الغُربة والاغتراب والحنين إلى الأوطان موضوع شِعريٌّ قديم متجدّد؛ إذ لطالما غنّى الشعراء في كلّ الثقافات واللغات أوطانهم حينما يعصِفُ بهم الشوق ويستبدُّ بهم الحنين إلى مهدهم الأثير؛ حيثُ تتلامح في الذاكرة صورٌ ووقائعُ وأحداثٌ يضفي عليها البعدُ والاغترابُ هالةً مضيئةً من الجمال والكمال اللذين قد يفارقان واقع الحال، لكنّهما يتطابقان إلى أبعد حال مع صِدق الانتماء إلى الأوطان، وروعة الوفاء للأهل والصَّحب والخِلّان، وحرارة الشوق المتحرّق إلى معانقة تفاصيل ومُنَمْنَمات الزمان والمكان.
فما بالكم بالاغتراب القسريّ!
إنّه، دون ريب، أشدّ وأدهى وأمرّ.
هذه هي حال الأديب والشاعر والصحفيّ الرائد بشير حمدي العوف
(١٩١٧-١٩٩٤م) عمّي الراحل -طيّبَ الله ثراه - حين فُرِضتْ عليه الغُربة القَسريّة في ستّينيّات القرن المنصرِم.
في هذه الأبيات المختارة يمعنُ الشاعر في وصف مشاعر الشوق والحنين والأسى مستذكراً مدينة دمشق الخالدة ، وبَرَداها المنساب خيراً وعذوبة ونماءً، وغوطتها الغنّاء ببساتينها الخضراء وحدائقها اللّفّاء وثمارها وقطوفها الدانية.
جاء في قصيدة ( حنانيك ياشام ):
- غنّيتُكَ الشوقَ المحبّبَ والمُنى
وسكبتُ في نجواكَ كلّ حناني
- وكتمتُ عنكَ مشاعري جيّاشةً
بحميمِ وجدٍ غالبِ الأشجانِ
- إنّي امرؤٌ هَصَرتْ فؤادي غُرْبةٌ
عبثتْ بعُمْري والمنى وكياني
- ولقد صبرتُ على الشّدائدِ إنّما
هي حُرقةُ المشتاق للأوطانِ
- إنّي لأبكي الشّامَ في سِرّي إذا
ما جنَّ ليلي أو خلا أقراني
- أبكي خمائلَ (دُمَّرٍ) ينساب في
جَنباتها ( بردى ) بنفْحِ جُمانِ
- و(الرَّبوةُ) الغَنّاء قلَّ نظيرُها
بشُكولٍ طَيرٍ أو فتونِ حِسانِ
- والغوطةُ الخضراءُ غطّى دوحَها
زهرُ الربيعِ وريِّقُ الرُّمّانِ
- وأرى دمشقَ قصيدةً قُدسيّةً
ضمّتْ فطاحلَ من كريمِ هِجانِ
- وبكلّ حَيٍّ أو زُقاقٍ قصّةٌ
تحكي مفاتنَ أربُعٍ وجِنانِ
- فالياسمينُ وعبْقهُ تزهو به
أفياؤها مجلوّةَ الأفنانِ
- ونوافِرُ الأمواه زَينُ حدائقٍ
قد نُسِّقتْ بالحبِّ والإحسانِ
- والفنُّ في جَنَباتها متألّقٌ
كالشِّعرِ أبدعهُ جلالُ بيانِ
- إيهٍ دمشقُ فأنتِ غايةُ مأَمَلي
أنتِ ابتهالُ تعبُّدٍ وَتَدانِ
- أنتِ المنى ضوّاعةٌ أطيابُها
أنتِ اشتمالُ كرامةٍ وأمانِ
- سأظلُّ أكتُمُ حرقتي من غُربةٍ
حتّى أُعاودَ.... أو يؤونَ أواني
- إعادة نشر .
#دكتور_زياد_العوف
فما بالكم بالاغتراب القسريّ!
إنّه، دون ريب، أشدّ وأدهى وأمرّ.
هذه هي حال الأديب والشاعر والصحفيّ الرائد بشير حمدي العوف
(١٩١٧-١٩٩٤م) عمّي الراحل -طيّبَ الله ثراه - حين فُرِضتْ عليه الغُربة القَسريّة في ستّينيّات القرن المنصرِم.
في هذه الأبيات المختارة يمعنُ الشاعر في وصف مشاعر الشوق والحنين والأسى مستذكراً مدينة دمشق الخالدة ، وبَرَداها المنساب خيراً وعذوبة ونماءً، وغوطتها الغنّاء ببساتينها الخضراء وحدائقها اللّفّاء وثمارها وقطوفها الدانية.
جاء في قصيدة ( حنانيك ياشام ):
- غنّيتُكَ الشوقَ المحبّبَ والمُنى
وسكبتُ في نجواكَ كلّ حناني
- وكتمتُ عنكَ مشاعري جيّاشةً
بحميمِ وجدٍ غالبِ الأشجانِ
- إنّي امرؤٌ هَصَرتْ فؤادي غُرْبةٌ
عبثتْ بعُمْري والمنى وكياني
- ولقد صبرتُ على الشّدائدِ إنّما
هي حُرقةُ المشتاق للأوطانِ
- إنّي لأبكي الشّامَ في سِرّي إذا
ما جنَّ ليلي أو خلا أقراني
- أبكي خمائلَ (دُمَّرٍ) ينساب في
جَنباتها ( بردى ) بنفْحِ جُمانِ
- و(الرَّبوةُ) الغَنّاء قلَّ نظيرُها
بشُكولٍ طَيرٍ أو فتونِ حِسانِ
- والغوطةُ الخضراءُ غطّى دوحَها
زهرُ الربيعِ وريِّقُ الرُّمّانِ
- وأرى دمشقَ قصيدةً قُدسيّةً
ضمّتْ فطاحلَ من كريمِ هِجانِ
- وبكلّ حَيٍّ أو زُقاقٍ قصّةٌ
تحكي مفاتنَ أربُعٍ وجِنانِ
- فالياسمينُ وعبْقهُ تزهو به
أفياؤها مجلوّةَ الأفنانِ
- ونوافِرُ الأمواه زَينُ حدائقٍ
قد نُسِّقتْ بالحبِّ والإحسانِ
- والفنُّ في جَنَباتها متألّقٌ
كالشِّعرِ أبدعهُ جلالُ بيانِ
- إيهٍ دمشقُ فأنتِ غايةُ مأَمَلي
أنتِ ابتهالُ تعبُّدٍ وَتَدانِ
- أنتِ المنى ضوّاعةٌ أطيابُها
أنتِ اشتمالُ كرامةٍ وأمانِ
- سأظلُّ أكتُمُ حرقتي من غُربةٍ
حتّى أُعاودَ.... أو يؤونَ أواني
- إعادة نشر .
#دكتور_زياد_العوف