علجية عيش - مدن فلسطينية تبيت على القرآن و تنهض عليه (نابلس و رام الله نموذجا)

(الحكومة التي تحترم علمائها و دعاتها هي حكومة مثالية)


رغم الحصار و استمرار القصف على الفلسطينيين إلا أنهم لم يهملوا الذكر و الحفاظ على تعاليم الإسلام الحنيف ، و هذا ما تقوم به وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية بدولة فلسطين من خلال تسطير برامج دينية و هذا من أجل بعث الهوية الفلسطينية و غرسها في الشباب الفلسطيني و الحفاظ على تعاليم دينه ، و يمكن أن نقدم مدينة نابلس و رام الله كـأنموذج، ولو أن الحديث عن فلسطين و مدنها التاريخية حديث ذو شجون، ففلسطين تكبرنا جميعا، والكتابة عنها لا تكفي مقالا أو كتابا أو مجلدا، لأنها شامخة بشموخ رجالها و حرائرها و قادتها الثوريين و علمائها حتى أطفالها الذين جعلوا من الحجارة سلاحا يقاومون به أخطر عدو في الكون كله

تعتبر نابلس إحدى أكبر المدن الفلسطينية سكانًا وأهمها موقعًا، وهي مقر أكبر الجامعات الفلسطينية، ومركزًا لشمال الضفة الغربية كما تتمتع بموقع استراتيجي في غاية الأهمية يربط شمالها بجنوبها، حيث تقع على مفترق الطرق الرئيسية التي تمتد من الناصرة و جنين شمالا حتى الخليل جنوبا ، و من خلال الكتابات فقد عرفت مدينة نابلس بأسماء عديدة منها بأسماء جبل النار وملكة فلسطين غير المتوجة و دمشق الصغرى وعش العلماء، و هي بالفعل تستحق و عن جدارة هذا الاسم "عش العلماء" لاهتمام علمائها بالإسلام و تطبيق شريعته و اتباع تعاليم نبيه محمد (صلعم) ، وإذا أحصينا عدد المساجد بمدينة نابلس، نقول أن مدينة نابلس هي مدينة إسلامية بامتياز، حسب الوثيقة التي بأيدينا فعدد المساجد حاليا بالمئات ( تفوق 130 مسجدا ) و هناك مساجد في القرى التابعة لمحافظة نابلس يتجاوز عددها 200 مسجدا ، أما عن رام الله الواقعة في جنوب الضفة الغربية يوجد بها مساجد كبيرة أيضا تصل الى 37 مسجدا ، نذكر على سبيل المثال مسجد الرضوان ، و مسجد اليرموك و مسجد جمال عبد الناصر ، مسجد الإمام علي و مسجد الحسن و الحسين و مسجد الفداء و غيرها.

كما توجد مساجد أخرى تحت الإنشاء و لم تسلم لوزارة الأوقاف و الشؤون الدينية بعد إلى حين يتم تعيين إمام و مؤذن في كل مسجد ، فضلا عن المدارس الإسلامية ، تحمل أسماء قادة تاريخيين وعلماء دين على غرار مسجد "عز الدين القسّام" بالمعاجين، و ابو بكر الصديق، و فاطمة الزهراء و علي بن ابي طالب و مسجد "طيبة" بحي النمساوي ومسجد "أحباب الله" و مسجد "دوار الشهداء" و مسجد "المرابطين" و أسماء أخرى لها معنى روحي، تجعل الإنسان يتشوق لزيارة هذه المدينة الدينية، يؤطر هذه المساجد علماء و شيوخ و خطباء يحملون شهادات عليا وبدرجات علمية مختلفة، لهم مَلَكَةُ الخطابة ، يتفننون في الخطاب الديني، و بأسلوب يُرَغِّبُ و لا يُرَهِّبُ، و هو علامة على التحضّر والسموّ الرُّوحِيُّ الإنسانِيِّ، فالحكومة التي تحترم علمائها و دعاتها هي حكومة مثالية، و هذا من خلال البرامج الدينية التي تسطرها وزارة الأوقاف بدولة فلسطين وعلى مدار السنة ، تم إعداده من طرف مديرية أوقاف نابلس و بتوقيع من ناصر سلمان مدير عام أوقاف نابلس، و حسب البرنامج الذي أرسل إلينا من طرف أحد الخطباء من مدينة نابلس، فهو يشمل عدد من الخطب التي ينتظر تقديمها أو إلقاؤها طيلة شهر جويلية و اسماء الخطباء والشيوخ الذين سيقدمون هذه الخطب ، من أجل إحياء سنن الإسلام و المحافظة على شعائره و رموزه الكبرى التي تفصل بين ملة الإسلام و بين سائر الملل و النحل، و بناء الشخصية المسلمة بالاعتماد على المعرفة و الأخلاق و الفضائل.

وحسب الداعية الشيخ أسعد رمضان و هو خطيب من مدينة نابلس ، فقد تم اختيار موضوع الهجرة النبوية دروس و عبر من وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية في رام الله كموضوع خطبة الجمعة ( الخامس من شهر جويلية 2024 ) و بالأدلة الشرعية ، لاسيما و الهجرة النبوية كانت الانطلاقة الأولى للمسلمين و عزتهم بعد أن أرست قواعد الوحدة و الأخوة و التسامح و التعايش و التعاون بينهم، و هذا طبعا يعكس ما يُرَوِّجُهُ الفكر الغربي و الساسة الغربيون و صناع القرار بأن الأمة الإسلامية و بخاصة فلسطين قد نامت بعد الحرب أو ماتت، أمام ما يحدث الأن في غزة، و استمرار القصف على سكان غزة الجريحة، فانتفاضة الشعب المسلم في فلسطين و ما أدراك تلك الانتفاضة من الإحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية و القدس الشريف، ليست انتفاضة خبز أو أرض فحسب، بل هي انتفاضة "عقيدة"، هي انتفاضة من أجل إجهاض الحلم اليهودي في تأسيس المملكة المزعومة و التي لا يحدّها بحرٌ و لا نهرٌ ، و إبطال زعمهم بأنهم شعب الله المختار و أن الدنيا ما خلقت إلا لهم.

هذه هي نابلس و هذه رام الله كما قرأت عنها، مدن أهلها قرآنيون ، يتعايشون مع الأخر بحكم الديانات الثلاث المتواجدة فيها: الإسلامية و المسيحية و السامرية ( اليهودية) ، مدن يمارس سكانها "المواطنة" الحقيقية، و يتعاملون مع القضايا بشكل تضامني معايش لواقع الحال و الزمان، ما يمكن الإشارة إليه هو أن مساجد نابلس قديمة و أثرية و بعضها عمريّ كما تشير المصادر، و أما مساجد رام الله فهي تقريبا حديثة، و تتميز هذه المساجد بهندستها المعمارية ،حيث حافظ المهندسون المعماريون على التراث الإسلامي ، فالعمارة في فلسطين جزءًا لا يتجزأ من التراث الإسلامي الأصيل بكل جمالياته، لكن الإحتلال الصهيوني يعمل و بكل قوة و وحشية على محو هذا الإرث الإسلامي منذ النكبة إلى يومنا هذا، لأن الصراع حول المكان تريد إسرائيل أن تتخذه ملكا لها و تسيطر عليه من خلال إزاحة السكان الأصليين و هم الفلسطينيين و تهجيرهم خارج وطنهم .

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...