مصطفى المسوگر - من أجل حفظ الذاكرة… 20 يونيو 1981... يوم ليس كسائر الأيام، في تلك المرحلة

عشت هذا اليوم بين الرباط والدار البيضاء… كنت قد قضيت الليلة في حي يعقوب المنصور، بالمنزل الذي كنت أسكن فيه رفقة أبناء بلدتي، قادما إليه من البيضاء رفقة شاب من أفراد العائلة، جئت به لزيارة الرباط، كنت حينها قد أنهيت السنة الأولى وعدت لتفقد بعض أغراضي... صباح يوم السبت خرجنا جميعا متجهين الى باب الحد ومن تم الى كلية الآداب… مررنا علي مقر البرلمان في اتجاه الكلية للاطلاع علي نتائج السنة الجامعية… لمحت جريدة المحرر عند بائع الصحف على الرصيف، وكنت مدمنا علي قراءتها، انحنيت لاقتنائها فقال لي أخد الرفاق هيا سنتأخر اترك الجريدة حتي نعود... وكان آخر عهد لي بالمحرر...
ونحن عائدين من الكلية نازلين مع نفس الشارع كانت كل الأعداد قد صودرت من الجريدة. ركبنا الحافلة في باب الحد في اتجاه يعقوب المنصور. كانت مدينة الرباط نسبيا هادئة ذلك الصباح باستتناء بعض الأحياء كالعكاري ويعقوب المنصور. وحينها بدأنا نسمع عن بعض التحركات هنا وهناك.
وعند ما أردت العودة إلي البيضاء، بعد الزوال كانت وسائل النقل منعدمة تماما، أوقفت سيارة خصوصية وطلب مني السائق أداء عشرة دراهم، قبلت العرض وأخدت السيارة تشق طريقها نحو البيضاء. وعلى مشارف المدينة،



كان الطريق مقطوعا علي مستوي عين حرودة ورجال الدرك استعملوا دراجاتهم علي شكل حواجز لمنع الطريق. فطن السائق وانحرف يمينا ليسلك طريقا ثانوية تمر عبر الحي الصناعي لعين السبع وأخبرنا أنه سيحاول إيصالنا إلي مدار النصر بدرب عمر وكذلك كان....
كانت الساعة تشير إلي الرابعة بعد الزوال. نزلنا بدرب عمر واتجهنا راجلين نحو حي السباتة… مابين عين السبع ودرب عمر كانت البيضاء فارغة تماما٠ قصدنا حي السباتة عبر طريق مديونة... سكون مطلق.لا وجود لوسائل النقل. وعند وصولنا إلى محاداة درب السلطان انقلب كل شيء... حرائق، أصوات منبهات. عساكر سيارات تحترق... كان الرعب سيد الموقف... انتابني إحساس غريب وقررت أن أستعد لأي احتمال. كنت أحمل كيسا بلاستيكيا به بعض أغراضي وأعز كتبي...(... ). عشت أمسية استتنائية بكل المقاييس... عبر كراج علال... درب الكبير... حي الفرح... درب ميلان...
وعلي مستوي حي الإدريسية المحادي للطريق السيار الذي كان حينها في طور الإنجاز، كان الناس يحملون المواد الغدائية التي علي ما يبدو نهبت من احد المحلات التجارية التي تم تكسير أبوابها بالعنف. قطعت الطريق نحو كاريان بنمسيك وفكرت بالاحتماء عند أحد أصدقائي هناك. ولكن الأمر لم يكن سهلا. كان الرصاص بالمرصاد. طرقت باب البراكة. استقبلني صديقي مندهشا. بعد المفاوضة معه، قبل الاحتفاظ بالكيس البلاستيكي. وعلى ما يبدو لم يكن مستعدا لاستقبالنا نظرا لخطورة الوضع. تفهمت الموقف وأكملنا السير نحو منزل العائلة الذي لم يكن بعيدا، ولكن كانت المسالك والأزقة الضيقة داخل كاريان بنمسيك صعبة جدا للوصول الى بيت العائلة.
اندهش الجميع عند وصولنا. وانهالت علينا الاسئلة والاستفسارات.
والحمد لله وصلنا بسلام... بعد جهد جهيد ... صور… ومعارك استتنائية لازالت عالقة بدهني....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...