إياد المريسي: أقرأ السَّاحة الشعرية بألم والسبب ندرة المتميّزين... أجرى الحوار – جعفر الديري:

أجرى الحوار – جعفر الديري:

مع شاعر من عيار اياد المريسي لا يمكنك الخروج بسهولة من منطقة التساؤل عن التحصيل الشعري والثقافي. اذ مع كل اجابة من جواباته تميز وقدرة نافذة على الوصول الى ما يخفيه السؤال وان كان حادا وصريحا. والحقيقة أن الشاعر اياد المريسي يفتح الأذهان على نقطة طالما ابتعد عن ضوئها الكثيرون. فمسألة الثقافة وحجم الاطلاع ليسا ظلا باهت الضوء وانما هما جزء لا غنى عنه لكيان الشاعر. أمر آخر يبدو جليا مع هذا الشاعر الذي التحق بالقافلة الشعرية الشعبية متأخرا ووصل الى ما وصل اليه في وقت قياسي وهي مسألة تتعلق بحجم الفائدة وحجم الامكانات التي تتيحها شبكات الانترنت للشاعر. المريسي في لقائه هذا ينحي باللوم الكبير على الشعراء لابتعادهم الاختياري عن تلك الشبكة التي خدمت ولاتزال الكثيرين، وهو هنا يرد على منتقديه بخصوص الانتشار عن طريق الوساطات والعلاقات ليرسم ابتسامة مفادها أن العلاقات لا يصنعها غير التميز ويؤكد في الوقت نفسه أن الشاعر الشعبي لم يعد ذلك الذي يلزم داره فيختار العزلة ثم يتهم غيره بالأساليب الملتوية ان انتشروا عن طريق الاستفادة من كل الوسائل المشروعة. ويتطرق المريسي أيضا للحديث عن الساحة الشعرية الشعبية بكلام أقل ما يقال عنه أنه صريح وذو لون واضح. نفرد هنا اللقاء...

الكسل أكبر الأمراض

* كيف تقرأ الساحة الشعرية الشعبية في البحرين؟

- أقرؤها بألم، والسبب كثرة الأسماء وقلة المتميزين. ويكون كلامي هذا كلاما مكررا. فالكثيرون تحدثوا عن ذلك سواء بصدقية أو من دون صدقية. وأنا هنا لا ألغي وجود المبدعين في البحرين، ولكنني أرى أن أكبر مرض يواجه الشعراء هو الكسل. ولا أجد دليلا حيا على ذلك أكبر من اياد المريسي. فأنا آخر شاعر انضم الى قافلة الشعراء ووصلت والحمد لله الى مكان يتمنى كل الشعراء الوصول اليه. ان ساحتنا الشعرية توجد بها خيرات ولكنها مثل النخلة بها رطب معلق ولكننا غير قادرين على الوصول اليه. اذ توجد أسماء تحاول ابراز الساحة ومجهودات مشكورة ويوجد أيضا دور لجمعية الشعر الشعبي وهو دور واضح ولكنه متدني بسبب الهوة بين الشعراء والجمعية في بعض الجوانب. ومهما أضفت في هذا المضمار فسأقول ما يقوله غيري. اذ إننا نعرف الداء ونعر ف الدواء ولكن لم يقم أحد منا بأية خطوة.

* هل يشكل ضعف القراءة سببا رئيسيا في تراجعنا هذا؟

- لدينا عديد من الشعراء يقرأون الشعر وغير الشعر ولكنهم لا يعرفون كيف يترجمون قراءاتهم هذه في كتابة القصيدة. وأنا لست مع الطرح الذي يقول إن كثرة القراءة للشعراء تجعل الشاعر مستنسخا اذ إن هذا ليس مبررا للانقطاع عن القراءة فأنا مثلا أقرأ الكثير وأحفظ بسرعة ولكني لا أتاثر ذلك التأثر الذي يمسخ تجربتي فالمقياس ليس ما يقرأه الشاعر بل ما يوجد في ذاكرته من ثقافة.

ليس كل ما يكتب ينشر

* وهل تجد استثناء لهذه القاعدة ان صح تعميمها؟

- أقولها بنوع من الألم عيسى السرور وعبدالرحمن الخالدي يمكن أن يكونا استثناء. اذ إن هذين الشاعرين يحتاجان فقط للدعم المعنوي، وأنا أراهن على هذه الأسماء لأنه يوجد لديها الكثير لتقدمه. فهما شاعران قديمان ومتمكنان ولا توجد مطبوعة فيها بيت شعر الا وتجدها عندهما. فهما من أكثر الشعراء قراءة. ونحن نجد أيضا غير هذين الشاعرين من يقدم القصيدة الجيدة ولكن بتفاوت كبير اذ تقع أحيانا على قصيدة لشاعر منهم قادرة على أن تسكنك وتشغلك بينما تقع مرة أخرى للشاعر نفسه على قصيدة لا تحب النظر اليها. فشعراؤنا غير قادرين على تفهم أنه ليس كل ما يكتب ينشر.

* ماذا عن الصحافة؟ هل ساهمت في إبراز أسماء غير ذات قيمة؟

- للأسف لاتزال معايير النشر في الصحافة الشعرية البحرينية مقاييس تستند الى مقاييس القصيدة القديمة فاذا ما توافر الوزن والقافية والمعنى فلا مانع من نشرها. وأنا ألوم المطبوعات كثيرا على نشرها كل ما يقع بايديها. والحقيقة تقال إنه لا توجد صفحات تعنى بالابداع الا محاولات عبدالله الدوسري في "أخبار الخليج" وجعفر الجمري في "الوسط".

* وكيف ترى علاقة الشاعر الشعبي بالمواقع الشعرية المتخصصة وما الاضافة التي يمكن أن تقدمها له، وماذا عن تجربتك مع موقع أبيات؟

- علاقة الشاعر بالمواقع الشعرية هو ما وصل اليه اياد المريسي. انني هذه الأيام أحضر لأمسية في تبوك مع الشاعر محمد علي العسيري ومحمد صالح الحربي وساير النزال، وكيف تتحقق لي ذلك؟ تحقق لي ذلك عن طريق الشبكة العنكبوتية. واليوم لا يوجد بيت خال من جهاز الكمبيوتر وهناك اتصال وتواصل بين الناس وأسهل طريقة اليوم للتواصل هي الشبكة العنكبوتية والشاعر الذي لا يقدم قصيدته لا يستطيع أن يقدمها له أحد. وموقع أبيات من المواقع المهمة المهتمة بالشعر والقائم عليها هو سالم المري الذي يقوم بجهود جبارة اذ إن بالموقع ألف وأربعمئة شاعر. وقد كان اسمي ضمن هذه الأسماء اذ استطعت عن طريقه التواصل. فاليوم عصر الانترنت وعلى الشاعر الافادة منه ما أمكنه.

أنا مع الشعر

*
السجال الدائم والنقاش اليومي عن جمعية الشعر الشعبي أين أنت منه؟

- أنا مع الشعر، أنا مع وصول الشاعر البحريني بأية طريقة شرط أن تكون مشروعة، وأرى أن أبرز الأسماء التي تتكلم عن جمعية الشعر الشعبي هما لحدان الكبيسي وحمد حمود، وهذان الشاعران أول من أظهرهما هي جمعية الشعر الشعبي. وأنا أتساءل هنا أين هما الآن؟! لقد تركا الشعر والتفتا لأشياء أخرى، اذ أصبح تهجمهما غير ذي صدقية، بعكس ما كانوا عليه قبلا حين تحركوا ضمن وسائل شرعية. فأصبحا يهاجمان القائمين على الجمعية. فأين هي الصدقية في الرسالة إذا؟! ان من الخطأ أن تعادي الجميع، ولقد أشرت لهما أكثر من مرة بخطأ هذه التوجه ولكنهم الآن تركوا جمعية الشعر وانتقلوا الى الشعراء فلم يبق أحد من الشعراء قادرا على النظم في تصورهم. وجمعية الشعر الشعبي لا تنتظر شكرا من احد ولكن على الأقل ليس التعامل معها بهذه الطريقة. نعم هناك سلبيات فمن لا يعمل لا يخطأ، فلابد أن تكون هناك أخطاء ولكن اليد الواحدة لا تصفق فلماذا لا نعمل سوية بدلا عن هذا الهجوم. فطالما أنت عضو فلك الحق في الانتقاد، أما وأنت بعيد هكذا فان ما تكتبه لن يحرك ساكنا في أحد. ثم ان ساحتنا صغيرة ولن يجدينا نفعا ما نقوم به. أن الشعر رسالة وهي تحتاح الى اخلاص فيجب علينا التعاون من أجل النهوض بها.

* وبماذا ترد على من يتهم اياد المريسي بأنه اسم صنعته العلاقات وليس الموهبة الشعرية؟

- أتساءل هنا عن هذه العلاقات من أين أتت؟! ان اياد المريسي لا يمتلك المال الكافي والكل يعرف ما يملك، وان تلك المجلات التي تعامل معها مع أصحابها لم يكن يعرف أحدا منها، فكما أنه لم يكن يعرف رئيس ومدير تحرير مجلة «قطوف» الا حين جاءه اتصال منهما فكذلك الأمر مع المجلات التي تصدر في الامارات وعمان. فالعلاقات في بعض المطبوعات موجودة ولكن أساسها التقدير لما تكتب وما تقدم.

المصدر: صحيفة الوسط البحرينية: العدد: 659 | الجمعة 25 يونيو 2004م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...