نور الدين طاهري - قراءة في قصة: (باثور رئيس المخفر).

قصة "باثور رئيس المخفر" تمزج بين الكوميديا الساخرة والدراما الاجتماعية، وتستعرض بأسلوب فني لاذع صورة للمجتمع البوليسي والقروي، مظهرة العلاقة بين السلطة والمواطن بشكل هزلي مفرط في التوقعات. في هذا النص، نرى كيف أن الشخصيات، رغم السلطة المزعومة لرئيس المخفر، تنتهي إلى وضع غير متوقع، حيث يتحول الموضوع البسيط إلى مهزلة ساخرة.



الاستعراض التفصيلي لتصرفات "خميس" وطريقة تفاعله مع رئيس المخفر تبرز نقدا للأجهزة الأمنية وامتلاكهم لسلطة بلا فاعلية، خاصة عندما يكشف رئيس المخفر عن حاجة شخصية غريبة، مما يضع القارئ في موقف من التسلية الساخرة والدهشة في آن واحد. تصرفات رئيس المخفر تعكس ضعفا ونقصا في السلطة وافتقارا لهيبتها، ويكاد الموقف يسلط الضوء على تفاهة النظم التي تضع قوانينها الصارمة ولكنها في النهاية تصبح عرضة للسخرية عندما لا يكون وراءها أي حكمة.
القصة تتناول بشكل فني ساخر كيف يمكن أن تُقلب الموازين، ويشعر المرء أن التصرفات التي تبدو منطقية في البداية تنقلب على أصحابها، فتتحول إلى لحظات من الاستهزاء والخداع. النكتة الرئيسية في القصة هي التلاعب باللغة والتوقعات، وتقديم صورة غير متوقعة عن معاناة رئيس المخفر في أداء أموره الشخصية البسيطة، بينما تترك القارئ يتساءل عن مدى صدق التفاعلات الاجتماعية والنظم القائمة على الهيبة والسلطة.
أشكر الأديب القدير على رحابة صدره وتقبّله لتعليقي المتواضع على نصه، الذي وجدته أثرى وأعمق من أن يُحاط بجمل بسيطة أو كلمات عابرة. إنه نص ثري، تتجلى فيه قيم إبداعية تحفز على التأمل وتدعو إلى الوقوف عنده بتمعن واهتمام. هو نص يفيض بالدلالات والمعاني، تتداخل فيه الصور، وتنسج بين كلماته رؤية جمالية عميقة تعكس براعة الأديب وتمكنه من أدواته.
لم يكن تعليقي إلا محاولة للاقتراب من هذا الإبداع وتقدير لما يحتويه من عمق يفتح آفاق الفكر ويلهم القارئ، نص كُتب ليُقرأ مرارا ويُدرس بتأن، فهو يستحق بحق أن يُسلَّط عليه الضوء، وأن يُحتفى به كإضافة قيمة تساهم في إثراء الأدب وتوسيع أفق الذائقة الفنية.

نور الدين طاهري.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...