الغرور وجنون الغطرسة تدفع بالمنطقة لأتون الصراع

الغرور وجنون الغطرسة تدفع بالمنطقة لأتون الصراع

المحامي علي ابوحبله

أحد الدوافع الأساسية للاستمرار في الحرب على الفلسطينيين يعود ليس فقط إلى العقيدة الحربية التي ثبت خطؤها وفشلها استنادا لمقولة بأن " ما لا يأتي بالقوة زد عليه قوة" ، بل إلى فاحشة بشرية ثبت فشلها أكثر، وهي عقلية الغطرسة والغرور. فهذا المرض، الذي لا يوجد عدو لإسرائيل أشد خطورة منه، يتحكم في سياستها وقادتها السياسيين والعسكريين. وعلى الرغم من أن هذه الغطرسة تسببت لها بأضرار كبيرة، عبر عشرات السنين، بما في ذلك مقتل ألوف الإسرائيليين، فإن قادتها ما زالوا يتمسكون بها.

تم تحذير نتني اهو وائتلافه اليميني الفاشي من أن السياسة التي يديرها تظهر خطرا يتهدد امن وسلامة المنطقة وأن استمرار الحرب والتوسع الاستيطاني وانتهاك حرمة المسجد الأقصى وتهويد القدس يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي , الاستيطان وسياسة التنكيل بالأسرى الفلسطينيين في السجون، والتهديد بمحو غزه وحواره وترم سعيا وترحيل الفلسطينيين ويعكس كل ذلك تصعيد أمني خطير ويضع إسرائيل أمام المسائلة الدولية بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية وتشديدها على أن سياسات إسرائيل الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية يعد انتهاكًا للقانون الدولي، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية فورًا ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير.

وقضت المحكمة بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل ""وحدة إقليمية واحدة" سيتم حمايتها واحترامها، وتابعت: "يجب على إسرائيل أن توقف فورًا جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة" وأشارت إلى أن "سياسة الاستيطان الإسرائيلية وممارساتها تتعارض مع حظر النقل ألقسري للسكان المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة" وتخضع واجبات إسرائيل في الأراضي المحتلة لمعاهدة 1959 بشأن معاملة المدنيين في زمن الحرب، حسب المصدر نفسه.

وأوضحت أن سياسات إسرائيل "غير القانونية" وممارساتها تنتهك التزامها باحترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما قالت: " على إسرائيل الالتزام بمعاهدة سدرا عندما تمارس سلطاتها خارج أراضيها".

هذا القرار بمضمونه أثار حفيظة قادة الكيان الصهيوني وظهر من تصريحاتهم حقيقة الغلو والغرور في مواقفهم ومدى تعجرفهم وعنجهيتهم ومهاجمتهم للمحكمة والهيئة الدولية وهي سابقه في تاريخ إنشاء الأمم المتحدة واتهام مؤسساتها بمعاداة السامية فقد هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتني اهو، الجمعة، 19 يوليو/ تموز 2024 الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية ووصفه بأنـه "خاطئ"، فيما طالب وزيران بفرض تل أبيب "سيادتها الكاملة" على الضفة الغربية المحتلة.

وزعم نتني اهو في منشور عبر منصة إكس أن "اليهود ليسوا غزاة في أرضهم، لا في عاصمتهم الأبدية القدس، ولا في أرض أجدادنا في يهودا والسامرة (التسمية اليهودية للضفة الغربية)".وأردف قائلاً: " لن يؤدي أي قرار خاطئ في لاهاي (محكمة العدل الدولية) إلى تشويه هذه الحقيقة التاريخية".وتابع: "لا يمكن الطعن في شرعية الاستيطان الإسرائيلي في كافة أراضي وطننا"، على حد تعبيره.

فيما قال وزير الأمن القومي إتمار بن غفير في بيان صدر عن مكتبه إن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي " يثبت للمرة الألف أن هذه منظمة سياسية ومعادية للسامية بشكل واضح"، وفق تعبيره،وأضاف زاعماً: "لن نتلقى منهم وعظاً أخلاقياً، فقد حان وقت الحكم والسيادة"، بحسب البيان ذاته.

وفي بيان ثان، اعتبر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن الإجابة على قرار لاهاي (في إشارة لمحكمة العدل) هو "فرض السيادة (على الضفة) الآن". هذه المواقف تعد مغايره للرأي الاستشاري للمحكمة بشأن تداعيات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وذلك رداً على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نحو عام ونصف.

وسبق للسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان أن لوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة، التي اعتبر أنها تعاني "التعفن العميق" ويضيف في الوقت الحالي، فإن الخروج من الأمم المتحدة يشبه مقاطعة وسائل الإعلام الدولية لأنها ضدنا ، حاليا، لدينا منبر للتعبير. إننا نحاول إقناع حلفائنا بآرائنا، ويضيف أنه يجب أن يكون هناك إصلاح في علاقات الأمم المتحدة مع إسرائيل ، وإذا فشلنا في ذلك واستنفذنا كل البدائل، ستكون هناك حاجة للنظر في ذلك (خيار الانسحاب).

وسبق أن وصف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأمم المتحدة بأنها "منظمة معادية لإسرائيل"، مشيرا إلى أنها "تؤوي الإرهاب وتشجعه" هذه البروباغندا الاسرائيليه الاستعراضية تدلل لا بل تؤكد الغرور وجنون العظمة لدى قادة الاحتلال وأن تصريحات المسئولين الإسرائيليين مجرد تهديدات وضغوط سياسية ليس إلا لأنهم وبحقيقة أنفسهم يدركون حجم المخاطر التي باتت تتهددهم وتتهدد أمن وسلامة المنطقة بفعل عدوانيتهم وغرورهم وعنجهيتهم التي باتت لاحدود لها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...