د. محمد عباس محمد عرابي - ديوان حزن النخيل للشاعر علي الدميني(1948-2022هـ) وإضاءات نقدية

إعدادوعرض /محمد عباس محمد عرابي






صدر مؤخرا عن نادي الطائف الأدبي (1445هـ/2023هـ) بالاشتراك مع دار يسطرون بجدة، وهو ديوان الشعر الأخير للشاعر علي الدميني (رحمه الله )وإضاءات نقدية

وقد اشتمل على إهداءبقلمالأستاذة فوزية العيوني زوجةالشاعر علي الدميني (رحمه الله

نص على:

إلى الأصدقاء…

أصدقاء “علي” في كل مكان وعبر الزمن…

على الغني بأصدقائه، والأغنياء به، الوفي لهم، المحتفي بنجاحاتهم، المشتعل بهم وبإبداعاتهم…

على الذي لا يخلو أي من دواوينه وكل أعماله من ذكر للأصدقاء ….

أطل عليكم جميعاً – بعد عام من فراقه الـمـر لأعزيكم، وأعزي نفسي وقصيدته التي لا عزاء لها، وقد تأخرت كثيراً، ولكن ليشفع لي أنكم تدركون مدى صعوبة أن أنبش جراح فقدي بروح أناملي ووجدي، لقد كنت كلما حاصرتني أمانة وصيته في نشر ديوانه المخطوط، أشعر أني في قمة منحدر أشارف فيه على الانهيار، فأهرب منها كي ما أصير حجراً مقاوماً للانهيار، ولعلي فعلت، ولذا فليشفع لي أيضاً أن أهديكم نيابةً عنه آخر نخيله و قناديله، آخر قطرة في محبرته…، وآخر ماء في عروقه

آخر خطاه وأجنحته…

آخر صمته وعذب ضجيجه…

آلامه الأخيرة وآماله اللا أخيرة

وقد نوهت مشكورة أن القصائد كتبت ما بين الأعوام 2017- 2020

*ثم تلا الإهداء كلمة للدكتورة فوزية أبو خالد بعنوان :مطل أول على ديوان الشعر الأخير "حزن النخيل "

*ثم جاءت قصائد الديوان، وهي عشرين قصيدة جاءت عناوينها على النحو التالي:

أقوال حمدان – الفتى –اشتعال -حزن النخيل إلى الشاعر يوسف زورقه- الحصون– الحصى وخطاي –خارج النسيان – غدًا –لمعة العدل – نافذتان – تخوم –منيرة الموصلي – صورة أولى –لنا –فلق القصيدة – فاكهة – نشيج –ولكن – السيرة الأخيرة لجوادي – ربما .


*مقالات ودراسات الإضاءات النقدية:

قلق القوس والكتابة: قراءات نقدية في أوراق الشاعر علي الدميني -إعداد وإصدار جمعية الثقافة والفنون بالدمام – 2018م

-علي الدميني (المخضب بالكائناتت)أ/محمد العلي.

- شعرية الاكتشاف للزمن وخلقه لدى علي الدميني للدكتور صالح زياد.

-وعي الكتابة وانفتاح النص "قراءة في شعر الدميني "للدكتور عبد الحميد الحسامي

- اشتغال اللغة وعودة المعنى إلى معناه في ديوان خرز الوقت للدكتور آمنة بلعلي

-الشاعر السعودي علي الدميني… من خرز الوقت إلى تراتيل الأمكنة للدكتور عبد العزيز المقالح .

-علي الدميني..أو المنذور للناقد فريد أبو سعد .

-المجال الحيوي للقصيدة عند علي الدمينيللدكتور مصطفى الضبع .

- شعرية التأمل الوجودي في خرز الوقتلعلي الدمينيللدكتور رضا عطية .

-علي الدميني يستضيف الشعر والأصدقاء والطبيعة والفن في منزله ! للناقد طلال حرب

- مفهوم الشعر عند علي الدمينيللدكتور أمل القثامية .

- يباس مثقل بالخضرة للدكتور علي جعفر العلاق .

المراجع:

ديوان حزن النخيل للشاعر علي الدميني وإضاءاتنقدية ، نادي الطائف الأدبي (1445هـ/2023هـ)- دار يسطرون بجدة



الملاحق

*قالوا عن الديوان:

يقول الكاتب والناقد أحمد بوقري عن الديوان:"

صدور ديوان علي الدميني الأخير بعد رحيله أعده حدثاً شعرياً وثقافياً لا يقل أهمية عن كل دواوينه الخمسة الصادرة في حياته الأدبية الخصبة، والفضل في ذلك يرجع إلى رفيقة عمره الأستاذة الأديبة فوزية العيوني التي أرادت أن تقول إن علياً لم يمت، إنه حي بيننا يرزق ما زال يرتشف من ماء الشعر متدفقاً بين ضلوعه رغم الآلام التي عصرته في شهوره الأخيرة، وإنه كتب بنفس الوعي الجمالي والمعرفي حتى لحظاته الأخيرة لأن لهب الشعر جوهرةً لم تخب جذوتها حتى الرمق الأخير."



* الأستاذ: حسن الغامدي –في مقال له في صحيفة البيان–


أعلن النادي الأدبي الثقافي بالطائف عن طباعة الديوان الأخير للشاعر السعودي الراحل علي الدميني يرحمه الله والمعنون بـ (حزنالنخيل ) مع إضاءات نقدية .

أوضح ذلك رئيس النادي الأدبي الثقافي الأستاذ عطا الله الجعيد مشيرا إلى أن هذا العمل يضم قصائد للشاعر علي الدميني لم تنشر من قبل إضافة إلى احتوائه على إضاءات نقدية بقلم الشاعرة / فوزية أبو خالد عنونتها بـ ( مطل أول على ديوان الشعر الأخير حزن النخيل ).

وشكر الجعيد الأستاذة فوزية العيوني زوجة الراحل علي الدميني على اختيار النادي الأدبي الثقافي بالطائف لطباعة هذا العمل الذي يعد إضافة أدبية هامة للمشهد الثقافي في بلادنا .

من جهة أخرى أكدت الأستاذة فوزية العيوني في مقدمتها التي نوهت فيها أن القصائد كتبت ما بين الأعوام 2017- 2020 مقدمة الإهداء التالي لقراء علي الدميني قائلة :

إلى الأصدقاء…

أصدقاء “علي” في كل مكان وعبر الزمن…

علي الغني بأصدقائه، والأغنياء به، الوفي لهم، المحتفي بنجاحاتهم، المشتعل بهم وبإبداعاتهم…

علي الذي لا يخلو أي من دواوينه وكل أعماله من ذكر للأصدقاء ….

أطل عليكم جميعاً – بعد عام من فراقه الـمـر لأعزيكم، وأعزي نفسي وقصيدته التي لا عزاء لها، وقد تأخرت كثيراً، ولكن ليشفع لي أنكم تدركون مدى صعوبة أن أنبش جراح فقدي بروح أناملي ووجدي، لقد كنت كلما حاصرتني أمانة وصيته في نشر ديوانه المخطوط، أشعر أني في قمة منحدر أشارف فيه على الانهيار، فأهرب منها كي ما أصير حجراً مقاوماً للانهيار، ولعلي فعلت، ولذا فليشفع لي أيضاً أن أهديكم نيابةً عنه آخر نخيله و قناديله، آخر قطرة في محبرته…، وآخر ماء في عروقه

آخر خطاه وأجنحته…

آخر صمته وعذب ضجيجه…

آلامه الأخيرة وآماله اللا أخيرة …

فليس لأحلام علي الدميني من آخر …

الجدير بالذكر أن الشاعر علي الدميني قد فاز بجائزة الشاعر محمد الثبيتي للإبداع في دورتها الأولى بأدبي الطائف فرع التجربة الشعرية ومقدارها 100 ألف ريال عام 2014م إضافة إلى إقامته أمسية شعرية في النادي ومشاركته في تحكيم عدد من الأعمال الأدبية الصادرة عن النادي خلال السنوات الماضية .

ديوان خرز الوقت :

يقول الدكتور عبد العزيز المقالح(رحمه الله )

27 أغسطس 2017 ·

الشاعر السعودي علي الدميني… من خرز الوقت إلى تراتيل الأمكنة


في ديوانه«خرز الوقت» يواصل الشاعر علي الدميني رحلته الإبداعية وفق رؤى موضوعية وجمالية خاصه به. وهو واحد من جيل التمرد الذي أثبت حضوره الشعري المختلف مع بداية ثمانينيات القرن المنصرم، وساعد على فتح الأبواب مشرعة لأجيال لاحقه أثبتت هي الأخرى حضورها أيضا وما تزال . وعندما نقـــــرأ للشاعر علي الدميني، لابد أن نتذكر معه على الفور أسماء عدد من أبناء جيله، ومنهم على سبيل المثـــال لا الحصر: محمد الثبيتي، محمد جبر الحربي، عبداللهالصيخان، وقبلهم ومعهم رائدهم الشاعر والناقد محمد العلي.

ورغم تقارب زمن الحضور ووحدة الهدف بين أفراد جيل التمرد الشعري، فقد كان لكل واحد منهم ـ ومنذ البداية ـ صوته الخاص الذي حافظ عليه حفاظه على موهبته ذاتها. ومن يقارن بين نصوص الديوان الأول لعلي الدميني «رياح المواقع» ونصوص هذا الديوان الأحدث، يدرك الفارق في تجاوز الشاعر لنفسه في الأسلوب البنائي للنص من ناحية، وفي التعامل مع الشكل من ناحية ثانية، كما يدرك كذلك حرص الشاعر على التواصل مع خصوصيته المتفردة وطريقة بنائه للصورة المشحونة بالدلالات، وتناوله للأشياء القريبة من القلب.

صحيح ما يقال من أن المبدع لا يكتب لنفسه ولا تصدر أعماله الإبداعية في معزل عن واقعه، إلاَّ أنه – رغم صحة ما يقال – لا يتخلى عن ذاتيته التي تجعل صوته مختلفا عن أصوات الآخرين، قد يتقاطع مع بعض الرؤى والدلالات، لكنه لا يتقاطع مع المفردات، ولا مع الكيفية التي تعبر عنها تلك الرؤى والدلالات. وإذا كان الشاعر علي الدميني قد غاب عن الساحة الشعرية، أو بالأحرى غُيِّب عنها لسنوات، فإن ذلك الغياب أو التغييب لم يترك أثرا في موهبته أو على طاقته الإبداعية، ولم يقطع صلته بما كان قد حققه قي هذا المجال، ويتأكد هذا التواصل المستمر، بل يبدو أكثر وضوحا في هذا الديوان الذي يضيف جديدا في البنية الفكرية والفنية، مع التزام الشاعر البساطة في أعلى درجاتها التعبيرية، ورفضه ما استجدّ لدى البعض من اهتمام بالشكليات التقنية، والميل نحو الغموض في المضامين والبنى الجمالية، وهو في ذلك ينطلق من مفهوم أن الفن العظيم هو ذلك الذي يشد إليه القارئ، ويغمره بلذة الشعور بالتصادي مع النص والاستغراقِ في استلهاماتة:

الماءُ،

هل كان الكلام يجيد وصف الماء،

حين يفر من معناه،

عريانا، نحيلا، دونما صفةٍ،

ولا لغةٍ، ولا أسماء؟

هذا المقطع هو الأول من نص بعنوان «تمثال الماء» سعى الشاعر فيه، كما يقول النص إلى تجسيد ملامح ورؤى متعددة الزوايا والمعاني، لهذا السائل الذي بدونه لا حياة ولا أحياء، لا جمال ولا عشب ولا ندى.

في الشعر لا يُقرأ الكتابُ من عنوانه، لكن هذا القول لا يلغي أهمية الدلالة الجوهرية التي يوحى بها العنوان، بوصفهِ البوابة أو العتبه التي تقود إلى بقية النصوص. ولا أخفى أنني كنت أرغب في أن تنطلق هذه القراءة المؤجزة عن أحدث دواوين صديقي الشاعر علي الدميني من عنوانه، أو من عتبته إلا أنني خشيت أن تأخذني الإشارات والاجتهادات التي خطرت في بالي بعيدا عن النصوص التي تعددت دلالاتها ورؤاها، ولا يجمعها سوى نسق أسلوبي يمتلك وسائله التعبيرية الخاصة. وقد ساقني اجتهادى الأول إلى أن العنوان ينضح سخرية بالوقت، والوقت العربي خاصة، هذا الذي لم يعد من ذهب، بل من «خرز». والخرز في هذا السياق يذكّرنا بحكايات الشعوب البدائية تلك التي كانت تتخلى عن الذهب للغزاة وتكتفي بالخرز الملون، الذي يأتي به الغزاة لتصنع منه تلك القبائل البدائية عقودا تلف بها الأعناق، أو أقراطا تتدلى من الآذان. فهل كان الشاعر ساخرا؟ أم أنه كان يطرق باب الحقيقة رامزا إليها من بعيد؟ سأترك الإجابة للشاعر أولا وللقارئ ثانيا.

وهنا لا أنسى الإشارة إلى أن عنوان الديوان هو ذاته عنوان النص الثاني في ترتيب نصوصه الثلاثة والعشرين. وفي توظيف عميق الدلالة يستخدم الشاعر مجموعة من الرموز التاريخية ذات الإيحاءات المثيره للأسى، والدالة على الخيبة ومرارة الألم . مثل «أنكيدو» و»جلجامش» بطلا الملحمة الإنسانية الخالدة. وسرفانتس، مؤلف رواية «دون كيشوت» وفي هذا النص ما يغري بإعادة قراءته عشرات المرات لما يطرحه من أسئلة ويعكسه من صفاء إنساني:

الوقت نافذة على الأحزان

ثوبا من رماد العمر

وجهٌ من أساور عزفُ شاعرةٍ على ماءِ الكلام

ورقصة التانجو

وعودة بعض جند الحرب في التابوت،

كان الوقت مبتسما لأسرى في معارك لم يخوضوها.

ومنتشيا بصوت القائد الحربي في جيشٍ تخلّى عن بنادقه،

وأنت تُطل مكسورا على الشباك،

تقرأ عن جنون الطير في ملهاة سيرفانتس

وتقطف من طواحين الهواء،

بهاء أوهام الحقيقة في براءتها

الوقت المشار إليه في مطلع المقطع

حقا إنه الوقت العربي بامتياز بكل ما يتخلله من تثاؤب وإغفاء، ومن عبث ولامبالاة، ومن إغواء وحنين إلى اللاشيء، إلى السراب.

وتحضر الطبيعة في نصوص الديوان بكثافة، كما الأمكنة الواقعية تماما، تلك التي تعكس بدلالاتها الشجية الجارح من الحنين والعميق من التذكر، وهي أماكن رافقت الشاعر في طفولته وأوائل شبابه، وتسعى هذه النصوص إلى مقاومة ألدّ أعداء الشعر والشاعر وهو النسيان، هذا الذي يجرف بأمواجه المتلاحقة أغلى ما حمله القلب واختزنه الوجدان من ذكريات، يحرص الشاعر علي أن يذكر هذه الأماكن بأسمائها قبل أن ينجح الزمن في طمس معالمها من كتاب الذاكرة:

اليوم أسهر في مدينتك الصغيرة وهي نائمة على

عرش السحاب

اليوم أبحث قرب مهدكِ عن طفولتك البعيدة

وهي تلمع في عباءات الضباب

على شبابيك الليالي.

الآن يأخذني هواء «الباحة» البحري مشتعلا

فأذهب في «المساريب» الصغيرة صوب قلبي

والآن، من أعلى جبال «القيم» والباهر …

أطل عليكِ

عائدة من الوادي إلى الباب العصيِّ على يد النسيان

باب الشوق

باب السوق

يا شجري ويا سوق الخميس

ويا بقايا النهر والريحان والموز التهامي.

ويلاحظ هنا أن الشاعر قد جمع النصوص التي تتحدث عن زمن الطفولة ومرابع الصبا تحت عنوان «تراتيل الأمكنة» وما يفيض به هذا العنوان من شغف وإجلال، وليؤكد الصلة العميقة التي ما تزال قائمة بين الشاعر وطفولته، والأمكنة التي جال فيها وصال، كما يؤكد ما يذهب إليه عدد من النقاد من أن الشاعر إذا فقد صلته بينابيع الطفولة أفتقد معها علاقته بالشعر كما ينبغي أن يكون.

ويلاحظ أيضا أن الشاعر علي الدميني لا يعيد إنتاج طفولته بشكل حرفي أوفوتوغرافي وإنما يحولها إلى تجارب شعرية تنبض بالحياة والبنى التعبيرية الخاصة:

قفا نحمد الله أن الفتى لم يزل غارقا في طفولته

مثل نخل الحسا «عيون» «العيون»

يقلب بين اليدين مداخل جنات عدنٍ، وأنهار نار

تضيء المدائن، من شارع المتنبي ببغداد،

حتى ابتسام الخليج لحي الدواسر « في شارع الحب

حين

تسلل في غصّة الليل

من وجعٍ نحو آخر،

من رايةٍ

لم تعد شجرا يانعا بالعصافير

أو لامعا كالأساطير

حتى دنى

وتدلّى

على سعف النخيل

فاتحة من رفيف اليمام

و"وسمية"منلموع السحاب.

وكما أن الشعر أسئلة الأبدي المتعددة فإنه وليد البيئة التي يخرج منها قابلا للتجلي في أي صفة فنية تعمل على استمالة المتلقى وتحرير ذاته من سلطة العابر وجبروت الواقع المباشر. وبما أن الشاعر علي الدميني ـ كما سبقت الإشارة- ينتمي إلى جيل من الشعراء الذين أنجزوا في فترة محدده أعمالا طلائعية متميزة، فإنه يبدو أكثرهم تمسكا وحرصا على ذلك المسار والاستغراق التلقائي في التماهي مع الواقعي والمتخيل :

وأنا أتجمع كالثلج في تعبي

لم يعرني الشجر…

أنّة

أو قميصا من الدمع

لم يتمايل مع الريح،

أو يتأمل، قريبا من الصبح

طفلَ الأنين على واجهات البيوت

وخلف الصور.

هنا شعر يرتعش القلب لعذوبته وبساطته. كما أن تكرار الإشارة إلى البساطة في شعر علي الدميني لا تخفي المكابدة ولا الجهد الفائق في تخليص نصوصه الشعرية من التفاصيل الزائدة، والالتباسات المعيقة للانسياب والوصول إلى صيغ وتراكيب أكثر بساطة وتعبيرا عن الانبثاقات الجميلة. كما أن حضور الشاعر داخل نصه الشعري بمثل هذه الكثافة يدفعنا إلى القول بأن الديوان كما تحرر من المحسنات البلاغية، وأنساق التعبير المستهلكة، فقد تحرر كذلك مما هو أسوأ وهو الوقوع المباشر في براثن الفخ السياسي، الذي يظن بعض الشعراء والمبتدئين منهم خاصة، أنهم يطرقون من خلاله أبواب الشهرة وأن الخوض في غمارها السطحي قد يستميل المتلقي ويغريه بالمتابعة والإنصات. وهم لذلك يحبّرون عشرات النصوص، أو بالأصح الخواطر الخالية من الشعر، في هجاء الأوضاع المزرية والواقع السياسي المتحجر بانعكاساته الفادحة على الوطن والناس، وتلك المهمة المباشرة وظيفة السياسي وبياناته، لا وظيفة الشاعر والشعر، وإذا تناولها فلا يكون التناول على هذا المستوى الخطابي المباشر، والشعراء الحقيقيون يعرفون كيف يتعاملون مع هذا الجانب لا بحذر فقط بل بشاعرية أيضا.

وقبل أن أطوي صفحات هذا العمل الشعري البديع ـ في وعد معه على لقاء مقبل ـ أدعو القارئ للتوقف عند هذه السطور الأربعة لما تضمنته من عذوبة غنائية وانسياب إيقاعي :

سلاما.. سلاما

على مطرٍ ثابت في العروق

وغيمٍ يسيل

على بسمة المائدة عرض أقل



*الشاعر علي غرم الله الدميني

علي غرم الله الدميني الغامدي (10 مايو 1948 - 25 أبريل 2022) شاعر وروائي وصحافي سعودي، وكاتب وناشط إصلاحي حقوقي.



سيرة

ولد الدميني في الباحة (السعودية) في 10 مايو 1948. أكمل دراسته الجامعية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، وحصل على شهادة في الهندسة الميكانيكية في العام 1974. وعمل نحو 8 سنوات في أرامكو في وظائف متعددة، ثم انتقل للعمل بالبنك الأهلي التجاري العام 1984.

تعد تجربة علي وأخيه الشاعر محمد الدميني في الشعر الحداثي من أهم التجارب في فترة الثمانينات الثرية، لوقوعها مبكرة في تلك الحقبة. وهو عضو في إدارة النادي الأدبي بالرياض منذ العام 1978.

أشرف الدميني على ملحق (المربد) الثقافي الشهير في الثمانينات في صحيفة اليوم، ومن ثم أسس مجلة (النص الجديد) الشهيرة وهي مجلة ثقافية طليعية من الدمام صدرت في مطلع الثمانينات واحتوت على تجارب ونصوص حداثية، أغلقت لاحقا.

تعد قصيدته (الخبت) من أشهر القصائد على المستوى العربي. وللدميني إنتاجات عديدة في الصحافة والمناشط الثقافية في المقال والنثر والقصيدة، وله -توثيقا لمسيرته النضالية -كتاب زمن للسجن...أزمنة للحرية، وكتاب نعم في الزنزانة لحن.

أعماله

للدميني عدة دواويين شعرية، منها:

رياح المواقع – 1987م

بياض الأزمنة – 1999م

مثلما نفتح الباب

بأجنحتها تدق اجراس النافذة – 1999م

خرز الوقت – 2016م

حزن النحيل 2023م

إشراقات رعوية لجسد الماء -2018 (مختارات شعرية)

وفي الرواية:

الغيمة الرصاصية: أطراف من سيرة سهل الجبلي - 1998

أيام في القاهرة وليال أخرى - 2006

وله أيضًا:

زمن للسجن: أزمنة للحرية - 2005

نعم في الزنزانة لحن

أمام مرآة محمد العلي - 2012

مجلة غصون

كتب عنه:

في الطريق إلى أبواب القصيدة: علي الدميني: دراسات وقراءات نقدية وشهادات عن تجربته الشعرية والثقافية -نادي المنطقة الشرقية الأدبي - 2015

قلق القوس والكتابة: قراءات نقدية في أوراق الشاعر علي الدميني - إعداد وإصدار جمعية الثقافة والفنون بالدمام – 2018



نماذج من شعره:

قصيدة الأصدقاء:

هؤلاء الذين يربّونَ قُطعانَهم في حشائشِ ذاكرتي

هؤلاء الذين يقيمون تحت لساني موائدهمْ،

كالهواء الأخيرْ.

مرّةً أستعيرُ لهم فرحَ امرأةٍ في الجريدة

تبكي عليّ،

مرَةً أُطلق السهم نحوي،

فأخشى عليهم جنونَ الصبيّ،

ومراراً أغسّلهم بالحدائق كي يتركوا جثتي في المياهْ،

عارياً كقميصٍ بلا شفتينْ،

نائماً في رفاتي كما أشتهي،

سابحاً في صفاتي كما ينبغي،

وأتوّجني سيّداً وأميرْ،





ولكِنْ!

كيف لي أن أرى دون قطعانهم سترتي،

فوق عرشي الضرير!


مراجع الملاحق

تم أخذ مادة الملاحق من المراجع التالية :

حسن الغامدي - الطائف – صحيفة

فيما استهل بإضاءة نقدية لفوزية أبو خالد

أدبي الطائف يطبع ديوان الشعر الأخير لعلي الدميني



أحمد بوقري

حدس الفقد.. لوعة الغياب

«حزن النخيل» استشعر رحيل «الدميني» قبل وفاته

ثقافة وفن الجمعة 15 مارس 2024

صحيفة عكاظ



الدكتور عبد العزيز المقالح(رحمه الله )

27 أغسطس 2017 ·

الشاعر السعودي علي الدميني… من خرز الوقت إلى تراتيل الأمكنة


https://www.facebook.com/232577021483/

https://ar.wikipedia.org/wiki

علي الدميني




تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...