) العادة السرية والتلصص على (إسراء) الجارة المومس، وعرض قضية اللواط والسحاق واستغلال الأطفال جنسيًّا، وغيرها من الجرائم والمشاهد الجنسية المحرمة التي فرضت نفسها على أحداث الرواية .
الصراع
لم تفرط الرواية في الحركة والأحداث، لكنها مع ذلك أسهبت في عرض عدد كبير من المشاهد مما أسهم في ملء العمل بالحادثة تلو الأخرى، ومع هذا نجد أن الفكرة الأساسية التي تناقشها هي التي تدفع الأحداث إلى الأمام بحيث تتدفق كلمات الرواية بسلاسة دون أي عوائق رغم كثرة الوقائع التي قدمتها.
وقد رصدت الرواية كثير من اللحظات التي تصور ضعف النفس البشرية، كما رصدت غيرها من المشاهد التي تصفع المجتمع العربي على امتداده؛ لكشف القناع الذي يختبئ خلفه الإنسان، العربي من جهة والمسلم من جهة أخرى، مُلقيا باللوم على الشيطان، وإن كان الإنسان - بوجه عام أيا كان جنسه أو بلده - قد أصبح أكثر شيطنة من الشيطان نفسه، وهذا ما يجعل الصراع يتكتل ويضيف إلى الرواية معنى.
التناص القرآني
إنَّ ظهور التناص القرآني في رواية "دولة شين" يدلُّ على ثقافة شمولية تتميز بها الأديبة وفاء عبد الرزاق؛ فالقرآن الكريم فريد في نظمه، معجز في انسجام مفرداته وسياقاته، ومتميز بخصوصية دِلالاته، ورائع بخصوبة مفهوميته؛ ومن أجل ذلك، يشكّل القرآن الكريم مصدراً من المصادر التي ينهل منها الأديب.
تبرز بعض المفردات والتعبيرات القرآنية مثل : اصطفاهم، اجتباهم، على عرشه، النار الموقدة، العقاب عسيرا، خشية عقابه، بالمرصاد، التوبة، الكفر، الجحيم، الجنة، الفلق، اللعنة، ومن يعمل الفاحشة، إذا زلزلت الأرض زلزالها، ولا يسمن من جوع، الشعراء، يتبعهم الغاوون، مضغة، ما ملكت أيمانكم، سيدخلهم جنته، اصطفى، …
تأثير الرواية
أجادت الأديبة وفاء عبد الرزاق إدارة عواطف القارئ، ونجحت الرواية في إحداث تأثير عاطفي متباين بين "الدهشة"مما آل إليه الحال، و"الخوف" على مستقبل أبنائنا وبخاصة عند ذكر مصطلح "القتل الجماعي"، و"البكاء" على ما سيئول إليه الأمر في النهاية يوم الحساب، فقد نجحت في تحويل أحداث الرواية إلى تجربة عاطفية مؤلمة مؤثرة بوضع الكلمات على الورق؛ فأبدعت في طبع كثير من الصور في ذهن القارئ، وتركت انطباعات معقدة ومتداخلة وهي تقود القارئ عبر دهاليز مخيلتها لتعبر عن أفكارها الفلسفية للوجود، وتمكنت من بناء شخصياتها بالحوار والأحداث، وناضلت لكي تنقل للقراء إلهاماتها المثيرة للاهتمام رغم مأساوية الواقع الذي قدمته؛ ولهذا اختارت كلماتها بعناية، وتمكنت من إنتاج عمل يستحوذ على اهتمام القارئ ويجعله يستمر في متابعة القراءة، فنجد (أمير) يلعن شيطان جارته المومس، لكن نفسه تغلبت على قرينه، شيطانه الذي جرّه إلى مواصلة التلصص، وقادته نفسه إلى ماء الوضوء في إشارة من الكاتبة إلى أن إتيان الخطأ لا يكون إلا بإرادة داخلية من الفرد نفسه دون النظر إلى وسوسة الشيطان أو تأثيره.
ويظهر ذلك في كلمات الراوي بالنص الروائي:
"شيء جرّه بقوة إلى تواصله في التلصص، ونفسُه قادته إلى ماء الوضوء". (٨)
جدير بالذكر أن الأديبة وفاء عبد الرزاق روائية وقاصة وكاتبة وشاعرة من مواليد مدينة البصرة في دولة العراق، رشحتها جامعة ستراتفورد الأمريكية لنيل جائزة نوبل في الآداب، وقد حصلت على عدة جوائز من بينها جائزة «متحف الكلمة إسبانيا»، عن قصتها المسماة «أحلام مهملة» في مسابقة القصة القصيرة جداً، وجاء فوزها من بين 20 فائز، اختيروا من 35,000 ألف مشارك حول العالم، في سنة 2015، وحصلت على شهادة الدكتوراه الفخريةودرع الفارابي من مجموعة الفارابي للتنمية والدراسات العليا عام 2014، حازت على المرتبة الأولى في جائزة «نازك الملائكة» للقصة القصيرة جدًّا عام 2012 في العراق، إلى جانب الجائزة الأولى للقصة القصيرة جدًّا عن قصتها التي تحمل عنوان «خارج عن القانون»، من طرف رابطة الأدباء العرب عام 2013، وقد حازت على جائزة الإبداع عن مؤسسة المثقف العربي، بمدينة سيدني الأسترالية عام 2011، بالإضافة إلى عدة جوائز أخرى، واختيرت لنيل جائزة الأوسكار بسبب مشاركتها الشعرية والأدبية. (٩)
المصادر :
١- مقدمة ابن خلدون ٢/ ٤٤٦.
٢- شوقي أبو خليل ، عوامل النصر والهزيمة عبر تاريخنا الإسلامي ص ١٢٢.
٣- سورة الإسراء الآية ١٦.
٤- معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي.
٥- معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي.
٦- رواية "دولة شين"صفحة رقم ٥٧، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٧- رواية "دولة شين" (الغلاف الأمامي)، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٨- رواية "دولة شين"صفحة رقم ٣٨، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٩- الصفحة الرسمية للأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق بموقع ويكيبيديا على الإنترنت.
قراءة روائية ومقاربة نقدية يقدمها الروائي المصري/ أحمد عبدالله إسماعيل.
تمهيد :
مما لا شك فيه أن حضارات الأمم تُبنى بالأخلاق والقيم، وأن انهيارها مرتبط بالانحلال والانحراف عن منهج الله الواحد الأحد.
يقول ابن خلدون: "إذا تأذن الله بانقراض المُلك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث في الأندلس وأدى فيما أدى إلى ضياعه". (١)
وأدرك هذه الحقيقة أيضًا المؤرخ الإسباني "خوسيه أنطونيو كوندي"حيث قال: "العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات". (٢)
وصدق الله العظيم القائل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (٣) .
رمزية العنوان:
اشتغلت الأديبة وفاء عبد الرزاق على تسمية عملها بتقنية الرمزية؛ لأن استخدام حرف "شين" ترمز به إلى اسم الشيطان، وهو الرمز الذي يخدم الفكرة العامة للعمل؛ إذ يتحول العالم في نظر الكاتبة إلى دولة كبيرة يحكمها الشيطان، دولة يحكم الشيطان فيها كل تصرفاتنا ويلجأ كل سكان هذه الدولة إلى هذا الشيطان لاتهامه بكل زلل، وخطأ، وخطيئة، وقرار متسرع، ودم مسفوح مسفوك، عالم يموج بالصراعات يبحث الظالم فيه عن سبب منطقيّ لظلمه، ومبرر معقول لقسوته الشديدة وقوته الغاشمة أمام من يظلمهم من الأبرياء والمستضعفين؛ لهذا لن يجد هؤلاء الغلاظ القساة غير الشيطان؛ ليلقوا عليه باللائمة؛ وليخرجوا من دائرة الاتهام، ولو في الدنيا على أقل تقدير.
أما الأصل الاصطلاحي للعنوان "دولة شين"، فنجد أن تعريف و معنى دولة في المعجم:
1. دَوْلَة: (اسم)
◦ دَوْلَة : مصدر دالَ
2. دَولة: (اسم)
◦ الجمع : دَوْلات و دُوَل
◦ الدَّوْلَةُ : الاستيلاءُ والغَلَبَة
◦ الدُّولَةُ : شيءٌ متبادل من مال ونحوه
◦ الدَّوْلَةُ :جمع كبير من الأفراد، يَقْطن بصِفة دائمة إقليمًا معيَّنًا، ويتمتع بالشخصية المعنوية وبنظام حكومي وبالاستقلال السياسي
◦ الدَّوْلَةُ في الحرب بين الفِئَتَين: أَن تهزم هذه مرّة وهذه مرّة
◦ الدَّوْلَةُ :الحَوْصَلَةُ
◦ الدَّوْلَةُ :القانِصَةُ
◦ الدَّوْلَةُ :الشِّقشِقَةُ
◦ الدَّوْلَةُ من البطن: جانِبُهُ
◦ الدَّوْلَةُ :السُّرّة والجمع : دُوَل
◦ اشتراكيَّة الدَّولة: اشتراكيّة تكون باستعمال الدَّولة سلطاتِها للمساواة بين الرَّعيّة وسيطرتها على المصالح العامَّة،
◦ الدَّوْلة العظمى: دولة قويّة ومسيطرة تمتلك القوّة الكافية للتأثير على الأحداث في العالم،
◦ دالتدولتُه: زال نفوذُه وأهميّته،
◦ دُول العالم الثَّالث: الدُّول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينيّة،
◦ دَوْلَة داخل الدَّوْلَة: صاحب نفوذ مؤثِّر،
◦ دَوْلَة مستقلَّة: ذات سيادة،
◦ دُول عدم الانحياز/ الدُّول غير المنحازة: مجموعة من الدول ساد بينها اتِّجاه سياسيّ يهدف إلى تأكيد استقلالها إزاء الدَّولتين العظميين: الاتِّحاد السوفيتي سابقًا والولايات المتحدة الأمريكيّة، مُحاوِلةً أن يكون لها دور في السِّياسة الدوليّة،
◦ رأسماليّة الدَّوْلة: رأسماليّة تملك الدولة بموجبها معظم وسائل الإنتاج أو تسيطر عليها وهي شبيهة باشتراكيّة الدولة،
◦ رَجُل دَوْلة: قائد سياسيّ يُرى أنّه يعمل للصالح العام بلا أهداف شخصيَّة،
◦ صاحب الدَّولة: لقب رئيس الوزراء
◦ كاتب الدَّولة: (السياسة) منصب وزير في بعض الدولالعربيَّة
◦ مجلس الدَّولة: (السياسة) هيئة قضائيَّة عليا لها حقّ الرَّقابة على تشريعات الحكومة
◦ وزير دولة: (السياسة) وزير بلا حقيبة وزاريّة
◦ دول الطَّوْق: (السياسة) مجموعة الدول التي تحيط بإسرائيل، وهي: مصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين
◦ دولة مُهَيْمنة: دولة تسيطر على الشئون الخارجيّة لدولةٍ أخرى وتسمح لها فقط بتولِّي شؤونها الدَّاخليَّة
◦ الدَّوْلَةُ الحَديثَةُ : نِظامُ البِلادِ وَجِهازُها الإِدارِيُّ والسِّياسِيُّ والاقْتِصادِيُّ والاجْتِماعِيُّ (٤)
كما أن تعريف و معنى شين في المعجم:
1. شَيْن: (اسم)
◦ شَيْن : مصدر شانَ
2. شَين: (اسم)
◦ بِهِ شَيْنٌ : قُبْحٌ، عَيْبٌ
◦ مصدر شانَ
3. شين: (اسم)
◦ الشِّيْنُ : العَيْبُ والقُبْحُ
◦ الشِّيْنُ :خلاف الزَّين
◦ الشِّينُ : هو الحرف الثالث عشر من حروف الهجاء، وهو مهموس رخْو ومخرجه من وسط اللسان، بينه وبين وسط الحنك الأعلى وهو من الحروف التي تسمى بالشَّجْريَّةِ
◦ شين: (مصطلحات)
◦ شأن شينا، والشين هو العيب والقبح . (فقهية)
◦ شانَ : (فعل)
◦ شانَ يَشين ، شِنْ ، شَيْنًا ، فهو شائن ، والمفعول مَشين
◦ شَانَ سُمْعَتَهُ : أسَاءَ إلَيْهَا بِالحَطِّ مِنْهَا وَالْمَسِّ بِهَا، لَطَّخَهَا، دَنَّسَهَا، عَابَهَا، شَوَّهَهَا ، مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ (حديث)
◦ شانَ موقفَه: شوّهه وعابه، عكسه زانه
◦ فِعلٌ/ سلوكٌ شائن: مخجل مُخزٍ، يحطّ من القدر،
◦ اتّهام شائن: مهين محقِّر،
◦ أَشانَ : (فعل)
◦ أشانَ يُشين ، أَشِنْ ، إشانةً ، فهو مُشِين ، والمفعول مُشان
◦ أشان موقفَه شانه، شوَّهه وعابه ،
◦ فعل مُشين: قبيح (٥)
موضوع الرواية
تناولت الأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق في روايتها "دولة شين"تاريخ الإنسانية منذ بدء الخليقة من يوم خلق الله آدم مرورًا بقصص عديدة وصولًا إلى يومنا هذا، تحكي الرواية واقع الإنسان وما وصل إليه العالم من فصام يُجبر الكاتب والأديب والمفكر والمثقف في كل مكان على تناول الصراع بين الخير المستضعف والشر الغاشم المعتدي، والإجابة عن السؤال الذي أثارته الرواية وهو : "هل يكمن الشيطان في داخلنا أمأنه يشاهد أفعالنا في عجب شديد واستغراب وتصلّب وتشنج ؟!"؛ فهي أول رواية تعالج هذا الموضوع المهم، ويظهر ذلك في كلمات الراوي بالنص الروائي:
"كان الشياطين يستمعون إليها بشغف ويمدون أطرافهم تعجبًا وتصلبًا مما يسمعون، تتشنج أطرافهم كلما زادت شيطانة (بشرى) في الوصف، محاولين إعادة تأهيل ذواتهم لتصبح أكثر شرا، وضمانا للتفاهم بالشر". (٦)
الغلاف
يُعتبر الغلاف إحدى أهم عتبات النص الروائي؛ إذ يعبر بوضوح شديد عن القضية التي تتناولها الرواية؛ حيث يظهر الشيطان بقرنيه وملامحه وجسده القوي في إشارة إلى سلطته الهائلة على بني البشر، رغم إيمانه هو نفسه بأنه ليس له قوة إلا على الذين يتولونه من المُعرضين عن ذكر الله، كما يظهر على الغلاف نصف وجه لامرأة بلا عينين وقد تحول نصف رأسها العلوي إلى درجات سلم يبدو أنها تشير إلى غياب الفكر وانعدام الرؤية واتباع خطوات الشيطان بالاكتفاء بجسد المرأة دون النظر إلى عقلها في رمزية لسيطرة الشهوة على فكر الإنسان في الآونة الأخيرة، وما يجعل هذا التصور حقيقة هو اختيار اللون الأسود ليكون في خلفية صورة الغلاف الذي يقترن فيه نصف وجه المرأة بمجسم يوضح الشيطان بجسده ورأسه وربما تشير درجات السلم الذي يقف الشيطان خلفه إلى خطوات الشيطان التي يتبعها كثير من الغاوين.
من هنا، نجد أن غلاف الرواية يوحي بمضمونها؛ ليشد القارئ نحوها ليجيب عن سؤال مهم: هل نُلقي بتبعات كل أفعالنا المُنكرة التي تدفعنا إلى ارتكابها نفوسنا الأمّارة بالسوء على نوع من النساء اللائي يُمهدن طريق الخطيئة من ناحية، والشيطان الذي يجري من الإنسان مجرى الدم من ناحية أخرى كمبرر بديهي وأولي لا بديل عنه في محاولة فاشلة منا لتبرئة أنفسنا ؟! (٧)
لغة الكاتبة
أعطت الروائية رؤية جديدة لحدث أزلي، اعتمادًا على طريقة سردها الرشيقة، فهي لم تهتم - من وجهة نظري - بتعمّد الإبهار اللغوي كعادة الكتّاب الروائيين بقدر اهتمامها بإيصال الفكرة الفلسفية إلى القارئ؛ لتشعل فتيل النار في سؤال يشغل تفكير كل إنسان؛ لذلك فإن هذه الرواية تتجاوز حدود الزمان والمكان لتتناول مسألة كونية تشغل الإنسان حيثما كان؛ ولهذا أرى أنها عبرت وتجاوزت حدود الجغرافيا والتاريخ لتشمل البعد الإنساني في كل مكان منذ خلق آدم وحواء حتى اللحظة، كما أن عمق لغة الكاتبة جعلت الرواية قويّة لغويا، حتى أنك تكاد تجاهد للبحث عن خطأ لغوي أو إملائيّ.
بنية الرواية
من يقرأ "دولة شين"لن يجد قصة تحتوي على الحوار والحدث، هذا بعيد عن الحقيقة؛ لأن الرواية تتجاوز البناء التقليدي إلى بناء من نوع مختلف؛ إذ تعتمد الرواية على الشكل العام الذي تتخذه القصة والرسم الفعلي لترتيب الأحداث والتفاصيل بما يولّد كثير من المعاني المقصودة على نحو محدد، وتركز بنية الرواية على العلاقات بين البدايات والنهايات، وعلى وحدة الحدث، وتوحيد كل أجزاء الرواية للعناصر معًا لشخصيات ترغب وتريد وتحتاج وتفعل وتحاول الإفلات من كل ذلك بإلصاق تلك الأفكار والأفعال بإغواء النساء لهم وإلقاء معظم اللوم على الشيطان الكامن في داخلهم، الشيطان الذي يدفعهم دفعًا لتتبع تلك النساء اللاهيات، واتباع شهواتهم على اختلاف ألوانها.
نادرًا ما تجد رواية عربية تتحدث عن فكرة يتجلى فيها الموروث الديني الذي يعتبر الشيطان أسوأ قرين لبني البشر، وتضعنا أمام حقيقتنا وتخلع عنا الأقنعة الزائفة؛ لتعرّي الواقع وتحاول إيقاظ الوعي النائم في سُبات عميق في حين يدفن معظم الناس رءوسهم في الرمال بدلًا من مواجهته أو النهوض في وجهه.
جاءت الرواية بأحداث مأساوية تقشعر لها الأبدان تشي بزوال الدين من القلوب، وكأننا وصلنا إلى مرحلة نهاية العالم أو آخر الزمان، بخلاف الأحداث العادية التي عاشها كل إنسان في العالم، فمن منّا لم تحدثه نفسه بأنه أفضل من غيره؟! من منّا لم يمر بحالة الازدواج في الواقع الذي يعيشه بين رجل تقي نقي ورع وفي قرارة نفسه يميل إلى إتيان كثير من الأفاعيل المنكرة سواء كان الأمر داخليًّا بلا مبرر أو مدفوعًا بأسباب منطقية مثل "بشرى"التي وجدت المبررات التي أجبرت شخصيتها على التحول إلى ما صارت إليه؛ فأصبحت تكره كل رجل ملتح وتحاول الإيقاع به ثم تقتله بسبب ما حدث لها في طفولتها وصباها.
عرضت الرواية حالة الفصام بين الورع الظاهري وربما الحقيقي من ناحية وسيطرة شهوة الجنس بصوره المختلفة في الوقت نفسه على الإنسان من ناحية أخرى مثل ممارسة (أمير) العادة السرية والتلصص على (إسراء) الجارة المومس، وعرض قضية اللواط والسحاق واستغلال الأطفال جنسيًّا، وغيرها من الجرائم والمشاهد الجنسية المحرمة التي فرضت نفسها على أحداث الرواية .
الصراع
لم تفرط الرواية في الحركة والأحداث، لكنها مع ذلك أسهبت في عرض عدد كبير من المشاهد مما أسهم في ملء العمل بالحادثة تلو الأخرى، ومع هذا نجد أن الفكرة الأساسية التي تناقشها هي التي تدفع الأحداث إلى الأمام بحيث تتدفق كلمات الرواية بسلاسة دون أي عوائق رغم كثرة الوقائع التي قدمتها.
وقد رصدت الرواية كثير من اللحظات التي تصور ضعف النفس البشرية، كما رصدت غيرها من المشاهد التي تصفع المجتمع العربي على امتداده؛ لكشف القناع الذي يختبئ خلفه الإنسان، العربي من جهة والمسلم من جهة أخرى، مُلقيا باللوم على الشيطان، وإن كان الإنسان - بوجه عام أيا كان جنسه أو بلده - قد أصبح أكثر شيطنة من الشيطان نفسه، وهذا ما يجعل الصراع يتكتل ويضيف إلى الرواية معنى.
التناص القرآني
إنَّ ظهور التناص القرآني في رواية "دولة شين" يدلُّ على ثقافة شمولية تتميز بها الأديبة وفاء عبد الرزاق؛ فالقرآن الكريم فريد في نظمه، معجز في انسجام مفرداته وسياقاته، ومتميز بخصوصية دِلالاته، ورائع بخصوبة مفهوميته؛ ومن أجل ذلك، يشكّل القرآن الكريم مصدراً من المصادر التي ينهل منها الأديب.
تبرز بعض المفردات والتعبيرات القرآنية مثل : اصطفاهم، اجتباهم، على عرشه، النار الموقدة، العقاب عسيرا، خشية عقابه، بالمرصاد، التوبة، الكفر، الجحيم، الجنة، الفلق، اللعنة، ومن يعمل الفاحشة، إذا زلزلت الأرض زلزالها، ولا يسمن من جوع، الشعراء، يتبعهم الغاوون، مضغة، ما ملكت أيمانكم، سيدخلهم جنته، اصطفى، …
تأثير الرواية
أجادت الأديبة وفاء عبد الرزاق إدارة عواطف القارئ، ونجحت الرواية في إحداث تأثير عاطفي متباين بين "الدهشة"مما آل إليه الحال، و"الخوف" على مستقبل أبنائنا وبخاصة عند ذكر مصطلح "القتل الجماعي"، و"البكاء" على ما سيئول إليه الأمر في النهاية يوم الحساب، فقد نجحت في تحويل أحداث الرواية إلى تجربة عاطفية مؤلمة مؤثرة بوضع الكلمات على الورق؛ فأبدعت في طبع كثير من الصور في ذهن القارئ، وتركت انطباعات معقدة ومتداخلة وهي تقود القارئ عبر دهاليز مخيلتها لتعبر عن أفكارها الفلسفية للوجود، وتمكنت من بناء شخصياتها بالحوار والأحداث، وناضلت لكي تنقل للقراء إلهاماتها المثيرة للاهتمام رغم مأساوية الواقع الذي قدمته؛ ولهذا اختارت كلماتها بعناية، وتمكنت من إنتاج عمل يستحوذ على اهتمام القارئ ويجعله يستمر في متابعة القراءة، فنجد (أمير) يلعن شيطان جارته المومس، لكن نفسه تغلبت على قرينه، شيطانه الذي جرّه إلى مواصلة التلصص، وقادته نفسه إلى ماء الوضوء في إشارة من الكاتبة إلى أن إتيان الخطأ لا يكون إلا بإرادة داخلية من الفرد نفسه دون النظر إلى وسوسة الشيطان أو تأثيره.
ويظهر ذلك في كلمات الراوي بالنص الروائي:
"شيء جرّه بقوة إلى تواصله في التلصص، ونفسُه قادته إلى ماء الوضوء". (٨)
جدير بالذكر أن الأديبة وفاء عبد الرزاق روائية وقاصة وكاتبة وشاعرة من مواليد مدينة البصرة في دولة العراق، رشحتها جامعة ستراتفورد الأمريكية لنيل جائزة نوبل في الآداب، وقد حصلت على عدة جوائز من بينها جائزة «متحف الكلمة إسبانيا»، عن قصتها المسماة «أحلام مهملة» في مسابقة القصة القصيرة جداً، وجاء فوزها من بين 20 فائز، اختيروا من 35,000 ألف مشارك حول العالم، في سنة 2015، وحصلت على شهادة الدكتوراه الفخريةودرع الفارابي من مجموعة الفارابي للتنمية والدراسات العليا عام 2014، حازت على المرتبة الأولى في جائزة «نازك الملائكة» للقصة القصيرة جدًّا عام 2012 في العراق، إلى جانب الجائزة الأولى للقصة القصيرة جدًّا عن قصتها التي تحمل عنوان «خارج عن القانون»، من طرف رابطة الأدباء العرب عام 2013، وقد حازت على جائزة الإبداع عن مؤسسة المثقف العربي، بمدينة سيدني الأسترالية عام 2011، بالإضافة إلى عدة جوائز أخرى، واختيرت لنيل جائزة الأوسكار بسبب مشاركتها الشعرية والأدبية. (٩)
المصادر :
١- مقدمة ابن خلدون ٢/ ٤٤٦.
٢- شوقي أبو خليل ، عوامل النصر والهزيمة عبر تاريخنا الإسلامي ص ١٢٢.
٣- سورة الإسراء الآية ١٦.
٤- معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي.
٥- معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي.
٦- رواية "دولة شين"صفحة رقم ٥٧، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٧- رواية "دولة شين" (الغلاف الأمامي)، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٨- رواية "دولة شين"صفحة رقم ٣٨، للكاتبة وفاء عبدالرزاق - طبعة أولى - دار أفاتار للطبع والنشر.
٩- الصفحة الرسمية للأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق بموقع ويكيبيديا على الإنترنت.