ينصُّ القانون الخاص بالأحزاب السياسية على أن هذه الأخيرة، من مهامها، أن تُمارسَ أنشطتَها بكل حرِّية طبقا للدستور والقانون. وبما أن الأحزاب السياسية تمثِّل الشعب، أو على الأقل، جزأً من هذا الشعب، وتنوب عنه في تدبير الشأن السياسي، العام والمحلِّي، فمن المفروض أن تكونَ هذه الأحزاب سبَّاقةً في اتخاذ القرارات وإصدار الآراء التي من شأنها أن تًساهم، من جهة، في تنوير الرأي العام سياسيا، ومن جهة أخرى، في تحسين ظروف عيش المواطنين، الاجتماعية منها والاقتصادية.
غير أن ما نلاحظه، في غالب الأحيان، هو أن الأحزاب السياسية، أمام العديد من القضايا السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، وخصوصا، القضايا التي لها أهمِّية كبرى على الصَّعيدين الوطني والدولي، إما أن تلتزمَ الصَّمتَ الكامل وإما أن يكونَ لها ردُّ فعل ولكن بعد مرور وقتٍ طويل على هذه القضايا. وكأن هذه الأحزاب السياسية تنتظر إذناً أو ضوءً أخضر من جهة أخرى لتتَّخذ مواقف أو تعبِّرَ عن آراءٍ أو تتقدَّمَ بمقترحات.
والقضايا التي كانت تتطلَّب ردَّ الفعل السريع العلَني من طرف الأحزاب السياسية كثيرة أذكر منها على سبيل المثال حلول وباء كورونا، حالة الطواريء الصحية، مأساة معمل النسيج السري بطنجة، إغلاق معبري سبتة ومليلية، الأزمة السياسية بين المغرب وألمانيا وبين المغرب وآسبانيا، المساواة في الإرث، مشاركة المغاربة المقيمين في الخارج في الانتخابات التشريعية، الانتقال الديمقراطي، الانزلاقات السياسية لبعض الوزراء والمسئولين، مسألة الحريات العامة والشخصية…
والغريب في الأمر أن نفس الأحزاب السياسية كان لها ردود فعل سريعة عندما تعلق الأمرُ بتقاعد البرلمانيين وابتداع القاسم الانتخابي. إن دل هذا على شيء، إنما يدلُّ على أنانية الأحزاب وتشبُّثُها بمصالحها الضيقة على حساب مصلحة الوطن.
فإنْ كانت للأحزاب السياسية الجرأة في مناقشة مصالحها الضيقة، فإن هذه الجرأة غائبة حينما يتعلق الأمر بقضايا لها طابع وطني وتكتسي أهمِّيةً بالغة سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. وغياب هذه الجرأة، إن كانت مفهومةً عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الإدارية، فهي غير مفهومة عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الوطنية التقليدية، سواءً كانت في الحكومة أو في المعارضة!
فكيف لأحزابٍ سياسية كان لها دورٌ مهمٌّ في النضال ضد الاستعمار وكافحت من أجل أن تنالَ البلادُ استقلالَها، أن تتوقَّفَ عن النضال وتُهملُه عندما أصبح من واجبها بدلُ المزيد من الجُهد ليتمتَّع الشعب بحقوقِه المشروعة، وعلى رأسِها كرامة العيش؟ وكيف لأحزابٍ سياسية محسوبة على اليسار ومعروفة بتقدُّميتِها، وكل ماضيها مبني على النضال السياسي، الاجتماعي والاقتصادي…، أن تُصبح مكثوفةَ الأيدي أمام قضايا مصيرية بالنسبة لمستقبل بنات وأبناء هذا الشعب؟
بل كيف لنفس الأحزاب السياسية أن تُديرَ وجهَها أمام واقعٍ مرٍّ يكاد يفقع العيونَ بقساوتِه الاجتماعية والاقتصادية، أن تتراجعَ إلى الوراء وتتركَ الشعب يتعارك وحده مع همومِه؟
بل لماذا نسيت أو تناست كل الأحزاب السياسية أن وجودَها مرتبط بقضايا الشعب وهمومه وإيجاد حلولٍ لها؟ بل لماذا كل الأحزاب السياسية أصبحت لا تتذكَّر هذا الارتباط بينها وبين مختلف فئات الشعب، إلا عند اقتراب مواعد الانتخابات؟ بل لماذا بعض الأحزاب السياسية التي كانت تُقِيم الدنيا وتُقعِدها من أجل أن يكون لصوتِ نضالها مكانة في الساحة السياسية، أصبحت لا تنبس ببنتِ شفة، أي خرساء.
الجواب على كل هذه الأسئلة بسيطٌ للغاية. كل الأحزاب السياسية لها مبدأٌ واحدٌ وقيمةٌ واحدةٌ وإيديولوجيا واحدة وهدف واحد، علما أن كل واحد من هذه الأشياء الأربعة، يعبِّر عن الرغبة المُلِحَّة لكل حزب للاستيلاء على السلطة la conquête du pouvoir. ولاحِظوا معي أنني أتحدَّث عن الاستيلاء على السلطة وليس عن الوصول إليها باستحقاق.
وختاما وجواباً على السؤال المطروح كعنوان لهذه المقالة، إن أحزابنا السياسية أو على الأقل تلك التي تتصدَّر المشهد السياسي، مُسيَّرة بمعنى أنها لا تملك زمامَ أمرها إذ دائما تحتاج إلى تلك "النَّغْزَة" لتخرجَ من صمتها.
غير أن ما نلاحظه، في غالب الأحيان، هو أن الأحزاب السياسية، أمام العديد من القضايا السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، وخصوصا، القضايا التي لها أهمِّية كبرى على الصَّعيدين الوطني والدولي، إما أن تلتزمَ الصَّمتَ الكامل وإما أن يكونَ لها ردُّ فعل ولكن بعد مرور وقتٍ طويل على هذه القضايا. وكأن هذه الأحزاب السياسية تنتظر إذناً أو ضوءً أخضر من جهة أخرى لتتَّخذ مواقف أو تعبِّرَ عن آراءٍ أو تتقدَّمَ بمقترحات.
والقضايا التي كانت تتطلَّب ردَّ الفعل السريع العلَني من طرف الأحزاب السياسية كثيرة أذكر منها على سبيل المثال حلول وباء كورونا، حالة الطواريء الصحية، مأساة معمل النسيج السري بطنجة، إغلاق معبري سبتة ومليلية، الأزمة السياسية بين المغرب وألمانيا وبين المغرب وآسبانيا، المساواة في الإرث، مشاركة المغاربة المقيمين في الخارج في الانتخابات التشريعية، الانتقال الديمقراطي، الانزلاقات السياسية لبعض الوزراء والمسئولين، مسألة الحريات العامة والشخصية…
والغريب في الأمر أن نفس الأحزاب السياسية كان لها ردود فعل سريعة عندما تعلق الأمرُ بتقاعد البرلمانيين وابتداع القاسم الانتخابي. إن دل هذا على شيء، إنما يدلُّ على أنانية الأحزاب وتشبُّثُها بمصالحها الضيقة على حساب مصلحة الوطن.
فإنْ كانت للأحزاب السياسية الجرأة في مناقشة مصالحها الضيقة، فإن هذه الجرأة غائبة حينما يتعلق الأمر بقضايا لها طابع وطني وتكتسي أهمِّيةً بالغة سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. وغياب هذه الجرأة، إن كانت مفهومةً عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الإدارية، فهي غير مفهومة عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الوطنية التقليدية، سواءً كانت في الحكومة أو في المعارضة!
فكيف لأحزابٍ سياسية كان لها دورٌ مهمٌّ في النضال ضد الاستعمار وكافحت من أجل أن تنالَ البلادُ استقلالَها، أن تتوقَّفَ عن النضال وتُهملُه عندما أصبح من واجبها بدلُ المزيد من الجُهد ليتمتَّع الشعب بحقوقِه المشروعة، وعلى رأسِها كرامة العيش؟ وكيف لأحزابٍ سياسية محسوبة على اليسار ومعروفة بتقدُّميتِها، وكل ماضيها مبني على النضال السياسي، الاجتماعي والاقتصادي…، أن تُصبح مكثوفةَ الأيدي أمام قضايا مصيرية بالنسبة لمستقبل بنات وأبناء هذا الشعب؟
بل كيف لنفس الأحزاب السياسية أن تُديرَ وجهَها أمام واقعٍ مرٍّ يكاد يفقع العيونَ بقساوتِه الاجتماعية والاقتصادية، أن تتراجعَ إلى الوراء وتتركَ الشعب يتعارك وحده مع همومِه؟
بل لماذا نسيت أو تناست كل الأحزاب السياسية أن وجودَها مرتبط بقضايا الشعب وهمومه وإيجاد حلولٍ لها؟ بل لماذا كل الأحزاب السياسية أصبحت لا تتذكَّر هذا الارتباط بينها وبين مختلف فئات الشعب، إلا عند اقتراب مواعد الانتخابات؟ بل لماذا بعض الأحزاب السياسية التي كانت تُقِيم الدنيا وتُقعِدها من أجل أن يكون لصوتِ نضالها مكانة في الساحة السياسية، أصبحت لا تنبس ببنتِ شفة، أي خرساء.
الجواب على كل هذه الأسئلة بسيطٌ للغاية. كل الأحزاب السياسية لها مبدأٌ واحدٌ وقيمةٌ واحدةٌ وإيديولوجيا واحدة وهدف واحد، علما أن كل واحد من هذه الأشياء الأربعة، يعبِّر عن الرغبة المُلِحَّة لكل حزب للاستيلاء على السلطة la conquête du pouvoir. ولاحِظوا معي أنني أتحدَّث عن الاستيلاء على السلطة وليس عن الوصول إليها باستحقاق.
وختاما وجواباً على السؤال المطروح كعنوان لهذه المقالة، إن أحزابنا السياسية أو على الأقل تلك التي تتصدَّر المشهد السياسي، مُسيَّرة بمعنى أنها لا تملك زمامَ أمرها إذ دائما تحتاج إلى تلك "النَّغْزَة" لتخرجَ من صمتها.