الأنطولوجيا في عامها الثالث



تستقبل أنطولوجيا السرد العربي رابع أعوامها بنفس الحيوية و الهمة و النوايا الطيبة التي انطلقت بها بتاريخ 26 / 6 / 2015، و كلها طموح لأن تكون منارا سامقا للإبداع و الفكر الحر ، و صرحا للمعارف والأفكار المتجددة ، و أكثر انفتاحا على كل الحساسيات الأدبية ، و أشد انحيازا للفكر الإنساني العقلاني المتحرر ، و مناصرة للقيم الإنسانية السامية ، بل و أعمق عطاء و إبداعا و ابتكارا ، و إشراكا للقارئ في الفعل الإبداعي ، واضعين نصب إيماننا ثقافة الاعتراف و احترام الرأي
هي ثلاثة أعوام قطعناها ، لكنها في حقيقة الأمر الواقع كانت رحلة شائقة و مثمرة بصفاء أيامها و لياليها ، وطيبة و نقاء سريرة رفاق رائعين واكبونا في هذا الفرح الإبداعي ، بعد تجارب مرحلية أولية اعتمدنا خلالها على انتقاء المواضيع و النصوص في حدود سياقاتها الجغرافية و الإبداعية ، مراعين جودة و طراوة و أهمية المضامين ، وتوخي التنوع الفكري الضروري لبناء مشروع ثقافي طليعي حقيقي و مختلف عن ما يوجد بالعالم الافتراضي و تحويله إلى حقيقة مقروءة ، و واقع جدير بامتلاك أهم الشروط الموضوعية التي تؤهله لأن يتبوأ المكانة التي تليق به ضمن المواقع الجادة بالعالم العربي

و بين سنة ماضية ، و عام آت تظل أنطولوجيا السرد العربي بما لها و ما عليها وفية لهدفها الثقافي و رسالتها التطوعية الكامنة في نشر الفكر العربي على أوسع نطاق ، و التعريف بالمبدعين العرب ، و لخطها الأيديولوجي التنويري الذي اختارته لمجابهة الفكر المتحجر المنغلق و الظلامي ، و أشد إصرارا على السير قدما من أجل فكر حر نزيه ذي توجه عقلاني و ليبرالي، مؤمن بحرية الانتماء و المعتقد و التعبير ، لا يحض على العنف و التطرف ، و لا يسعى لإثارة النعرات الطائفية و الدينية الضيقة ، و قد كان الاختيار صعبا في بداية المشوار ، لكنه كان مثمرا لعدة صداقات ثمينة ، و لأعداد من الشعراء و السُرَّاد والباحثين الطيبين الطاعنين في السخاء و البهاء و الأبهة ، و لعدد من الأقلام الحرة النزيهة و المؤمنة بمشاعية المعرفة و جماهيريتها ، و لعديد من التجارب الإبداعية التي لا تحتكر الفكر ، و لا تؤمن بحدوده و محدوديته

و تم خلال هذه المدة دمج موقعي " أنطولوجيا السرد العربي" و " أنطولوجيا الايروتيكا العربية"، معا لتيسير تتبعهما بسهولة و مرونة ، و توسيع انشغالاتهما ليشملا أبواب السرد بأنواعه ، و الشعر ، و النقد الأدبي ، و المقالة والفلسفة ، و الأدب الساخر، و أدب المناجم ، و الأدب العالمي و ترجماته ، و عيون التراث العربي ( كتاب الليالي العربية ، المقامات ، كليلة ودمنة ، الأدب الأندلسي ، الأدب المغربي القديم) ، رسائل الأدباء ، ديوان الغائبين ( عن المبدعين الذين قضوا نحبهم في سن مبكرة ) ، المسرح ، الأدب الايروسي بكل ألوانه ، و الحوار و الخبر الثقافي ، ومكتبة لمواكبة الإصدارات الحديثة ، مع إمكانية إدارة حلقات نقاش بين الكتاب ، و التعليق على الأعمال المنشورة في أجواء أخوية دون تشنج أو تعصب عقائدي

و قد يتساءل البعض لماذا نسمح بنشر الكتابات الإيروسية ، و ما هي حدود هذه الكتابات في الموقع؟

مما لا يخفى على أحد أن للأدب الإيروسي قواعده و شروطه وجمالياته التي يستمدها من قواعد الكتابة الأدبية بشكل عام ، و لذلك لا بد أن يكون النص أدبيا أولا، مهما أمعن في التخييل ، قبل أن يكون إيروتيكا من قبل و من بعد

و الأنطولوجيا، في سعيها للتعريف بكافة الأقلام الإبداعية في العالم العربي، لا يمكنها تجاهل الكتابة الإيروسية أشعارا و سرودا ودراسات ، لأنها تمثل جزءا كبيرا ضمن التراث الإبداعي قديما و حديثا. و قد خلد لنا هذا التراث ما لا حصر له من المصنفات و الأشعار و الأراجيز و القصص و الحكايات لكبار الشعراء من مختلف العصور و الحقب التاريخية

و لا بد من التذكير بأن الموقع يرفض أيضا نشر أية كتابة إيروتيكية تستحضر الأحداث غير البالغين، أو تدعو للتحرش أو الاستغلال الجنسي أو الدعارة أو وصف ممارسات جنسية منافية للقانون ، و الجري وراء الإثارة الجنسية الفجة الممعنة في استعرائيتها و شبقيتها ، لهذا نعارض نشر أية كتابة بورنوغرافية مباشرة لا تمجد الأدب و لا تسعى لرقيه و رفعته

و نفس السؤال يطرح بخصوص عدم نشر القصة القصيرة جدا ؟
مما لا شك فيه أن القصة القصيرة جدا فن سردي جديد ، ازدهر في ظل العزوف عن القراءة ، و اتسعت قاعدة كتابه و قرائه ، و وجد رواجا و انتشارا في المواقع الإلكترونية مع تطور وسائل التواصل ، و شكل مطية سهلة بالنسبة للكتبة المبتدئين الذين يستسهلون الكتابة السردية..

و على عكس ما قد يعتقد البعض ، فهذا الجنس الأدبي يتطلب من المبدع جهدا كبيرا في الكتابة ، و قدرات استثنائية في التكثيف و الاختزال و صياغة الصورة الشعرية. و يفرض على الناقد قراءة مطلعة على النظريات الخاصة بالكتابة القصيرة جدا ، و أغلبها لحد الساعة أجنبي و غربي. مع ما يتطلبه ذلك من مواكبة إشرافية و اشتغال دائم للفرز بين ما يصلح للنشر و ما لا يصلح ... و هو للأسف جهد ضخم لا نستطيع التكفل به حاليا

كما قمنا بمراجعة شاملة لقائمة الأعضاء ، و غيرنا نظام التسجيل ، يخص أصحاب الأسماء المستعارة ، و هي ظاهرة عمت حتى غمت ، لأنهم لا يضيفون شيئا بقدر ما يشكلون سلوكا ناشزا لم يعد مقبولا في زمن فوضى الكتابة

مرة ثالثة نرحب بكل المبدعين الرائعين الذين جمعتهم و الفت بين قلوبهم آصرة الكلمة النبيلة ، و وثقوا بتجربة انطولوجيا السرد العربي ، و ساندونا و رافقونا في سفرنا الإبداعي الزاهر و الشائق بثقة و أريحية ، و فتحوا لنا أفئدتهم الطيبة بروح رياضية و سمحة ، و بسطوا صحائفهم النيرة لنغترف منها ما نريد و ما يفيد ، و مدوا لنا أذرعهم بالحنان والترحاب ، و غمرونا بفيوض المحبة و الوداد ، كما ننوه بأن فلوبنا مشرعة لآرائهم و وتوجيهاتهم و مقترحاتهم...

شكرا لرفاق الكلمة من الكتاب والشعراء و السُرَّاد الرائعين الطيبين

وكل عام وانتم بخير...

أسرة أنطولوجيا السرد العربي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...