كثيرا ما نقرأ في بعض وسائل الإعلام، وبالأخص، في مواقع التواصل الاجتماعي، أن فشلَ المنظومة التربوية وراءه المخزن أو أيادي تعمل في الخفاء، أي لجهة كثيرا ما يُعبَّر عنها بصيغة الغائب أو المجهول.
فإذا كان مثل هذا الكلام نابعا، فعلا، من الغيرة على الوطن، ومن إرادةِ إيجاد حلولٍ لهذا الفشل، فكان على مَن يتفوَّه به، أن يقول لنا، على الأقل، ما هو المخزن وما هي هذه الأيادي الخفية. أما أن يُلقى الكلامُ على عواهنه، هكذا بدون تفكير ولا تبصُّر، فمَن يتفوَّه به، لا يتمتَّع ولو بأذن ذرَّة من المسئولية والمنطق!
علما أنه، في غياب توضيحِ ما هو المخزن وما هي الأيادي الخفية، فإن فشل المنظومة التربوية سببُه هو المجهول. وهل يُعقل أن يتمَّ إصلاحُ المنظومة التَّربوية دون معرفة أسباب فشلها؟
هذه مواقف غير مسئولة وغير علمية. بل لا تمتُّ للعقل بصلة ولا تزيد في الطين إلا بلَّةً. وما يُثير الانتباهََ، هو أن مَن يدَّعون أن المخزنَ والمجهول هما سبب فشل المنظومة التربوية، لا يعطون ولو دليلا واحدا يدعِّم ما يقولون. وما يجب قولُه، في هذه الحالة، هو أن مثل هذه الأحكام النَّمطِية المجَّانية، صادرة عن ناس لا يُريدون الخيرَ للبلاد.
ومثل هذا الكلام مُنتشِر بكثرة في مواقع التَّواصل الاجتماعي. والغريب في الأمر أنه صادر عن ناس لا صلةَ لهم لا بمهنة التَّعليم ولا بالمنظومة التربوية. ناس سمعوا، هنا وهناك، أن المنظومة تعاني مشاكل مُتنوِّعة، فنصَّبوا أنفسَهم من النُّقاد، لكن نُقَّاد لا يملكون أدنى تعليلٍ لِما ينشرونه من سموم.
صحيح أن المنظومة التربوية فشلت في أداء مهامِّها. لكن كيف سيتمُّ إصلاحُها وأسباب فشلها مجهولة. شيء لا يقبلُه العقل ولا يمكن تصنيفُه إلا في خانة السياسة السياسوية والمُزايدات العقيمة. ومواقع التَّوأصل الاجتماعي تعُج بهذا النوع من البشر الذين لا هدفَ لهم سوى النشرُ من أجل النشر والحصول على أكبر عددٍ من الاَّيْكَات recueillir le plus grand nombre possible de like.
ومما يؤسف له أن هذه الطريقة المُتَّبعة لمقاربة الواقعِ المغربي وتحليلِِه وتشريحِه مُتداولةٌ في العديد من المقالات حيث يُعزى فشل المغرب برُمَّته لغول مجهول أو أكثر وفي المقدِّمة يأتي المخزن.
إن هذه المقاربة في التعامل مع الواقع لا جدوى منها بل إنها تزيد الأوضاعَ تأزُّما ما دامت لا تستند على أية دراسة علمية وميدانية. إنها فقط ارتسامات مُنتشِرة بكثرة في مواقع التَّواصل الاجتماعي، لكنها تبقى ارتسامات إلى حين خضوعها لأدِلَّةٍ علمية.
إن أسباب فشل المنظومات التربوية في البلدان النامية أو المتخلفة تكاد تكون متشابهةً وأهم هذه الأسباب ليس المخزن ولا الأيادي الخفية ولا المجهول ولا هم يحزنون. إنها أسباب سياسية محضة!
وكلُّ هذه الأسباب السياسية، راجعة، أساسا، لعدم توفُّر الإرادة السياسية النابعة من حبِّ الوطن patriotisme ومن المواطنة citoyenneté. وما دامت أسبابُ فشل المنظومة التَّربوية في أداء مهامها، سياسية، فالأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد سنةَ 1956، هي المسئولة عن هذا الفشل. لكن، هذا لا ينفي بأن المنظومة التَّربوية تُعاني من نقائص تربوية، أي نقائص لها علاقة بما يجري داخلَ الأقسام من أنشطة تعليمية تَعَلُّمية.
فعندما أقول بأن أسبابَ فشل المنظومة التربوية في أداء مهامها، سياسية، فالمقصود هو : "لو كانت الإرادة السياسية مُتوفِّرة لدى الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد، لَتمَّ القضاءُ على كل النقائص التربوية".
وعلى رأس النقائص التربوية التي تعاني منها منظومتُنا التربوية، أذكرُ، على الخصوص، تخلُّفَ تكوين المدرِّسين عن ما وصل إليه البحث العلمي في عالم التعليم والتَّعلُّم والتربية. ولهذا، فالممارسة التَّعليمية التَّعلُّمية، داخلَ الأقسام، كانت ولا تزال، تعتمد على الببغائية psittacisme، أي الحفظ والاسترداد بعيدا كل البعد عن الفكر النقدي pensée critique وعن التَّفتُّح الفكري épanouissement intellectuel والتَّحرُّر الاجتماعي émancipation sociale والانفتاح بصفة عامة على الحياة بجميع مظاهرها.
ومن الحلول السياسية التي كان على الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد، أن تُفكِّرَ فيها، هو إعطاءُ الأولوية للاعتناء بالمدرس اجتماعيا وماديا.
بل إن دولا عظمى مثل فرنسا المتقدمة اقتصاديا، تكنولوجيا، علميا، ثقافيا أصبحت تشكو من تراجع منظومتِها التربوية بالمقارنة مع البلدان الإسكندينافية pays scandinaves والدول الأنگلوساكسونية pays anglo-saxons وحتى بعض الدول الأسيوية مثل سنغافورة Singapour.
وأضيف أن فشلَ منظومتِنا التربوية راجع كذلك لتسييسها، أي اتِّخالها كمَطية tremplin، يتمُّ التَّلاعبُ بها من طرَف الأحزاب السياسية لبلوغ أهداف لا علاقةَ لها بإصلاح هذه المنظومة.
الأحزاب السياسية التي، عِوَض أن تبحتَ بكيفية علميةٍ عن أسباب الفشل لتُنقدَ المنظومة من الهاوية، فإنها تطبَّعَت مع الوضع. بل إنها تساهم في تفاقمه، علما أن جلَّ القيادات السياسية يبعثون بناتِهم وأبناءَهم لأحسن المدارس بالداخلِ أو الخارج. وهذا يعني أن هذه القيادات السياسية، استسلموا لأنانيتهم وتركوا المواطنةَ جانبا، وبالتالي، فهُم غير معنيين بجودة أداءِ المنظومة التّربوية.
فماذا كانوا سيفعلون لو افترضنا أن الدولةَ منعت المغاربة، قانونيا، من إرسال أولادهم للمدارس ذات الجودة العالية، سواءً داخلَ البلاد أو خارجَها؟
أول خطوة كانوا سيقومون بها، هي منعُ تمرير القانون في البرلمان. وإن تعذَّرَ عليهم ذلك، كانوا سيعتبرون إرسالَ أولادِهم إلى أحسن المدارس حقّاً من الحقوق التي يضمنها الدستور. أما حق الشعب في تعليمٍ جيِّدٍ، فلا بأسَ أن يُرجأَ إلى أجلٍ غير مسمَّى!
فإذا كان مثل هذا الكلام نابعا، فعلا، من الغيرة على الوطن، ومن إرادةِ إيجاد حلولٍ لهذا الفشل، فكان على مَن يتفوَّه به، أن يقول لنا، على الأقل، ما هو المخزن وما هي هذه الأيادي الخفية. أما أن يُلقى الكلامُ على عواهنه، هكذا بدون تفكير ولا تبصُّر، فمَن يتفوَّه به، لا يتمتَّع ولو بأذن ذرَّة من المسئولية والمنطق!
علما أنه، في غياب توضيحِ ما هو المخزن وما هي الأيادي الخفية، فإن فشل المنظومة التربوية سببُه هو المجهول. وهل يُعقل أن يتمَّ إصلاحُ المنظومة التَّربوية دون معرفة أسباب فشلها؟
هذه مواقف غير مسئولة وغير علمية. بل لا تمتُّ للعقل بصلة ولا تزيد في الطين إلا بلَّةً. وما يُثير الانتباهََ، هو أن مَن يدَّعون أن المخزنَ والمجهول هما سبب فشل المنظومة التربوية، لا يعطون ولو دليلا واحدا يدعِّم ما يقولون. وما يجب قولُه، في هذه الحالة، هو أن مثل هذه الأحكام النَّمطِية المجَّانية، صادرة عن ناس لا يُريدون الخيرَ للبلاد.
ومثل هذا الكلام مُنتشِر بكثرة في مواقع التَّواصل الاجتماعي. والغريب في الأمر أنه صادر عن ناس لا صلةَ لهم لا بمهنة التَّعليم ولا بالمنظومة التربوية. ناس سمعوا، هنا وهناك، أن المنظومة تعاني مشاكل مُتنوِّعة، فنصَّبوا أنفسَهم من النُّقاد، لكن نُقَّاد لا يملكون أدنى تعليلٍ لِما ينشرونه من سموم.
صحيح أن المنظومة التربوية فشلت في أداء مهامِّها. لكن كيف سيتمُّ إصلاحُها وأسباب فشلها مجهولة. شيء لا يقبلُه العقل ولا يمكن تصنيفُه إلا في خانة السياسة السياسوية والمُزايدات العقيمة. ومواقع التَّوأصل الاجتماعي تعُج بهذا النوع من البشر الذين لا هدفَ لهم سوى النشرُ من أجل النشر والحصول على أكبر عددٍ من الاَّيْكَات recueillir le plus grand nombre possible de like.
ومما يؤسف له أن هذه الطريقة المُتَّبعة لمقاربة الواقعِ المغربي وتحليلِِه وتشريحِه مُتداولةٌ في العديد من المقالات حيث يُعزى فشل المغرب برُمَّته لغول مجهول أو أكثر وفي المقدِّمة يأتي المخزن.
إن هذه المقاربة في التعامل مع الواقع لا جدوى منها بل إنها تزيد الأوضاعَ تأزُّما ما دامت لا تستند على أية دراسة علمية وميدانية. إنها فقط ارتسامات مُنتشِرة بكثرة في مواقع التَّواصل الاجتماعي، لكنها تبقى ارتسامات إلى حين خضوعها لأدِلَّةٍ علمية.
إن أسباب فشل المنظومات التربوية في البلدان النامية أو المتخلفة تكاد تكون متشابهةً وأهم هذه الأسباب ليس المخزن ولا الأيادي الخفية ولا المجهول ولا هم يحزنون. إنها أسباب سياسية محضة!
وكلُّ هذه الأسباب السياسية، راجعة، أساسا، لعدم توفُّر الإرادة السياسية النابعة من حبِّ الوطن patriotisme ومن المواطنة citoyenneté. وما دامت أسبابُ فشل المنظومة التَّربوية في أداء مهامها، سياسية، فالأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد سنةَ 1956، هي المسئولة عن هذا الفشل. لكن، هذا لا ينفي بأن المنظومة التَّربوية تُعاني من نقائص تربوية، أي نقائص لها علاقة بما يجري داخلَ الأقسام من أنشطة تعليمية تَعَلُّمية.
فعندما أقول بأن أسبابَ فشل المنظومة التربوية في أداء مهامها، سياسية، فالمقصود هو : "لو كانت الإرادة السياسية مُتوفِّرة لدى الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد، لَتمَّ القضاءُ على كل النقائص التربوية".
وعلى رأس النقائص التربوية التي تعاني منها منظومتُنا التربوية، أذكرُ، على الخصوص، تخلُّفَ تكوين المدرِّسين عن ما وصل إليه البحث العلمي في عالم التعليم والتَّعلُّم والتربية. ولهذا، فالممارسة التَّعليمية التَّعلُّمية، داخلَ الأقسام، كانت ولا تزال، تعتمد على الببغائية psittacisme، أي الحفظ والاسترداد بعيدا كل البعد عن الفكر النقدي pensée critique وعن التَّفتُّح الفكري épanouissement intellectuel والتَّحرُّر الاجتماعي émancipation sociale والانفتاح بصفة عامة على الحياة بجميع مظاهرها.
ومن الحلول السياسية التي كان على الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام، منذ استقلال البلاد، أن تُفكِّرَ فيها، هو إعطاءُ الأولوية للاعتناء بالمدرس اجتماعيا وماديا.
بل إن دولا عظمى مثل فرنسا المتقدمة اقتصاديا، تكنولوجيا، علميا، ثقافيا أصبحت تشكو من تراجع منظومتِها التربوية بالمقارنة مع البلدان الإسكندينافية pays scandinaves والدول الأنگلوساكسونية pays anglo-saxons وحتى بعض الدول الأسيوية مثل سنغافورة Singapour.
وأضيف أن فشلَ منظومتِنا التربوية راجع كذلك لتسييسها، أي اتِّخالها كمَطية tremplin، يتمُّ التَّلاعبُ بها من طرَف الأحزاب السياسية لبلوغ أهداف لا علاقةَ لها بإصلاح هذه المنظومة.
الأحزاب السياسية التي، عِوَض أن تبحتَ بكيفية علميةٍ عن أسباب الفشل لتُنقدَ المنظومة من الهاوية، فإنها تطبَّعَت مع الوضع. بل إنها تساهم في تفاقمه، علما أن جلَّ القيادات السياسية يبعثون بناتِهم وأبناءَهم لأحسن المدارس بالداخلِ أو الخارج. وهذا يعني أن هذه القيادات السياسية، استسلموا لأنانيتهم وتركوا المواطنةَ جانبا، وبالتالي، فهُم غير معنيين بجودة أداءِ المنظومة التّربوية.
فماذا كانوا سيفعلون لو افترضنا أن الدولةَ منعت المغاربة، قانونيا، من إرسال أولادهم للمدارس ذات الجودة العالية، سواءً داخلَ البلاد أو خارجَها؟
أول خطوة كانوا سيقومون بها، هي منعُ تمرير القانون في البرلمان. وإن تعذَّرَ عليهم ذلك، كانوا سيعتبرون إرسالَ أولادِهم إلى أحسن المدارس حقّاً من الحقوق التي يضمنها الدستور. أما حق الشعب في تعليمٍ جيِّدٍ، فلا بأسَ أن يُرجأَ إلى أجلٍ غير مسمَّى!