دون السقوط في التعميم لكن "الكيد" أصبح ظاهرة ثقافية وأدبية بارزة في أوساط الكتاب العرب والمغاربيين، ويقف وراء انتشار "ثقافة المكائد" عاملان أساسيان هما الجوع إلى الشهرة والتهافت على الجوائز.
وكلما فسدت الحياة الثقافية فسد معها مفهوم الشهرة وغم على الكاتب الطريق السليم والمرجو المؤدي إليها.
لا يختلف الكاتب العربي عموماً في تصرفاته حيال أخيه الكاتب الآخر عن ممارسات وتصرفات السلطة السياسية في هذا البلد أو ذاك، هذه السلطة التي كثيراً ما ينتقدها، فكما السلطة تعمل على تكميم صوت المثقف النقدي كي لا يكشف عن عيوبها، فالكاتب العربي يريد أن يكمم صوت كاتب آخر حتى يبقى صوته هو الوحيد المسموع، كصراخ ديك الخم، وحده دون غيره من المختلفين عنه أو معه.
"الكتاب العرب على دين ملوكهم"، فسلوك الكتاب العرب من سلوك قادة بلدانهم على اختلاف سياساتهم وأيديولوجياتهم وألوان عيونهم، من الرؤساء والخلفاء والأمراء والملوك. الكاتب العربي ظل السلطان حتى ولو كان في المعارضة، فهو يغرق في ثقافة الضغينة وتصفية الحسابات والأنانية.
ينتقد الكاتب العربي السلطة السياسية "نقداً لاذعاً" كما تقول العبارة المستهلكة لكنه وفي الوقت نفسه يعيد تدوير كثير من أخلاقيات سلوكها، ومرات يستعيدها بطرق أسوأ من طرقها وبوقاحة كبرى.
هكذا، يأخذ طريق البحث عن الشهرة لدى الكتاب العرب في غالب الأحيان مساراً متوحشاً غابوياً، الكبير يأكل الصغير والقديم يبتلع الجديد القادم، والذي في المركز ينصب للذي في الهامش، وهكذا دواليك حتى ليبدو الكاتب وهو في شقاء الجري وراء نشوة الشهرة كالوحش في غابة مفتوحة، لا رحمة ولا ورع ولا عفة في السلوك، جميع الأسلحة مباح استعمالها، المحرمة قانونياً وأخلاقياً وسياسياً وجمالياً واجتماعياً ودينياً، كلما يساعد على اغتيال الكاتب الآخر المنافس على تحييده وعلى تهميشه مسموح به، المهم هو الوصول إلى انتشاء ولو كاذب.
مكائد الكتاب العرب كثيرة وعريقة.
يأكل الكاتب العربي لحم أخيه حياً مملحاً أو غير مملح، في وضح النهار أو في ظلام آخر الليل، يستلذه كما قد يستلذ أكل قطعة شوكولاتة، يمضغه كما يمضغ اللبانة، وقد يأكله مشوياً على نار عنيفة جهنمية، معتقداً أنه في قمة الانتصار، وكأنه زيوس كبير الآلهة متربعاً على جبل الأوليمب.
لكم يروق للكاتب العربي وهو في هذه الغابة أن يمصمص عظام جثة أخيه الكاتب الآخر، وقد يطحنها ويستنشق دقيقها، معتقداً أنه بهذا النهش والطحن هو في الفوز العظيم.
ويتخذ الكاتب العربي من جسد أو جثة أخيه الكاتب الآخر حياً كان أو ميتاً قنطرة يعبر عليها إلى عالم الشهرة العمياء، متناسياً أن الكتابة في مفهومها الفلسفي هي أولاً وأخيراً الدفاع من دون هوادة عن حقوق الخصم، حقه في النقد والقول والحياة المشتركة.
ويتصيد الكاتب العربي بكثير من المكر الثقافي أخطاء أخيه الكاتب الآخر ثم يعمل على نشرها على الملأ مع توابل إضافية كاذبة، معتقداً أن مثل هذه الفرجة العمومية التي وضع فيها خصمه هي انتصاره الأكبر الذي من خلاله سيحجز له مقعداً في صدارة أعيان القوم وأهل السلطة والقرار.
لا يتوانى الكاتب العربي وبنية الإساءة الشخصية لا بقراءة نقدية فكرية أن يتصيد هفوات الكاتب الخصم المختلف المتصلة مباشرة بسلوكه الحياتي اليومي والتي لا علاقة لها بنصوصه الإبداعية، وهو بمثل هذا التلصص يريد أن يقول للعامة، محاولاً أن يقنعها، إن خصمه ينزل من سلالة الشيطان وأنه (هو) ينتمي إلى صنف الملائكة.
خصومة الكتاب لا يمكنها أن تتشبه بخصومة السياسيين. خصومة الكتاب لها أخلاقها ولها فلسفتها ولها عفتها ورفعتها وعزتها.
تشكل النميمة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية القاتلة طريقاً لتشويه صورة كاتب من قبل كاتب آخر، وباعتبار أن الحياة الأدبية والثقافية والإعلامية في العالم العربي تنمو داخل الشلل وبها، في جلسات المقاهي وفي سهرات غرف الفنادق على هامش معارض الكتاب والمهرجانات والملتقيات الجامعية أو العامة، فظاهرة النميمة مزدهرة في أوساط المثقفين والمبدعين والجامعيين، والغرض من النميمة هو صناعة أحكام مسبقة سياسية أو أيديولوجية أو اجتماعية أو أدبية لإحكام سلطة الإقصاء على هذا الكاتب أو ذاك، وطرده من المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي والمؤسساتي.
من خلال الجوع الهمجي للشهرة يمارس الكاتب العربي مهنة الرقيب ضد الكاتب الآخر، حتى ليبدو بعض الكتاب بعيون الشرطي التي تنام، وفي ذلك يلعب دور المخبر من الدرجة الثانية أو الواشي، إذ يعمل وبصورة غير مباشرة على همز أعوان السلطة وتنبيههم لكي يتحركوا ضد غريمه، والسلطة دون شك تضحك وتسخر من فصول هذا الكرنفال الثقافي البئيس والعقيم، وبهدوء وسخرية تضع السلطة السياسية الحبل حول رقبة الكاتب الموشى به ورقبة الواشي أيضاً، فلكل دوره حتى ولو تأجل الأمر لأيام قليلة أخر.
وإذا كان الجوع إلى الشهرة يدفع الكاتب إلى وضع عنق صديقة الكاتب الآخر في حبل مشنقة السلطة من خلال اللمز والهمز، فإنه لا يتوانى في تنويع دوره في الوشاية، إذ يعمل على تحريك فقهاء المعبد من الدينيين ضده ليسحلوا صاحبه ويفتحوا له ممراً إلى جهنم وبئس المصير وفي الوقت نفسه يمنحونه (هو) صك الغفران لدخول الجنة الموعودة التي يحلم بها، الشهرة وقليل أو كثير من العلف.
لا يتردد الكاتب العربي إذا ما اعتقد أن هذا التصرف أو ذاك يوصله إلى الشهرة أن يفتح ملف أسرة غريمه فينشر أعراض بناتها وأبنائها، ويعرض ذلك بطريقة مباشرة أو من طريق النميمة على العامة، كل ذلك كي يسد الطريق على صاحبه ويشيطنه في عيون أبناء المجتمع الذي يعيش فيه.
صحيح الكاتب بطبيعته يتميز بنرجسية معينة، لكن يجب ألا تتحول هذه النرجسية الإبداعية إلى كيد ثقافي وسياسي من أجل محاربة الآخرين، النرجسية الإبداعية تكون حالاً إيجابية حين ترتبط بفكرة البحث عن التفرد في الإبداع وسط الآخرين وبينهم، لا البحث عن التفرد بالمكائد والإقصاء.
أمام مثل هكذا حال ثقافي وأدبي عكر لا نملك إلا أن نقول ما قاله السيد المسيح عليه السلام "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".
وكلما فسدت الحياة الثقافية فسد معها مفهوم الشهرة وغم على الكاتب الطريق السليم والمرجو المؤدي إليها.
لا يختلف الكاتب العربي عموماً في تصرفاته حيال أخيه الكاتب الآخر عن ممارسات وتصرفات السلطة السياسية في هذا البلد أو ذاك، هذه السلطة التي كثيراً ما ينتقدها، فكما السلطة تعمل على تكميم صوت المثقف النقدي كي لا يكشف عن عيوبها، فالكاتب العربي يريد أن يكمم صوت كاتب آخر حتى يبقى صوته هو الوحيد المسموع، كصراخ ديك الخم، وحده دون غيره من المختلفين عنه أو معه.
"الكتاب العرب على دين ملوكهم"، فسلوك الكتاب العرب من سلوك قادة بلدانهم على اختلاف سياساتهم وأيديولوجياتهم وألوان عيونهم، من الرؤساء والخلفاء والأمراء والملوك. الكاتب العربي ظل السلطان حتى ولو كان في المعارضة، فهو يغرق في ثقافة الضغينة وتصفية الحسابات والأنانية.
ينتقد الكاتب العربي السلطة السياسية "نقداً لاذعاً" كما تقول العبارة المستهلكة لكنه وفي الوقت نفسه يعيد تدوير كثير من أخلاقيات سلوكها، ومرات يستعيدها بطرق أسوأ من طرقها وبوقاحة كبرى.
هكذا، يأخذ طريق البحث عن الشهرة لدى الكتاب العرب في غالب الأحيان مساراً متوحشاً غابوياً، الكبير يأكل الصغير والقديم يبتلع الجديد القادم، والذي في المركز ينصب للذي في الهامش، وهكذا دواليك حتى ليبدو الكاتب وهو في شقاء الجري وراء نشوة الشهرة كالوحش في غابة مفتوحة، لا رحمة ولا ورع ولا عفة في السلوك، جميع الأسلحة مباح استعمالها، المحرمة قانونياً وأخلاقياً وسياسياً وجمالياً واجتماعياً ودينياً، كلما يساعد على اغتيال الكاتب الآخر المنافس على تحييده وعلى تهميشه مسموح به، المهم هو الوصول إلى انتشاء ولو كاذب.
مكائد الكتاب العرب كثيرة وعريقة.
يأكل الكاتب العربي لحم أخيه حياً مملحاً أو غير مملح، في وضح النهار أو في ظلام آخر الليل، يستلذه كما قد يستلذ أكل قطعة شوكولاتة، يمضغه كما يمضغ اللبانة، وقد يأكله مشوياً على نار عنيفة جهنمية، معتقداً أنه في قمة الانتصار، وكأنه زيوس كبير الآلهة متربعاً على جبل الأوليمب.
لكم يروق للكاتب العربي وهو في هذه الغابة أن يمصمص عظام جثة أخيه الكاتب الآخر، وقد يطحنها ويستنشق دقيقها، معتقداً أنه بهذا النهش والطحن هو في الفوز العظيم.
ويتخذ الكاتب العربي من جسد أو جثة أخيه الكاتب الآخر حياً كان أو ميتاً قنطرة يعبر عليها إلى عالم الشهرة العمياء، متناسياً أن الكتابة في مفهومها الفلسفي هي أولاً وأخيراً الدفاع من دون هوادة عن حقوق الخصم، حقه في النقد والقول والحياة المشتركة.
ويتصيد الكاتب العربي بكثير من المكر الثقافي أخطاء أخيه الكاتب الآخر ثم يعمل على نشرها على الملأ مع توابل إضافية كاذبة، معتقداً أن مثل هذه الفرجة العمومية التي وضع فيها خصمه هي انتصاره الأكبر الذي من خلاله سيحجز له مقعداً في صدارة أعيان القوم وأهل السلطة والقرار.
لا يتوانى الكاتب العربي وبنية الإساءة الشخصية لا بقراءة نقدية فكرية أن يتصيد هفوات الكاتب الخصم المختلف المتصلة مباشرة بسلوكه الحياتي اليومي والتي لا علاقة لها بنصوصه الإبداعية، وهو بمثل هذا التلصص يريد أن يقول للعامة، محاولاً أن يقنعها، إن خصمه ينزل من سلالة الشيطان وأنه (هو) ينتمي إلى صنف الملائكة.
خصومة الكتاب لا يمكنها أن تتشبه بخصومة السياسيين. خصومة الكتاب لها أخلاقها ولها فلسفتها ولها عفتها ورفعتها وعزتها.
تشكل النميمة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية القاتلة طريقاً لتشويه صورة كاتب من قبل كاتب آخر، وباعتبار أن الحياة الأدبية والثقافية والإعلامية في العالم العربي تنمو داخل الشلل وبها، في جلسات المقاهي وفي سهرات غرف الفنادق على هامش معارض الكتاب والمهرجانات والملتقيات الجامعية أو العامة، فظاهرة النميمة مزدهرة في أوساط المثقفين والمبدعين والجامعيين، والغرض من النميمة هو صناعة أحكام مسبقة سياسية أو أيديولوجية أو اجتماعية أو أدبية لإحكام سلطة الإقصاء على هذا الكاتب أو ذاك، وطرده من المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي والمؤسساتي.
من خلال الجوع الهمجي للشهرة يمارس الكاتب العربي مهنة الرقيب ضد الكاتب الآخر، حتى ليبدو بعض الكتاب بعيون الشرطي التي تنام، وفي ذلك يلعب دور المخبر من الدرجة الثانية أو الواشي، إذ يعمل وبصورة غير مباشرة على همز أعوان السلطة وتنبيههم لكي يتحركوا ضد غريمه، والسلطة دون شك تضحك وتسخر من فصول هذا الكرنفال الثقافي البئيس والعقيم، وبهدوء وسخرية تضع السلطة السياسية الحبل حول رقبة الكاتب الموشى به ورقبة الواشي أيضاً، فلكل دوره حتى ولو تأجل الأمر لأيام قليلة أخر.
وإذا كان الجوع إلى الشهرة يدفع الكاتب إلى وضع عنق صديقة الكاتب الآخر في حبل مشنقة السلطة من خلال اللمز والهمز، فإنه لا يتوانى في تنويع دوره في الوشاية، إذ يعمل على تحريك فقهاء المعبد من الدينيين ضده ليسحلوا صاحبه ويفتحوا له ممراً إلى جهنم وبئس المصير وفي الوقت نفسه يمنحونه (هو) صك الغفران لدخول الجنة الموعودة التي يحلم بها، الشهرة وقليل أو كثير من العلف.
لا يتردد الكاتب العربي إذا ما اعتقد أن هذا التصرف أو ذاك يوصله إلى الشهرة أن يفتح ملف أسرة غريمه فينشر أعراض بناتها وأبنائها، ويعرض ذلك بطريقة مباشرة أو من طريق النميمة على العامة، كل ذلك كي يسد الطريق على صاحبه ويشيطنه في عيون أبناء المجتمع الذي يعيش فيه.
صحيح الكاتب بطبيعته يتميز بنرجسية معينة، لكن يجب ألا تتحول هذه النرجسية الإبداعية إلى كيد ثقافي وسياسي من أجل محاربة الآخرين، النرجسية الإبداعية تكون حالاً إيجابية حين ترتبط بفكرة البحث عن التفرد في الإبداع وسط الآخرين وبينهم، لا البحث عن التفرد بالمكائد والإقصاء.
أمام مثل هكذا حال ثقافي وأدبي عكر لا نملك إلا أن نقول ما قاله السيد المسيح عليه السلام "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".