* قد ينصرف الذهن الىٰ أن مدلول العنوان يذهب إلى الكشف عن النصوص التي لايمكن تأويلها وتحديدا وفق ما وضعته المناهج السياقية ( الاجتماعي ، النفسي ، التأريخي) التي تتيح القراءة والتوصل إلى معنى النصوص في منطقة قصدية المؤلف ، إذ أن ٱليات التأويل قد اقترنت بنصوص مابعد الحداثة وفق ما أنتجته المناهج النقدية لما بعد البنيوية التي فارقت البنيوية منذ ستينيات القرن الماضي بعد أن أولت القاريء اهتماما واضحاً وخوّلته صلاحية المساهمة في إنتاج النص الأدبي وفق فعالية التأويل وارتباطاً باستراتيجيات التقويضية التي وضعها جاك دريدا ، وحسب هابرماس فإن الفجوة الموجودة في الدرس البنيوي والتي أغفلت المتلقي من عملية إنتاج النص لايمكن ردمها إلّا بإيلاء المتلقي موقعاً مركزياً في عملية إنتاج مغزى النصوص وهو ما ذهبت إليه مناهج مابعد البنيوية التي اقترنت بمرحلة مابعد الحداثة .
إلّا أننا سنسلك طريقاً ٱخراً يرتبط بكينونة عملية التأويل ، اي سنهتم بالعمليات والإجراءات الذهنية والمرجعية التي تسبق عملية تأويل المتلقي للنص وبما تتيحه الأجهزة المفاهيمية لنقد مابعد البنيوية ومنها تحديداً التأويل بعدّه بنية مركزية في تلك المناهج ، وتبعاً لذلك فإن المؤلف ظلّ بعيداً /ميتاً كما في البنيوية ، إذ لا شيء خارج النص كما ذهبت إليه تلك المناهج .
ولعل من المعاني اللصيقة بالتأويل هو كشف الغامض والمخبوء في النصوص دينية كانت أم أدبية ام قانونية بل وامتد ذلك إلى الفنون الجميلة أيضاً ، فالمؤول لايكتفي بتفسير ظاهر الكلمات والوقوف على معانيها السطحية وانما يذهب ابعد من ذلك ، إذ يسعى إلى تجاوز قصدية النص أو حرفية المعنى عبر الدخول الى باطن النصوص والبحث عن ما وراء ظاهر الكلمات والبحث عن المعاني والرموز الثاوية في عمق النصوص ، لذا فإن التأويل في مفهوم النقد الأدبي هو ( تحديد المعاني اللغوية في العمل الأدبي من خلال التحليل وإعادة لغة المفردات والتراكيب ومن خلال التعليق على نص ما ..دليل الناقد الأدبي / البازعي والرويلي 2002 ص88) اذاً فالتأويل يتحدد داخل النص الأدبي خاصة في تلك النصوص التي تتمتع بالثراء اللغوي وتحشيد منظومة الرموز والإشارات المتشابكة التي تغري القاريء وتفتح شهيته للتأويل عبر دمج قراءته بما تؤول تلك المنظومات النصية لإنتاج نصه الخاص به ، وهنا تتبدى لنا حقيقة ظهور المنافس لكاتب النص في إنتاج المعنى وحسب غريماس إنتاج مغزى النص ، فالكاتب يثبت المعنى والقاريء ينتچ المغزى ، وبذلك تتحقق مركزية القاريء دون مركزية النص التي كرّسته المناهج السياقية لما قبل البنيوية وبعدها ، إذ يجد القاريء نفسه حرّاً في تفتيت شفرات النص الى اجزاء ثم إعادة تجميع ذلك الفتات وفق رؤية جديدة ومغايرة تمنح النص صفة التجديد والتغيير و الإستمرارية والجدالية للوصول إلى (معنى المعنى) الذي إليه الجرجاني ،ولعل ذلك مايمنح النصوص صفة الخلود ، وبما أن النص يُعدّ بنية شائكة تستوجب من القاريء بذل الجهد والعناء لفك رموزه وعلاقاته التي تتطلب منه اللجوء إلى التفسير والتأويل وأحكامه التي تقوم على مدىٰ قدراته وخبراته قصد إدماج قراءته في عالم النص ، لتحقيق استجابته المعرفية والجمالية ، ولبلوغ هذا الهدف فإن هنالك بعض الإجراءات والمقدمات القبلية التي نراها ضرورية للتوصل إلى قراءة منتجة ومثمرة تزيد من ثراء النص وتأثيره الجمالي والمعرفي المستمر ، لذا فإن ماقبليات التأويل تتمتع بأهمية بالغة وذلك لعدة أسباب:
1. فهم النص بعمق: يسمح ما قبل التأويل بفهم النص بعمق أكبر. عندما نستكشف النص قبل أن نبدأ في تحليله وتفسيره، نتعرف على تفاصيله وهياكله الداخلية ونفهمه بشكل شامل. هذا يساعدنا على إدراك العوامل المؤثرة في تكوين المعاني والرسائل التي يحملها.
2. تعدد التفسيرات: ما قبل التأويل يفتح المجال لتعدد التفسيرات والقراءات المختلفة للنص. يمكن للقراء أن يأخذوا وجهات نظر مختلفة ويستكشفوا جوانب متعددة من النص، مما يثري الفهم ويساهم في توسيع الآفاق الأدبية.
3. استكشاف الرموز والرسائل الكامنة: ما قبل التأويل يمنحنا الفرصة لاكتشاف الرموز والرسائل الكامنة في النص. قد يحمل النص رموزًا ومعانٍ مخفية تحتاج إلى استكشاف وفهم. عندما نستكشف النص قبل التأويل، نتمكن من الكشف عن هذه الرموز وفهمها بشكل أعمق.
4. توسيع الحوار الأدبي: ما قبل التأويل يساهم في توسيع الحوار الأدبي وتنويع الآراء والمقاربات النقدية. يمكن للقراء والنقاد أن يتبادلوا آراءهم وتفسيراتهم وقراءاتهم المختلفة، مما يثري النقاش الأدبي ويسهم في تطوير المعرفة الأدبية.
باختصار، تكمن أهمية ما قبل التأويل في تعميق فهمنا للنص الأدبي، وتوسيع رؤيتنا للمعاني المحتملة، واستكشاف الرموز المخفية، وتنويع الحوار والتفاعل مع النص باتجاه إنتاج القراءة الخاصة التي ستكرّس سلطة القاريء .
لذا فقد اهتمت الدراسات والبحوث التأويلية بوضع قواعد كلية لفهم النصوص و التي تعدّذ العتبات الاولىٰ لعملية التأويل ، ولم يتوقف الأمر عند تفسير وتأويل النصوص الدينية وانما تجاوزت ذلك إلى النصوص الأخرى الأدبية والفلسفية والقانونية وكل العلوم الإنسانية ، منذ جهود المدرسة الألمانية ممثلة بالفيلسوف شلامايخر الذي اجتهد في ترحيل مفهوم التأويل من صرامة التفسير الديني الىٰ إمكانية تأويل النصوص الأدبية ، ومرورا بدلتاي الذي تمكن من وضع قواعد التأويل الموضوعية وحصر ذلك في العلوم الإنسانية دون الطبيعية وهايدجر وغدامير وصولاً الىٰ تأويلية جاك دريدا التي أكدت على القراءة المؤجلة / اللانهائية للنصوص الأدبية ، وتجدر الإشارة إلى أن كل فلاسفة التأويل بشقيه الديني والأدبي قد أجمعوا على ضرورة تقديم التأويل الصحيح الذي يضيف قيمة معرفية وجمالية للنصوص ، وعدم السقوط في منطقة سوء التأويل الذي يشير إلى تفسير غير صحيح أو غير عادل لشيء ما، سواء كان نصًا أدبيًا أو قانونيًا أو غيره. قد يكون سوء التأويل ناتجًا عن الجهل أو العداء أو التحيز أو النية السيئة. عندما يُفهم شيء بطريقة خاطئة أو يُفسر بطريقة تشويهية أو غير صحيحة ،
ومن تجنب الوقوع في شرك سوء التأويل فإننا وجدنا أن هنالك بعض الفرضيات من الممكن الأخذ بها ومراعاتها قبل عملية التأويل ، واطلقنا عليها تسمية (فرضيات ماقبل التأويل)
ولعل في مقدمة هذه الفرضيات هي ميول المؤول وتطلعاته ورغبته في التأويل ، وماينظم هذه الميول والتطلعات هو مرجعية المؤول الفكرية والخبرة الجمالية المتراكمة ، إذ أن هنالك تناسب طردي بين تلك المرجعيات وقوة التأويل التي تكرّس ايمان المؤول وقدرته في التأويل التي تفسيرها رغبته في تفعيل تلك المقدرة ، وتنتج هذه الميول البحث عن المعنىٰ الذي ثبّته الباث/ المؤلف ، وعادة مايكون هذا المعنىٰ ثابتاً من وجهة نظر النص إلّا أنه متغير حين يخضع للتأويل لينتج المغزى بعد دمج القراءة المتفردة بالنص ، وتشكّل هذه الفرضية فعالية فهم النص اولاً ، اي التوصل إلى المعنى الذي سيتعرض إلى الإزاحة بفعل التأويل ، وهذه الفرضية بدورها ستدفع بالمؤول الىٰ البحث عمّا يريد المؤلف من تكريس لوجهة نظره اي معرفة المنطقة المعرفية التي انطلق منها النص في الكشف عن وجهة نظره تلك ، وستؤدي هذه الفرضية بالمؤول إلى تشخيص بؤرة المعنى وفقاً لميوله وتطلعاته السابقة ، وكلّ هذه الفرضيات السابقة لابد لها أن تتحرك وفق السياق الاجتماعي والتأريخي لزمن المؤول ، إذ لايمكن إنتاج قراءة واحدة لمراحل وسباقات تأريخية واجتماعية مختلفة ، إذ ستخضع القراءة لما يتوافر في مرحلة المؤول الاجتماعية من رؤى وأفكار مغايرة عن زمن القراءات السابقة التي خضعت لسياقات قارّة وفاعلة ونتاج لمرحلتها الاجتماعية والتاريخية وهكذا ستخلق فعالية التأويل جداليّة وصيرورة جديدة ومتواترة . فكل من المؤول والأفكار تخضع لصيرورة جدلية مستمرة .
أن الفرضيات الماقبلية الٱنفة الذكر ستنتج تأويلاً يتناسب وما استقر عليه النص من شبكة المرموزات بل وتمنح موجهات النص البلاغية والمعرفية والجمالية دفقاً جديدا على مستوى المغايرة وتوطيد الحساسية الجديدة للنص ، وفي موجهات نظرية التلقي واستجابة القاريء ما يشير إلى عمليات التفاعل مع النص وفق مراحل ثلاث الانطباع والفهم والتأويل ، وكل ما أشرنا إليه يشير إلى المرحلتين الأولى والثانية والتي تشكّل ماقبل التأويل الذي تبدّت أهميته في إنتاج تأويل يثري نص المؤلف ونص القاريء على حد سواء الذي سيتمتع بمركزية مؤثرة بشكل إيجابي على مستوى التفاعل مع النص .
إلّا أننا سنسلك طريقاً ٱخراً يرتبط بكينونة عملية التأويل ، اي سنهتم بالعمليات والإجراءات الذهنية والمرجعية التي تسبق عملية تأويل المتلقي للنص وبما تتيحه الأجهزة المفاهيمية لنقد مابعد البنيوية ومنها تحديداً التأويل بعدّه بنية مركزية في تلك المناهج ، وتبعاً لذلك فإن المؤلف ظلّ بعيداً /ميتاً كما في البنيوية ، إذ لا شيء خارج النص كما ذهبت إليه تلك المناهج .
ولعل من المعاني اللصيقة بالتأويل هو كشف الغامض والمخبوء في النصوص دينية كانت أم أدبية ام قانونية بل وامتد ذلك إلى الفنون الجميلة أيضاً ، فالمؤول لايكتفي بتفسير ظاهر الكلمات والوقوف على معانيها السطحية وانما يذهب ابعد من ذلك ، إذ يسعى إلى تجاوز قصدية النص أو حرفية المعنى عبر الدخول الى باطن النصوص والبحث عن ما وراء ظاهر الكلمات والبحث عن المعاني والرموز الثاوية في عمق النصوص ، لذا فإن التأويل في مفهوم النقد الأدبي هو ( تحديد المعاني اللغوية في العمل الأدبي من خلال التحليل وإعادة لغة المفردات والتراكيب ومن خلال التعليق على نص ما ..دليل الناقد الأدبي / البازعي والرويلي 2002 ص88) اذاً فالتأويل يتحدد داخل النص الأدبي خاصة في تلك النصوص التي تتمتع بالثراء اللغوي وتحشيد منظومة الرموز والإشارات المتشابكة التي تغري القاريء وتفتح شهيته للتأويل عبر دمج قراءته بما تؤول تلك المنظومات النصية لإنتاج نصه الخاص به ، وهنا تتبدى لنا حقيقة ظهور المنافس لكاتب النص في إنتاج المعنى وحسب غريماس إنتاج مغزى النص ، فالكاتب يثبت المعنى والقاريء ينتچ المغزى ، وبذلك تتحقق مركزية القاريء دون مركزية النص التي كرّسته المناهج السياقية لما قبل البنيوية وبعدها ، إذ يجد القاريء نفسه حرّاً في تفتيت شفرات النص الى اجزاء ثم إعادة تجميع ذلك الفتات وفق رؤية جديدة ومغايرة تمنح النص صفة التجديد والتغيير و الإستمرارية والجدالية للوصول إلى (معنى المعنى) الذي إليه الجرجاني ،ولعل ذلك مايمنح النصوص صفة الخلود ، وبما أن النص يُعدّ بنية شائكة تستوجب من القاريء بذل الجهد والعناء لفك رموزه وعلاقاته التي تتطلب منه اللجوء إلى التفسير والتأويل وأحكامه التي تقوم على مدىٰ قدراته وخبراته قصد إدماج قراءته في عالم النص ، لتحقيق استجابته المعرفية والجمالية ، ولبلوغ هذا الهدف فإن هنالك بعض الإجراءات والمقدمات القبلية التي نراها ضرورية للتوصل إلى قراءة منتجة ومثمرة تزيد من ثراء النص وتأثيره الجمالي والمعرفي المستمر ، لذا فإن ماقبليات التأويل تتمتع بأهمية بالغة وذلك لعدة أسباب:
1. فهم النص بعمق: يسمح ما قبل التأويل بفهم النص بعمق أكبر. عندما نستكشف النص قبل أن نبدأ في تحليله وتفسيره، نتعرف على تفاصيله وهياكله الداخلية ونفهمه بشكل شامل. هذا يساعدنا على إدراك العوامل المؤثرة في تكوين المعاني والرسائل التي يحملها.
2. تعدد التفسيرات: ما قبل التأويل يفتح المجال لتعدد التفسيرات والقراءات المختلفة للنص. يمكن للقراء أن يأخذوا وجهات نظر مختلفة ويستكشفوا جوانب متعددة من النص، مما يثري الفهم ويساهم في توسيع الآفاق الأدبية.
3. استكشاف الرموز والرسائل الكامنة: ما قبل التأويل يمنحنا الفرصة لاكتشاف الرموز والرسائل الكامنة في النص. قد يحمل النص رموزًا ومعانٍ مخفية تحتاج إلى استكشاف وفهم. عندما نستكشف النص قبل التأويل، نتمكن من الكشف عن هذه الرموز وفهمها بشكل أعمق.
4. توسيع الحوار الأدبي: ما قبل التأويل يساهم في توسيع الحوار الأدبي وتنويع الآراء والمقاربات النقدية. يمكن للقراء والنقاد أن يتبادلوا آراءهم وتفسيراتهم وقراءاتهم المختلفة، مما يثري النقاش الأدبي ويسهم في تطوير المعرفة الأدبية.
باختصار، تكمن أهمية ما قبل التأويل في تعميق فهمنا للنص الأدبي، وتوسيع رؤيتنا للمعاني المحتملة، واستكشاف الرموز المخفية، وتنويع الحوار والتفاعل مع النص باتجاه إنتاج القراءة الخاصة التي ستكرّس سلطة القاريء .
لذا فقد اهتمت الدراسات والبحوث التأويلية بوضع قواعد كلية لفهم النصوص و التي تعدّذ العتبات الاولىٰ لعملية التأويل ، ولم يتوقف الأمر عند تفسير وتأويل النصوص الدينية وانما تجاوزت ذلك إلى النصوص الأخرى الأدبية والفلسفية والقانونية وكل العلوم الإنسانية ، منذ جهود المدرسة الألمانية ممثلة بالفيلسوف شلامايخر الذي اجتهد في ترحيل مفهوم التأويل من صرامة التفسير الديني الىٰ إمكانية تأويل النصوص الأدبية ، ومرورا بدلتاي الذي تمكن من وضع قواعد التأويل الموضوعية وحصر ذلك في العلوم الإنسانية دون الطبيعية وهايدجر وغدامير وصولاً الىٰ تأويلية جاك دريدا التي أكدت على القراءة المؤجلة / اللانهائية للنصوص الأدبية ، وتجدر الإشارة إلى أن كل فلاسفة التأويل بشقيه الديني والأدبي قد أجمعوا على ضرورة تقديم التأويل الصحيح الذي يضيف قيمة معرفية وجمالية للنصوص ، وعدم السقوط في منطقة سوء التأويل الذي يشير إلى تفسير غير صحيح أو غير عادل لشيء ما، سواء كان نصًا أدبيًا أو قانونيًا أو غيره. قد يكون سوء التأويل ناتجًا عن الجهل أو العداء أو التحيز أو النية السيئة. عندما يُفهم شيء بطريقة خاطئة أو يُفسر بطريقة تشويهية أو غير صحيحة ،
ومن تجنب الوقوع في شرك سوء التأويل فإننا وجدنا أن هنالك بعض الفرضيات من الممكن الأخذ بها ومراعاتها قبل عملية التأويل ، واطلقنا عليها تسمية (فرضيات ماقبل التأويل)
ولعل في مقدمة هذه الفرضيات هي ميول المؤول وتطلعاته ورغبته في التأويل ، وماينظم هذه الميول والتطلعات هو مرجعية المؤول الفكرية والخبرة الجمالية المتراكمة ، إذ أن هنالك تناسب طردي بين تلك المرجعيات وقوة التأويل التي تكرّس ايمان المؤول وقدرته في التأويل التي تفسيرها رغبته في تفعيل تلك المقدرة ، وتنتج هذه الميول البحث عن المعنىٰ الذي ثبّته الباث/ المؤلف ، وعادة مايكون هذا المعنىٰ ثابتاً من وجهة نظر النص إلّا أنه متغير حين يخضع للتأويل لينتج المغزى بعد دمج القراءة المتفردة بالنص ، وتشكّل هذه الفرضية فعالية فهم النص اولاً ، اي التوصل إلى المعنى الذي سيتعرض إلى الإزاحة بفعل التأويل ، وهذه الفرضية بدورها ستدفع بالمؤول الىٰ البحث عمّا يريد المؤلف من تكريس لوجهة نظره اي معرفة المنطقة المعرفية التي انطلق منها النص في الكشف عن وجهة نظره تلك ، وستؤدي هذه الفرضية بالمؤول إلى تشخيص بؤرة المعنى وفقاً لميوله وتطلعاته السابقة ، وكلّ هذه الفرضيات السابقة لابد لها أن تتحرك وفق السياق الاجتماعي والتأريخي لزمن المؤول ، إذ لايمكن إنتاج قراءة واحدة لمراحل وسباقات تأريخية واجتماعية مختلفة ، إذ ستخضع القراءة لما يتوافر في مرحلة المؤول الاجتماعية من رؤى وأفكار مغايرة عن زمن القراءات السابقة التي خضعت لسياقات قارّة وفاعلة ونتاج لمرحلتها الاجتماعية والتاريخية وهكذا ستخلق فعالية التأويل جداليّة وصيرورة جديدة ومتواترة . فكل من المؤول والأفكار تخضع لصيرورة جدلية مستمرة .
أن الفرضيات الماقبلية الٱنفة الذكر ستنتج تأويلاً يتناسب وما استقر عليه النص من شبكة المرموزات بل وتمنح موجهات النص البلاغية والمعرفية والجمالية دفقاً جديدا على مستوى المغايرة وتوطيد الحساسية الجديدة للنص ، وفي موجهات نظرية التلقي واستجابة القاريء ما يشير إلى عمليات التفاعل مع النص وفق مراحل ثلاث الانطباع والفهم والتأويل ، وكل ما أشرنا إليه يشير إلى المرحلتين الأولى والثانية والتي تشكّل ماقبل التأويل الذي تبدّت أهميته في إنتاج تأويل يثري نص المؤلف ونص القاريء على حد سواء الذي سيتمتع بمركزية مؤثرة بشكل إيجابي على مستوى التفاعل مع النص .