أ. د. عادل الأسطة - يوميات المقتلة -ملف- الشهر العاشر (275...305)

275- غزة ( ٢٧٥ ) : إن عشرت الحرب دشرت :

اليوم الأحد يبدأ شهر جديد من شهور الحرب . إنه الشهر العاشر ، وخاب رجاء من تمنى أن تضع حملها في الشهر التاسع كما لو أنها امرأة حامل ، علما بأن الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى أتى في معلقته على تشخيص الحرب وقال إنها تلقح كشافا - أي مرتين في العام ، ثم تنتج فتتئم ، وكنت أوردت أبياته في يوميات سابقة .
إن لم تتوقف الحرب فسوف يكون الخطر كبيرا ؛ على الوالدة والمولود ، وإن أمعنت في التشبيه فإن المرأة التي يدخل حملها في الشهر العاشر تعاني من صعوبات تشكل خطرا على صحة الوالدة والمولود واستمد هذا من تجربة مرت بها أمي - رحمها الله - في العام ١٩٧٦ ، إذ كادت تفقد حياتها وهي تلد ، ولكن الله نجاها وفقدت الوليد .
أمس قصفت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مدرسة تؤوي اللاجئين هي مدرسة الجاعوني وراح ضحيتها أكثر من أربعة عشر فلسطينيا وفلسطينية ، ما ذكرني بما جرى في شهر نيسان من العام ١٩٧٠ حيث قصفت طائرات الفانتوم الأمريكية الإسرائيلية مدرسة بحر البقر في مصر ، مرتكبة مجزرة دموية .
لا وصف لهذه الحرب غير " حرب إبادة وحرب محو " أو على حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي " حرب وجود " .
" تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
فقد طمى السيل حتى غاصت الركب "
قال الشاعر العربي قبل مائة عام وأكثر ، ولكن العرب ينامون نوم الهنا ، كما غنى الطفل مقلدا الأغنية التي غنتها فرقة العاشقين الفلسطينية اثر حرب بيروت ١٩٨٢ " اشهد يا عالم علينا و ع بيروت " :
" اشهد يا عالم علينا وهدموا بيوت
والعرب ف نومة هنية " .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٧ / ٧ / ٢٠٢٤

اليوم الأول من الشهر العاشر ولعله اليوم الأخير للحرب .

***

276- غزة ( ٢٧٦ ) : كأن لم تنته الحرب في غرب مدينة غزة وشمالها

عادت الأحزمة النارية على غرب مدينة غزة وشمالها . لا سلاح الجوع أجدى ونفع ولا أوفى ولا سلاح البعوض ولا سلاح التهجير ، وذهبت أحاديث قادة جيش الاحتلال الاسرائيلي ورئيس وزراء الدولة العبرية الديموقراطية المنتمية إلى العالم الحر سدى . لقد قالوا منذ أربعة أشهر إنهم فككوا كتائب القسام والمقاومة .
التدمير والتدمير والتدمير والتهجير والتهجير والتهجير ، وسكان غزة صاروا يتندرون على الجيش الذي لا يقهر .
للمرة العاشرة استرجع نماذج من أشعار إبراهيم طوقان :
" يا قوم ليس عدوكم ممن يلين ويرحم "
و
" أجلاء عن البلاد تريدون
فنجلو ، أم محونا والإزالة " .
الناس محاصرون تحت الركام والدبابات تتوغل . هل قض خطاب أبو عبييدة أمس مضاجع الإسرائيليين ؟
الآن ، حسب قول محمد الأسطل مراسل إذاعة أجيال للتو ، كل قطاع غزة يتعرض للإبادة . كأن الأمور تعود إلى الأيام الأولى .
هل هو تمهيد لجولة المفاوضات القادمة التي ستبدأ غدا ؟
مفاوضات تحت النار . ونتنياهو يضع شروطا تعجيزية ليبقى في السلطة .
هدأت المظاهرات في الغرب وذهب شعار ( سيز فاير Ceasefire ) مع بيوت قطاع غزة . صار من الماضي .
ليحم الله أهل غزة !
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٨ / ٧ / ٢٠٢٤

***



276- غزة ( ٢٧٦ ) ٢ : زكريا محمد يتلبسني

في الصباح الباكر أرسلت مقالي " غسان كنفاني في ذكراه ٥٢ " إلى أصدقاء كثر فقد يروق لهم ، وتلك عادة صارت تؤرقني . أأرسل ما أكتب للأصدقاء أم أكتفي بإدراجه على الصفحة ومن شاء فليقرأ ومن شاء فليتجاهل ؟؟!!
والصحيح أنني لا أرسل منشوراتي كلها للأصدقاء فأكتفي بنقال الأحد ، لأنه أكثر من خربشات ، فهو مصوغ صياغة حسنة وهو يتكيء على مصادر ومراجع وهو يستغرق مني وقتا في كتابته ، إذ أضيف وأحذف وأتأكد من المعلومة و ... و ... .
وأنا أرسل مقالي اليوم إلى الأصدقاء مررت باسم الشاعر سليم النفار Saleem Alnffar الذي ارتقى في الحرب الدائرة حاليا . هل أرسل له المقال ؟ وما الجدوى من إرساله ؟ ووجدتني أفعل .
حتى اللحظة لم أحذف اسم سليم من قائمة الأصدقاء وكلما مر اسمه ترحمت عليه . واليوم تذكرت الشاعر المرحوم زكريا محمد وحكايته مع أصدقائه الذين ماتوا في سنوات الفيس بوك هذه .
كان زكريا إن مات له صديق يرفض أن يحذف اسمه من قائمة الأصدقاء وقد كتب مرة حول هذا . لا يعني أن صداقتك لصديقك انتهت بموته .
هل سيقرأ سليم النفار المقال الذي أرسلته إليه ؟
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم يرزقون } .
رحم الله الذين ارتقوا منذ ٧ أكتوبر وكان في عون أهل قطاع غزة الباقين كلهم ، ويا مثبت العقل والدين ثبت لنا عقولنا !!
الناس ضربت أو جنت أو تكاد !
لا شيء يسر البال ولا أعرف إن كان محمود درويش مصرا على قوله :
" على هذه الأرض ما يستحق الحياة "
وعلى ما كتبه تحت عنوان " صمت من أجل غزة "
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٨ / ٧ / ٢٠٢٤ .

***

277- غزة ( ٢٧٧ ) : خربشات أهل غزة عن تفاصيل حياتهم اليومية

ما يلفت نظري متابعا لما يكتبه قسم من أبناء غزة ، عدا الكتابة عن الفقدان والموتى والجرحى واليتامى والأيامى والغلاء والجوع وارتفاع الأسعار وقلة المواد الغذائيه ، ومن قبل عن رحلة الخروج من معبر رفح ودولارات الرشوة ، ما يلفت نظري هو كتابتهم عن انحرافات اجتماعية يدفعهم إليها قلة ما في اليد .
قبل أسابيع كتبت مقالا عن الجوع تحت عنوان " لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر " قاربت فيه قضايا أخلاقية . يومها لم تكن الأصوات تعلو لتخوض في هذا الموضوع ، وفي الأيام الأخيرة قرأت في بعض الصفحات أكثر مما أوردته فيما كتبت ، ولسوف نقرأ في قادم الأيام في الجانب الاجتماعي ما لا يسر ، وقد خبر لاجئو غزة بعد العام ١٩٤٨ شيئا من هذا وعانوا منه وكتب كتاب القصة القصيرة منهم فيه قبل أن يكتبوا في موضوع مقاومة الاحتلال .
أمس وأنا أقرأ عن بعض القضايا الاجتماعية الأخلاقية تذكرت قصة سميرة عزام " لأنه يحبهم " والحكمة الأجنبية التي أسداها الموظف الأجنبي للموظف الفلسطيني الذي حقق معه بخصوص صديقه وصفي الذي صار لصا :
" يا إلهي أي حجر تلقمنيه وأنت تقول بحكمتك الأجنبية :
- في مثل ظروفكم يا صاحبي لا يدري المرء في أية لحظة يمكن أن يصبح لصا .. " .
قبل أقل من أسبوع كثرت الكتابة عما جرى في المستشفى الأوروبي وقد خربشت حول هذا . لقد تمت سرقة أثاث المستشفى بعد طلب الإسرائيليين من موظفيه إخلاءه .
كان الله في عون أهل قطاع غزة
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٩ / ٧ / ٢٠٢٤ .

***

278- غزة ( ٢٧٨ ) : نهاية الانتفاضة الأولى

كل من كان شاهدا على الانتفاضة الأولى ١٩٨٧ - ١٩٩٣ يتذكر نهاياتها ويعرف دور إسرائيل في ذلك ، فلم يخف قادتها وأجهزة مخابراتهم توجهاتهم وأعلنوا عنها : ضرب المنتفضين ببعضهم ، وقد نجحت في ذلك ، وكان نصي القصصي " ليل الضفة الطويل " ( ١٩٩٣ ) خير تصوير للأوضاع في الفترة من تموز ١٩٩١ حتى أيار ١٩٩٣ ، فقد التقطت فيه تفاصيل دقيقة عشتها وشاهدتها وقرأت خربشات جدران بيوتها ومدارسها ومصاعدها .
انشغلت غزة أول أمس بما حدث مع الناشط الفتحاوي أمين عابد حيث تم الاعتداء عليه من أشخاص لم يتؤكد بعد من هويتهم ، ما دفع كتابا كثيرين إلى الخوض في الموضوع ( شجاع الصفدي ود. خضر محجز ) .
عندما قرأت فقرة صدرت عن الجهات الإسرائيلية تعلن فيها أنها ستشدد على المقاومة الفلسطينية من خلال التضييق على مؤيديها لم استغرب وتذكرت نهاية الانتفاضة الأولى ( ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة من أجل الضغط على المقاومين ) .
عندما أدرجت المنشور الأخير لأمين عابد. ، قبل ضربه ، على صفحتي وكتبت " المنشور الذي من أجله ضرب أمين عابد " علق عليه كثيرون مؤيدين ما حدث - أي ضربه ، ما استنكره عليهم عدد من أبناء قطاع غزة الذين عاشوا وما زالوا تحت حكم حماس منذ ٢٠٠٦ ولم يرق لهم حكمها .
شخصيا لست متأكدا من الجهة التي أقدمت على ضرب أمين عابد ، وأنا شخصيا ضد أن يضرب أي ناشط لما يكتبه . كنت ضد الاعتداء في غزة على عاطف ابوسيف وكنت ضد الاعتداء في الضفة على الناشط نزار بنات وقتله وكنت ضد ... ولقد مررت بالتجربة نفسها بسبب نصي القصصي . كدت أضرب وأفصل من العمل وما زلت ملاحقا تحصى علي أنفاسي من الجهات كلها .
أتمنى أن تتقبل حركة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ما ينشره الناس. ، وأتمنى أن يتم في المقابل الابتعاد عن لغة التخوين وعن الشتائم ، وهو ما ألحظه في منشورات عديدين .
١٧ عشر عاما من الانقسام ضاعفت الكراهية بين فتح وحماس وفي الأيام الأخيرة ، وعلى الرغم من الحرب ، تزداد الكراهية وتنمو وتكبر و ... و ..
في مثل هذا اليوم من العام ١٩٩١ تركت ألمانيا ، فارتاح الألمان من مشاكلي التي لم تنته ، هنا في فلسطين ، حتى اليوم .
كان الله في عون أهل قطاع غزة
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١٠ / ٧ / ٢٠٢٤

***

279- غزة ( ٢٧٩ ) : رأيت الدموع تمشي

للشاعر يوسف الخطيب ابن دورا/ الخليل المتوفى في دمشق قصيدة عنوانها " رأيت الله في غزة " وقد أتيت عليها في يومياتي في حروب غزة السابقة وفي الحرب الدائرة حاليا . رأى يوسف الخطيب الله في غزة يوزع الطعام على الجوعى ويسقي العطشى ، ولو رآه غسان كنفاني الذي خاطبه في أكثر من عمل أدبي له لسأله :
- ما حكمتك في الصمت على ما يجري ؟
وفي يومياتي أيضا ، في الحرب الدائرة حاليا ، أتيت على سؤال الطفل اللاجيء حين وصل صيدا في العام ١٩٤٨ ( غزة ( ٢٣٦ ) ٢ : زمن المد الشيوعي والمد القومي والصعود الإسلامي / ٢٩ / ٥ / ٢٠٢٤).
في قصة غسان كنفاني " القميص المسروق " يمشي شوال الطحين ، والحكاية أن أبو العبد المقيم في الخيمة يريد لابنه عبد الرحمن قميصا يتدفأ به في فصل الشتاء الماطر البارد ، ولكي يتمكن من الحصول عليه يقرر أن يشارك اللص أبو سمير والموظف الأمريكي في سرقة طحين اللاجئين . هكذا يمشي شوال الطحين في الليل من مخازن الوكالة .
في إحدى يوميات أحد أبناء قطاع غزة ، وهو الناشط أمين عابد ، ترد العبارة " رأيت الدموع تمشي " لتصف امرأة فلسطينية تنزح من غزة بناء على طلب قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي . كانت المرأة تضع أثقالها على ظهرها وتبكي . هكذا رأى الناشط الدموع تمشي .
الناشط الغزاوي فاضل عاشور حانق على أشخاص وتوجهات من أبناء الضفة الغربية والأردن ممن يناضلون من بعيد ، وبلغ غضبه أشده فكتب " كلاب الضفة الغربية والأردن " .
ليست الحرب بين قطاع غزة من جهة والضفة الغربية والأردن من جهة ثانية ، فحتى في غزة نفسها هناك ، على الرغم من معاناته ، من يؤيد حركة المقاومة مثل الصحفي الناشط يوسف فارس وأدرجت أمس على جداري أشرطة توضح ذلك ، وحتى في الضفة الغربية نفسها هناك من لا يؤيد الحرب.
من حق أبناء قطاع غزة أن يقولوا ما شاؤوا ، فأوضاعهم التي يمرون بها ، وحياتهم في الخيام ، ونزوحهم المتواصل ، وجوعهم وعطشهم و ... و ... تسلب من الحليم الحلم .
كان الله في عون أهل قطاع غزة .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١١ / ٧ / ٢٠٢٤

***

280- غزة / اللد ( ٢٨٠ ) : رحلة التيه الفلسطيني ١٩٤٨

في تموز ١٩٤٨ تم طرد أهل اللد من مدينتهم بعد ارتكاب مجزرة جامع دهمش المشهورة . عن رحلة الخروج / الطرد كتب الحكيم جورج حبش الذي كان واحدا من اللاجئين ، كتب الفصل الأول من سيرته .
عندما قرأ الحكيم رواية الكاتبة الايرلندية ( ايثيل مانين ) " الطريق إلى بئر سبع " أصيب بالدهشة ، فقد وصفت مشهد الخروج - الرحلة إلى الضفة عبر نعلين - كما لو أنها عاست التجربة .
هذه أسطر من رواية ( مانين ) وأهل غزة الآن في تموز ٢٠٢٤ يعانون من الجوع والحر ولسعات البعوض وحياة الخيام ، بل والطلب ممن بقي في شمال قطاع غزة مغادرته . يا لوحشة الطريق !
" وكان بطرس متنبها إلى للمرأة التي كانت جالسة عن كثب منه تحت أشجار الزيتون وعلى صدرها طفلها الذي مات عطشا ، مثلما فطن من قبل - أثناء المسيرة - إلى تلك المرأة الأخرى التي أطلقت صرخة ضاربة وهي تلقي بفلذة كبدها حيا إلى قاع حفرة في تلك البرية المتأججة بحر الهجير ، لأنها لم تعد قادرة على حمله خطوة أخرى ، ولم تعد قادرة على الاستمرار في الحياة على المستوى اليشري بعد أن ذهب بعقلها عذاب الظمأ والاعياء ! ... وكان منتبها أيضا إلى المسنين من الجنسين الذين نفدت قوتهم فتهاووا على الأرض ، فتركهم بنوهم وذووهم ليموتوا بعد أن يطلقوا القلة الواهية من أنفاسهم الأخيرة حيث سقطوا ، ومرت بهم الجموع الذاهلة زاحفة نحو هدفها المجهول ، وداسوهم بأقدامهم مثلما كانت عجلات الرومان المتوحشين تدهم المنهزمين في ألعاب السيرك على عهد الاباطرة .
أجل ! كان بطرس متنبها للناس من حوله في جمود وعدم مبالاة بالذين يقدمون منهم - رجالا ونساء - على ضم راحات أيديهم ليجمعوا فيها بولهم كي يشربوه شرب البهيم ، بل ويجمعون أيضا في راحاتهم بول سواهم ، يقاتلونهم عليه ليظفروا لأنفسهم بقطرة من ذلك السائل الثمين الذي أصبح على دنسه مرادفا للحياة "
( ايثيل مانين ، الطريق إلى بئر سبع ، ترجمة حلمي مراد ، صفحة ٢٤ ) .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١٢ / ٧ / ٢٠٢٤

***

281- غزة ( ٢٨١ ) : عار العالم في غزة

في أثناء الحرب على الجزائر وقف الفيلسوف الوجودي الكاتب الفرنسي ( جان بول سارتر ) مع الشعب الجزائري ضد استعمار بلاده له وفرنسته واعتبار الجزائر جزءا من فرنسا ، وكتب كتابه " عارنا في الجزائر " .
الكاتب العربي عبد الرحمن منيف في طبعة متأخرة لروايته " شرق المتوسط " كتب مقدمة لها عد السجن السياسي في العالم العربي أكبر عار عربي معاصر .
لم تخل روايات الكاتب الجزائري المعاصر الحبيب السايح من التوقف أمام عاري الاستعمار الفرنسي والسجن ، وإن لم تخني الذاكرة فقد وصف سجنا في عهدي الاستعمار والاستقلال ، كما في روايته " نزلاء الحراش " . لقد كتب عن السجن في عهد الاستقلال ما يعيب البلاد .
هل سيخرج من بين الكتاب الإسرائيليين كاتب يكتب على غرار ما كتبه ( سارتر ) . هل سنقرأ بأقلام إسرائيلية عن عار إسرائيل في غزة منذ ٧ أكتوبر وعارها في معاملة الأسرى ؟
وأيضا هل سنقرأ لكاتب عربي عن عار النظام العربي إزاء ما جرى ويجري لأهل قطاع غزة .
ولا أدري إن كان أيضا من بين كتابنا ، ممن صمتوا ، من سيكتب عن عارنا في صمتنا .
كان الشاعر اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح كتب قصيدة عن الصمت حيث عده عارا :
" الصمت عار
ونحن عشاق النهار
نبكي"
وبعد مجزرة ":تل الزعتر " في العام ١٩٧٦ تساءل الشاعر العراقي مظفر النواب :
" ما هذا الصمت يسمى في اللغة العربية ؟!"
ومرة كتبت عن العار في رواية خالد خليفة " لا سكاكين في مطابخ هذي المدينة " .
إن ما ترتكبه إسرائيل من مجازر إبادة يومية ضد الشعب الأعزل الذي وجد نفسه مشردا هائما نازحا جائعا بلا مشاف وعلاج وبيوت لهو عار البشرية كلها . هل سنقرأ للكاتب الإسرائيلي ( جدعون ليفي ) قريبا كتابا على غرار كتاب ( سارتر ) ؟
وقد يحضر إلى ذهن بعض قراء شعر محمود درويش تساؤله في إحدى قصائده التي كتبها في الحرب الأهلية اللبنانية :
" ما جدوى الكتابة :
ما جدوى الكتابة في الظهيرة والظلال ، والعمال مسحوقون في حربين ؟ "
حقا ما جدوى الكتابة وأهل غزة مسحوقون في حروب عديدة لا في حرب واحدة أو حتى في حربين !
مشاهد الدمار من قطاع غزة كله ، والمجازر التي ارتكبت في شماله في الأسبوعين الأخيرين تفوق الوصف .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
نابلس ١٣ / ٧ / ٢٠٢٤

***

281- غزة ( ٢٨١ ) ٢ : غزة هوية عصرنا حتى الأبد

صورة اليوم اللافتة هي من المواصي وفيها تظهر صرخة الأب الذي ارتقى ابنه فعرفه من بقاياه .
الناس في المواصي في الخيام ، وإسرائيل نفذت مجزرة بحجة وجود محمد ضيف هناك .
تضاربت الأخبار حتى من الإعلام العبري . الأرجح أن تحقيق الهدف فشل ، بل أخفق ، ومن يدفع الثمن هم المواطنون العزل . ٨٠ شهيدا . مائتا شهيد . ٣٠٠ شهيد . وماذا يعني الفلسطينيون لأبناء العمومة الذين لم يراعوا العمومة فيمن هلك وفيمن لم يهلك .
هل نكرر قول أمل دنقل للمرة العاشرة :
"
إنها الحرب
قد تثقل القلب
لكن خلفك عار العرب " ؟
أما أنا فتذكرت قصيدة محمود درويش " البنت / الصرخة " التي كتبها في هدى أبو غالية .
كانت هدى تتسبح وعائلتها على شط البحر ، ولم تكن ٧ أكتوبر بدأت ، فتسلى ضابط المدفعية وهو على ظهر بارجته الحربية البحرية وأطلق القذيفة .
منذ ١٩٥٦ لا كلمة سوى :
- احصدوهم !
وحصدونا .
أرفق قصيدة درويش " البنت / الصرخة " وهذه المرة انطلقت الصرخة من حنجرة الأب .
" البنت / الصرخة
على شاطيء البحر بنت . وللبنت أهل
وللأهل بيت ، وللبيت نافذتان وباب ...
وفي البحر بارجة تتسلى
بصيد المشاة على شاطيء البحر :
اربعة ، خمسة ، سبعة
يسقطون على الرمل ، والبنت تنجو قليلا
لأن يدا من ضباب
يدا ما إلهية أسعفتها ، فنادت : أبي
يا أبي ! قم لنرجع ، فالبحر ليس لأمثالنا !
لم يجئها أبوها المسجى على ظله
في مهب الغياب
دم في النخيل ، دم في السحاب
يطير بها الصوت أعلى وأبعد من
شاطيء البحر . تصرخ في ليل برية
لا صدى للصدى .
فتصير هي الصرخة الأبدية في حبر
عاجل ، لم بعد خبرا عاجلا
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتا بنافذتين وباب ! " .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
١٣ / ٧ / ٢٠٢٤

***

282- غزة ( ٢٨٢ ) : الصمت ، إزاء ما جرى ويجري ، عار

هل اختلفت مجزرة أمس في مواصي خان يونس عن المجازر المرتكبة بحق أهل قطاع غزة منذ ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ اليوم الذي تلا ٧ أكتوبر ؟
لم نشاهد حتى اللحظة فلسطينيا مقاوما واحدا رفع الراية البيضاء مستسلما لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي ، فالإسرائيليون الأسرى الثلاثة الذين تمكنوا من الإفلات من الأسر ورفعوا أيديهم للجنود الإسرائيليين تمت تصفيتهم . والمدنيون الفلسطينيون في مناطق شمال قطاع غزة ممن رفعوا رايات بيضا دلالة على أنهم مدنيون وليسوا مقاتلين لم يلقوا مصيرا مختلفا عن مصير الإسرائيليين الثلاثة . هل أصبحت الأماكن التي عدتها إسرائيل آمنة ، ودعت سكان غزة المدنيين للتوجه إليها ، مناطق آمنة؟
أمس وأنا أكتب عن عار البشرية كلها إزاء ما يجري وعن جان بول سارتر و " عارنا في الجزائر " غاب عن ذهني ما كتبه الأديب الألماني ( غونتر غراس ) في سنواته الأخيرة تحت عنوان " ما يجب أن يقال " . لقد تساءل غراس:
لماذا أصمت؟
وكتب عن الغرب وازدواجية معاييره وأشار إلى أن ماضي بلاده النازي لا ينبغي أن يحول بينه وبين قول الحقيقة بخصوص امتلاك السلاح النووي لكل من إسرائيل وإيران وبخصوص إنكار حق الشعب الفلسطيني .
أعيد هنا إدراج ترجمتي لقصيدة غراس وأتساءل في الوقت نفسه إن كان الآن هناك كاتب ألماني بحجمه عبر عن رأي مشابه ، والأهم من هذا هو :
- لماذا صمت أكثر كتابنا عما يجري منذ ٧ أكتوبر ؟
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
١٤ / ٧ / ٢٠٢٤

***

283- غزة ( ٢٨٣ ) : ثمة رائحة فاسدة في مملكة الدنمرك

فيم يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازره في أنحاء قطاع غزة كله ، بدأت الاختلافات في رؤى أبناء القطاع إزاء ما جرى ويجري تطفو في وسائل التواصل الاجتماعي . صار صوت الاحتجاج والنقد يعلو ، وهذا لم يكن بهذا المقدار في الأشهر الأولى .
أمس لفت نظري ما كتبته د. هيا فريج في صفحتها . ظلت هيا مصرة على الصمود والبقاء في قطاع غزة رافضة حتى التفكير في الرحيل ، لكنها بعد حادثة أمين عابد صارت تعبر عن ندمها وأخذت تفكر بالخروج.
وأمس لفت نظري ولفت نظري ولفت نظري ... كما لو أن القضية صارت ، لدى قسم منا ، بين قطاع غزة والضفة الغربية والأردن . الاتهامات والتشاؤم و ... و ... .
أمس وطيلة الليل صرت أفكر في التوقف عن كتابة اليوميات ، ومنذ أيام قليلة كتبت عن نهايات تشبه نهاية الانتفاضة الأولى و ... .
منذ مساء أمس وأنا أردد أسطرا من مقطع شعري لمحمود درويش ورد في " حالة حصار " هو :
" واقفون هنا . قاعدون هنا . دائمون هنا
خالدون هنا . ولنا هدف واحد واحد :
أن نكون .
ومن بعده نحن مختلفون على كل شيء :
على صورة العلم الوطني
[ ستحسن صنعا لو اخترت يا
شعبي الحي رمز الحمار البسيط ]
ومختلفون على كلمات النشيد الجديد
[ ستحسن صنعا لو اخترت أغنية من زواج الحمام ]
ومختلفون على واجبات النساء
[ ستحسن صنعا لو اخترت سيدة لرئاسة أجهزة الأمن ]
مختلفون على كل شيء . لنا هدف واحد :
أن نكون..
ومن بعده يجد المرء متسعا لاختيار الهدف " .
عديدون من أبناء قطاع غزة ، حتى ممن تبنوا طروحات غسان كنفاني في رواياته ، آثروا البحث عن خلاص فردي وهاجروا ، وهناك عديدون صاروا يطرحون فكرة " القضية عامة والحل فردي ".
هل سأتوقف عن كتابة اليوميات ، خوفا من أن تصبح " ليل غزة الطويل " فينالني منها ما نالني من " ليل الضفة الطويل " أم أكرر مع ( غونتر غراس ) :
- لماذا أصمت ؟
وقد كتبت تحت عنوان :
" الصمت عار "
مقتبسا من الشاعر اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح ؟
في ١٥ تموز ٢٠٠٦ رحل أبي وفي ١٥ تموز ٢٠١١ رحلت أمي ، وغالبا ما صرت أردد عبارة أبو قيس في رواية كنفاني " رجال في الشمس " عن موت الأستاذ سليم ودفنه في قريته قبل سقوطها بليلة واحدة :
"- يا إلهي أتوجد نعمة إلهية أكثر من هذي ! "
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١٥ / ٧ / ٢٠٢٤

***

284- غزة ( ٢٨٤ ) : "كان عليكم ألا تخرجوا"

في روايته "عائد إلى حيفا" يجري غسان كنفاني حوارا بين شخصيتها الرئيسة سعيد. س وابنه خلدون الذي نسيه والداه في حرب ١٩٤٨، في حيفا في بيتهما، فربته عائلة صهيونية وأعطته الاسم ( دوف ) وصيرته يهوديا صهيونيا قاتل في الجيش الإسرائيلي، يقرع الابن أباه البيولوجي ويتهمه بالعجز والجبن وعدم الكف عن العودة لاستعادة الوطن والابن، وبالتالي فإنه يرفض العودة إليه ويختار والديه بالتبني.
"كان عليكم ألا تخرجوا". هذا هو بيت القصيد، وفي قصائد ديوان "هنا، هناك" (١٩٩٧) يكتب أحمد دحبور عن خطأ الخروج في العام ١٩٤٨ وتمنى لو أن والده ذبحه ولم يهاجر به إلى المنافي . وصرنا نحن نكرر عبارات روايات كنفاني وأشعار دحبور بهذا الخصوص كما لو أنها "قرآن مقدس" مصرين على فكرة البقاء في الوطن حتى لو ذبحنا على عتبات بيوتنا ، وقد التزم بعض أبناء قطاع غزة بهذا ولكن قسما آخر ، أمام قسوة ما يعيشونه ، له رأي آخر ، وقد بدا هذا في كتابات ظهرت في الفترة الأخيرة وخير تمثيل له الكتابة الآتية للدكتور أحمد هشام حلس. أرفق ما كتبه الدكتور ويمكن للقاريء أن يقرأ أيضا التعليقات .
هل بدأت قناعاتنا بكتابات كنفاني ومحمود درويش ودحبور وغيرهم تهتز أمام مستجدات لم يمروا بها حين كتبوا نصوصهم ؟
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١٦ / ٧ / ٢٠٢٤

***

285- غزة ( ٢٨٥ ) : صباحات أهل غزة في الخيام ... صباحات آبائنا وأجدادنا في الخيام

أدرج الشاعر ناصر عطاالله Nasser Atallah أمس ١٦ / ٧ / ٢٠٢٤ على صفحته شريط فيديو لصديقه من غزة حازم أبو حميد يتحدث فيه عن صباحات أهل غزة لاجئين في الخيام يعانون مما منه يعانون وهو ما كثر إيراده في هذه اليوميات منذ ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ .
ما عادت صباحاتهم كما كانت قبل ذلك التاريخ ، فلقد انقلبت رأسا على قدم . ما عاد طلابهم يذهبون إلى المدارس وموظفوهم إلى أماكن عملهم ، وما عادوا يمارسون الكسل في أيام الجمع والأعياد والمناسبات . صارت صباحاتهم طوابير طوابير ؛ طوابير أمام المراحيض - إن وجدت - ، وصباحاتهم طوابير أمام المخابز للحصول على ربطة خبز ، وصباحاتهم طوابير أمام خزانات المياه لتعبئة الجالونات ، وصباحات أطفالهم الذهاب إلى البراري لجمع النتش ، وصباحاتهم وصباحاتهم وصباحاتهم والشريط مدرج على صفحتي وصفحة الصديق ناصر ...
ما قاله حازم أبو حميد ذكرني بصباحات أهلنا في خمسينيات ومنتصف ستينيات القرن العشرين .
الاستيقاظ مبكرا والذهاب إلى المراحيض .
الاستيقاظ مبكرا والذهاب إلى عين المياه في المخيم
الاستيقاظ مبكرا لاستلام حليب الوكالة
الاستيقاظ في الصيف مبكرا بسبب حر الخيام ولسع البعوض وتكاثر الذباب
الاستيقاظ مبكرا لإحضار الحمص والفول و ... .
عندنا مثل يقول :
" تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي " .
جئنا لاجئين ويبدو أننا سنغادر هذه الفانية لاجئين ، وكان الله في عون أهل قطاع غزة الذين ينام قسم منهم تحت قصف الطائرات في الشوارع أو في أطراف المشافي قرب جرحاهم .
هل نحن طائر العنقاء أم صخرة سيزيف ؟
صباح الخير يا غزة ويا ناصر ويا حازم
خربشات عادل الاسطة
١٧ / ٧ / ٢٠٢٤

***

286- غزة ( ٢٨٦ ) : الأمنيات والأحلام وقوة الحياة

هل بقي لأهل غزة ، عدا وقف الحرب ، أمنيات وأحلام ؟
في صفحة مخيم النصيرات تقرأ :
" الأمنيات في غزة أبسط مما يتخيله أي بشر في العالم .
هذا يتمنى أن يأكل بندورة وذاك تفاحة وغيره موزة وهناك من يشتهي حتى البصل والثوم .
كل صباح بعد ساعات مرعبة من القصف والدمار يروي الكبار والصغار لبعضهم روايات - هذا رأى نفسه في المنام يأكل دجاج أو فاكهة أو خضار أو يسقي نفسه شربة ماء باردة !!!
هذا هو الحال هنا في غزة
الحمد لله على كل حال وفي كل حين "( ١٧ / ٧ / ٢٠٢٤ ) .
صفحة مخيم النصيرات
وماذا عن قوة الحياة واعتياد الموت ؟
في صفحة محمد نبيل الحمضيات نقرأ :
" أمام عيني اليوم تم انتشال ٩ شهداء والبعض منهم عبارة عن أشلاء ممزقة بجوار مدرسة القاهرة بحي الرمال . الله يرحمهم جميعا . بس الغريب بالأمر بعد انتشالهم بنصف ساعة رجعت الحياة عادي وبنفس المكان رجعوا الأطفال يلعبوا كورة ، وكأن شيئا لم يكن . ما بعرف شو ممكن أوصف هاد الشعور .معقول الشعب وصل لمرحلة اللامبالاة ؟ واللا إحنا تعبنا وبطل يفرق معنا . واللا زهقنا وصار الموت أمر طبيعي . واللا ..الخ.. بس اللي ممكن أحكي إنه إحنا تعبنا كثير وبس " ( ١٧ / ٧ / ٢٠٢٤)
قبل أيام قرأت في صفحة أشرف نصر تمنيه أن تقصفه قذيفة أو طائرة فيستريح لأنه تعب وتعب وتعب..
هل تسعفنا الذاكرة بنصوص أدبية فلسطينية مشابهة سابقة كتبها أدباؤنا في حرب بيروت ١٩٨٢ أو في ٢٠٠٣ في انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ ؟
في " ذاكرة للنسيان " كتب محمود درويش عن احتفال أهل بيروت ، في فترة الهدنة ، بالحياة والذهاب إلى البحر ، بل ومتابعة مباريات كأس العالم في كرة القدم ، وكتب بعدها " ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا " و " نرقص بين شهيدين " ، وأما في " حالة حصار " فكتب " نعزي أبا بابنه :" كرم الله وجه الشهيد "/ وبعد قليل نهنئه بوليد جديد " وكتب " سيولد طفل ، هنا الآن ،/ في شارع الموت .. في الساعة الواحدة " و " سيلعب طفل بطائرة من ورق / بألوانها الأربعة / [ أحمر ، أسود ، أبيض ، أخضر ] / ثم يدخل في نجمة شاردة "
هذه هي حياة الفلسطينيين منذ ١٩٤٨ وربما منذ ثورة ١٩٣٦ !!!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١٨ / ٧ / ٢٠٢٤

***

287- غزة ( ٢٨٧ ) : نهايات الانتفاضة الأولى : ما أشبه الليلة بالبارحة

اخترت لمقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية عنوان " تداعيات حرب ٢٠٢٣ : نهايات الانتفاضة الأولى " ما أشبه الليلة بالبارحة " ، والسبب ؟!
صرنا هنا وفي غزة ، إلا أقلنا ،ننشغل ببعضنا أكثر من اهتمامنا بأخبار المقاومة ، علما بأنها لم تخفت بدليل تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي التي تأتي على تدمير نصف ما لديها من دبابات وعلى حاجة جيشها إلى تجنيد جنود وضباط واستدعاء المزيد من الاحتياطي ، بل وعلى اقتراح بعض قادة الجيش بقبول عقد صفقة تبادل أسرى .
صار صوت النقد والاحتجاج ل ٧ أكتوبر ، أمام قسوة حياة النازحين وغيرهم أيضا ، يعلو ويعلو ، وصارت الانتقادات لأهل الضفة الغربية والأردن أيضا ترتفع . اتهامات وشتائم و ... و ... وأنا أنصح الآخرين بأن لا يرسلوا لأصدقائهم مقالات تحمل آراء مختلفة ، لأن المرسل سيصبح مقتنعا بما فيها كأنه كاتبها . صرنا نضيق بالآراء المختلفة ذرعا ، وصار بعض الناشطين يضيق ذرعا حتى بتصحيح خطأ ورد في مقاله ، بل وصار يصبح مثل ثور هائج يريد مقاتلة صاحب الرأي المغاير كما لو أنه المسؤول عما يجري في غزة .
هل نلومهم ؟ هل نعاتبهم ؟ هل نرد عليهم ردا قاسيا ؟
كان الله في عوننا كلنا وليس أحيانا إلا الصمت ولا ضرورة لبلاغة جوفاء مثل " لو كل كلب عوى " أو مثل " كل إناء بما فيه ينضح " . الحالة لا تسمح وأجواء الصيف حارة جدا والدم يغلي في العروق .
آخر اقتراح قدمه مواطن غزاوي وجهه للجيوش العربية وهو تسليمها أسلحتها لنساء غزة فهن ينتفعن به .
صباح الخير يا غزة وجمعة هادئة
خربشات عادل الاسطة
١٩ / ٧ / ٢٠٢٤

***

288- غزة ( ٢٨٨ ) : دونية المتعالي

منذ أيام وأنا أسترجع قول محمود درويش الذي ورد في قصيدته عن أحداث ٢٠٠٧ التي شهدها قطاع غزة وأدت إلى دولتي غزة والضفة الغربية " أنت ، منذ الآن ، غيرك " :
" أن نكون ودودين مع من يكرهوننا ، وقساة مع من يحبوننا - تلك هي دونية المتعالي ، وغطرسة الوضيع".
أدرك أنه لا يمكن أن نستبدل في النص تماما كلمة بأخرى ، فالكراهية والحب نسبيان .
من يكرهوننا يبيدوننا الآن بلا رحمة ، ومن يحبوننا يسيئون أحيانا التصرف مع قسم منا - أحيانا بعض ما ينسب إليهم فبركة بفبركة ، كما في شريط الفيديو الذي كثر تداوله بشأن ضرب الأطفال الواقفين على الدور لاستلام طعام التكية ، إذ تبين للكاتب الصحفي باسم النادي Basem Alnadi أنه شريط يعود إلى العراق لا إلى غزة ( سوف أدرجه على صفحتي ) .
ثمة كتابات تظهر الآن في صفحات بعض أهل قطاع غزة لا تبعث على الاطمئنان ، ويبدو أنني في قادم الأيام سأقتبس كثيرا من القصيدة المذكورة .
" أنا والغريب على ابن عمي . وأنا وابن عمي على أخي . وأنا وشيخي علي"
وإن كان الشاعر أضاف :
" هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة ، في أقبية الظلام"
فإنني هنا استبدل بعض كلمات بأخرى فأكتب :
هذا هو الدرس الذي بدأ يسود في الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة.
بعض كتابات أبناء غزة فيها من دونية المتعالي وغطرسة الوضيع ما لا يحتمل ( علما بأن العبارة " دونية المتعالي " تنطبق على دولة " أبناء العمومة " كما لا تنطبق على أحد مثلهم " ) . هل سأجر إلى خصومات الساحة هناك؟
عما قريب سوف أتوقف عن كتابة اليوميات تحسبا من هذا.
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٠ / ٧ / ٢٠٢٤

***

289- غزة ( ٢٨٩ ) : الألم في درجته القصوى

أشار صديق إلى اسمي تحت شريط فيديو للشاب الغزي بلال الكحلوت يخاطب فيه من هو خارج قطاع غزة .
أعد الشاب بيده اليسرى فردة حذاء / بوط بيضاء وتكلم بحرارة ، وطلب فيه ممن يؤيدون استمرار الحرب ويشجعونها أن يضعوا في أفواههم فردة الحذاء / البوط .
لم يكتف الشاب بطلبه ، فقد وجه أيضا شتيمة تشبه شتائم مظفر النواب في " وتريات ليلية " ( ١٩٧١ ) .
كم نسبة الألم التي يعاني منها أبناء قطاع غزة التي تسبب لنا أيضا ألما وتشعرنا بالعجز ؟!
ليس لدي مقياس . واحد في المليون ؟ . واحد في المليار ؟ .
أصدقاء كثر طلبوا مني أن أثلج صدورهم بكتابة عن اليمن وما قامت به ، وتقوم .
هل إن كتبت أصبح ابن ش ... كما خاطبنا بلال الكحلوت ؟
إن صمتنا - طبعا لعجزنا - نعد من ضمن الخمسة مليون نذل في الضفة الغربية ، وإن مارسنا حياتنا العادية نصبح من أمة الملياري كندرة كما كتب في صفحة مخيم النصيرات ، أو من السبعة مليارات حذاء في هذا العالم .
لست متأكدا إن كان الصديق رئيف نصار Raif Nassar درس معي في الجامعة قصيدة الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى ) :
" أنشر على لهب القصيد
شكوى العبيد إلى العبيد " .
كتب أبو سلمى قصيدته في العام ١٩٣٦ وهجا فيها الدول العربية في حينه وطلب منا أن نعرج على اليمن السعيد .
صورة اليمن في القصيدة لا تسر ولكن من المؤكد أن الشاعر الذي توفي في ١٩٨٠ ، من المؤكد أنه سيرسم لليمن صورة مغايرة إلا إذا كان سنيا محافظا متعصبا أو يعيش في كنف نظام عربي .
ليست الصورة. " يا أبيض يا أسود ، لكن مش رمادي " .
يبدو أن ماء بيضاء تغشى عيوننا أو أنه تأثير مرض السكر .
صار المرء كارها لذاته لأنه لا يملك إلا أضعف الإيمان إن ملكه ، ومن رأى منا منكرا فليأكل خ ... أو فليصمت .. وربما فلينتحر ... .
لسنا بخير !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢١ / ٧ / ٢٠٢٤

***

290- غزة ( ٢٩٠ ) : جففوا المستوطنات وجلبوا أخطر الفيروسات

في الصفحات ١١٧ و ١١٨ و ١١٩ من الترجمة العربية لرواية ( ثيودور هرتسل ) " أرض قديمة جديدة " التي أنجزت في ستينيات القرن العشرين ، ثلاث صور ؛ واحدة لبحيرة الحولة وقد جففت ، وكتب تحت الصورة " ... ومن الذي جفف المستنقعات ... تجفيف مستنقعات الحولة " ، والثانية لغور الأردن جنوبي بحيرة طبرية كما كان عليه في سنة ١٩٠٩ ، والثالثة للمكان نفسه بعد عشرين سنة ، وكتب حول الصورتين " ... إن كبار السن من بينكم يعرفون ما كان عليه " و " منظر هذا المكان قبل عشرين سنة .. " .
الآن الدولة العبرية الديموقراطية المنتمية إلى العالم الحر تسبب لقطاع غزة ، بل وربما للمنطقة كلها ، فيروس شلل الأطفال .
كيف كانت غزة قبل الحرب وكيف تبدو الآن ؟
ويأتيك بأخبار الجنة التي وعدت بها الحركة الصهيونية شعبها المختار والشعوب المحيطة بما لم تزود وما لم تتوقع وتتخيل .
في رواية هرتسل قال رشيد بك العربي إن اليهود هم من سيجلبون الحضارة والضوء لنا . هل نطق رشيد بك بهذا أم أنطقه به الكاتب ؟
شوفو جنة غزة بعد ٧ أكتوبر !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٢ / ٧ / ٢٠٢٤

***

291- غزة ( ٢٩١ ) : هل صارت معالي العرب مخازيهم ؟

في أثناء غزو رفح أصغى الشاعر سفيان العثماني إلى رجل يقرأ قصيدة الشاعر العربي صفي الدين الحلي التي مطلعها:
" سل الرماح العوالي عن معالينا "
فتأسف وعارضها بقصيدة مطلعها :
" سل الرماح العوالي عن مخازينا " .
مجد الشاعر غزة ومقاومتها ، وربما يعود ويمجد اليمن أيضا .
في رثاء محمود درويش لسياسي فلسطيني اغتيل في روما في العام ١٩٨١ ، هو ماجد أبو شرار ، أورد حوارا بينهما نصه:
"- أتحسبها الأندلس ؟
- ولكنها طائر في يد مزقتها الرماح ولم تنبسط ! "
وعلى الرغم مما جرى أمس في مواصي خان يونس ، حيث الدبابات الإسرائيلية تجتاح خيام النازحين ، ونزوح أهلها بما يذكر بالنزوح الأول والهجرة الأولى في العام ١٩٤٨ ؛ من حيفا ويافا واللد ، إلا أن اليد لم تنبسط بعد .
هل طالبت الصين أمس ، حيث اتفقت الفصائل الفلسطينية فيها ، هل طالبت بعطوة شرف لأختها ؟
وأنا أشاهد أشرطة فيديو نزوح سكان خان يونس النازحين إليها توسعت في شتيمة الرئيس وقلت :
كسخت العالم كله !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
٢٣ / ٧ / ٢٠٣٤

***

292- غزة ( ٢٩٢ ) : يوم في حياة غزة

لمحمود درويش كتاب نثري جميل عنوانه " ذاكرة للنسيان .
الزمان : بيروت
المكان : يوم من آب ١٩٨٢ "
ماذا لو قرأنا صفحة يكتبها ناشط غزاوي يوميا .
الزمان : مخيم النصيرات
المكان : تموز ٢٠٢٤ ؟
يكتب أسامة ابو الجود أمس وفجر اليوم في صفحته :
" والله بدنا ٣٦٥ سنة ضوئية لنستوعب شو اللي صار فينا ونقف على رجلينا .. الناس استوت على الآخر "
" ويسألونك عن الخيام :
فقل هي الجحيم والعذاب والمقابر المتنقلة "
صورة لأطفال يركضون هاربين من الدبابات يعقب عليها :
" ليست لعبة سباق . إنهم أطفالنا الهاربون من الموت "
" سهرة الليلة على قناة غزة ٢
فيلم الإثارة والتشويق والرعب :
خان يونس "
" الخيم .. العقارب .. الحر .. الذباب .. البعوض .
اللهم اجعل ما نقاسيه شفيعا لنا يوم نلقاك " .
" ٢٩١ يوم من الحرب
١٠ شهور من جملة " وين بدنا نروح وحتى الآن لا إجابة " .
" ليلة قاسية في الخيام # رطوبة عالية درجة حرارة لاهبة والبعوضة شرسة !"
" شو توقعاتكم للأيام القادمة "
" المشكلة مش الموافقة على التهدئة
المشكلة تيجي واحنا عايشين "
" احنا بنظر العالم أرقام كل يوم مات
٥٠٠ / ٣٠٠ / ١٠٠ / ٧٠
عادي
المهم العالم شغال عداد ولا عباله غزة ولا أهلها .
حسبنا الله ونعم الوكيل بكل العرب "
" اللي بقهرك أنه صار خبر المجازر والحرب على غزة أمر عادي وكأنه نشرة جوية
محدش داري فينا
ياارب حلها من عندكك "
" تم تبليغ نفس المكان في النصيرات
منطقة حي الرحمة بالإخلاء بعد تدمير منازل في المنطقة تم معاودة مطالبتهم بالإخلاء "
" سمعوا كلام الحجة لما غنت " ع ورق صيني لكتب بالحبر ع ورق صيني "
وراحوا يتصالحوا بالصين "
( عن فصائل المقاومة الفلسطينية بعد ١٧ سنة من مفاوضات الصلح )
" ايش نعمر بغزة ...
احنا الأول نعمر اللي انكسر بخاطرنا وروحنا وأحلامنا "
" الآن ساعة بعد منتصف الليل : الناس النازحة من خانيونس نايمة على الطرقات
مشاهد قاسية "
" لا سامح الله من تخاذل .. سنجركم من نواصيكم يوم القيامة .. ليحكم الله بيننا وبينكم ..وعند الله يجتمع الخصوم ... "
#####
في الضفة الغربية ارتقى في طولكرم عدد من الشباب المقاومين وأشعل المستوطنون النار في أراضي قرية بورين وفجر اليوم ارتقاء شاب في مخيم قلندية " أحمد نضال أصلان " ، وأما أنا فتجولت في خان التجار ولاحظت ما ألاحظه يوميا : كساد في الأسواق .
وأنا أسير في سوق البصل التقطت أذني حوارا بين بائع عربة صودرت عربته وصديق له :
- هل سيحرقون العربة ؟
- لا . يمكن أن تستعيدها بعد أن تدفع ١٠٠ شيكل .
الكساد ضارب أطنابه وحالة تعبانة يا ليلى والدولار للشيكل في انخفاض وكذلك الدينار الأردني واليورو ( نقلا عن إذاعة أجيال ونيال اللي خالو حمار ) .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة

***

293- غزة ( ٢٩٣ ) : تقييدات على الحساب

من ثلاثة أيام نبهني الفيسبوك أنني انتهكت المعايير الاجتماعية ، فالفيسبوك بيئة آمنة يجب أن لا يلم بها الخراب.
يجب أن أسير على خطى رئيس الوزراء الإسرائيلي في حربه على غزة ، وخطاه تحافظ على بث المحبة والمودة ونشر الأخوة بين الشعوب وتحافظ على السلم والسلام في أرض شهدت حروبا وما زالت تشهد .
قيد الفيسبوك نشاطي بأن منعني من التعليق على المجموعات حتى ٢٩ / ٧ / ٢٠٢٤ .
عندما قرأت خبرا عن الإغارة على الميناء اليمني كتبت عبارة ذكرت فيها أن المستشار الألماني الذي حكم ألمانيا من ١٩٣٣ إلى ١٩٤٥ يبعث من جديد . مجرد ذكر اسم المستشار كاملا ( ا. د.و.ل.ف ه.ت.ل.ر. ) عد انتهاكا للمعايير .
أمس ألقى خليفة المستشار خطابه في الكونغرس فلقي خطابه ترحيبا وتصفيقا من أعضاء الكونغرس و ...
رحم الله أبي فقد كان يقول لي دائما :
" القوي عايب "
وتلك هي بلاد العام سام وذلك هو حليفها .
وأمس اخترت من يوميات محمود درويش " أثر الفراشة "( ٢٠٠٦ ) قصيدة ( نيرون ) . كان علي أن لا أكتب اسم المستشار الألماني فنيرون أحرق روما وخليفة المستشار يحرق خيام النازحين في القطاع .
مقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية عنوانه " تداعيات حرب ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ : عرس فلسطيني " .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٥ / ٧ / ٢٠٢٤

***

294- غزة ( ٢٩٤ ) : ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة

قرأت في صفحة الناشط أسامة ابو الجود عبارة نسبها إلى مسؤول في حركة المقاومة الفلسطينية حمماس طاهر النونو فحواها أن المقاومة ستستعيد معبر رفح بالقوة ، فما أخذ بها يستعاد بها .
الناشط عقب " طب أمانة بسرعة علشان الناس بدها تسافر " .
أحد الأصدقاء أرسل إلي منشورا ل أحمد أبو رتيمة يحكي فيه أنه قرأ عن معارك تجري في مناطق التوغل ، وهو يقيم فيها فلا يشاهد معارك بل يرى حرب إبادة .
أحمد أبو رتيمة كان مسؤولا عن مسيرات العودة .
شو بصير في غزة ؟
راجعوا ما يكتبه الناشطون هناك على اختلاف توجهاتهم ثم فكروا .-
الإعلام العسكري يبث مشاهد لمقاومين يقاومون والأسرى الإسرائيليون ما زالوا في الأسر ، والنزوح ما زال مستمرا . من مكان إلى مكان ، ومشاهد النازحين تجعلك تتساءل :
- هل تشاهد مقاطع من مسلسل التغريبة الفلسطينية ؟
النكبة منذ ١٩٤٨ مستمرة والمخيمات ما زالت مخيمات والأحفاد يستعيدون تجربة الأجداد واقعا مأساويا كما لو أنه يجري في الخيال .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٦ / ٧ / ٢٠٢٤

***

295- غزة ( ٢٩٦ ) : أشباح غزة

عندما جاء ( ايفرات كوشين ) من بولندا إلى فلسطين ، في آذار من العام ١٩٤٨ ، كان معبأ بفكرة زرعتها في ذهنه الحركة الصهيونية ، وهي أنه ذاهب إلى " أرض بلا شعب " . ولذلك بدت له المعارك التي يسمع أصواتها ثم يقرأ أخبارها في " بالستاين بوست " كل صباح - ما بين مجيئه وتنظيف حيفا من سكانها العرب - بدت له " إنما تجري بين بشر وبين أشباح ، ليس إلا " ( غسان كنفاني " عائد إلى حيفا ) .
هل مر في قطاع غزة يوم ، منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ حتى اليوم ، دون أن نقرأ عن قتل جنود أو جرحهم أو عن حدث أمني خطير هناك .
ما زالت أشباح غزة هناك ، وفي بداية الحرب تحدث جنود إسرائيليون ، عندما عادوا من أرض المعركة إلى حيث يقيمون ، عن أشباح تقاتلهم بجنون .
هل فلسطين هي أرض الأشباح منذ الفلسطن الأوائل ومنذ دليلة الفلسطينية الأولى ؟
تعب مدنيو غزة وصاروا يعدون الوقت بالشهر والأسبوع والساعة والدقيقة ، ولطالما رددوا في المساء شكواهم من " ليل غزة الطويل الطويل " الأطول بملايين المسافات من ليل امريء القيس الذي شدت نجومه بكل مغار الفتل بيذبل .
صار أهل غزة يشتاقون إلى هدوء الليل ، ليذهبوا فيه إلى شط البحر ، ونهار الجمعة لتجتمع العائلة على طاولة واحدة تأكل الفتة والمقلوبة .
أمس كانت جثث الشباب في الشوارع فكتب من أدرج الصورة " غزة تباد " وأما النزوح المتواصل فحدث عنه ولا حرج ، فخلال الأيام الأربعة الأخيرة نزح ١٨٠ ألف مواطن من قرب خان يونس .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٧ / ٧ / ٢٠٢٤

***

295- غزة ٢٩٥ عصرا: نابلس بعيدا عن غزة

في اليوم ال ٢٩٥ لمقتلة غزة ومهلكتها وحرب إبادتها أتابع أخبار النهار التي يتكرر مضمونها ويختلف شهداؤها وأرقام أعدادهم.
الطائرات تقصف المساجد والمرتقون بالعشرات والطفل يحمل فرش العجين ملقى جثمانه قرب الأرغفة ، ويؤرقني ما كتبه اليوم شجاع الصفدي عن الأوضاع وموقف أهل الضفة الغربية منها ، ومثله رياض عواد Riyad Awad الذي يرى في قناة الجزيرة غرابا ينعق ويقود الضفة إلى مستقبل يشبه ما آلت إليه غزة .
نابلس في الثالثة عصرا هادئة والحركة فيها أيضا كذلك . الأسواق تعاني من كساد والباعة ينادون على بضائعهم ومنهم من هو منشغل بجهاز الهاتف يتابع ما يجري في مخيم بلاطة .
- هل هناك شهداء؟
- ليس واضحا حتى الآن!
وفي صفحة الصحفي مجدي محسن أقرأ أن طائرتين هاجمتا شبابا في حارة الجماسين في المخيم.
أجلس على مقهى رصيف وصوت مقريء القرآن لصلاة العصر يقرأ (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها).
إلى أين نحن في الضفة الغربية ذاهبون؟
منذ أشهر لم أستمع إلى أغنية محمد عبد الوهاب (من غير ليه). يبدو أننا من حيث ندري ولا ندري سنكرر:
- جايين الدنيا ما نعرف ليه ولا رايحين فين.
هل هناك منكم من لديه إجابة؟
الجالس قربي في مقهى الرصيف قال إن هناك شهيدا في مخيم بلاطة اغلب الظن أنه مسعف ، ثم عدل في الرواية : هناك شهيدان.
القتل في غزة بالجملة وفي الضفة الغربية بالمفرق . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الله المستعان .
عادل الاسطة
٢٧ / ٧ / ٢٠٢٤

***

296- غزة ( ٢٩٦ ) : زماننا هذا خرا

مكبرات أصوات المآذن تقول شيئا وتبث آيات من القرآن الكريم ، وأنا جافاني النوم .
أتصفح الأخبار فأعرف أن هناك اشتباكات دائرة الآن ، بين الشباب الفلسطيني المقاوم وجيش الاحتلال ، في مخيم بلاطة .
أعقب على منشور في صفحة مخيم النصيرات فتأتيني الإشارة بأنني ممنوع من التعليق على المجموعات حتى ٢٩ / ٧ / ٢٠٢٤ .
يطلب كاتب المنشور أن يعقب القاريء بعبارة يصف فيها زماننا هذا . أتذكر بيتي شعر لشاعر مملوكي هما:

" زماننا هذا خرى
وأهله كما ترى
إلى ورا إلى ورا
بحيث لا تجد لخير خبرا "

الأوضاع تبعث على القلق . هل ستندلع الحرب على الجبهة اللبنانية ؟ هل سيشتعل الجنوب اللبناني؟
( سموتريش ) يدعو إلى اغتيال حسن نصر الله ردا على ما جرى أمس حيث سقط صاروخ في مجدل شمس أودى بحياة تسعة من العرب الدروز ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) يهدد لبنان بأنه سيدفع ثمنا غاليا ، وضباط إسرائيليون يطالبون بإشعال الحرب وإلا زالت دولة إسرائيل، وحالة تعبانة يا ليلى.
هل هجر رأس المال الفلسطيني أمواله إلى الخارج كما قرأت اليوم في صفحة ناشط فيسبوكي ؟ Majed Abuarab
التوحش في غزة بلغ ذروة الذروة كما كتب الدكتور رياض عواد للتو في صفحته ، والدولة العبرية مش مصلية ولا على نبي ، وأنا مش عارف أنام وكما قال المتنبي :
" على قلق كأن الريح تحتي " .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٨ / ٧ / ٢٠٢٤

***

297- غزة ( ٢٩٧ ) : الوطن والقبر والجثة : تعريفات ومطالب

في المقتلة والمهلكة وحرب الإبادة صرت أقرأ لأسماء جديدة ما كنت أقرأ لها . أسماء غير أبناء جيلي والجيل الذي تلاه . كتبت عن أبناء جيلي ولم أنصف الجيل الذي تلاه مثل خالد جمعة وعثمان حسين وعطا أبو رجب ومحمد نصار ويسري الغول وآخرين ، والآن أسهم ، ما أمكن، في التعريف بالجيل الجديد .
أمس قرأت نصوصا جميلة لمحمد العكشية Mohammed M. Alokshiya واقترحت عديدها لصفحة " مبدعون فلسطينيون " ومما قرأته :
" الوطن يا صديقي ، ببساطة ، هو أن تجد من / ما يؤويك .
الذين ناموا الليلة في العراء كانوا بلا وطن .. كانوا بلا وطن وهم في الوطن .
هل تستوعب هذه المفارقة ؟!
هل تستوعب ؟؟!! أنا لا أستوعب " .
وأما الصديق الشاعر ناصر عطاالله Nasser Atallah فقد لفت نظري إلى نص كتبته سمية وادي ، منذ خمسة أيام ، عما تريد لموتها . سمية وادي
" لا أريد أن أنتهي في كيس . أتنازل عن كل شيء .. عدا موتي .
أريد كفنا كاملا .. طوله ١٦٥ سم . لا أتنازل عن جثتي بل أريدها كاملة ..
أريد ذراعي وقدمي وقلبي ورأسي وأصابعي العشرين وعيني أيضا .
أريد أن أعود إلى رحم الأرض كما خلقت منها . نفس الأرض هنا في هذا البلد .. لا أمانع إن دفنت في قبر جماعي ..
لكني أريد اسمي على الشاهد
... عمري كذلك وأني من هنا .. من هذا الوطن الذبيح ..
وأود برجاء حد المرار أن يكون قبري في مقبرة حقيقية لا شارع لا رصيف لا شيء آخر " .
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هل ستندلع الحرب اليوم في الجبهة اللبنانية ؟
إلى أين نحن ذاهبون ؟
عندما تتابع الأخبار وما تشترطه الدول الكبرى ، من شكل الضربة الإسرائيلية ومقدار قوتها وأيضا مقدار رد حزب الله ، تتذكر كتاب " لعبة الأمم " . وتتساءل :
- هل نحن ضحايا لعبة أمم ؟
صباح الخير يا غزة
خربشات واقتباسات عادل الاسطة
٢٩ / ٧ / ٢٠٢٤

***

298- غزة ( ٢٩٨ ) : غزة تدافع عن نفسها ... غزة تعبر عن نفسها

اليوم الثلاثمائة للمقتلة والمهلكة وحرب الإبادة يقترب - والحرب الدائرة في غزة تستعر كل يوم وأكثر ، ولا مفردات جديدة . الأسماء تتغير والقتلى يرتفع عددهم والجرحى في ازدياد والنزوح يتواصل والناس المحشورة المحصورة - قبل بداية الحرب في مساحة ٢ بالمائة من فلسطين - تحشر من جديد في مساحة أصغر ، وغزة تباد . غزة تدافع عما تبقى منها ، وغزة تحكي عن معاناتها بالكلمة والصورة وما نكتبه لا يقدم الآن ولا يؤخر ولا يكاد ، إذا ما قورن بالصور من هناك وكتابات الكتاب من هناك ، ما نكتبه يحكي شيئا وتغيب عنه أشياء وأشياء وأشياء .
المقاتلون يقاتلون ويصورون نماذج مما يقومون به وليس في ذهنهم إلا ممارسة فعلهم ، والمواطنون يكتبون حكاياتهم من واقع تجربتهم ولا يضغط الآن عليهم إلا التعبير عن قسوة حياة النزوح ومتطلبات الحياة اليومية ، والصورة التي يظهر فيها المقاومون مقاومتهم تشعر المتابعين من خارج غزة بالعزة والفخار ، والصورة التي تظهر في كتابات أبناء غزة أو في الأشرطة التي تعرض عنها تبكي وتشعر بالعار والخزي والعجز .
أمس عرضت صورة لرجل شاب نازح مصاب بقدمه يمشي برجل واحدة ، هي اليسار ، على عكاز ، فيما يمسك ابنه الصغير سنا بقدمه اليمنى يرفعها حتى يواصل الاثنان نزوحهما المتواصل منذ عشرة أشهر ( الشريط مدرج في صفحتي ) .
صار ما أكتبه عن غزة ، مقارنة بما يكتبه أبناؤها في وصف تراجيديتهم / مأساتهم هناك ، لا يذكر .
يبدو أن الحرب طويلة ، وصوت معارضي أحداث ٧ أكتوبر بدأ يعلو ويطالب من أشعل النيران باطفائها، مهما كلفه الأمر . ولا مجال للإصغاء لنجاة الصغيرة تغني " ارجع إلي " ، فالذين ارتقوا لن يعودوا ، والذين نزحوا لم يسمح لهم ، حتى اللحظة ، بالعودة إلى ركام بيوتهم يقفون على أطلالها ويعيدون تعميرها ، والحكاية طويلة ، وما قاله الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى في معلقته ، وقد أوردته في يوميات سابقة ، يستحضر ، في ذهن قارئه ، باستمرار . هل هو ما يعنيه محمود درويش في قوله :
" سنعلم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلي " . ربما يقول معارضو ٧ أكتوبر :
- الأولى أن يعلمه لمن بدأ الحرب !
ما بين تردادنا لمقولات مقرة عن شرعية مقاومة المحتل وشعورنا الأخوي الإنساني لما يكابده أهلنا في غزة صرنا في حيص بيص وفي المنطقة الوسطى التي أنكر نزار قباني وجودها في الحب . هل أنكر وجودها في الحرب ؟!
كان الله في عون أهل قطاع غزة .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣٠ / ٧ / ٢٠٢٤

***

299- غزة ( ٢٩٩ ) : إنها الحرب قد تثقل القلب

يبدو أننا لن ننام في هذه الليلة الساخنة .
إنها الحرب تأتي من جديد .
لقد كان المستشار الألماني يردد :
" ألمانيا فوق الجميع "
وهنا ، هناك من يتغنى بالشعب المختار والدم الصافي النقي ، تماما كما حذر المستشار الفتيات الألمانيات من إقامة علاقات مع غير الألمان ، حتى يحافظ على نقاء العنصر الألماني ، ولكن ماذا حدث بعد ثمانين عاما أو أقل؟
من كل خمسة أطفال ألمان يولدون هناك في هذه الأيام ، هناك مولودان من زواج مختلط . لم يبق دم ألماني صاف تماما.
جن جنون المستشار فتوسع في الحرب وأرسل الجيوش إلى روسيا ، فقضى الروس عليها وقوضوا دولته .
يبدو أننا في هذه الليلة لن ننام . سننتظر ونترقب ونتابع الأخبار . هل ستكون حيفا مقابل الضاحية أم ستكون تل أبيب أم سيمر الليل ويأتي نهار كأن شيئا لم يكن ، كما حدث من قبل يوم أرسلت إيران طائراتها المسيرة ردا على الاعتداء على مقر لها في دمشق ، وكما حدث في اليمن يوم ردت إسرائيل بقصف ميناء الحديدة ؟
لطالما اقتبست من قصة توفيق فياض " الحارس " المثل الشعبي :
" مجنون رمى حجر في بير وأربعين عاقل مش قادرين يطولوه "
و
" هذه المرة كل عقال الأرض ما راح يطولوه " .
وإسرائيل هي الحجر الملقى في العالم العربي .
أعتقد أن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق ( موشه دايان ) أذكى بعشرات المرات من رئيس الوزراء الحالي ووزيريه ( بن غفير ) و ( سموترتش ) . لقد كان يعي أن ما يحيط بدولته بعد طرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم في العام ١٩٤٨ لن يشعر الإسرائيليين بالراحة ، ولذلك كان دائما يرسل جواسيسه إلى المخيمات الفلسطينية ليصغوا إلى ما يقوله اللاجئون .
ورحم الله الشاعر توفيق زياد الذي كتب بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ :
" والذي يسلب حقا بالقتال
كيف يحمي حقه
إذا الميزان مال ؟"
وعاجلا أم آجلا سيميل الميزان .
" دبرها يا مستر دل
بركن على إيدك تنحل "
ويبدو أنه لا مستر دل ولا مستر روجرز ولا مستر كيسنجر ولا مستر فيليب حبيب أو حتى مستر بلينكن ، يبدو أنهم غير قادرين على حلها .
أمس غزا الذباب الأزرق خيام النازحين في القطاع ، فكتب عن خصائصه ، في صفحته ، الدكتور رياض عواد Riyad Awad وبعض سكان الخيام أيضا .
من أين يتلقاها أهل قطاع غزة ؟!
" لسة طويلة " على رأي عبد الحليم حافظ ، طويلة ولها قرون ، كما يقول أبناء شعبنا .
هل ستشتعل الجبهة اللبنانية في هذه ؤالليلة ؟
أيضا إسرائيل منهكة جدا والدليل تصريح قادتها عن فعلتهم في الضاحية :
" إذا لم يرد حزب الله ، فإن الحرب لن تندلع " .
والكل يشعر بالضجر والملل إلا المقاومين الفلسطينيين في الأنفاق . هكذا يبدو أو أن تقديري خاطيء .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣١ / ٧ / ٢٠٢٤

***


299- غزة ( ٢٩٩ ) ٢ : في اغتيال اسماعيل هنية

نمنا أمس على أساس أن الرد على اغتيال القائد اللبناني فؤاد شكر من حزب الله سيستهدف حيفا أو تل أبيب ، وهذا هجس به بعض الناشطين ، فكتبوا :
" الرد حيفا "
" تل أبيب مقابل الضاحية "
وصحونا على خير اغتيال اسماعيل هنية في طهران ، فخبنا وخابت توقعاتنا وأخذتنا الدهشة ؟
كيف تم اختراق الحي الذي نزل فيه المرحوم ، وهو حي يفترض أن تكون الحساسية الأمنية فيه عالية جدا ؟
وتباينت الآراء واختلفت . من يحب إيران ما زال ينتظر الرد ، ومن يكرهها يتحدث عن تعاونها منذ عقود مع إسرائيل وأمريكا ، والحكي كثير وكل يغني على ليلاه ويحكي دون أدلة .
كيف تم اختراق الضاحية الجنوبية للمرة الثانية ؟ وأين هو الحذر الأمني ؟
هل تم ، في مطار الدوحة ، استبدال حقيبة من حقائب اسماعيل هنية بأخرى مزروعة بأجهزة تجسس دقيقة جدا؟
كم يبعد مطار الدوحة عن القاعدة الأمريكية في قطر ؟
تجنبوا كثيرا من الظن ، إن بعض الظن إثم ، وأنا شخص شكاك تذهب مخيلتي بعيدا .
سامحونا .
بعض كتابات أبناء قطاع غزة في الحدث تبدو أقرب إلى الشماتة ، بخاصة ممن يختلفون مع المرحوم فصيليا أو سياسيا ، وقسم منهم رأى إيران " نمرا من ورق " .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣١ / ٧ / ٢٠٢٤

***

300- غزة ( ٣٠٠ ) : ذباب أزرق.. ذباب أخضر

في متابعة أشرطة فيديو بعيدة عن الحرب يلفت نظرك شريط لبائع خضار يغني :
" يا طير الطاير من فوق الصخرة
بيروح الخرى بيجينا الأخرى "
وقبل أيام كتبت تحت عنوان " زماننا هذا خرى " مضمنا بيتي شعر من الزمن المملوكي . ماذا كان يقول أهل هذه البلاد في أزمنة سابقة عن العهد السابق ، وكلما زال حكم رأى فيه الناس خرى حتى جربوا غيره فرأوا فيه الأخرى . وفي كتابات بعض أبناء قطاع غزة ، أمام ما يجري ، من يحن إلى فترات سابقة كانت موضع انتقاد .
في كتابات سابقة أتيت ، معتمدا على كتابات أبناء قطاع غزة ، عن البعوض " البعوض والحرب والشعر " والآن أخذ الذباب الأزرق يكثر ، وقد أشرت قبل أيام إليه وأحلت إلى صفحة Riyad Awad .
غالبا ما كتب الأدباء الفلسطينيون والعالميون عن الذباب في حياة الفلسطينيين بعد ارتكاب المجازر بحقهم وإقامتهم في الخيام . هل هناك وصف أقسى مما كتبه رشاد ابوشاور في روايته " العشاق " عن حياة اللاجئين في مخيم عقبة جبر في خمسينيات القرن العشرين ؟ هل خلا نص الكاتب الفرنسي الذي زار شاتيلا وصبرا صباح المذبحة ( جان جينيه ) ، هل خلا من الكتابة عن الذباب في طرقات المخيم وعلى جثث القتلى ؟
لا أعرف المناسبة التي جعلت محمود درويش يكتب في يومياته " أثر الفراشة " ٢٠٠٦ تحت عنوان " ذباب أخضر " . يكتب الشاعر:
" المشهد هو هو . صيف وعرق ، وخيال يعجز عن رؤية ما وراء الأفق ، واليوم أفضل من الغد . لكن القتلى هم الذين يتجددون . يولدون كل يوم ، وحين يحاولون النوم يأخذهم القتل من نعاسهم إلى نوم بلا أحلام . لا قيمة للعدد . ولا أحد يطلب عونا من أحد . أصوات تبحث عن كلمات في البرية ، فيعود الصدى واضحا جارحا : لا أحد . لكن ثمة من يقول : " من حق القاتل أن يدافع عن غريزة القتل " . أما القتلى فيقولون متأخرين " من حق الضحية أن تدافع عن حقها في الصراخ " . يعلو الأذان صاعدا من وقت الصلاة إلى جنازات متشابهة : توابيت مرفوعة على عجل ، تدفن على عجل ... إذ لا وقت لإكمال الطقوس ، فإن قتلى آخرين قادمون مسرعين من غارات أخرى . قادمون فرادى أو جماعات .. أو عائلة واحدة لا تترك وراءها أيتاما وثكالى ، السماء رمادية رصاصية ، والبحر رمادي أزرق . أما لون الدم فقد حجبته عن الكاميرا أسراب من ذباب أخضر!".
مقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية عنوانه " تداعيات حرب ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ : محمود درويش في ذكراه وحضور نصوصه " .
حالة من الترقب نعيشها وافتقدت أمس في صفحة مخيم النصيرات أحد نشطائها وهو أسامة ابو الجود وقد افتقده غيري أيضا وتساءل عن الغياب وفي تعليقات أحد متابعي الصفحة زف خبر ارتقائه ، وأمس ارتقى اسماعيل الغول مراسل الجزيرة في غزة وارتقى معه أيضا المصور الصحفي رامي الريفي .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١ / ٨ / ٢٠٢٤

***

301- غزة ٣٠١ : صراع في الخيام

عندما قرأت ما كتبه عبد الكريم عاشور Abed Alkarim Ashour تحت عنوان " يحدث في غزة : صراع في الخيام " تذكرت قصة غسان كنفاني " الصغير يذهب إلى المخيم / زمن الاشتباك " ، وعندما قرأت في كتابات أخرى عن السرقات بين النازحين تذكرت قصته " القميص المسروق " ، وتذكرت حياتنا في المخيمات الفلسطينية لاجئين ، وعقبت بعبارة " وكنا نتقاتل على كل شيء " . لقد مررنا بالتجربة نفسها . لطالما تنازعنا مع الجيران على مصرف ماء أو إقامة مرحاض تهب رياحه على المحيطين ، ولطالما تقاتلنا معا يوميا من أجل الحصول على الماء ، وشهريا من أجل نيل إعانات الوكالة الشهرية / المؤن أو الموسمية / البقج ، ولطالما تخاصمنا بسبب ضجيج الأطفال يلعبون في الشوارع فلا يتركون للكبار مجالا لقيلولة هادئة .
خذوا هذا المقطع من قصة كنفاني الأولى :
" لم تكن ثمة أي حرب على الإطلاق . كل ما في الأمر أننا كنا ثمانية عشر شخصا في بيت واحد من جميع الأجيال التي يمكن أن تتوفر في وقت واحد . لم يكن اي واحد منا قد نجح بعد في الحصول على عمل ، وكان الجوع - الذي تسمع عنه - همنا اليومي . ذلك اسميه زمن الاشتباك . أنت تعلم . لا فرق على الإطلاق . كنا نتقاتل من أجل الأكل ، ثم نتقاتل لنوزعه فيما بيننا . ثم نتقاتل بعد ذلك..."
ليلة أمس فكرت أن أكتب تحت عنوان " في انتظار غودو " - أي الرد من إيران أو اليمن أو حزب الله ، وفضلت أن أنتظر حتى الصباح ، وجاء رد من جنوب لبنان والحمدلله أنني تريثت .
يبدو أن الحرب ستستدرجني إلى مزيد من الخربشات ، وكنت عقدت النية أن أتوقف عند اليوم ٣٠٠ من الحرب .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢ / ٨ / ٢٠٢٤

***

301- يوميات غزة ( ٣٠١ ) مساء

الأجواء توحي بأن ما كتب عنه الباحث السوري منير العكش في
تسعينيات القرن العشرين ، عن المحافظين الجدد ودعمهم دولة إسرائيل لمواجهة كبرى في ( هار مجدو ) / الأدب القيامي ، لم يكن مجرد تكهنات وهلوسات .
في رواية الكاتب الإسرائيلي ( عاموس كينان ) " الطريق إلى عين حارود " ( ترجمها انطوان شلحت إلى العربية في منتصف ثمانينيات القرن العشرين ونشرت في مجلة " الكرمل " ) قرأنا :
" الخطر يأتي من الشمال " .
الأجواء أجواء حرب ، ويبدو التوتر فيما يصدر عن الحكومة الإسرائيلية واضحا . كما لو أننا نعيش أجواء حرب حزيران ١٩٦٧ وأجواء سنة الحسم التي أكثر الرئيس المصري أنور السادات الحديث عنها ١٩٧١ / ١٩٧٢ .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
٢ / ٨ / ٢٠٢٤

***

302- يوميات غزة ( ٣٠٢ ) : الكل في انتظار ما

يبدو أن كثيرين قلقون ينتظرون شيئا . حدثا ما ، ولطالما قرأنا مقالات لكتاب " في انتظار غودو " ولم يأت ، ومنذ قرون ينتظر الناس المهدي المنتظر ، وها هم ينتظرون الرد يأتي من إيران أو من اليمن أو من جنوب لبنان / شمال فلسطين ، وفي الأدبيات الصهيونية أن الخطر يأتي من الشمال ، وفي بداية الحرب الدائرة حاليا أصغيت إلى محلل سياسي أظنه ناصر قنديل يبشر فيه بأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سيعودون إلى مدنهم وقراهم بكلاشينات . هل هو إفراط في التفاؤل؟
كلما أفرطنا في الضحك تعوذنا قائلين:
- اللهم اجعله خيرا واسترنا منه "الله يسترنا من نتيجة هالضحك".
قد ينتهي الليل ولا يأتي (غودو) أو (المهدي المنتظر) أو حتى "المسيح الدجال" إلا ان كان الأخير تجسد في (بايدن) أو (ماكرون) أو حتى المستشار الألماني، فالثلاثة في بداية الحرب زاروا دولة الكيان. وربما يكون الثلاثي الإسرائيلي ؛ رئيس الوزراء وبن غفير وسموتريتش هم الأعور الدجال أو المسيح الدجال أو .. ! ألا يقدمون أنفسهم منفذين لما ورد في العهد القديم؟
أمس أدرج الكاتب الغزي طلعت قديح صورة حديثة له مع نص قصير كتبه ، فعقبت:
- يا إلهي ! ماذا فعلت بك الحرب؟
كان طلعت الذي دمر منزله ، وعاش نازحا مشردا جائعا فقيرا معدما فقد ما استثمره طيلة عقود ، مثل مليوني غزاوي ، كان بضا ممتلئا يفيض حيوية ويكتب نقدا بنيويا ويفرح لكتاب جديد صدر له ، وآل إلى هيكل عظمي.
ما قام به الإسرائيليون في غزة هو الجنون ، لا ضرب من الجنون . أحيانا كثيرة أصر على سذاجتي وبراءتي وبساطتي ، بل وغبائي ، فأسأل :
- ما ذنب مليوني مواطن في كل هذا ؟
هل أذنب أجدادنا وآباؤنا لأنهم استقبلوا في بيوتهم اليهود القادمين من روسيا القيصرية بسبب ( البوجروم)؟
لا ضرورة للكتابة في أمور شخصية .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣ / ٨ / ٢٠٢٤

***

303- يوميات غزة ( ٣٠٣ ) : غزة تحترق

ما إن صحوت في الرابعة فجرا، لأذهب إلى الحمام وأفحص نسبة السكر في الدم، حتى وجدتني أبحث عن آخر أخبار الحرب.
رشقة صاروخية من جنوب لبنان نحو المستوطنات الإسرائيلية في الشمال الفلسطيني، وغارات بالطائرات الإسرائيلية على خيام النازحين قرب مستشفى الأقصى في وسط قطاع غزة. كانت الخيام تحترق والمسعفون يسعفون من استطاعوا إسعافه. إنها محرقة! إنها محرقة يا الله وإسرائيل تستعجل إرسال الفلسطينيين إلى الجنة، وتصر ابتداء على أن تدخلهم إلى المطهر ف إن كل إلا واردها - أي النار.
و(نيرون) المعاصر. شمشون المعاصر قرر أن يهدم المعبد عليه وعلى أعدائه. لقد اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي قراره بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين، لينفذ ما يتطلع إليه: غزة وقد ابتلعتها النيران لا البحر. بحر من النيران في خيام النازحين. يا الله! ماذا يفعل مليونا مواطن غزاوي لا حول لهم ولا قوة ولا سلاح بأيديهم. مليونا مواطن لم يشعروا منذ ٣٠٠ يوم ويومين بلحظة أمان واحدة؟!!
غزة تحترق ويبدو أن المعبد كله ستطاله النيران، ولا حول ولا قوة إلا بالله! (يوم يفر المرء من....). هوذا الوضع في غزة.
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
فجر ٤ / ٨ / ٢٠٢٤

***

304- يوميات غزة ( ٣٠٤ ) : ابني مش شهيد مجهول. ابني إله اسم (ابني ليس شهيدا مجهولا. إبني له اسم)

قبل يومين أدرجت على صفحتي شريط فيديو لوالدة الشهيد خالد سائد الشوا تتحدث فيه عن ابنها.
عندما شاهدت الأم جسد ابنها مسجى قرأت " شهيد مجهول " فاعترضت قائلة :
- أنا ابني مش شهيد مجهول . أنا إبني إله اسم . اسمه خالد سائد الشوا . إحنا مش أرقام .
كانت الأم تحكي وهي تبكي فقد ابنها الذي عرفنا عنه أنه الذكر الوحيد في عائلته بين بضعة بنات ، وقد قال عنه أبوه إنه شهم يساعد الجيران ، فقد كان ، ساعة استشهد ، عائدا من مهمة مساعدة جارة لهم.
يا إلهي ! غالبا ما يكون مآل الذكر الوحيد بين إناث قاسيا ، وغالبا ما يتحسر الناس ، وهم يتحدثون عنه ، حين تلم به حادثة موت . هل قرأ أحد منكم الجزء الأول من سيرة الكاتبة الفلسطينية المقيمة في الأردن سحر خليفة وعنوانه " روايتي لروايتي " ؟
كان لسحر أخ وحيد بين عدة بنات فدلعه الأب واعتنى به باعتباره حامل اسم شجرة العائلة . اشترى له سيارة وتركه يسوقها بحرية وكانت النهاية حادث سير مروع جعله قعيدا بقية عمره تتحسر عائلته عليه .
قبل يومين ثلاثة أدرجت قصيدة محمود درويش " ذباب أخضر " من كتاب " أثر الفراشة : يوميات "( ٢٠٠٨ ) ونصها :
" المشهد هو هو . صيف وعرق ، وخيال يعجز عن رؤية ما وراء الأفق ، واليوم أفضل من الغد ، لكن القتلى هم الذين يتجددون ، يولدون كل يوم . وحين يحاولون النوم يأخذهم القتل من نعاسهم إلى نوم بلا أحلام . لا قيمة للعدد ، ولا أحد يطلب عونا من أحد . أصوات تبحث عن كلمات في البرية ، فيعود الصدى واضحا جارحا : لا أحد . لكن ثمة من يقول : " من حق القاتل أن يدافع عن غريزة القتل " . أما القتلى فيقولون متأخرين : " من حق الضحية أن تدافع عن حقها في الصراخ " . يعلو الأذان صاعدا من وقت الصلاة إلى جنازات متشابهة : توابيت مرفوعة على عجل ، تدفن على عجل ... إذ لا وقت لإكمال الطقوس ،؛فإن قتلى آخرين قادمون مسرعين من غارات أخرى . قادمون فرادى أو جماعات ... أو عائلة واحدة لا تترك وراءها أيتاما وثكالى . السماء رمادية رصاصية والبحر رمادي أزرق ، أما لون الدم فقد حجبته عن الكاميرا أسراب من ذباب أخضر !"
قبل قليل قرأت أن هناك اجتياحا واسعا لمدينتي : نابلس ، وشاهدت شريط فيديو لسوق الخضار وقد أشعل الإسرائيليون فيه النار .
يبدو أن احتراق غزة بدأ يمتد بوتيرة متسارعة أكثر وأكثر .
هل تخطط الدولة العبرية لحرب خاطفة على غرار ٥ / ٦ / ١٩٦٧ ؟
الأصوات فيها تتعالى وأمس دعا ( افيغدور ليبرمان ) إلى ذلك .
هل نترحم على المشير عبد الحكيم عامر قائد الجيش المصري في حينه ؟!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
التاريخ هو :
٥ / ٨ / ٢٠٢٤

***

305- يوميات غزة ( ٣٠٥ ) : لأترك أبناء قطاع غزة يكتبون يومياتها

بانتهاء هذا اليوم ينتهي الشهر العاشر لبدء الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة ، ولم تنته الحرب . لم يتصافح القادة الأعداء لتنتظر العجوز - إن بقيت على قيد الحياة - ابنها المحارب الذي لا تعرف مصيره أصلا ، فقد أعادت إسرائيل أمس عشرات جثث الفلسطينيين الذين لا يستطاع معرفة هوياتهم ، بعد أن تم تشويهها بالكامل . ولم يتصافح القادة الأعداء ليتحقق للحبيبة أو الزوجة اللقاء بحبيبها أو زوجها ، فقد قتلت القوات الإسرائيلية عشرات الصحفيين ممن كانت زوجاتهم في انتظارهم مثل زوجة اسماعيل الغول ، وقتلت أيضا قسما من زوجات بعض من نجوا مثل وائل الدحدوح الذي فقد أيضا ابنه حمزة .
هل سيخاطب قائد ما مثل ( بنيامين نتنياهو ) ، يبحث عن انتصار ، سيدة عجوزا تنتظر ابنها بما خاطبها به القائد في مسرحية الكاتب الألماني ( برتولد بربخت ) " محاكمة لوكللوس " ؟
- ما شأنك بالحرب؟!
- ولكنك سقت ابني إليها ولم يعد . ( لقد ضحى نتنياهو بمستقبل الأسرى فعاد قسم منهم جثثا ) .
غدا تدخل الحرب في شهرها الحادي عشر وأغلب الظن أنني لن أواصل كتابة يومياتي عن غزة والسبب؟
عندما بدأت أكتب يوميات مقتلة غزة ومهلكتها وحرب إبادتها كان صوت كتابها خافتا قليلا عديده ، فقد أرهقتهم الحرب وآثارها وانعكاسها على قدرتهم على الكتابة ، ووجدت نفسي أنا الذي يجلس على كنبة في شقة مكيفة مريحة أدون يومياتها شاهدا على الحرب من الخارج ، مثلي مثل الإذاعات العربية والجيوش العربية ، في العقود الأخيرة ، نحارب بالكلام والأغاني من بعيد . نقصف بالحروف السمينة كما كتب محمود درويش في قصيدته " سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا " ، وهكذا طلعنا على العدو " طلوع المنون فصاروا هباء وصاروا ردى " . هل قمت وقناة الجزيرة واللواء المتقاعد فايز الدويري بالمهمة ؟
لم أؤجر قلمي ولم أبعه ، فلم أجن من الكتابة دولارا واحدا ، علما بأنني عرفت مؤخرا أن دور النشر التي طبعت بعض كتبي أدرجت عددا منها في مواقع عالمية لبيع الكتب ، والكتابة في هذا الجانب تطول .
الآن وربما منذ ستة أشهر كثر أبناء قطاع غزة الذين يكتبون يومياتها ، والكتابة عن التجربة من داخلها تختلف عن الكتابة عنها من خارجها ، والآن حين لا يعجب أبناء غزة ، ما نكتبه نحن ، عن المقاومة و٧ أكتوبر وحياة النازحين وغيرهم هناك يخاطبوننا أحيانا بلهجة حادة ، وإن أسفت فإنما آسف أنني لم أرصد هذه الخطابات لكي أوثق كلامي .
هل ستتخذ الكتابة شكلا آخر ؟
لست أدري !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٦ / ٨ / ٢٠٢٤
اليوم الأخير من الشهر العاشر لحرب غزة الخامسة في سبعة عشر عاما . حرب ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ .

***
-
======================
275- غزة ( ٢٧٥ ) : إن عشرت الحرب دشرت
276- غزة ( ٢٧٦ ) : كأن لم تنته الحرب في غرب مدينة غزةوشمالها
276- غزة ( ٢٧٦ ) ٢ : زكريا محمد يتلبسني
277- غزة ( ٢٧٧ ) : خربشات أهل غزة عن تفاصيل حياتهم اليومية
278- غزة ( ٢٧٨ ) : نهاية الانتفاضة الأولى
279- غزة ( ٢٧٩ ) : رأيت الدموع تمشي
280- غزة / اللد ( ٢٨٠ ) : رحلة التيه الفلسطيني ١٩٤٨
281- غزة ( ٢٨١ ) : عار العالم في غزة
281- غزة ( ٢٨١ ) ٢ : غزة هوية عصرنا حتى الأبد
282- غزة ( ٢٨٢ ) : الصمت ، إزاء ما جرى ويجري ، عار
283- غزة ( ٢٨٣ ) : ثمة رائحة فاسدة في مملكة الدنمرك
284- غزة ( ٢٨٤ ) : "كان عليكم ألا تخرجوا"
285- غزة ( ٢٨٥ ) : صباحات أهل غزة في الخيام ... صباحات آبائنا وأجدادنا في الخيام
286- غزة ( ٢٨٦ ) : الأمنيات والأحلام وقوة الحياة
287- غزة ( ٢٨٧ ) : نهايات الانتفاضة الأولى : ما أشبه الليلة بالبارحة
288- غزة ( ٢٨٨ ) : دونية المتعالي
289- غزة ( ٢٨٩ ) : الألم في درجته القصوى
290- غزة ( ٢٩٠ ) : جففوا المستوطنات وجلبوا أخطر الفيروسات
291- غزة ( ٢٩١ ) : هل صارت معالي العرب مخازيهم ؟
292- غزة ( ٢٩٢ ) : يوم في حياة غزة
293- غزة ( ٢٩٣ ) : تقييدات على الحساب
294- غزة ( ٢٩٤ ) : ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
295- غزة ( ٢٩٥ ) : أشباح غزة
295- غزة ( ٢٩٥ ) عصرا: نابلس بعيدا عن غزة
296- غزة ( ٢٩٦ ) : زماننا هذا خرا
297- غزة ( ٢٩٧ ) : الوطن والقبر والجثة : تعريفات ومطالب
298- غزة ( ٢٩٨ ) : غزة تدافع عن نفسها ... غزة تعبر عن نفسها
299- غزة ( ٢٩٩ ) : إنها الحرب قد تثقل القلب
299- غزة ( ٢٩٩ ) ٢ : في اغتيال اسماعيل هنية
300- غزة ( ٣٠٠ ) : ذباب أزرق.. ذباب أخضر
301- غزة ( ٣٠١ ) : صراع في الخيام
301- يوميات غزة ( ٣٠١ ) / مساء
302- يوميات غزة ( ٣٠٢ ) : الكل في انتظار ما
303- يوميات غزة ( ٣٠٣ ) : غزة تحترق
304- يوميات غزة ( ٣٠٤ ) : ابني مش شهيد مجهول. ابني إله اسم (ابني ليس شهيدا مجهولا. إبني له اسم)
305- يوميات غزة ( ٣٠٥ ) : لأترك أبناء قطاع غزة يكتبون يومياتها

-

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...