الشاعر عبدالحميد شكيل...
شاعر الماء والريح والحجر ..
الحقيقة وجدتني أتريث جيدا كي لا أدخل حقلا ملغما ولا أنجح الخروج منه ..لكن سرعان ما تداركت أنني مجرد إعلامي درس الإعلام والإتصال ولست خبيرا في اللغة ولا في النقد ولا في المطارحات الفكرية ..
إنه الوحيد من كان يؤشر لي تواجده في الساحة الأدبية معنى حقيقيا لشاعر كبير أرغم محركات البحث العالمية أن تنساق اليه وإلى بياناته ..أن تتابعه رغما عنها أن تستعمل طريقة " البحث عن بعد" .. " gps " لتتبع خطواته.. أن لا تتركه ينتشر بدون علمه ..تلوح بالصورة والبيانات منه تدونها لواحد كبير في الإبداع الجزائري ..
عرفته في الجلفة في ملتقاها الأدبي عام 2003 عبر تخمين كانت تهندسه محطات ما عايشناه في دار الثقافة " إبن رشد " بحضور من هندس الملتقى وأترابه الشاعر سليمان جوادي.. عايشت باتولوجيته يرافقه في كل لحظة الكاتب المتفرد جمال فوغالي ومحمد الصالح حرزالله ..يجمعهم اللقاء الحميمي وقتها ولا يجمعني به ..هو شاعرنا الكبير عبد الحميد شكيل إلا حركات هي عبارة عن التحيات والسلام المتكرر من بعيد ..كيف لي أن أدخل مملكته اللغوية التي لا يسهل لي أن أرى نفسي وقد فلتت من جبروتها وقوتها اللغوية السيبوية.. وكنت أعلم بالحدس الذي يسكنه أنه يستحيل أن يتواصل مع باقي الناس وأنا منهم بلغة الماء والحجر و أوشام الطاسيلي وعطش الأنهار التي يسكبها من فتحه الشعري المخصب .. كنت أخاف أن أقترب منه هكذا .. لكوني رسمت تصورا أن الكبير عبد الحميد شكيل يستحيل أن يحاوره و يجاوره الناس والبشر ..
وجاءت الفرصة من الله أن نلتقي في العاصمة عبر دعوة جاءت كذلك من السماء من القائمين بوزارة الثقافة والفنون تدعونا كي نشارك ونحتفي بالنوابغ الجزائرية في نزل الأوراسي ..إلتقيته ..بل إلتقاني وكان معه الجميل و الكبير الشاعر إدريس بوديبة الذي سهل لي التواصل مع شاعر القصيدة النثرية الكبير عبد الحميل شكيل ..كان سعيدا بي وكان يؤشر لي بصمته الجميل أنه يحبني ويمنحني لغة خاصة بي أفهمها غير لغته العاصفة ..منحتني تلك الأيام أن نتعارف ونعيش نشوة اللقاء مع كبار لنا في الحرف والمعاني والتراجم و أولهم العزيز الذي كتبت فيه حلقتي الأسبوع الماضي شاعرنا الكبير إدريس بوديبة .. عزيزي إدريس الذي أتساءل بكل براءة كيف له أن يتواصل بتلك الطلاقة الإنسانية مع عبد الحميد شكيل ويلازمان رؤية مشتركة تمنحهما التعاطي بلغتهما التي نمتلكها نحن أم بلغة الحجر والماء يتنغمان في رواق يجمعهما في نسق إنساني بعيدا عن الحالة السيبوية ..
لا علينا فديوان عبد الحميد شكيل " يتنهد في صمته الحجر" أراه يجيب عن كل تلك التساؤلات التي تطاردني حينما يذكر إسمه..نعم الى أن جاء التساؤل كبيرا من الناقدة المعروفة أمينة بلعلى التي تساءلت في صفحتها كأنها كانت تلازمني تساؤلا وحيرة. وهي تكتب ومضة فيها الكثير من الأسئلة تؤسس لهذا الذي يجعلنا نبحث عن دلالات ما تساءلت به في نسق الحياة الإبداعية ..
تقول الدكتورة الناقدة أمينة بلعلى :
" عبد الحميد شكيل الشاعر الذي لم يتوقف عن الكتابة منذ السبعينيات والشاهد الحقيقي على تحولات قصيدة النثر في الجزائر . الناطق الرسمي باسمها دون منازع، هل ظلمه النقد الجزائري وفضل أصحابه أن يتسكعوا في أسواق الشعر شرقا وغربا علهم يعثرون على شويعر يكتبون عنه أم أنهم عجزوا عن مواكبة تجربته ومشروعه الكبير..." ..
كلام وكما ترون يحكي عن هذا النكوص الحاصل في ساحتنا الأدبية عموما والنقدية خصوصا حينما لم يواكب الدارسون و المتخصصون تجربة كبير لنا في قصيدة النثر حينما وجدت أن تساؤل الدكتورة خلق نقاشا واعدا يؤكد فكرتها المتحضرة والضاربة في عمق ما أكده هو نفسه شاعرنا الكبير عبد الحميد شكيل .. حينما أكد هو عبر كتابه : "ملاذات الشطح " يؤكده الكاتب المعروف د - محمد سيف الاسلام بوفلاقة / جامعة عنابة..عبر دراسة بعنوان : " مرايا الذّات ومساءلات لأوجاع الزّمن " ..حينما قال :
" كما ينزع الأستاذ شكيل نحو إشاعة ثقافة المحبة والتسامح والرؤى الحضارية، ويعبر عن هذا التوجه بالإشارة إلى أن الكتابة في تجليها المبدع هي تأسيس بالمحبة للمحبة، وهي التي تمكننا من الانتصار على هزائمنا الفردية والجماعية، وقد ختم مقاله هذا بالقول: «لنرفع مجد المحبة والود والصدق عوض هذا النواح والعويل والجنائزية والفردية التي لا تحيل إلا إلى طريق مسدود لا فكاك منه...ومن ثمة أسأل هل ثمة ما يحفّزنا كيما نغني في عتمة هذه الأوقات الكالحة؟...لكننا رغم القهر والبؤس والجنائزية سنستمر في الحياة، وسيغني السنونو في مطالع الأيام القادمة، وستكون وجهتنا الفضاءات المسكونة بالمحبة والصفو والنشيد الجميل...»..
نعم هي ثقافة المحبة من ترسم خلاصا وتحدث تغييرا في النفوس حينما نلازم ثقافة المحبة التي ناديت بها شخصيا منذ تواجدي في الشروق الثقافي ..ثقافة المحبة التي تجعل المبدع الكاتب يسعى للخير عبر تثوير تفاصيل والكتابة في هؤلاء الذين يسكنون القلب ..
لذلك كان لكلام الدكتورة أمينة بلعلى أن تفاعل معه الكثيرين ليقولوا هذا الجميل فيه :
* أدريس بوديبة : عبد الحميل شكيل شاعر مبدع كبير مسكون بهواجس القصيدة التي أعطته روحها ولوازمها الثمينة..
* وسيلة بوسيس : يشبه نفسه لا يشبهه أحد ينساب في الشعر وفي تأمله لحالاته الشعرية ، يرى نفسه من الداخل ومن أعلى رؤية موشورية متعددة الزوايا، ...
* زهرة بلعالية : النقد للأسف ..استسهل النفاق المصلحي السهل النافع ..فلم يعد قادرا على مواكبة المعنى ..وشاعر الماء عبد الحميد شكيل أثبت فعلا أن روحه الصوفية أوسع من ضيق النقد فاستمر في الكتابة حتى الآن بلغة لا تعطش أبدا ..
* الاستاذة سعيدي شريفة : أعترف كقارئة أنني عندما أقرأ له أشعر بالضياع ولا يتأتى لي الإمساك بشيء..
* كعوان محمد بن عمار : تشكل تجربته الشعرية ظاهرة إبداعية متفردة ، فقد شق طريقه الشعري بنفس طويل أوصله إلى هذا المستوى الفني المتميز ..
* مصطفى أبو الزهرة : استمتع بما يصلني من نصوصه من حين لآخر ..شاعر ناثر كبير نسيج وحده ..متوله ناسك
و يغرف باقتدار من نهر جمالي آخر ..عبارته مكثفة الدفق شديدة المتانة..وذات صفاء خاص..
* د طارق ثابت : شاعر الماء.. بهاء ما بعده بهاء..
أعجبني كثيرا ما كتبه فيه الناقد المعروف مخلوف عامر عبر النادي الأدبي للجمهورية حيث نوه الشاعر عبد الحميد شكيل بما كتب فيه:
" أشكر الصديق العزيز والناقد المعروف مخلوف عامر على هذه الإشادة الجميلة بشخصي المتواضع ،وهذه لفتة طيبة منه للتذكير بالأسماء الأدبية التي لا يشار إليها في وسائل الإعلام ،على الرغم من تواجدها في المشهد الثقافي لعقود..
وهم ياصديقي " يحبونك ميتا، ليقولوا كان لنا وكنا منا" لحد قول محمود درويش..الشكر أيضا للمشرفة على " النادي الأدبي" الكاتبة والإعلامية : السيدة عالية بوخاري على الجهد...
قال الناقد مخلوف عامر :
" لعلّي لا أغالي إذْ أقول إن جيل السبعينيات من القرن الماضي كان معظمه من العصاميين، لأنهم وجدوا أنفسهم غداة الاستقلال في منظومة تربوية تحبو وئيدة. وحتى حين أخذ عودها يشتدُّ تدريجياً لم تكن مناهج تدريس اللغة العربية وآدابها في مستوى كثير من البلدان التي سبقتنا أو ساعدها خطابُ القومية العربية على أنْ تكثِّف جهودها للحرص على النهوض بهذه اللغة. لكن الواقع الاستثنائي في بلادنا يُثبت أن كثيرا من الجزائريين ظلوا يُتقنونها ويُنتجون بها في سائر الحقول بخلاف ما يتوهَّم بعض المشارقة.
يُعدُّ (عبدالحميد شكيل)،من هذا الجيل الذي تعلّمَ الحروف الأولى في الكُتَّاب،حيث كانت هذه المدرسة القرآنية ركيزة أساسية في الحفاظ على البُعْد العربي الإسلامي من الهوية. إنه جيل اللوحة والصلصال والقلم القصبي ورائحة السمق والوَذَح.وإني أتصوَّر (عبد الحميد) طفلاً يذرع اللوحة من أعلاها إلى أدناها،دافعاً بجسده النحيل إلى أمام وإلى وراء وسط صخب زملائه، يُلجلج ما تيسَّر من القرآن حِرْيصاً منه على أنْ يكون سبَّاقاً إلى محْو لوحته لكتابة سورة جديدة أو جزء من سورة.وربّما ابتهج مرات ومرات بختم حزب أو أكثر.
ولد عبد الحميد عام 1950م، بأولاد عطية بالقُل ولاية سكيكدة . انتقل إلى مدينة قسنطينة، فتعلم في المدارس الليلية، ثم دخل مدرسة الكتانية في العام الدراسي (1965-1966م)، وبعدها التحق بالمعهد الإسلامي فتحصَّل على الشهادة الأهلية عام 1970م ليشتغل في سلك التعليم إلى أنْ تقاعد.." ...
الناقد عبد الحميد هيمة من جامعة ورقلة .. كتب دراسة بعنوان" اللغة الصوفية في قصيدة النثر" ..تجربة الشاعر عبد الحميد شْكِيّلْ نموذجا" ..حيث قال :
" ولعل أهم ما يميز نصوص عبد الحميد شكيل، إيقاعها المتوتر، الذي يعبر عن انكسارات ذات هدها الواقع بهزائمه و انكساراته، فقد بدأ الكتابة سنة "1967 " ، هذا على مستوى الرؤية، أما على مستوى اللغة فنلحظ حضورا واضحا للغة الصوفية في أغلب تجاربه، وهي تحيلنا إلى حوارية نصية واضحة مع نصوص أقطاب التصوف مثل: النفري وابن العربي، و الحلاج وغيرهم...."، كما تحفل بمصطلحات أهل الحال، التي تتجلى من عناوين الكثير من مجموعاته الشعرية مثل: مراتب العشق- مقام سيوان- كتاب الأسماء ..كتاب الإشارات.غوايات الجمر والياقوت.."..
يواصل عبد الحميد هيمة كلامه :
" وعبد الحميد شْكِيّل يقدم لنا تجربة ذاتية تطرق أبواب المجهول، وتستشرف أفق الجمال والفن غير المحدود، شأنه شأن الصوفي الذي يقدم تجربة ذوقية ذاتية لا يمكن التعبيرعنها إلا بلغة الإشارة والرمز، لأنه لم يجد طريقا آخر يترجم به رياضاته الروحية، غير طريق الرمز؛ فليس بمقدور الصوفي ان يبين خفايا عالم الغيب، والمعرفة الباطنية إلا باللجوء إلى الرمز الذي يغدو بمثابة السحاب الذي يغطي شمس الحقيقة حتى نستطيع ان نحدق فيها دون ان نخشى الاحتراق.والأمر نفسه عند الشاعر عبد الحميد شكيل ، الذي يستعير اللغة الصوفية للتعبير عن ذاته المفعمة بالسمو والروحانية..."...
هكذا أعجبني ما كتب الشاعر الكبير عبد الحميد شكيل في صفحته عبر عنوان فرعي بعنوان :" حالات ".. صفحته التي تعودت أن أزورها كل مرة كي أتعلم فصول اللغة ومحطاتها ..
يقول الشاعر عبد الحميد شكيل :
" لا تنوجد القصيدة، إلا في سموات الطلق، ومقامات الكشف ، ومنازل القربى، وبحار البراح، وآفاق التدفق، في سويته، وهويته، العلامية ،الراصدة، لفيض التجربة، وتجليات البرهان،
وصوابيات البيان، المعول عليه لتوشيح القصيدة، وكشط ما
علق بها من شوائب، واختلالات، واعطاب تنال من وهجها، وعوالمها السابحة في أمواء المعنى، وبذاخة التحول.
لايمكن للقصيدة أن تبنى على رؤى شاحبة، وتجربة غير مكتنزة، ولا مشبعة بتراث اللغة، وفتوحات الامتصاص، ونصاعة السبك، ومتانة العجن، وغناء الحفر، وأنطولوجبة
التوجه، وسدادة الانسكاب، ودقة الدفق، وصدقية الخفق،
ووجاهة السبق، وذكاء الاحتواء، والخرق.." ..
كذلك عايشت تجربة الشاعر الكبير عبد الحميد شكيل عبر هذه النظرة الإعلامية بعيدا الغوص في الماء والمكان وتلك الحالات التي تنصهر في شعره الرائع تلازمني تجربة لكبير أحببته فعلا منذ اللقاء الأخير به في نزل الأوراسي ..لقاء كان يؤشر لي في الذاكرة أن أكتب فيه و أجازف بقلمي الذي يرسم المحبة والأخوة وكنت سعيدا أن أعيش لغة النقاد فيه يلازمون آثاره و محطاته وروحانية تسكنه مذ عايشنا سيميائية إسم يؤسس للجديد المتجدد ..كذلك سعدت به كبيرا من عشيرتي و من قبيلتي ..واحدا من عائلتي تستطيع القول.. أنه فعلا في القلب..
شاعر الماء والريح والحجر ..
الحقيقة وجدتني أتريث جيدا كي لا أدخل حقلا ملغما ولا أنجح الخروج منه ..لكن سرعان ما تداركت أنني مجرد إعلامي درس الإعلام والإتصال ولست خبيرا في اللغة ولا في النقد ولا في المطارحات الفكرية ..
إنه الوحيد من كان يؤشر لي تواجده في الساحة الأدبية معنى حقيقيا لشاعر كبير أرغم محركات البحث العالمية أن تنساق اليه وإلى بياناته ..أن تتابعه رغما عنها أن تستعمل طريقة " البحث عن بعد" .. " gps " لتتبع خطواته.. أن لا تتركه ينتشر بدون علمه ..تلوح بالصورة والبيانات منه تدونها لواحد كبير في الإبداع الجزائري ..
عرفته في الجلفة في ملتقاها الأدبي عام 2003 عبر تخمين كانت تهندسه محطات ما عايشناه في دار الثقافة " إبن رشد " بحضور من هندس الملتقى وأترابه الشاعر سليمان جوادي.. عايشت باتولوجيته يرافقه في كل لحظة الكاتب المتفرد جمال فوغالي ومحمد الصالح حرزالله ..يجمعهم اللقاء الحميمي وقتها ولا يجمعني به ..هو شاعرنا الكبير عبد الحميد شكيل إلا حركات هي عبارة عن التحيات والسلام المتكرر من بعيد ..كيف لي أن أدخل مملكته اللغوية التي لا يسهل لي أن أرى نفسي وقد فلتت من جبروتها وقوتها اللغوية السيبوية.. وكنت أعلم بالحدس الذي يسكنه أنه يستحيل أن يتواصل مع باقي الناس وأنا منهم بلغة الماء والحجر و أوشام الطاسيلي وعطش الأنهار التي يسكبها من فتحه الشعري المخصب .. كنت أخاف أن أقترب منه هكذا .. لكوني رسمت تصورا أن الكبير عبد الحميد شكيل يستحيل أن يحاوره و يجاوره الناس والبشر ..
وجاءت الفرصة من الله أن نلتقي في العاصمة عبر دعوة جاءت كذلك من السماء من القائمين بوزارة الثقافة والفنون تدعونا كي نشارك ونحتفي بالنوابغ الجزائرية في نزل الأوراسي ..إلتقيته ..بل إلتقاني وكان معه الجميل و الكبير الشاعر إدريس بوديبة الذي سهل لي التواصل مع شاعر القصيدة النثرية الكبير عبد الحميل شكيل ..كان سعيدا بي وكان يؤشر لي بصمته الجميل أنه يحبني ويمنحني لغة خاصة بي أفهمها غير لغته العاصفة ..منحتني تلك الأيام أن نتعارف ونعيش نشوة اللقاء مع كبار لنا في الحرف والمعاني والتراجم و أولهم العزيز الذي كتبت فيه حلقتي الأسبوع الماضي شاعرنا الكبير إدريس بوديبة .. عزيزي إدريس الذي أتساءل بكل براءة كيف له أن يتواصل بتلك الطلاقة الإنسانية مع عبد الحميد شكيل ويلازمان رؤية مشتركة تمنحهما التعاطي بلغتهما التي نمتلكها نحن أم بلغة الحجر والماء يتنغمان في رواق يجمعهما في نسق إنساني بعيدا عن الحالة السيبوية ..
لا علينا فديوان عبد الحميد شكيل " يتنهد في صمته الحجر" أراه يجيب عن كل تلك التساؤلات التي تطاردني حينما يذكر إسمه..نعم الى أن جاء التساؤل كبيرا من الناقدة المعروفة أمينة بلعلى التي تساءلت في صفحتها كأنها كانت تلازمني تساؤلا وحيرة. وهي تكتب ومضة فيها الكثير من الأسئلة تؤسس لهذا الذي يجعلنا نبحث عن دلالات ما تساءلت به في نسق الحياة الإبداعية ..
تقول الدكتورة الناقدة أمينة بلعلى :
" عبد الحميد شكيل الشاعر الذي لم يتوقف عن الكتابة منذ السبعينيات والشاهد الحقيقي على تحولات قصيدة النثر في الجزائر . الناطق الرسمي باسمها دون منازع، هل ظلمه النقد الجزائري وفضل أصحابه أن يتسكعوا في أسواق الشعر شرقا وغربا علهم يعثرون على شويعر يكتبون عنه أم أنهم عجزوا عن مواكبة تجربته ومشروعه الكبير..." ..
كلام وكما ترون يحكي عن هذا النكوص الحاصل في ساحتنا الأدبية عموما والنقدية خصوصا حينما لم يواكب الدارسون و المتخصصون تجربة كبير لنا في قصيدة النثر حينما وجدت أن تساؤل الدكتورة خلق نقاشا واعدا يؤكد فكرتها المتحضرة والضاربة في عمق ما أكده هو نفسه شاعرنا الكبير عبد الحميد شكيل .. حينما أكد هو عبر كتابه : "ملاذات الشطح " يؤكده الكاتب المعروف د - محمد سيف الاسلام بوفلاقة / جامعة عنابة..عبر دراسة بعنوان : " مرايا الذّات ومساءلات لأوجاع الزّمن " ..حينما قال :
" كما ينزع الأستاذ شكيل نحو إشاعة ثقافة المحبة والتسامح والرؤى الحضارية، ويعبر عن هذا التوجه بالإشارة إلى أن الكتابة في تجليها المبدع هي تأسيس بالمحبة للمحبة، وهي التي تمكننا من الانتصار على هزائمنا الفردية والجماعية، وقد ختم مقاله هذا بالقول: «لنرفع مجد المحبة والود والصدق عوض هذا النواح والعويل والجنائزية والفردية التي لا تحيل إلا إلى طريق مسدود لا فكاك منه...ومن ثمة أسأل هل ثمة ما يحفّزنا كيما نغني في عتمة هذه الأوقات الكالحة؟...لكننا رغم القهر والبؤس والجنائزية سنستمر في الحياة، وسيغني السنونو في مطالع الأيام القادمة، وستكون وجهتنا الفضاءات المسكونة بالمحبة والصفو والنشيد الجميل...»..
نعم هي ثقافة المحبة من ترسم خلاصا وتحدث تغييرا في النفوس حينما نلازم ثقافة المحبة التي ناديت بها شخصيا منذ تواجدي في الشروق الثقافي ..ثقافة المحبة التي تجعل المبدع الكاتب يسعى للخير عبر تثوير تفاصيل والكتابة في هؤلاء الذين يسكنون القلب ..
لذلك كان لكلام الدكتورة أمينة بلعلى أن تفاعل معه الكثيرين ليقولوا هذا الجميل فيه :
* أدريس بوديبة : عبد الحميل شكيل شاعر مبدع كبير مسكون بهواجس القصيدة التي أعطته روحها ولوازمها الثمينة..
* وسيلة بوسيس : يشبه نفسه لا يشبهه أحد ينساب في الشعر وفي تأمله لحالاته الشعرية ، يرى نفسه من الداخل ومن أعلى رؤية موشورية متعددة الزوايا، ...
* زهرة بلعالية : النقد للأسف ..استسهل النفاق المصلحي السهل النافع ..فلم يعد قادرا على مواكبة المعنى ..وشاعر الماء عبد الحميد شكيل أثبت فعلا أن روحه الصوفية أوسع من ضيق النقد فاستمر في الكتابة حتى الآن بلغة لا تعطش أبدا ..
* الاستاذة سعيدي شريفة : أعترف كقارئة أنني عندما أقرأ له أشعر بالضياع ولا يتأتى لي الإمساك بشيء..
* كعوان محمد بن عمار : تشكل تجربته الشعرية ظاهرة إبداعية متفردة ، فقد شق طريقه الشعري بنفس طويل أوصله إلى هذا المستوى الفني المتميز ..
* مصطفى أبو الزهرة : استمتع بما يصلني من نصوصه من حين لآخر ..شاعر ناثر كبير نسيج وحده ..متوله ناسك
و يغرف باقتدار من نهر جمالي آخر ..عبارته مكثفة الدفق شديدة المتانة..وذات صفاء خاص..
* د طارق ثابت : شاعر الماء.. بهاء ما بعده بهاء..
أعجبني كثيرا ما كتبه فيه الناقد المعروف مخلوف عامر عبر النادي الأدبي للجمهورية حيث نوه الشاعر عبد الحميد شكيل بما كتب فيه:
" أشكر الصديق العزيز والناقد المعروف مخلوف عامر على هذه الإشادة الجميلة بشخصي المتواضع ،وهذه لفتة طيبة منه للتذكير بالأسماء الأدبية التي لا يشار إليها في وسائل الإعلام ،على الرغم من تواجدها في المشهد الثقافي لعقود..
وهم ياصديقي " يحبونك ميتا، ليقولوا كان لنا وكنا منا" لحد قول محمود درويش..الشكر أيضا للمشرفة على " النادي الأدبي" الكاتبة والإعلامية : السيدة عالية بوخاري على الجهد...
قال الناقد مخلوف عامر :
" لعلّي لا أغالي إذْ أقول إن جيل السبعينيات من القرن الماضي كان معظمه من العصاميين، لأنهم وجدوا أنفسهم غداة الاستقلال في منظومة تربوية تحبو وئيدة. وحتى حين أخذ عودها يشتدُّ تدريجياً لم تكن مناهج تدريس اللغة العربية وآدابها في مستوى كثير من البلدان التي سبقتنا أو ساعدها خطابُ القومية العربية على أنْ تكثِّف جهودها للحرص على النهوض بهذه اللغة. لكن الواقع الاستثنائي في بلادنا يُثبت أن كثيرا من الجزائريين ظلوا يُتقنونها ويُنتجون بها في سائر الحقول بخلاف ما يتوهَّم بعض المشارقة.
يُعدُّ (عبدالحميد شكيل)،من هذا الجيل الذي تعلّمَ الحروف الأولى في الكُتَّاب،حيث كانت هذه المدرسة القرآنية ركيزة أساسية في الحفاظ على البُعْد العربي الإسلامي من الهوية. إنه جيل اللوحة والصلصال والقلم القصبي ورائحة السمق والوَذَح.وإني أتصوَّر (عبد الحميد) طفلاً يذرع اللوحة من أعلاها إلى أدناها،دافعاً بجسده النحيل إلى أمام وإلى وراء وسط صخب زملائه، يُلجلج ما تيسَّر من القرآن حِرْيصاً منه على أنْ يكون سبَّاقاً إلى محْو لوحته لكتابة سورة جديدة أو جزء من سورة.وربّما ابتهج مرات ومرات بختم حزب أو أكثر.
ولد عبد الحميد عام 1950م، بأولاد عطية بالقُل ولاية سكيكدة . انتقل إلى مدينة قسنطينة، فتعلم في المدارس الليلية، ثم دخل مدرسة الكتانية في العام الدراسي (1965-1966م)، وبعدها التحق بالمعهد الإسلامي فتحصَّل على الشهادة الأهلية عام 1970م ليشتغل في سلك التعليم إلى أنْ تقاعد.." ...
الناقد عبد الحميد هيمة من جامعة ورقلة .. كتب دراسة بعنوان" اللغة الصوفية في قصيدة النثر" ..تجربة الشاعر عبد الحميد شْكِيّلْ نموذجا" ..حيث قال :
" ولعل أهم ما يميز نصوص عبد الحميد شكيل، إيقاعها المتوتر، الذي يعبر عن انكسارات ذات هدها الواقع بهزائمه و انكساراته، فقد بدأ الكتابة سنة "1967 " ، هذا على مستوى الرؤية، أما على مستوى اللغة فنلحظ حضورا واضحا للغة الصوفية في أغلب تجاربه، وهي تحيلنا إلى حوارية نصية واضحة مع نصوص أقطاب التصوف مثل: النفري وابن العربي، و الحلاج وغيرهم...."، كما تحفل بمصطلحات أهل الحال، التي تتجلى من عناوين الكثير من مجموعاته الشعرية مثل: مراتب العشق- مقام سيوان- كتاب الأسماء ..كتاب الإشارات.غوايات الجمر والياقوت.."..
يواصل عبد الحميد هيمة كلامه :
" وعبد الحميد شْكِيّل يقدم لنا تجربة ذاتية تطرق أبواب المجهول، وتستشرف أفق الجمال والفن غير المحدود، شأنه شأن الصوفي الذي يقدم تجربة ذوقية ذاتية لا يمكن التعبيرعنها إلا بلغة الإشارة والرمز، لأنه لم يجد طريقا آخر يترجم به رياضاته الروحية، غير طريق الرمز؛ فليس بمقدور الصوفي ان يبين خفايا عالم الغيب، والمعرفة الباطنية إلا باللجوء إلى الرمز الذي يغدو بمثابة السحاب الذي يغطي شمس الحقيقة حتى نستطيع ان نحدق فيها دون ان نخشى الاحتراق.والأمر نفسه عند الشاعر عبد الحميد شكيل ، الذي يستعير اللغة الصوفية للتعبير عن ذاته المفعمة بالسمو والروحانية..."...
هكذا أعجبني ما كتب الشاعر الكبير عبد الحميد شكيل في صفحته عبر عنوان فرعي بعنوان :" حالات ".. صفحته التي تعودت أن أزورها كل مرة كي أتعلم فصول اللغة ومحطاتها ..
يقول الشاعر عبد الحميد شكيل :
" لا تنوجد القصيدة، إلا في سموات الطلق، ومقامات الكشف ، ومنازل القربى، وبحار البراح، وآفاق التدفق، في سويته، وهويته، العلامية ،الراصدة، لفيض التجربة، وتجليات البرهان،
وصوابيات البيان، المعول عليه لتوشيح القصيدة، وكشط ما
علق بها من شوائب، واختلالات، واعطاب تنال من وهجها، وعوالمها السابحة في أمواء المعنى، وبذاخة التحول.
لايمكن للقصيدة أن تبنى على رؤى شاحبة، وتجربة غير مكتنزة، ولا مشبعة بتراث اللغة، وفتوحات الامتصاص، ونصاعة السبك، ومتانة العجن، وغناء الحفر، وأنطولوجبة
التوجه، وسدادة الانسكاب، ودقة الدفق، وصدقية الخفق،
ووجاهة السبق، وذكاء الاحتواء، والخرق.." ..
كذلك عايشت تجربة الشاعر الكبير عبد الحميد شكيل عبر هذه النظرة الإعلامية بعيدا الغوص في الماء والمكان وتلك الحالات التي تنصهر في شعره الرائع تلازمني تجربة لكبير أحببته فعلا منذ اللقاء الأخير به في نزل الأوراسي ..لقاء كان يؤشر لي في الذاكرة أن أكتب فيه و أجازف بقلمي الذي يرسم المحبة والأخوة وكنت سعيدا أن أعيش لغة النقاد فيه يلازمون آثاره و محطاته وروحانية تسكنه مذ عايشنا سيميائية إسم يؤسس للجديد المتجدد ..كذلك سعدت به كبيرا من عشيرتي و من قبيلتي ..واحدا من عائلتي تستطيع القول.. أنه فعلا في القلب..