ديفيد بيرتش - اللسانيات النقدية... ترجمة/ أ. د. خالد شاكر حسين

إن إحدى العوائق التي تعترض أي نوع من أنواع التعاطي مع العالم على أساس كونه عالما مُحكما, ومنتظما, وغير مُشكِل هو أن تحليل النصوص التي تُشكِل هذا العالم يميل إلى أن يكون هو الأخر تحليلا مُحكما, و منتظما, و غير مُشكِل. و مجمل القول أن هذه النصوص تميل إلى أن تكون بلا حياة. هذا هو بلا شك نوع النقد الذي جاء به (روجر فاولر) في مقدمته المهمة التي وضعها لمجموعة من المقالات والتي تم تحريرها عقب انعقاد مؤتمر ليوم واحد في جامعة ايست انكليا في عام 1972. حيث كان يرتئي أن هذه التحليلات عادة ً ما تكون "بعيده عن التأويل, إذ تصبح القصائد عديمة المعنى وعلى نحو مليء بالمفارقات حينما يتعرض لها تكنيك معين يُفترض به أن يكشف عن المعنى," (فاولر, 1975). كان يتناول في كتاباته, على وجه الخصوص, التحليلات الأكثر شكلية والأكثر ميكانيكية, كما كان معنيا بضرورة إعادة اللُحمة في التحليل الأدبي بين التأويل النقدي و التحليل اللغوي . . . وذلك بالارتكاز على الفرضية التي تسوقنا إلى منطقية اخذ رد فعل القارئ بنظر الاعتبار, (فاولر, 1975). ولا تدافع هذه المقاربة عن ضرورة التخلي عن وجهات النظر الخاصة بتكنيكات التحليل اللغوي البنيوي, بل على العكس, تقترح استخدام هذه التكنيكات ووجهات النظر إلى أقصى حد ممكن ضمن السياق النقدي. كما إنها لا تقترح, كما فعلت بعض التحليلات اللغوية للأدب, انعدام أي دور لأي نوع من أنواع النقد الأدبي في هذا النوع من التحليلات.إلا أن السؤال المطروح بالأحرى هو "أي نوع من النقد و أي نوع من اللسانيات يجب أن تُعاد اللًحمة بينهما؟" أما بالنسبة لروجر فاولر وآخرين غيره من الذين شرعوا بالعمل على ما يعرف بـ "الأسلوبية الجديدة", والتي أصبحت تعرف فيما بعد على نطاق واسع "باللسانيات النقدية",لا توجد سوى قضيه واحده حاسمه وجليه: وهي إن اللسانيات البنيوية والنقد الأدبي الداخلي كليهما بحاجه ماسه إلى التحوير والتعديل إلى حد بعيد حتى يكون ممكناً إحداث نوع من التداخل الناجح بين اللسانيات والأدب. إن المفتاح الذي يفضي إلى أي نجاح في المستقبل سيتوقف على المقاربات التحليلية المنضبطة تبادليا (interdisciplinary ). وسيعني ذلك ايضا إدراك المحددات والقيود الخاصة بالمقاربات المنضبطة أحاديا (single disciplinary) والخاصة بالموضوع قيد الدرس, وبعبارة أخرى, إدراك الغايات الخاصة بكل من اللسانيات والنقد الأدبي حينما يعالج كل منهما نصا أدبيا على حده. إن ما نحتاج إليه هو مقاربه تتقبل وجهات النظر الخاصة بحقول معرفيه أخرى, مثل علم الاجتماع, والفلسفة, والتاريخ, وعلم السياسة, وهكذا. ويرى فاولر:

"إن إحدى أكثر الأولويات إلحاحا بالنسبة للأسلوبية المعاصرة هي ضرورة تحديد ماهية الحقول المعرفية المضافة والتي تكون ذات صله وثيقة بالخطاب الأدبي, وتحديد كيفية ارتباطها بتوظيف اللغة خارج نطاق الأدب, بل وربما الأكثر سحرا من ذلك كله تحديد ارتباطها بالنقاد من ذووا الميول التي تتعلق باللسانيات, وبكيفية تشفير تلك الأنظمة الخاصة بالمعرفة الأدبية عبر بنية اللغة. (فاولر, 1975 ).

وتُثار العديد من القضايا المهمة حول ما طرحه فاولر في هذا السياق. إذ تُثار القضية التي تتعلق بماهية الحقول المعرفية المضافة ذات الصلة الوثيقة بالخطاب الأدبي, فضلا عن قضية الفارق الدقيق بين النقد الداخلي والنقد الخارجي. إن تناول حقول معرفية أخرى مغايرة للنص نفسه يعد أمرا مشابها للدفاع عن الحركة نحو المزيد من النقد الخارجي, كما إن هذه الحركة نحو المزيد من النقد بشكله الخارجي تعد قطعا إحدى التوجهات الرئيسية في اللسانيات النقدية. وعلاوة على ذلك, لا يعد استخدام مصطلح "الخطاب" (discourse ) في عبارة "الخطاب الأدبي" جُزافيا كما قد يبدو عليه الأمر من الوهلة الأولى. لقد وَسَع العمل الذي قام به الكثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماعيات من مرجعية هذا المصطلح مما جعله يشتمل ضمنا على السياقات الفلسفية, والاجتماعية, والاقتصادية, والإيديولوجية. ما عاد الخطاب يشير ببساطه إلى كلمة بديلة "للنص", بل يشير إلى نوع من الالتزام السياسي لتوسيع نظرية "الأدب" وذلك عبر دمجها للعديد من الحقول المعرفية المتنوعة ذات العلاقة بصناعة وتلقي النص الأدبي. وما يعنيه ذلك, بالطبع, هو أن الأدب أصبح مرتبطا بخطابات أخرى, لا تُصنف من قبل العديد من النقاد ضمن فئة الأدب, ولطالما خلق هذا الأمر ولا يزال العقبات أمام بعض النقاد من الذين يرغبون في الإبقاء على التمايز الذي تتسم به أعمالهم, والاهم من ذلك, الإبقاء على الحدود الصارمة التي تشكل معالم نظامهم المعرفي وتضفي عليه هويته كنظام واضح المعالم, ومغاير لأنظمة الآخرين. يَعِد المشتغلين باللسانيات النقدية هذه الحماية العقلية أكثر من أي شيء أخر واحده من اشد العقبات الكؤود التي تعترض التحليل المنضبط تبادليا للنصوص والذي عادة ما يكون أكثر فاعليه بكثير.
الأمر الأخر الذي يعد جوهريا على نحو حاسم في دعوة فاولر لتحديد الحقول المعرفية المضافة هو ما يتعلق بالدور الذي تلعبه اللغة. إن اختيار أشكال اللغة لا يكون عادة بالحرية التي قد يحلو للبعض منا تصورها. إذ أننا نختار تبعا للظروف, وعادة ما تكون تلك الظروف محكومة إيديولوجيا واجتماعيا. وبالتالي يعد تأويل تلك النصوص تأويلا للغة المحكومة اجتماعيا, وذلك يعني انهماك المُحلِل في إدراك عمليات ووظائف ومدلولات التفاعل الاجتماعي. وبالتالي يعني الانهماك في دراسة الآليات السياسية لهذا التفاعل. إن هذا الانهماك هو ما يجعل اللسانيات نقديةً لأنه يفترض أن الروابط القائمة بين الأفراد والمجتمع لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تكون اعتباطية أو عَرَضيَة, بل إنها محدده على نحو مؤسساتي (انظر فاولر وآخرين, 1979). ولذلك تتجه طبيعة النقد نحو انتقاء وتفكيك تلك الروابط ونحو إدراك الأنماط الدلالية التي تشتمل عليها وذلك لإدراك طبيعة اللغة والمجتمع, حيث ينهمك الأفراد في تصنيف العالم من حولهم, كما أنهم هم أنفسهم يكونون خاضعين لهذا التصنيف, الذي يُنجَز عبر اللغة. كما لا تعد هذه العملية الخاصة بالانتقاء والتفكيك بأي حال من الأحوال اعتباطية. وتتشكل هذه العملية من خلال الآراء التي يتم الحصول عليها من مقاربات الانضباط التبادلي والتي تتعلق بادراك العالم وتطبيق تلك الآراء بطريقه انتقائية ونقدية. ويوحي هذا الأمر بالضرورة للعديد من النقاد, من المرتابين في جدوى هذه المقاربات, بحقيقة مفادها أن الانتقاء يكون ذاتيا في العادة, وبالتالي لا يتفق مع العلمية المطلوبة, ولذلك فهم يدينون هذه المقاربة. إلا أن هذه الإدانة تشير إلى قصور في الفهم. إذ أن هذه الذاتية بالتحديد هي ما يبرر التحليل فهذا التحليل يعمل على أساس المبدأ القائل بان شكل النص لا يعد الشيء الوحيد الذي يتوجب على النقاد العناية به. كما يعد هذا الأمر القضية المحورية في الجدل الذي خاضه (روجر فاولر) مع نقاد الأدب وذلك في أعقاب نشر كتابه "مقالات حول الأسلوب واللغة" في عام 1966 , وبالتحديد جدله مع (أف دبليو بيتسون) في المجلة الدورية "مقالات في النقد". ويشير (فاولر) بوضوح في معرض كتابه "اللسانيات, الأسلوبية, النقد؟" والذي صدر لأول مرة عام 1966 , إلى أن اللسانيات قد وصلت إلى طريق مسدود لأنها لم تأخذ النقد في نظر الاعتبار كجزء لا يتجزأ من الخلاصة التي يتمخض عنها في تحليل النصوص الأدبية. وقد أفضى هذا الأمر, بحسب (فاولر), إلى "كفاءة عمياء قد نجم عنها عدة تحليلات حمقاء وغير ذات جدوى: لا تعد في أحسن الأحوال سوى تحليلات فنيه بحته دون أي تفكير كما إنها تفتقر إلى الحس السليم" (فاولر, 1971). إن مجرد الوصف الفني للنصوص لا يعد أمرا كافيا بحد ذاته ما لم يكن نقديا. حيث أن هذا النوع من التحليلات يكون محكما بمعنى "أن له القدرة على تَصّير البنية الشكلية للغة عارية ً تماما وذلك من خلال الكثير من التفصيل أكثر مما قد يرغب به الناقد." (فاولر, 1971). إن النقطة الأساسية المتعلقة باللسانيات هي انها لم تكن انتقائيةً: "فهي تصف كل شيء, وكل المعطيات تكون في سياقها على حد سواء من الأهمية" (فاولر, 1971). أما فيما يتعلق بالتحليل النقدي "فيتوجب على المرء أن يعرف (أو أن تكون لديه في اقل تقدير فكرة ايجابية ولو على نحو التقريب) السبب الكامن خلف القيام بالتحليل اللغوي: إذ أن هذه المعرفة ستوجه على نحو حتمي طريقة التحليل" (فاولر, 1971). وبالرغم من هذا التوضيح الهادف لرفع سوء الفهم, أعرب العديد من النقاد عن عدائية هائلة لأي نوع من أنواع التحليل اللغوي للأدب, إلى الحد الذي ذهب فيه احد نقاد (فاولر) بعيدا جدا حتى قال " إن علماء اللسانيات كجنس بشري يفتقرون إلى قدرة التعامل مع الأدب"(فاولر, 1971). يفتقر هذا النوع من الاعتراضات إلى أي أساس من الصحة, إلا أنه يشير إلى نوع الحصانة التي شعر البعض من غير اللغويين بضرورة أن يحيطوا أنفسهم ونظامهم المعرفي بها. لقد شعر نقاد التحليل اللغوي للأدب بضرورة أن يقدم اللغويون ما من شأنه أن يكشف عن أسرار النصوص التحليلية التي نتجت عن التحليل الشكلي, (الموضوعي), للغة النصوص الأدبية, وذلك لتبرير غزوهم الحقل الأدبي. إلا إن هذا النوع من الكشف لم يكن جليا, ولذلك جاءت هذه الإدانة القاسية لهذا النوع من التحليل. وفي معرض رده على نقد (هيلين فيندلر), أوضح (روجر فاولر) بأن موقفه لا ينص على ادعاء أن اللسانيات تمتلك من الحس السليم الخاص بالأدب ما لا يمتلكه النقد الأدبي, ولكن "الادعاء الأقرب هو أن الوعي بالنص والتركيز عليه والدقة في التعامل معه, وهو ما يتطلبه التحليل كفعل, قد يساعد على استنباط نوع من الحدس حول العمل, كما قد يساعد في إدراك مؤثرات ربما يكون التغافل عنها ناجما عن الكسل" (فاولر, 1971). إن الاتهام بالكسل, من بين عدة أمور أخرى, قد أثار حتما رد فعل من نوع ما لأن هذا الاتهام قد مس جوهر القضية الخاصة بتحليل اللغة. وقد جاء فعلا رد (اف دبليو بيتسون), محرر كتاب "مقالات في النقد", مرتئيا أن المشكلة مع التحليل اللغوي للأدب هي انه يقتضي تحليل لغة نص معين. وكان رأيه هو "إن هذا الأمر لا يعد أمرا صحيحا بالنسبة للناطق الأصلي للغة, إلا في بعض الأحيان وعلى نحو ظاهري" (فاولر, 1971). وبعبارة أخرى, فأن الناطق الأصلي للغة الانكليزية, مثلا, يعرف كل ما ينبغي معرفته حول لغته دون الحاجة إلى اللسانيات لمساعدته في ذلك. لقد كان رأي (بيتسون) هو أن اللغة تعد فعالية مستقلة عن الدلالة الأدبية - إنها خطوه تمهيدية لأدراك أسلوب النص الأدبي, والذي يعد بدوره خطوه تمهيديه أخرى للاستجابة الأدبية "بكل ما تحمله هذه الاستجابة من معنى" (فاولر, 1971). ولذلك تفتقر اللسانيات إلى الأهلية الكافية لجعلها "نظاما معرفيا ذو صلة بالأدب", كما أوضح (فاولر) ذلك في معرض رده على (بيتسون), (فاولر, 1971). إن موقف (بيتسون) هذا يخلط الأوراق على نحو غريب, فهو لا يميّز الفارق بين أن تعرف "عن" اللغة وبين أن تعرف اللغة ذاتها, إن هذه "المعرفة عن" هي ما يشكل الجزء الجوهري في تحديد فكرة التحليل النقدي بالنسبة لفاولر. وفي تلك الفترة التي كان لا يزال يتجادل فيها مع (بيتسون) كانت هذه "المعرفة عن" لا تزال معنية فقط بالبُنى الشكلية للغة, إلا أن الأمر قد تطور فيما بعد إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير حتى اشتمل على ضرورة الإدراك الأكثر تفصيلا للدلالات الاجتماعية, والوظيفية, والإيديولوجية المتضمنة في اللغة.
توجد علاقات وثيقة وشموليه, كما أوضح ذلك كل من (فاولر وجونتر كريس), بين البنية اللغوية والبنية الاجتماعية, (فاولر وكريس, 1979) إلى درجة يتعذر معها فصل الدلالة اللغوية عن الإيديولوجية. كما ينطبق ذلك على اللسانيات النقدية نفسها, مما يترتب عليه انه لا يتوجب على التحليل اللغوي أن يكون مدركا للإيديولوجيات المتضمنة في بنية الخطاب وطريقة تلقيه فحسب, بل يتوجب عليه كذلك أن يكون مدركا للفرضيات النظرية والمنهجية التي تترتب عليها مزاولة هذا التحليل. لا يمكن فصل البنى اللغوية عن الاستعمال اللغوي, كما تعد النصوص ذلك "الجزء اللغوي من التفاعلات التواصلية المعقدة" (فاولر وكريس, 1979) والتي تكون بدورها "متضمنة في العمليات الاجتماعية" (فاولر وكريس, 1979). إذ يرون أن اللغة "ليست مجرد انعكاس للعمليات والبنى الاجتماعية", ولكنها تساهم "بما من شأنه أن يتكفل بتعزيز البنى الاجتماعية الموجودة فضلا عن الظروف المادية" (فاولر وكريس, 1979). وكما أوضح (روبرت هودج وجونتر كريس) ذلك في احدث كتاب لهما, "السيمياء الاجتماعية", لا بد من تناول نظرية اللغة "في سياق نظرية خاصة بكل أنظمة الإشارة كما تم التأسيس لها اجتماعيا, والتعامل معها كممارسات اجتماعية" (هودج وكريس, 1988). ولذلك يعد التأويل "عملية استعادة للدلالات الاجتماعية التي يفصح عنها الخطاب وذلك عبر تحليل البنى اللغوية في ضوء سياقاتها التفاعلية والاجتماعية الأكثر اتساعا" (فاولر وكريس, 1979). وكما أشار المساهمون في الكتاب الذي حرره (روجر فاولر) وآخرون والمعنون "اللغة والسيطرة" وبالعبارات التي صاغها (كينتر كريس وروبرت هودج), "تعد اللغة أداة للسيطرة كما إنها تعد أداة للتواصل" (كريس وهودج, 1979). وبذلك يكون بوسعنا استخدام اللغة للأِخبار والتلاعب بالأفراد معا وبالطبع يكون بوسع هؤلاء الأفراد بدورهم إخبار الآخرين فضلا عن التلاعب بهم. ولذلك تعد نظريات اللغة نظريات خاصة بالأيديولوجية وبالتالي تمثّلات منتظمة, بطريقة ما أو بأخرى, للحقائق (كريس وهودج, 1979). ومن هذا المنطلق لا تُعنى اللسانيات النقدية كمقاربة بتطوير نظرية لغوية خاصة بالنصوص الأدبية فحسب, ولكنها تحاول كذلك التنظير للغة كأيديولوجية بالنسبة لمجمل النصوص, سواء كانت هذه النصوص قصائد, أو لغة المافيا الإجرامية, أو ترتيلات طقوسية من نوع ما. وكما يوضح كريس "تخضع كل النصوص لنفس المحددات اللغوية والاجتماعية, سواء ما يعرف منها بالنصوص الأدبية أو النصوص اللا أدبية" (كريس, 1988)- ويعد ذلك حقا تغييرا في التفكير وهو الأمر الذي يميز اللسانيات النقدية.
إن هذا التغيير في التوجه داخل اللسانيات النقدية وتحليل الخطاب, بعيدا عن منح الأدب امتياز كونه نص ثقافي رفيع ويحتاج التعامل معه إلى حساسية فائقة, نحو تحليل يمتلك إمكانية احتواء أي نص, هذا التغيير قد يقترح تسطيح كل النصوص إلى مستوى واحد مشترك. وسيكون ذلك حقيقيا فقط إذا كانت التحليلات تُنجز بلا نظام أو منطق, ولكنها ليست كذلك. ولكن لماذا يحدد التحليل الذي يكون قيد الانجاز اختيار النصوص. إن ألـ (لماذا) هذه, على الأقل في اللسانيات النقدية, تميل إلى أن تكون ذات تحريض سياسيي, تحريض يتعلق في اقل تقدير بالظلم الطبقي والجنوسي (gender). إن ما يعنيه ذلك, بالطبع, من وجهة نظر النقد الداخلي, إن اللسانيات النقدية تُعنى بأمور تعد عادة ً خارجية سواء بالنسبة للنص أو التحليل الأدبي/ اللغوي. ولكن هذه "الخارجية" بالذات هي التي تعد النقطة المحورية والحاسمة, بالنسبة للسانيين من النقاد, لان ذلك هو ما يحدد ألـ (لماذا) الخاصة بنوع التحليل المُنجز. كما إن هذه "الخارجية" تقترح على نحو بالغ الأهمية حاجة تحليلات اللسانيات النقدية إلى أن تكون تحليلات تناصية ,وبعبارة أخرى, مُدركة للنصوص والقراءات الأخرى التي تشير إلى العمليات الأيديولوجية الموجودة ضمنا, وقد أنتجت هذه المقاربات التناصية بعض الأعمال التي تعد بحق الأكثر إثارة بين غيرها من الأعمال الأخرى.

ديفيد بيرتش

ترجمة/ أ. د. خالد شاكر حسين
جامعة ذي قار/ كلية الآداب/ قسم اللغة الأنكليزية

عن كتاب :
Language, Literature and Critical Practice

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...