المخرج المصري يسري نصر الله: فيلم «باب الشمس» صورة مقروءة لفلسطين وأخرى مُعاشة... حاوره – جعفر الديري:

حوار – جعفر الديري:

يعرض في سينما الدانة خلال الأيام القليلة المقبلة فيلم للمخرج المصري يسري نصرالله بعنوان «باب الشمس» وهو فيلم مستوحى من رواية بالاسم نفسه للكاتب اللبناني إلياس خوري، ويشارك في أداء أدوار الفيلم مجموعة من الفنانين والفنانات من مصر وسورية ولبنان وفلسطين ومن هذه الأسماء باسل الخياط، ليم تركي، ندى عمران، هيام عباس، محتسب عارف وآخرون، بمناسبة افتتاح العرض الأول للفيلم التقتينا مخرج العمل يسري نصرالله أثناء زيارته للبحرين للمشاركة في الافتتاح، ودار معه الحديث عن الفيلم والرواية الأصلية في إطلالة على كثير من التفصيلات المتعلقة به..

رواية إلياس خوري

* ما هي فكرة هذا الفيلم وكيف وقع الاختيار على رواية باب الشمس تحديداً؟

- الفيلم مأخوذ عن رواية نشرت العام 1998 عن دار الآداب للكاتب اللبناني المعروف إلياس خوري بعنوان «باب الشمس» حصلت على جائزة الرواية الفلسطينية في العام الماضي، وتدور حوادث الرواية في مخيم شاتيلا في العام 1994 إبّان فترة اتفاق أوسلو.

المحور الأساسي للفيلم يدور حول مناضل يحكي للطبيب أحاديث المخيم وقصة حبه لزوجته وهي تدور عن فترة النزوح، وكيف تم طرد الفلاحين من الجليل العام 1948 وكيف أنه كان يتسلل ويقابلها في المغارة التي تسمى باب الشمس، وكيف أنها كانت تحبل منه وكيف انه يعود الى فلسطين فيشارك في المقاومة.





هذا هو الجزء الأول المعنون باسم الرحيل، بينما الجزء الثاني من الرواية اسمه «العودة» ويثير إشكالية مفادها انك تروي قصة مجموعة من الناس فهل أنت قادر على ذلك دون أن تكون لك قصتك الخاصة بك؟! لذلك يبدأ الجزء الثاني برواية مقابلة يتبين لنا فيها أن المتحدث هذه المرة هو ابن للثورة وولد لم ير فلسطين وتربى في مخيم شاتيلا وله قصة حب معقدة مع بنت مقاتلة تنزل من بيته وتضرب رجلا برصاصة وتقول له زوجتك نفسي إذ إن لديها عاشقان، واحد يدعى خليل وآخر، فيقوم خليل بطرح سؤال على نفسه عن أمر هذه البنت وهل أنها تحبه أم لا؟ فخليل ابن للحرب الأهلية التي انهارت فيها جميع المؤسسات وكل تجربة المقاومة.

الجزء الأول من الرواية هي فلسطين كما وصلت الينا من خلال الحكاية والجزء الثاني فلسطيننا نحن جيل يسري نصرالله والياس خوري كما عشناها كجيل خاض حربا أهلية وعاش مذابح صبرا وشاتيلا، والفيلم في الجزء الأول ملحمي وموسيقي ومؤثر جدا بينما في الجزء الثاني عنيف وأكثر تعقيدا.

نص مركّب

* وهل التزم المخرج بالنص الروائي نفسه، أم حاول تحويره بما يتناسب مع رؤيته الخاصة؟

- التزمت بالاثنين فالنص مركب، الرواية تتكون من 600 صفحة، وهي نص بديع لغويا وشديد التعقيد وكأنه جزء من ألف ليلة وليلة تدخل قصة داخل قصة أخرى والزمن فيه متداخل، وقد حاولت المحافظة على البنية الأساسية للرواية وركّزت على قصتي الحب بين يونس ونبيلة، وشمس وخليل.

الأحداث ألهمتني

وهل احتوت الرواية أساسا على منظور سينمائي؟

- الرواية كانت مليئة بالحوادث والتفصيلات وهي أمور قد ألهمتني، لذلك حدثت بيني وبينها علاقة شأن كل عمل أدبي عظيم تقرأه فتشعر معه وكأنك جزء من حوادثه فكأنك تعيش قصة حب أو قصة حرب فيه، لذلك تعاملنا نحن الثلاثة أنا والياس خوري ومحمد سويد وكأننا عشنا هذه الرواية واستلهمنا منها بنى درامية.

الحكاية من خلال الأفراد لأول مرة

* فما الجديد الذي يطرحه الفيلم؟

- لأول مرة تحكى حكاية فلسطين من خلال الأفراد وليس الرموز، فيونس هو يونس ونبيلة هي نبيلة وخليل هو خليل وشمس هي شمس ومن حواليهم هم الناس، فلا أحد منهم يرمز لشيء آخر، والجملة التي أستخدمها في الفيلم في الجزء الثاني -وأجدني مقتنعا بها كثيرا وهو الأمر الذي حببني في الرواية الأصلية كثيرا- أن المناضل الفلسطيني عزمي بشارة قال مرة إن كل العرب -ويعني الأنظمة تحديداً- يموتون في القضية الفلسطينية ويكرهون الفلسطينيين لأنهم بالنسبة لهم مزعجون، وأنا إنسان مصري يحب الفلسطينيين، قمت بعمل هذا الفيلم مع إلياس خوري الذي قام أيضا بكتابة السيناريو ومحمد سويد ونحن نعرف بعضنا من أيام حرب 1978 ومنذ أيام الحرب الأهلية في لبنان.




عُرض في «كان»

* وماذا عن السيناريو والتصوير وكلفة الإنتاج؟

- السيناريو كتب في أقل من عام في العام 2001 وبدأنا تصوير الجزء الأول في سبتمبر/ أيلول 2002 في سورية في فلسطين القديمة الى يناير/ كانون الثاني 2003 والجزء الثاني بدأ تصويره من مايو/ أيار 2003 في لبنان الى أغسطس/ آب 2003 وعرض الفيلم في مهرجان كان في هذا العام وكان الاختيار الرسمي للمهرجان، وقد كلفنا الفيلم نحو أربعة ملايين يورو ونصف المليون وهو يحوي مشاهد ضخمة وديكورات ضخمة وحرباً كبيرة.

بهرني أداء الممثلين

* ولماذا اخترت هذا التنوع في الشخصيات.. الفلسطيني واللبناني والسوري؟

- سؤال مهم، إنّ أول مشكلة واجهتني هي أن كل الممثلين والممثلات الفلسطينيين الجيدين كانوا في «اسرائيل» ولديهم جوازات سفر إسرائيلية، وبالتالي أن تأتي بهم إلى سورية ولبنان شيء مستحيل فهم فلسطينيون يعيشون تحت الاحتلال وجوازاتهم إسرائيلية، وقد حاولت أن أحصل على ممثلين مجدّين في المخيمات الفلسطينية وكانت عملية صعبة للغاية فلم أجد منهم من كان قادرا على عمل هذه الأدوار المعقدة، هذا إلى جانب أن هناك جانبا محافظا جدا بينما يقوم الفيلم على الجرأه فهناك امرأة تعيش على علاقتين مع رجلين فهو فيلم يدخل في مناطق شديدة الحساسية وليس من السهل على إنسان غير ممثل ان يدخل في تفاصيله ويكون قادرا على فهم ماذا يريد المخرج.

ان القاعدة التي سرت عليها أنني لا أريد ممثلين مصريين فالدوران اللذان يقوم بأدائهما ممثلان مصريان دوران مبرران دراميا فقد كنت أود التعرف على شيء جديد، ولكني وجدت الممثلين على قدر الرؤية التي أردت طرحها في الفيلم، فقد بهرت بأدائهم وكانوا من أجمل الممثلين الذين عملت معهم في حياتي، فمستويات تمثيلهم كانت مدهشة للغاية.

المصدر: جعفر الديري: صحيفة الوسط البحرينية: العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ

نصرالله: «باب الشمس» صورة مقروءة لفلسطين وأخرى مُعاشة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...