كامل بن مصباح فرحات
ولد في قرية برعشيت من جبل عامل وتوفي فيها غير بالغ الثلاثين من عمره وكان وهو في الرابعة عشرة من عمره قد أصيب بالشلل فأقعده في منزله حتى وفاته . وقد كتب يصف حياته قائلا : حياتي مأساة دامية فقد أصبت بداء الشلل وهذا الداء اضطرني إلى عدم مغادرة بيتنا سنة 1942 م وكنت آنذاك تلميذا في الرابعة عشرة من سني حياتي فتجرعت كؤوس الألم وتحملت العذاب بقلب صبور وفي ظلمات الوحدة وفوق أشواك الألم قضيت أجمل أيام حياتي ، وكان لا بد لي من سلوة فجعلت الكتاب سلواي والشعر سميري والقلم ترجماني وقد طالعت مئات المجلدات والكتب ومررت بأدوار شاقة حتى استطعت أن أنمي وأغذي وأبرز مكانتي الأدبية .
شعره
قال بمناسبة الاحتفال بمرور ألف سنة على وفاة المعري :
الليالي تمر اثر الليالي * والمعري بوحدة واعتزال
هجر العالم الذي ساد فيه * كل من تاه في طريق الضلال
ومضى يدرس الوجود بحذق * فرآه يسير لاضمحلال
أي شئ يا فيلسوف البرايا * يتراءى خلف السنين الخوالي
هل تراءت ذي الأرض والليل داج * مدلهم والريح في أعوال
هل تراءى الانسان وحشا غليظا * قاطنا في الكهوف والأدغال
حافيا يقنص الوحوش فتدمي * قدميه الأشواك بين التلال
ثم يرقى إلى الكمال ببطء * فله العلم سلم للكمال
أنشأ المدن والقرى فتراءت * في نظام حياته واعتدال
انما لم تزل بقايا طباع * عنده أشبهت طباع الصلال
ساكن الغاب تصطفيه المنايا * وكذا الفذ ذا الشعور العالي
وسواء مثقف وجهول * كلنا نستعد للترحال
تخمد الشمس مثلما الأرض تفنى * ويضم الشعوب قعر الزوال
لم يكن شاعر المعرة يهوى * رعشة النجم وابتسام الهلال
أو فتون الفجر الجميل تراءى * يلبس الكون حلة من جمال
أو رفيف النسيم بين غصون * رقصت رقصة الهوى والدلال
أو غناء النايات رن صداها * في حنايا قلب المحب السالي
سقف بيت الأعمى أحب اليه * من سماء ترصعت باللآلي
فيلسوف الدنيا درست حياة * حفلت بالهموم بالأوجال
فرأيت الحياة تمضي كبرق * مسرع الومض أو كطيف خيال
وتعجبت من بني الأرض لما * خدعوا في سرابها المتلالي
وانتشوا من خمورها وتناسوا * هول موت مقطع الأوصال
وانثنوا يطلبون نسلا ورزقا * وقصورا تفيض بالأموال
مرضت أنفس لهم وقلوب * ليس تشفى من فتك داء عضال
وتسرت جرثومة الشر فيهم * فهم بين حاسد أو قال
وهم الآن مثل من قد تولوا * في حروب خطوبها في اتصال
أوجدوا الغاز والمدافع حتى * قد تراءت ديارهم في اشتعال
هل كرهت الدنيا القبيحة لما * شمت فيها مزية الختال
فهي ان أقبلت تذيقك صابا * بعد شهد السعود والاقبال
وهي عاثت بفجر عمرك لما * دفنته بين الليالي الطوال
وهي قد حرمت عليك ضياء * وهبته لأعين الجهال
لا تعاتب دنيا سبانا بهاها * وخلقنا فيها من الصلصال
فأبوك الجاني كما قلت عنه * هو أصل لذا الأسى والوبال
ولذا أنت ما جنيت على ابن * يتشكي من الضنى والهزال
وقال :
نفيت في عامل لا القوم أحسبهم * قومي ولا الصحب أصحابي وخلاني
أرى العبودية العمياء ترهقهم * بقيدها وهو قيد مثل ثعبان
شربت يا شعب كاس الذل مغتبطا * ما أنت يا شعب الا بائس عاني
غنيت في موقف كان الأصح بان * تبكي به دون أن تشدو بألحان
افتح عيونك للنور السني أيا * شعبي فجهلك أشقاني وأبكاني
هذا هو الصبح هذا النور مؤتلق * وأنت في الليل تمشي مشي حيزان
أصبت بالجهل ان الجهل فاجعة * ترمي الشعوب باذلال وبهتان
ما لي ألومك أنت اليوم وا أسفي * مخدر الحس غاف غير يقظان
هجرت شعبي وقيثاري حملت إلى * مرج نضير جميل الزهر فتان
وداعبت شعري الأنسام في دعة * وبلبل الروض لحن الحب غناني
وكنت أشدو وقيثاري تئن ولي * عيش كأغنية أو حلم نشوان
لكن عاطفتي ثارت أ أنس في * عيشي وشعبي في ذل وخذلان
حطم قيودك يا شعبي وعش حذرا * من كل طاع بلا عقل ووجدان
ذوو الزعامة أصنام تقدسهم كفاك تقديس أصنام وأوثان
ولد في قرية برعشيت من جبل عامل وتوفي فيها غير بالغ الثلاثين من عمره وكان وهو في الرابعة عشرة من عمره قد أصيب بالشلل فأقعده في منزله حتى وفاته . وقد كتب يصف حياته قائلا : حياتي مأساة دامية فقد أصبت بداء الشلل وهذا الداء اضطرني إلى عدم مغادرة بيتنا سنة 1942 م وكنت آنذاك تلميذا في الرابعة عشرة من سني حياتي فتجرعت كؤوس الألم وتحملت العذاب بقلب صبور وفي ظلمات الوحدة وفوق أشواك الألم قضيت أجمل أيام حياتي ، وكان لا بد لي من سلوة فجعلت الكتاب سلواي والشعر سميري والقلم ترجماني وقد طالعت مئات المجلدات والكتب ومررت بأدوار شاقة حتى استطعت أن أنمي وأغذي وأبرز مكانتي الأدبية .
شعره
قال بمناسبة الاحتفال بمرور ألف سنة على وفاة المعري :
الليالي تمر اثر الليالي * والمعري بوحدة واعتزال
هجر العالم الذي ساد فيه * كل من تاه في طريق الضلال
ومضى يدرس الوجود بحذق * فرآه يسير لاضمحلال
أي شئ يا فيلسوف البرايا * يتراءى خلف السنين الخوالي
هل تراءت ذي الأرض والليل داج * مدلهم والريح في أعوال
هل تراءى الانسان وحشا غليظا * قاطنا في الكهوف والأدغال
حافيا يقنص الوحوش فتدمي * قدميه الأشواك بين التلال
ثم يرقى إلى الكمال ببطء * فله العلم سلم للكمال
أنشأ المدن والقرى فتراءت * في نظام حياته واعتدال
انما لم تزل بقايا طباع * عنده أشبهت طباع الصلال
ساكن الغاب تصطفيه المنايا * وكذا الفذ ذا الشعور العالي
وسواء مثقف وجهول * كلنا نستعد للترحال
تخمد الشمس مثلما الأرض تفنى * ويضم الشعوب قعر الزوال
لم يكن شاعر المعرة يهوى * رعشة النجم وابتسام الهلال
أو فتون الفجر الجميل تراءى * يلبس الكون حلة من جمال
أو رفيف النسيم بين غصون * رقصت رقصة الهوى والدلال
أو غناء النايات رن صداها * في حنايا قلب المحب السالي
سقف بيت الأعمى أحب اليه * من سماء ترصعت باللآلي
فيلسوف الدنيا درست حياة * حفلت بالهموم بالأوجال
فرأيت الحياة تمضي كبرق * مسرع الومض أو كطيف خيال
وتعجبت من بني الأرض لما * خدعوا في سرابها المتلالي
وانتشوا من خمورها وتناسوا * هول موت مقطع الأوصال
وانثنوا يطلبون نسلا ورزقا * وقصورا تفيض بالأموال
مرضت أنفس لهم وقلوب * ليس تشفى من فتك داء عضال
وتسرت جرثومة الشر فيهم * فهم بين حاسد أو قال
وهم الآن مثل من قد تولوا * في حروب خطوبها في اتصال
أوجدوا الغاز والمدافع حتى * قد تراءت ديارهم في اشتعال
هل كرهت الدنيا القبيحة لما * شمت فيها مزية الختال
فهي ان أقبلت تذيقك صابا * بعد شهد السعود والاقبال
وهي عاثت بفجر عمرك لما * دفنته بين الليالي الطوال
وهي قد حرمت عليك ضياء * وهبته لأعين الجهال
لا تعاتب دنيا سبانا بهاها * وخلقنا فيها من الصلصال
فأبوك الجاني كما قلت عنه * هو أصل لذا الأسى والوبال
ولذا أنت ما جنيت على ابن * يتشكي من الضنى والهزال
وقال :
نفيت في عامل لا القوم أحسبهم * قومي ولا الصحب أصحابي وخلاني
أرى العبودية العمياء ترهقهم * بقيدها وهو قيد مثل ثعبان
شربت يا شعب كاس الذل مغتبطا * ما أنت يا شعب الا بائس عاني
غنيت في موقف كان الأصح بان * تبكي به دون أن تشدو بألحان
افتح عيونك للنور السني أيا * شعبي فجهلك أشقاني وأبكاني
هذا هو الصبح هذا النور مؤتلق * وأنت في الليل تمشي مشي حيزان
أصبت بالجهل ان الجهل فاجعة * ترمي الشعوب باذلال وبهتان
ما لي ألومك أنت اليوم وا أسفي * مخدر الحس غاف غير يقظان
هجرت شعبي وقيثاري حملت إلى * مرج نضير جميل الزهر فتان
وداعبت شعري الأنسام في دعة * وبلبل الروض لحن الحب غناني
وكنت أشدو وقيثاري تئن ولي * عيش كأغنية أو حلم نشوان
لكن عاطفتي ثارت أ أنس في * عيشي وشعبي في ذل وخذلان
حطم قيودك يا شعبي وعش حذرا * من كل طاع بلا عقل ووجدان
ذوو الزعامة أصنام تقدسهم كفاك تقديس أصنام وأوثان