ذكر القرآن لقب العزيز في سورة يوسف في أكثر من موضع، وكان يشير إلى مسئول مصري في الدولة المصرية في تلك الحقبة التاريخية، وذلك في قوله تعالى: وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه. لكن لقب العزيز لم يذكر في التوراة، فالذي ذكرته التوراة هو أنه رئيس الشرط، وكان اسمه قوطيفار كما ذكرت التوراة في سفر التكوين أو قطفير كما جاء في بعض التفاسير. ثم استعمل القرآن اللقب نفسه إشارة إلى يوسف عليه السلام عندما أعجب به الملك، فعينه في ذلك المنصب، وبذلك يتأكد لنا أن كلمة العزبز لقب لا اسم دون شك. لكننا في حاجة إلى أن نعرف مدلول كلمة العزيز، وهل هي ترجمة عربية لكلمة مصرية تدل على أحد المناصب الكبيرة، أم هي تعبير عن تبجيل من يشغل المنصب. بالرجوع إلى التوراة ثانية، فإننا نجد أن إخوة يوسف استعملوا لقب السيد لا العزيز في مخاطبة يوسف في منصبه، فكانوا يقولون له: أيها السيد، نحن عبيدك،فلماذا لم يستعمل القرآن كلمة السيد، واستعمل كلمة العزيز بدلا منها؟ وكان يمكن أيضا أن يستعمل كلمة رب، وهي كلمة كانت كثيرة الاستعمال في الثقافة المصرية في ذلك الوقت؟ وقد ألمح القرآن نفسه إلى كثرة استعمال لقب رب في قوله تعالى : إنه ربى أحسن مثواي، وقوله تعالى : اذكرني عند ربك، وفي آيات أخرى، هل يعني ذلك أن لقب عزيز كان موجودا حقيقة؟ يقول سليم حسن في الجزء الثاني من موسوعته عن مصر القديمة إن حاكم المقاطعة كان يلقب ب " ساب عز مر" وكلمة ساب تعني المقاطعة، وهي تتكون من عدة مدن، وحاكمها يسمى عز،. وقد اشار سليم حسن أيضا أنه كان يقوم بمهام رئيس االشرطة وقلم القضاء. ونلحظ أن كلمة عز أو العزيز قريبة إلى حد كبير من كلمة العزيز. وبالرجوع إلى المصادر الهيروغليفية، وجدنا أن كلمة عز يمكن أن تنطق بعدة طرق، وخاصة إذا علمنا أن المصري القديم كان يسقط بعض الحروف من الكتابة لشهرة الكلمة، ولأسباب أخرى، فهي تحتمل نطقها عزيز. ومع ذلك، يظل السؤال، ما معنى كلمة عزيز؟ هل هو لقب دون معنى؟ الحق أنه ليس مقبولا أن يكون مجرد لقب بلا معني، والراجح لدى أنه مكون من مقطعين هما عا بمعني عالي المقام، وهي نفس عا فرعا ون، والمقطع الثاني هو زيز، بمعنى المسئول الآمر، فهي لقب بمعنى عالى المقام، أو معالي المسئول.