عنوان هذه المقالة، هو جزءٌ من الآية الكريمة رقم 18 من سورة النحل. والآية كاملة هي كالتالي : "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ". في هذه الآية، يُخبرنا، سبحانه وتعالى، بأن فضلَه على الناس لا حدَّ له، إذ وضع رهن إشارة كل الناس ما تختزنه وما تحمله السمواتُ والأرضُ من خيرٍ وخيراتٍ، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الجاثية، 13).
قبل أن أدخلَ في تفاصيل هذه المقالة، أريد أن أُثيرَ الانتباهَ أن اللهَ، سبحانه وتعالى، خصَّص القرآنَ الكريمَ كلَّه، أي من ألِفه إلى يائه، للإنسان. وهذا التَّخصيصُ، في حد ذاته، نِعمة من نِعَم الله التي أنعم بها، سبحانه وتعالى، على الإنسان. وهذا دليل قاطع على أنه، عزَّ وحلَّ، عندما خلق الإنسانَ، لم يتركه يتصرَّف بالغريزة كما هو الشأن للكائنات الحية الأخرى. بل ميَّزه عن هذه الكائنات بتزويده بالعقل.
والعقل نِعمةٌ أخرى من نِعم الله على الإنسان. بل إن العقل سيفٌ ذو حدَّين، إما أن يقودَ صاحبَه إلى الخير وإما أن يقودَه إلى الشر. وحتى يتمكَّنَ الإنسانُ من اتِّباع طريق الخير، بعث اللهُ، سبحانه وتعالى، للناس أنبياءً ورُسُلاً وأنزل معهم كُتُبا لهدايتهم إلى سواءِ السبيل. وعلى رأس هذه الكتب، القرآن الكريم، الموجَّه للبشرية جمعاء.
وإن دلَّت هذه العناية الإلهية بالإنسان على شيءٍ، إنما تدلُّ على أن الله، سبحانه وتعالى، يحبُّ عبادَه ويريد لهم الخير. وهذه العِناية، في حدِّ ذاتِها، نِعمةٌ أخرى من نِعم الله على إلإنسان.
والدليل على حب الله لعباده هو أنه، سبحانه وتعالى، عبَّر عن هذا الحب، في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم بكلمة "المحسنون". فيقول مثلا : "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ،"، "فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"... وفي المقابل، يقول، عزِّ وجلَّ، إنه "لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، "لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"، "لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، "لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"...، أي كل الناس الذين يميلون، في أقوالهم واعمالهم، إلى الشر.
والمحسنون ليسوا فقط المتصدِّقون والمُنفِقون في سبيل الله. بل المُحسنون هم الناس الذين يحسنون القولَ والعملَ، أي الذين يسعون إلى فعل الخير بمعناه الواسع.
في هذه المقالة، سأكتفي بالتَّطرُّق لبعض النِّعَمِ التي أنعم بها الله، سبحانه وتعالى، على الإنسان بيولوجيا وفيزيولوجيا.
1.نِعمة النسيان. الإنسان له ذاكرة يُخزِّن فيها المعلومات informations والتَّمثُّلات représentations التي، بدونها، قد لا يستطيع هذا الإنسان أن يعيشَ حياةً يوميةً عاديةً. لكن، في المقابل ورغم قوة الذاكرة عند بعض الأشخاص، فإن الإنسانَ، مع مرور الوقت، سرعان ما ينسى ما حلَّ به من مصائب الدنيا ويعود إلى حياته الطبيعية. والدليل على ذلك أنه لا أحدَ منا يذكر، اليوم، ما تسبَّبت فيه جائحة كورونا من آلامٍ وكوارث. اليوم، أصبحت الجائحة نسياناً مَنسِياً.
2.الحياة البيولجية الإرادية والحياة البيولوجية اللاإرادية. المقصود بالحياة هنا، هي مجموع سياقات processus الحياة ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي la vie avec ses dimensions biologique et physiologique. والحياة ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي تنقسم إلى نوعين : حياةٌ إرادية vie volontaire وحياة لاإرادية vie involontaire.
والحياة الإرادية يمكن تلخِيصُها في كل السياقات التي يتحكَّم فيها دماغ الإنسان. أو بعبارة أخرى، كل مظاهر الحياة، الإجتماعية، على الخصوص، التي تُسيَّرُ بإرادة الإنسان. وعلى رأس هذه المظاهر، كل ما له علاقة بالحياة الفكرية كالوعي بالأشياء المحيطة بالإنسان في وسط عيشه، كالحكم على الأشياء وإصدار القرارات واتِّخاذ المبادرات وحل المشكلات… وبالمقابل، لا أحد يستطيع أن يرفعَِ أو أن ينقصَ من إيقاع ضربات قلبه أو إيقاع حركات تنفُّسِه… لماذا؟
لأن الإنسان، عندما يكون منشغلا في مظاهر الحياة الإرادية، يجب أن يكون حيا كي يقومَ بجميع ما عليه أن يقومَ به. فما الذي يضمن استمرارَ الحياةِ ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي حينما يكون الإنسانَ منشغلا بمظاهر الحياة الإرادية؟ إنها الحياة اللاإرادية!
والحياة اللاإرادية هي عبارة عن سياقات وتفاعُلات تتمُّ داخل جسم الإنسان، لكن بدون إرادته أو خارجَ إرادته. ولهذا، فالحياة اللاإرادية هي التي تضمن استمرارَ الحياة لما يكون الإنسان منشغلا في أمور الدنيا أو نائما. أثناء هذا الانشغال والنوم، الإنسان لا يُفكِّر في نبضات قلبه rythme cardiaque ولا في حركات رئتيه mouvements de ses poumons ولا في عمل كبده foie ومعدته estomac وأمعائه intestins وكل غددِه ses glandes…
والسِّياقات والتَّفاعلات التي تجري داخل جسم الإنسان، هي التي تضمن استمرارَ حياةِ جسم الإنسان بكيفية لا شعورية، أي دون أن تتدخَّلَ إرادةُ الإنسان لا في هذه السياقات ولا في هذه التَّفاعلات. ورغم التَّعقيد التي تتَّسم به السياقات والتفاعلات والذي بيَّنه العِلم الحديث، فإن هذه السياقات والتفاعلات تتمُّ بكيفية تلقائية أو أوتوماتيكية وفي تناسق وتناغم تامين.
مع العلم أن السياقات والتَّفاعلات تنتهي بتوفير الطاقة énergie لجسم الإنسان ليقومَ بأعمالِه الفكرية والدُّنيوية. التفكير يحتاج إلى الطاقة وكل الأعمال الميدانية تحتاج إلى الطاقة. فكل عمل، سواءً كان ماديا أو معنويا، في حاجة إلى طاقة كي يتحقَّق. وكل أجهزة appareils وأعضاء organes و وظائف fonctions الجسم تساهم في توفير هذه الطاقة: الجهاز العصبي système nerveux، الجهاز الهضمي appareil digestif، جهاز دوران الدم appareil circulatoire، الغُدد les glandes، الهرمونات les hormone، الإنزيمات les enzymes، الفيتامينات les vitamines، الأملاح les sels الماء…عالمٌ معقَّدٌ فيزيائيا، كيميائيا، بيوكيميائيا…
أليست هذه الوظائف التِّلقائية المعقَّدة نِعَمٌ أنعم بها الله، سبحانه وتعالى، على الإنسان؟
وما يثير الانتباهَ هنا هو أن أجهزةَ الإنسان شبيهة، إلى حدٍّ كبير، بأجهزة كثير من مخلوقات الله، سبحانه وتعالى، وخصوصا منها الثدييات les mammifères، وهي نفس الفصيلة التي ينتمي لها الإنسان. فأين يوجد الفرق بين الإنسان والثدييات الأخرى؟
يوجد الفرق فيما قاله، عزَّ وجلَّ، في الآية الكريمة الآتية : "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر، 29).
قبل أن أدخلَ في تفاصيل هذه المقالة، أريد أن أُثيرَ الانتباهَ أن اللهَ، سبحانه وتعالى، خصَّص القرآنَ الكريمَ كلَّه، أي من ألِفه إلى يائه، للإنسان. وهذا التَّخصيصُ، في حد ذاته، نِعمة من نِعَم الله التي أنعم بها، سبحانه وتعالى، على الإنسان. وهذا دليل قاطع على أنه، عزَّ وحلَّ، عندما خلق الإنسانَ، لم يتركه يتصرَّف بالغريزة كما هو الشأن للكائنات الحية الأخرى. بل ميَّزه عن هذه الكائنات بتزويده بالعقل.
والعقل نِعمةٌ أخرى من نِعم الله على الإنسان. بل إن العقل سيفٌ ذو حدَّين، إما أن يقودَ صاحبَه إلى الخير وإما أن يقودَه إلى الشر. وحتى يتمكَّنَ الإنسانُ من اتِّباع طريق الخير، بعث اللهُ، سبحانه وتعالى، للناس أنبياءً ورُسُلاً وأنزل معهم كُتُبا لهدايتهم إلى سواءِ السبيل. وعلى رأس هذه الكتب، القرآن الكريم، الموجَّه للبشرية جمعاء.
وإن دلَّت هذه العناية الإلهية بالإنسان على شيءٍ، إنما تدلُّ على أن الله، سبحانه وتعالى، يحبُّ عبادَه ويريد لهم الخير. وهذه العِناية، في حدِّ ذاتِها، نِعمةٌ أخرى من نِعم الله على إلإنسان.
والدليل على حب الله لعباده هو أنه، سبحانه وتعالى، عبَّر عن هذا الحب، في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم بكلمة "المحسنون". فيقول مثلا : "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ،"، "فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"... وفي المقابل، يقول، عزِّ وجلَّ، إنه "لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، "لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"، "لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، "لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"...، أي كل الناس الذين يميلون، في أقوالهم واعمالهم، إلى الشر.
والمحسنون ليسوا فقط المتصدِّقون والمُنفِقون في سبيل الله. بل المُحسنون هم الناس الذين يحسنون القولَ والعملَ، أي الذين يسعون إلى فعل الخير بمعناه الواسع.
في هذه المقالة، سأكتفي بالتَّطرُّق لبعض النِّعَمِ التي أنعم بها الله، سبحانه وتعالى، على الإنسان بيولوجيا وفيزيولوجيا.
1.نِعمة النسيان. الإنسان له ذاكرة يُخزِّن فيها المعلومات informations والتَّمثُّلات représentations التي، بدونها، قد لا يستطيع هذا الإنسان أن يعيشَ حياةً يوميةً عاديةً. لكن، في المقابل ورغم قوة الذاكرة عند بعض الأشخاص، فإن الإنسانَ، مع مرور الوقت، سرعان ما ينسى ما حلَّ به من مصائب الدنيا ويعود إلى حياته الطبيعية. والدليل على ذلك أنه لا أحدَ منا يذكر، اليوم، ما تسبَّبت فيه جائحة كورونا من آلامٍ وكوارث. اليوم، أصبحت الجائحة نسياناً مَنسِياً.
2.الحياة البيولجية الإرادية والحياة البيولوجية اللاإرادية. المقصود بالحياة هنا، هي مجموع سياقات processus الحياة ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي la vie avec ses dimensions biologique et physiologique. والحياة ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي تنقسم إلى نوعين : حياةٌ إرادية vie volontaire وحياة لاإرادية vie involontaire.
والحياة الإرادية يمكن تلخِيصُها في كل السياقات التي يتحكَّم فيها دماغ الإنسان. أو بعبارة أخرى، كل مظاهر الحياة، الإجتماعية، على الخصوص، التي تُسيَّرُ بإرادة الإنسان. وعلى رأس هذه المظاهر، كل ما له علاقة بالحياة الفكرية كالوعي بالأشياء المحيطة بالإنسان في وسط عيشه، كالحكم على الأشياء وإصدار القرارات واتِّخاذ المبادرات وحل المشكلات… وبالمقابل، لا أحد يستطيع أن يرفعَِ أو أن ينقصَ من إيقاع ضربات قلبه أو إيقاع حركات تنفُّسِه… لماذا؟
لأن الإنسان، عندما يكون منشغلا في مظاهر الحياة الإرادية، يجب أن يكون حيا كي يقومَ بجميع ما عليه أن يقومَ به. فما الذي يضمن استمرارَ الحياةِ ببُعديها البيولوجي والفيزيولوجي حينما يكون الإنسانَ منشغلا بمظاهر الحياة الإرادية؟ إنها الحياة اللاإرادية!
والحياة اللاإرادية هي عبارة عن سياقات وتفاعُلات تتمُّ داخل جسم الإنسان، لكن بدون إرادته أو خارجَ إرادته. ولهذا، فالحياة اللاإرادية هي التي تضمن استمرارَ الحياة لما يكون الإنسان منشغلا في أمور الدنيا أو نائما. أثناء هذا الانشغال والنوم، الإنسان لا يُفكِّر في نبضات قلبه rythme cardiaque ولا في حركات رئتيه mouvements de ses poumons ولا في عمل كبده foie ومعدته estomac وأمعائه intestins وكل غددِه ses glandes…
والسِّياقات والتَّفاعلات التي تجري داخل جسم الإنسان، هي التي تضمن استمرارَ حياةِ جسم الإنسان بكيفية لا شعورية، أي دون أن تتدخَّلَ إرادةُ الإنسان لا في هذه السياقات ولا في هذه التَّفاعلات. ورغم التَّعقيد التي تتَّسم به السياقات والتفاعلات والذي بيَّنه العِلم الحديث، فإن هذه السياقات والتفاعلات تتمُّ بكيفية تلقائية أو أوتوماتيكية وفي تناسق وتناغم تامين.
مع العلم أن السياقات والتَّفاعلات تنتهي بتوفير الطاقة énergie لجسم الإنسان ليقومَ بأعمالِه الفكرية والدُّنيوية. التفكير يحتاج إلى الطاقة وكل الأعمال الميدانية تحتاج إلى الطاقة. فكل عمل، سواءً كان ماديا أو معنويا، في حاجة إلى طاقة كي يتحقَّق. وكل أجهزة appareils وأعضاء organes و وظائف fonctions الجسم تساهم في توفير هذه الطاقة: الجهاز العصبي système nerveux، الجهاز الهضمي appareil digestif، جهاز دوران الدم appareil circulatoire، الغُدد les glandes، الهرمونات les hormone، الإنزيمات les enzymes، الفيتامينات les vitamines، الأملاح les sels الماء…عالمٌ معقَّدٌ فيزيائيا، كيميائيا، بيوكيميائيا…
أليست هذه الوظائف التِّلقائية المعقَّدة نِعَمٌ أنعم بها الله، سبحانه وتعالى، على الإنسان؟
وما يثير الانتباهَ هنا هو أن أجهزةَ الإنسان شبيهة، إلى حدٍّ كبير، بأجهزة كثير من مخلوقات الله، سبحانه وتعالى، وخصوصا منها الثدييات les mammifères، وهي نفس الفصيلة التي ينتمي لها الإنسان. فأين يوجد الفرق بين الإنسان والثدييات الأخرى؟
يوجد الفرق فيما قاله، عزَّ وجلَّ، في الآية الكريمة الآتية : "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر، 29).