لطالما تناهتْ إلى أسماعنا ، أومرّتْ أمام أنظارنا كثيرٌ من المقولات أو العبارات التي تحمل في طيّاتها مشاعرَ الحنين إلى الزمن الماضي بما انطوى عليه من وقائعَ وأحداث ، وبما سادَهُ من مفاهيمَ وقِيم وعادات ، وبما خلّفه من ذكريات وانطباعات ترسّبت في وجداننا الفردي والجمعيّ على السواء.
من العبارات الشائعة في هذا المجال قولنا :
- سقى الله هاتيكَ الأيّام !
- ما كان أجملها من أيّام !
- رحِم الله أيّام زمان .
وهي تنطوي على مقارنة ضمنية ، أو ظاهرة ، بين الماضي ، أو الزمن الجميل ،كما يردّد كثيرٌ منّا ، وبين الحاضر الذي نعيش ، بما يرجّح كفّة الماضي القريب أو البعيد .
فما هي حقيقة هذا الزمن الجميل الذي يحنّ بعضنا إليه ؟
يتطلّب الأمر ، أوّلاً ، الوقوفَ على مفهوم ( الزمن ) ..
ما هو الزمن ؟
لا شكَّ أنّ هذا المفهوم المركزيّ في الفلسفة والآداب والعلوم ، قد مثَّلَ ، ولا يزال ، هذه البؤرة الحيويّة التي تتبلور فيها أهم التساؤلات والإشكالات البشرية .
على أنّه من الصعبِ التفكير في معنى الزمن ، وذلك نظراً لصعوبة تلمّسه أو الإمساك به ،غير أنّ التعريف الأبسط لهذا المفهوم يدلّ على " الوسَط اللامتناهي الذي تَتَتَابعُ فيه الأحداث ، ويُنظَرُ إليه غالباً بوصفه قوّةً مؤثِّرةً في العالَم والكائنات "
إنّ السِّمة الأساسية للزمن تتجلّى في ثبات سيرورته ؛ إذ إنّنا لا نمتلك القدرة على إيقافه أو قلبه أو إعادته إلى الوراء .
لذلك يكثُر الحديثُ عن مسيرة الزمن وتبدّده أو ضياعهِ ، في الآن نفسه .
يستطيع الإنسان تجاوز ( المكان ) بالسرعة المتزايدة للوسائط المختَرَعة ، وهذا مؤشّر واضح على قدرة الإنسان . لكنّ عدم قدرتنا على التأثير في الزمان يدلّ بشكلّ جليّ على عجزنا في هذا المجال .
هذه السِّمة الأساسية للزمن هي التي تُضفي على الأشياء التي لن نستطيع رؤيتها بعد الآن، بحكم مرور الزمن ،
صفات البهجة والسعادة أواللذّة والألم .
من هنا يتكرّر لدى الأفراد والشعوب التي لا تتمتع بحاضر مزدهرٍ سعيد هذه العودة الرمزية إلى ما يسمّى ( الزمن الجميل ) فتستعيد ذكرياتها القديمة بعد أنْ تخلّصها ، لا شعوريّاً أو شعوريّاً من المنغّصات ، فتتمثّل لها ملاذاً جميلاً تأوي إليه بعيداً عن حاضرها القبيح .
من هنا أيضاً يتمّ تداول مثل تلك العبارات التي ذكرنا بعضها ، والتي تمجّد الماضي أوتترحّم عليه .
من المهمّ أنّ نلاحظ هنا أنّ أبعاد الزمن الثلاثة - الحاضر والماضي والمستقبل - تتلاقى جميعها في النفس البشرية ؛ إذ إنّ ( الذكريات ) تمثّلُ الصّلة القائمة بن الحاضر والماضي . بينما تتجلّى في ( الإدراك ) علاقة الحاضر بنظيره .
في حين تشير ( الآمال والتوقّعات )
إلى ما يجمع الحاضر بالمستقبَل .
لقد حاول الإنسان تجاوز الزمن ، أو التحرّر من شرطه الزمنيّ ، باحثاً عن الخلود من خلال ما يخلّفه وراءه من الذراري و الإنجازات .
نلمس صدى ذلك في الأديان والمعتقدات ، أو في الآثار والمخترعات ، دون أنْ نغفلَ عن أدب الخيال العلميّ الذي اتّخذ من رغبة الإنسان في ارتياد الفضاء والتّحكّم بمسيرة الزمن أحد موضوعاته المفضّلة .
هذه مجرد خاطرة سريعة حاولتُ فيها الوقوف على المعاني البعيدة لبعض العبارات والمقولات المتداولة المتّصلة بمفهوم الزمن ودلالاتها الفردية والجمعية في مجتمعاتنا العربية .
دكتور زياد العوف
من العبارات الشائعة في هذا المجال قولنا :
- سقى الله هاتيكَ الأيّام !
- ما كان أجملها من أيّام !
- رحِم الله أيّام زمان .
وهي تنطوي على مقارنة ضمنية ، أو ظاهرة ، بين الماضي ، أو الزمن الجميل ،كما يردّد كثيرٌ منّا ، وبين الحاضر الذي نعيش ، بما يرجّح كفّة الماضي القريب أو البعيد .
فما هي حقيقة هذا الزمن الجميل الذي يحنّ بعضنا إليه ؟
يتطلّب الأمر ، أوّلاً ، الوقوفَ على مفهوم ( الزمن ) ..
ما هو الزمن ؟
لا شكَّ أنّ هذا المفهوم المركزيّ في الفلسفة والآداب والعلوم ، قد مثَّلَ ، ولا يزال ، هذه البؤرة الحيويّة التي تتبلور فيها أهم التساؤلات والإشكالات البشرية .
على أنّه من الصعبِ التفكير في معنى الزمن ، وذلك نظراً لصعوبة تلمّسه أو الإمساك به ،غير أنّ التعريف الأبسط لهذا المفهوم يدلّ على " الوسَط اللامتناهي الذي تَتَتَابعُ فيه الأحداث ، ويُنظَرُ إليه غالباً بوصفه قوّةً مؤثِّرةً في العالَم والكائنات "
إنّ السِّمة الأساسية للزمن تتجلّى في ثبات سيرورته ؛ إذ إنّنا لا نمتلك القدرة على إيقافه أو قلبه أو إعادته إلى الوراء .
لذلك يكثُر الحديثُ عن مسيرة الزمن وتبدّده أو ضياعهِ ، في الآن نفسه .
يستطيع الإنسان تجاوز ( المكان ) بالسرعة المتزايدة للوسائط المختَرَعة ، وهذا مؤشّر واضح على قدرة الإنسان . لكنّ عدم قدرتنا على التأثير في الزمان يدلّ بشكلّ جليّ على عجزنا في هذا المجال .
هذه السِّمة الأساسية للزمن هي التي تُضفي على الأشياء التي لن نستطيع رؤيتها بعد الآن، بحكم مرور الزمن ،
صفات البهجة والسعادة أواللذّة والألم .
من هنا يتكرّر لدى الأفراد والشعوب التي لا تتمتع بحاضر مزدهرٍ سعيد هذه العودة الرمزية إلى ما يسمّى ( الزمن الجميل ) فتستعيد ذكرياتها القديمة بعد أنْ تخلّصها ، لا شعوريّاً أو شعوريّاً من المنغّصات ، فتتمثّل لها ملاذاً جميلاً تأوي إليه بعيداً عن حاضرها القبيح .
من هنا أيضاً يتمّ تداول مثل تلك العبارات التي ذكرنا بعضها ، والتي تمجّد الماضي أوتترحّم عليه .
من المهمّ أنّ نلاحظ هنا أنّ أبعاد الزمن الثلاثة - الحاضر والماضي والمستقبل - تتلاقى جميعها في النفس البشرية ؛ إذ إنّ ( الذكريات ) تمثّلُ الصّلة القائمة بن الحاضر والماضي . بينما تتجلّى في ( الإدراك ) علاقة الحاضر بنظيره .
في حين تشير ( الآمال والتوقّعات )
إلى ما يجمع الحاضر بالمستقبَل .
لقد حاول الإنسان تجاوز الزمن ، أو التحرّر من شرطه الزمنيّ ، باحثاً عن الخلود من خلال ما يخلّفه وراءه من الذراري و الإنجازات .
نلمس صدى ذلك في الأديان والمعتقدات ، أو في الآثار والمخترعات ، دون أنْ نغفلَ عن أدب الخيال العلميّ الذي اتّخذ من رغبة الإنسان في ارتياد الفضاء والتّحكّم بمسيرة الزمن أحد موضوعاته المفضّلة .
هذه مجرد خاطرة سريعة حاولتُ فيها الوقوف على المعاني البعيدة لبعض العبارات والمقولات المتداولة المتّصلة بمفهوم الزمن ودلالاتها الفردية والجمعية في مجتمعاتنا العربية .
دكتور زياد العوف