المحامي علي ابوحبله - هل فاز حزب العمال بسبب تغيير موقفه من إسرائيل؟

فاز حزب العمال بأغلبية كبيرة في الانتخابات البريطانية العامة. وهذا يعني أنه سيكون قادرا على إقرار القوانين الجديدة التي يريدها. فما هي التعهدات التي قدمها وهل سيلتزم بها؟

في بيان حزب العمال ما قبل الانتخابات ، وعد ستارمر بحكومة ستكون "مؤيدة للأعمال التجارية ومؤيدة للعمال"، ولكن بمجرد دخوله إلى المبنى رقم 10، يطرح السؤال التالي ؟؟؟ كيف سيتعامل رئيس الوزراء الجديد مع العديد من القضايا ؟ وبخاصة القضايا السياسية الخارجية وفي مقدمتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية والحرب على غزه ؟؟؟

يقول حزب العمال إنه ملتزم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية "كمساهمة في عملية السلام المتجددة التي تؤدي إلى حل الدولتين"، لكنه لم يحدد أي جدول زمني للقيام بذلك. وتشمل الالتزامات الأخرى الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل و"حماس"، والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى الحركة وزيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، أكد حزب العمال استمرار دعمه لكييف في حالة فوزه. وشدد ستارمر على أن الاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ببساطة ليس مشكلة" في الوقت الحالي.

تاريخياً كان ينظر إلى حزب العمال اليساري في بريطانيا على أنه أكثر ميلاً لدعم حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، وكان زعيم الحزب السابق جيريمي كوربين تجسيداً لهذه النظرة، لكنه استقال من رئاسة الحزب عام 2020 في أعقاب خسارة الانتخابات العامة لصالح حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون.

هذه النظرة التاريخية لحزب العمال البريطاني ربما تجعل البعض يتصور أن الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال برئاسة ستارمر في انتخابات 2024 قد يؤدي إلى تغيير في موقف لندن تجاه الحرب الإسرائيلية على غزه والضفة الغربية وقد تجاوزت التسعة أشهر فماهية المواقف المحتملة والمنتظرة وفق هذا السيناريو ؟؟؟ حيث تثار تكهنات بشأن طبيعة الحكومة التي سيشكلها ستارمر، وما قد تعنيه هذه الحكومة العمالية بالنسبة للقضايا الداخلية؛ فالبعض يرى أن حكومة ستارمر قد تعني العودة إلى سياسات التقشف، بينما يرى البعض الآخر أن الحزب ليست لديه خطة ملموسة لإدارة البلاد. أما بالنسبة لقضية فلسطين عموما والحرب على غزة بشكل خاص، فلم يترك ستارمر مجالاً للتكهنات من الأساس.

منذ ترشحه لرئاسة الحزب قبل أربعة أعوام أعلن ، موقفاً واضحاً لا يحتاج للتأويل: "أنا أدعم الصهيونية دون قيد أو شرط. وسأعمل منذ اليوم الأول على محاربة معاداة الصهيونية دون هوادة"، هكذا قال ستارمر نصاً في فبراير/ شباط 2020، كاشفاً أن زوجته يهودية بولندية وأن أفراداً من عائلتها يعيشون في تل أبيب، ومؤكداً أنه سيأخذ زوجته وأولاده لزيارة إسرائيل لأول مرة في حياته.

وعمل ستارمر انطلاقاً من هذه التصريحات منذ تولى رئاسة حزب العمال خلفاً لكوربين، الذي كانت مواقفه من القضية الفلسطينية واضحة وداعمة لحقوق الفلسطينيين المشروعة، وهو ما كان حزب المحافظين يوظفه على أنه "انتشار معاداة السامية في جنبات حزب العمال".

ووفق ذلك ، عمل ستارمر على استمالة اللوبي اليهودي في المملكة المتحدة، وأمر بإجراء تحقيق داخلي للكشف عما زعم أنه "تفشي لمعاداة السامية" خلال حقبة كوربين، وعندما نشرت نتائج ذلك التحقيق واعترض عليها كوربين بشدة، عاقبه ستارمر بمنع ترشحه للانتخابات تحت راية حزب العمال، فاستقال رئيس الحزب السابق وقرر الترشح كمستقل في هذه الانتخابات.

وعندما اندلعت الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سارع ريشي سوناك رئيس الحكومة وقتها وزعيم حزب المحافظين إلى التعبير عن دعمه المطلق لإسرائيل وزارها للتعبير عن ذلك الدعم، الذي اتخذ جميع الأشكال العسكرية والسياسية.

لكن ستارمر كان أكثر دعماً لإسرائيل ووصل الأمر إلى حد موافقته على أن تحرم دولة الاحتلال أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة من الماء والطعام والكهرباء وأبسط مقومات الحياة، معتبراً أن تلك الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي "دفاعاً عن النفس". علما أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين لم تبدأ يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كذلك الدعم المطلق الذي يقدمه ستارمر للاحتلال لم تكن شرارته أحداث ذلك اليوم. فالرجل الذي يعمل محامياً حقوقياً في الأساس لم ينبس ببنت شفة بشأن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.

هذه المعطيات ترسم صوره لحزب العمال ، الذي كانت له بعض المواقف المساندة أحياناً للفلسطينيين، لكن ستارمر قلب هذه الصورة الذهنية المفترضة، فهل يعني هذا أن موقفه الداعم بشكل مطلق لإسرائيل لعب دوراً ما في هذا الفوز الكاسح؟ لا أحد يمكنه الجزم بإجابة محددة على هذا السؤال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...