زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب، بدعوةٍ كريمة من جلالة الملك محمد السادس، لمدَّة ثلاثة أيام من 28 إلى 30 أكتوبر 2024، كلُّها رسائل مشفرة بُعِثَت للجارة الشرقية، عبر وسائل الإعلام المُختلفة. ولماذا أقول "رسائل مُشفَّرة"؟
"رسائل مُشفَّرة" لأنه لم تكن، على الإطلاق، نية مُسبقة للبلدين، المغرب وفرنسا، بَعْثَ أية رسالة، مهما كانت، للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية. بل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تدخل في نطاق تطوير العلاقات القائمة بين البلدين منذ عدَّة عقود، وكذلك، تدخل في نطاق خدمة مصالح البلدين، الخاصة والمشتركة.
والدليل على ذلك أنه لم يُذكَر اسمُ الجارةِ الشرقيةِ، ولو مرَّةً واحدة في مختلف الخُطَب والاجتماعات التي تمركزت كلُّها حول التعاون بين البلدين، وفي جميع المجالات. مجالات تصبُّ كلُّها في تقوية القُدرات المغربية، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافيا، صناعيا… لماذا لم يُذكَر اسمُ الجارة الشرقية، على الإطلاق؟
لأن قائدي البلدين، المغرب وفرنسا، لهما من الذكاء والحِكمة والدهاء الدبلوماسي ما يكفي لتجاهل الجارة الشرقية التي تتمنى أن يُذكَرَ اسمُها لتتَّخذَه ذريعةً لتتدخَّل، كما هي العادة، فيما لا يعنيها.
لكن وبكل تأكيدٍ أن الطُّغمة la junte الحاكِمة، عسكرية ومدنية، في الجارة الشرقية تابعت عن قُربٍ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب. تابعتها عن قرب مُنتظرةً اللحظةَ الحاسِمة التي سيُعلِن فيها، للمرة الثانية، أمامَ أنظار العالم، عن اعتراف بلاده، فرنسا، بسِيادة المغرب على ما كان يُسمَّى الصحراء الغربية (المغربية). علما أن المرَّةَ الأولى تمَّت في الثلاثين من شهر يوليوز الماضي، بمناسبة احتفال الشعب المغربي بالذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد. فما هي الرسائل المشفرة التي بَعثَتها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية؟
هناك رسائلٌ كثيرة، أذكرُ من بينها :
-المغرب وفرنسا دولتان (لم أقل بلدان بل أقول دولتان بما للكلمة من معنى سياسي) تضرب جذورُهما في أعماق التاريخ على امتداد عدة قرون. وهو الشيء الذي أكَّده الرئيس الفرنسي، بالنسبة للمغرب، في خطابه أمام البرلمان المغربي بغرفتيه. بينما الجارة الشرقية لم تكن، في يومٍ من الأيام، دولةً، بما للكلمة من معنى سياسي، حيث ظلَّت هذه الجارة ترزح تحت الحكم العثماني لمدة تناهز ثلاثة قرون. ثم احتلتها فرنسا لمدة تزيد عن 130 سنة إلى أن نالت استقلالها سنة 1962. ومنذ 1962 إلى يومنا هذا، تعاقبت على حكم الجارة الشرقية طُغمةٌ عسكريةٌ خنقت أنفاسَ البلاد والعباد.
-مهما تآمرت الطغمة الحاكِمة في الجارة الشرقية على وحدة المغرب الترابية، المشروعة تاريخيا وقانونيا، ومهما خادعت وناورت ومكرت وراوغت وكذبت وزوَّرت وافتعلت الأسباب الواهية ومهما اشترت ضمائر الحكام والأفراد…، كل بلد، بما في ذلك فرنسا، له الحق المطلق والسيادة الكاملة في اختيار مع مَن سيُقيم شراكاتٍ قويةً ومتينة ومبنية على مبدأ "رابح رابح".
-الواقع السياسي الإقليمي والواقع الجيوسياسي القاري والواقع الجيوسياسي العالمي يسيرون في اتجاهٍ يخدم القضية الوطنية والطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية تسير دائما في الاتجاه المعاكس.
-التعنُّتُ والتَّشبُّث بالباطل والرغبة في إلحاق الأضرار بالجار الغربي لن يستطيعوا أن ينالوا من عزيمة الشعب المغربي وعزيمة ملكه اللذان جعلا من قضية الوحدة الترابية الوطنية قضيةً تحظى بأولوية الأولويات. بل وتحظى بأولوية الأولويات سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا.
-"الحق يعلو ولا يُعلى عليه"، "ما ضاع حق وراءه طالبٌ" "الحقُّ لا يشبه الباطلَ وإنما يُمَوَّهُ بالباطل عند مَن لا فَهْمَ له"... أمثلة شعبية عميقة المعنى، كان على "مجلس أمن" الحارة الشرقية أن يدرسَها ويتأمَّل فيها بإمعان وتبصُّرٍ قبل أن يتَّخذ إجراءاتٍ أساءت له وللشعب الذي تستعبدُه الطُّغمة الحاكمة، قبل أن تسيءَ ولن تسيءَ للجار الغربي، كغلق الحدود والأجواء وقطع العلاقات الدبلوماسية من جانبٍ، ومؤخَّرا فرض التأشيرة على المغاربة وهدرُ أموال شعب الجارة الشرقية في قضايا تسيء ولن تسيءَ للجار الغربي …
-قد تندم الطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية على "اليد الممدودة" التي مدَّها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الطُّغمة لإيجاد حلٍّ لقضيتنا الوطنية في إطار الحكم الذاتي، وذلك قبل أن ينتصِرَ الحق على الباطل مهما طال الزمان… لكن هيهات. "اليد الممدودة" لا تُمَدُّ للفاسقين voyous.
قد يقول قائل : " كيف للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية أن تفك رموزَ الرسائل المشفَّرة وهي فاشلة في كل شيء، وفوق هذا وذاك، أبدت عن غباءٍ لا مثيلَ له حتى عند الأغبياء؟ أقول : "الواقع السياسي الإقليمي والواقع الجيوسياسي القاري والواقع الجيوسياسي العالمي هم مَن سيُسهِّل قراءة رموز الرسائل المشفَّرة".
وفي الختام، أقول للطُّغمة الحاكمة : A bon entendeur salut، أي "للمستمِع الذكي، تحية". وأقول كذلك : "يا أيتُها الطُّغمة المُتسلِّطة على شعب الجارة الشرقية، استمعي بهدوءٍ ورزانة لصوت الحق قبل فوات الأوان!"
"رسائل مُشفَّرة" لأنه لم تكن، على الإطلاق، نية مُسبقة للبلدين، المغرب وفرنسا، بَعْثَ أية رسالة، مهما كانت، للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية. بل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تدخل في نطاق تطوير العلاقات القائمة بين البلدين منذ عدَّة عقود، وكذلك، تدخل في نطاق خدمة مصالح البلدين، الخاصة والمشتركة.
والدليل على ذلك أنه لم يُذكَر اسمُ الجارةِ الشرقيةِ، ولو مرَّةً واحدة في مختلف الخُطَب والاجتماعات التي تمركزت كلُّها حول التعاون بين البلدين، وفي جميع المجالات. مجالات تصبُّ كلُّها في تقوية القُدرات المغربية، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافيا، صناعيا… لماذا لم يُذكَر اسمُ الجارة الشرقية، على الإطلاق؟
لأن قائدي البلدين، المغرب وفرنسا، لهما من الذكاء والحِكمة والدهاء الدبلوماسي ما يكفي لتجاهل الجارة الشرقية التي تتمنى أن يُذكَرَ اسمُها لتتَّخذَه ذريعةً لتتدخَّل، كما هي العادة، فيما لا يعنيها.
لكن وبكل تأكيدٍ أن الطُّغمة la junte الحاكِمة، عسكرية ومدنية، في الجارة الشرقية تابعت عن قُربٍ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب. تابعتها عن قرب مُنتظرةً اللحظةَ الحاسِمة التي سيُعلِن فيها، للمرة الثانية، أمامَ أنظار العالم، عن اعتراف بلاده، فرنسا، بسِيادة المغرب على ما كان يُسمَّى الصحراء الغربية (المغربية). علما أن المرَّةَ الأولى تمَّت في الثلاثين من شهر يوليوز الماضي، بمناسبة احتفال الشعب المغربي بالذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد. فما هي الرسائل المشفرة التي بَعثَتها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية؟
هناك رسائلٌ كثيرة، أذكرُ من بينها :
-المغرب وفرنسا دولتان (لم أقل بلدان بل أقول دولتان بما للكلمة من معنى سياسي) تضرب جذورُهما في أعماق التاريخ على امتداد عدة قرون. وهو الشيء الذي أكَّده الرئيس الفرنسي، بالنسبة للمغرب، في خطابه أمام البرلمان المغربي بغرفتيه. بينما الجارة الشرقية لم تكن، في يومٍ من الأيام، دولةً، بما للكلمة من معنى سياسي، حيث ظلَّت هذه الجارة ترزح تحت الحكم العثماني لمدة تناهز ثلاثة قرون. ثم احتلتها فرنسا لمدة تزيد عن 130 سنة إلى أن نالت استقلالها سنة 1962. ومنذ 1962 إلى يومنا هذا، تعاقبت على حكم الجارة الشرقية طُغمةٌ عسكريةٌ خنقت أنفاسَ البلاد والعباد.
-مهما تآمرت الطغمة الحاكِمة في الجارة الشرقية على وحدة المغرب الترابية، المشروعة تاريخيا وقانونيا، ومهما خادعت وناورت ومكرت وراوغت وكذبت وزوَّرت وافتعلت الأسباب الواهية ومهما اشترت ضمائر الحكام والأفراد…، كل بلد، بما في ذلك فرنسا، له الحق المطلق والسيادة الكاملة في اختيار مع مَن سيُقيم شراكاتٍ قويةً ومتينة ومبنية على مبدأ "رابح رابح".
-الواقع السياسي الإقليمي والواقع الجيوسياسي القاري والواقع الجيوسياسي العالمي يسيرون في اتجاهٍ يخدم القضية الوطنية والطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية تسير دائما في الاتجاه المعاكس.
-التعنُّتُ والتَّشبُّث بالباطل والرغبة في إلحاق الأضرار بالجار الغربي لن يستطيعوا أن ينالوا من عزيمة الشعب المغربي وعزيمة ملكه اللذان جعلا من قضية الوحدة الترابية الوطنية قضيةً تحظى بأولوية الأولويات. بل وتحظى بأولوية الأولويات سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا.
-"الحق يعلو ولا يُعلى عليه"، "ما ضاع حق وراءه طالبٌ" "الحقُّ لا يشبه الباطلَ وإنما يُمَوَّهُ بالباطل عند مَن لا فَهْمَ له"... أمثلة شعبية عميقة المعنى، كان على "مجلس أمن" الحارة الشرقية أن يدرسَها ويتأمَّل فيها بإمعان وتبصُّرٍ قبل أن يتَّخذ إجراءاتٍ أساءت له وللشعب الذي تستعبدُه الطُّغمة الحاكمة، قبل أن تسيءَ ولن تسيءَ للجار الغربي، كغلق الحدود والأجواء وقطع العلاقات الدبلوماسية من جانبٍ، ومؤخَّرا فرض التأشيرة على المغاربة وهدرُ أموال شعب الجارة الشرقية في قضايا تسيء ولن تسيءَ للجار الغربي …
-قد تندم الطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية على "اليد الممدودة" التي مدَّها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الطُّغمة لإيجاد حلٍّ لقضيتنا الوطنية في إطار الحكم الذاتي، وذلك قبل أن ينتصِرَ الحق على الباطل مهما طال الزمان… لكن هيهات. "اليد الممدودة" لا تُمَدُّ للفاسقين voyous.
قد يقول قائل : " كيف للطُّغمة الحاكمة في الجارة الشرقية أن تفك رموزَ الرسائل المشفَّرة وهي فاشلة في كل شيء، وفوق هذا وذاك، أبدت عن غباءٍ لا مثيلَ له حتى عند الأغبياء؟ أقول : "الواقع السياسي الإقليمي والواقع الجيوسياسي القاري والواقع الجيوسياسي العالمي هم مَن سيُسهِّل قراءة رموز الرسائل المشفَّرة".
وفي الختام، أقول للطُّغمة الحاكمة : A bon entendeur salut، أي "للمستمِع الذكي، تحية". وأقول كذلك : "يا أيتُها الطُّغمة المُتسلِّطة على شعب الجارة الشرقية، استمعي بهدوءٍ ورزانة لصوت الحق قبل فوات الأوان!"