د. محمد عباس محمد عرابي - ظاهرة الكتابة على الجدران (مفهومها -أسبابها – علاجها)

إعداد /محمد عباس محمد عرابي


من الظواهر السيئة المتفشية والمنتشرة بشكل كبير في عدد غير قليل من دول العالم، ظاهرة الكتابة على الجدران التي تُعد سلوكًا غير حضاري يدل على الخواء الفكري والاضمحلال الثقافي لدى من يقوم بها، وضعف الوازع الديني لديه،وهي ظاهرة تعمل على تشويه المظهر العام، وتبديد الطاقات والجهود وزرع بوادر الشقاق والافتراق والخصومة، فهي ظاهرة مؤذية جدًا للمارة الذين يلاحظونها وأصحاب المنازل والمحلات التي تتشوه أسوار ممتلكاتهم ،وللتعرف على طبيعة هذه الظاهرة كان ها المقال الذي يحاول إلقاء الضوء على مفهومها -أسبابها – علاجها، على النحو التالي:
بداية يمكن القول: إن العبث والتشويه وإتلاف الحائط بالكتابات من قبل بعض الناس، لاسيما المراهقين منهم، والتي تسبب تشويه الجدران ومضايقة ومتاعب ومعاناة للذوق العام، وفوضى غير مقبولة وغير حضارية؛ فتشويه الجدران بالكتابات يعتبر تشويها للمظهر والتقدم الحضاري، ويعتبر معاناة للمدينة وسكانها ولا تكون لمسة حضارية تواكب التطور، وتماشي النهضة والازدهار والتي تسير في طريق أعمال التجميل التي ترعاها وتنفذها الدول.
أولا: مفهوم ظاهرة الكتابة على الجدران:
الكتابة على الجدران طاهرة ناجمة عن إفرازات نفسية أوحت لأصحابها، فلم يجدوا سبيلا للتعبير عنها سوى هذه الطريقة.
وهي تعبير عن ضعف في نفوس الشباب نتيجة للفراغ الذي يعيشونه وهي ظاهرة غير حضارية وغير سلوكية مهما كانت الأغراض والأهداف والمبررات.
وفيها تعبير عن مشاعر الكاتب المكبوتة، وإخراج لما في النفس من ضعاف النفوس، وسوء السلوك الفكري والوجداني.
فهي بلاشك ظاهرة مشوهة ومؤذية ومقززة تنفر منها النفوس، وهي تُحدث أضرارًا لأصحاب المباني والأسوار والمحلات بشكل خاص، وللمدن الجميلة بشكل عام كونها واجهة غير حضارية على الإطلاق للبلدان وللمجتمعات.
وهي تأخذ عدة أشكال منها: الكتابة على الجدران الخارجية للمباني، وعلى الأسوار وواجهة المحلات، والنوع الثاني هو الكتابة الداخلية، وغالبًا ما توجد في الجدران الداخلية للمباني وللمصاعد والمباني الحكومية والفصول الدراسية
ثانيًا: أسباب ظاهرة الكتابة على الجدران:
من أبرز أسباب ظاهرة الكتابة على الجدران:
-وجود متسع كبير من الوقت لدى الشباب والمراهقين يدعوهم إلى استغلاله استغلالًا سيئًّا بمثل هذه الممارسات الخاطئة.
-الفراغ لدى الشباب وعيش الحياة بلا هدف مع عدم الجدية في الحياة؛ حيث يوجد متسع كبير لدى الشباب والمراهقين يدعوهم إلى استغلاله استغلالًا سيئا بمثل هذه الممارسات الخاطئة.
-عدم قدرة الأشخاص على التعبير عن آرائهم– أسباب اجتماعية ونحو ذلك –فيصير لديهم طاقة تعبيرية متراكمة فيفرغون ما لديهم من طاقة من خلال الرموز والكلمات التي لا يفهمها إلا هو، ويشوهون بها الجدران.
-التقليد والمحاكاة للآخرين وحب الظهور لدى الأولاد.
- ضعف قنوات التواصل بين أولياء الأمور وأولادهم لدراسة ومناقشة مشكلاتهم.
-استخدام التعنيف والقسوة بدون حكمة مع الأولاد عقابًا لهم على ما يصدر منهم من مخالفات ومشكلات.
ثانيًا: علاج ظاهرة الكتابة على الجدران:
علاج ظاهرة الكتابة على الجدران، لا يكون بالخطب الوعظية والعبارات الإرشادية المباشرة، ولكنها تحتاج إلى دراسات وأبحاث ميدانية من الجهات ذات العلاقة لرصد أبعادها ووضع الحلول الناجحة لعلاجها.
لعلاج الظاهرة يجب القيام بما يلي:
*توجيه الأسرة لأبنائهم، وتوجيه واحتواء الأبناء منذ الصغر، وهذا يساعد في القضاء على هذه الظاهرة.
* مناقشة العوامل المؤدية إليها من قِبل أخصائي علم النفس والموجهين التربويين.
*تنظيم حملات توعية في المنزل والمدرسة وعبر وسائل الإعلام المختلفة لرفع مستوى الوعي لدى الشباب وكافة أفراد المجتمعات تجاه ظاهرة الكتابة على الجدران، وأضرارها.
*على وسائط التربية والتعليم بقنواتها المتعددة: الإعلام والمنزل والمدرسة والمسجد كل فيما يخصه العناية بغرس مفهوم الغيرة على مكتسبات الوطن، ومرافقه العامة فهي للجميع، ويعود نفعها لعموم أبناء الواحد.
*الحوار مع الأبناء في المنزل والمدرسة، وإتاحة الفرص لهم ليعبروا عن آرائهم بصراحة، وتشجيعهم على الكتابة في الصحف الحائطية ونحوها.
*شغل أوقات الفراغ لدى الأبناء بالمفيد من البرامج والأنشطة.
*توجيه الشباب إلى كيفية استغلال وقته بالأشياء النافعة والمشاركة الفعالة، وفي المراكز والأندية الثقافية والاجتماعية، والتي تعمل على تنمية المواهب والقدرات.
*توجيه الشباب إلى الأندية والمراكز المختصة بالفنون التشكيلية والرسم والخط والمشاركة لمن لديهم مواهب، وتحريك أناملهم والإبداع من خلال تلك المراكز.
*على المدرسة والجامعة إتاحة الفرصة للطلاب لمزاولة هواياتهم في الكتابة والخط والرسم من خلال تخصيص دفاتر وأقلام وألواح خشبية (سبورات)للكتابة، وتشجيعالطلاب على كتابة الحكم البالغة والعبارات النافعة، ومناقشتهمفيها، وهو أمر يحد من ظاهرة الكتابة على الجدران، ويزيد مهارات الطلاب كحسن الخط وجمال العبارة.
*على المدرسة القيام بالاستثمار الفعلي لمواهب وقدرات وإبداع الطلاب، وهو ما يساهم في صقل مواهب الشباب، وبخاصة في حصص النشاط الصفي، والنشاط غير الصفي، إذ هي مجال حيوي للكشف عن هذه المواهب بشتى أنواعها، وتوجيهها وصقلها بما يكفل لهم استثمارها بما يكفل لهم استثمارها والاعتماد عليها في مستقبلهم الوظيفي.

المراجع:
عقيل عبد الرحمن العقيل: أوراقشبابية، الرياض،بيت الأفكار الدولية ،2005م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...