ديوان الغائبين ديوان الغائبين : كوستاس كاريوتاكيس - Kostas Karyotakis - اليونـــان - 1896 - 1928

شاعر يوناني، ولد في تريبوليس في 30 تشرين الأول عام 1896، وانتحر بإطلاق النار على نفسه تحت شجرة أوكاليبتوس في بريفيزا يوم 21 تموز 1928.



يديرون المفتاح في الباب؛ يُخرجون
رسائلهم القديمة، المخبّأة بعناية،
يقرأونها بصمت، ثم يجرجرون
أقدامهم للمرة الأخيرة.
.
يقولون: حياتنا كانت مأساة.
يا إلهي! كم كانت ضحكة الناس المرعبة،
والدموع، والعرق، وحنين
السماوات، ووحدة المشهد.
.
يفقون هناك عند النافذة، محدّقين في الأشجار، في الأطفال، في الطبيعة كلها،
في عمّال البناء الذين يُعملون مطارقهم في البعيد،
في الشمس التي تريد أن تغرب الى الأبد.
.
قضي الأمر. ها هي رسالة الوداع:
موجزة كما ينبغي، عميقة، وبسيطة،
طافحة باللامبالاة والتسامح
حيال من سيقرأها ويبكي.
.
ينظرون في المرآة، ينظرون في الساعة،
يتساءلون هل الانتحار جنونٌ ربما، أو غلطة.
يهمسون: "قضي الأمر الآن"؛
لكنهم طبعا، في أعماقهم، سيؤجلون التنفيذ.
(عن لغة وسيطة: الانكليزية)

*

ترجمة: جمانة حداد

****


* باكتريا السفلس الشاحبة

الكتب العلمية كانت غاية في الجمال،
بصورها الحمراء الدموية، الصديقة
التي بخيبة نظرت ضاحكة في الخفاء،
جميلة كانت حتى شفتاها المنفرجتان اللتان منحتهما لنا.....

دقت برقة فائقة على جباهنا، وبعناد
لدرجة أننا فتحنا لنُدخلها مثل سيدة.
الحماقة في رأسنا، لكي نقفل بعد ذلك.
الآن امست حياتنا غريبة، تاريخ قديم .

أفكارنا وأحاسيسنا ترفٌ ،
حِملٌ نمنحه لكل شخص نبيه.
نتمسك بالاطراء ، ضحكاتنا الطفولية ،
وفطرتنا أن نترك أنفسنا بين يدي الله.

مخلوقاته كوميديا مرعبة،
هو، الذي يملك الغاية الفضلى دائماً ،
يبيح للستارة أن تنسدل أمام أعيننا.
ـ أواه ، أية كوميديا ! ـ عمى ، حلم ،
مناخوليا.

والصديقة المشتراة كانت غاية في الجمال ،
في هذا الغسق الشتوي البعيد جداً ، حين
ضحكت بغموض ، منحتنا شفتيها
وأبصرت الاحتمال ، الهاوية قادمة.

(1923)


* منتحرون مثاليون


انهم يديرون مفتاح الباب ، يأخذون
رسائلهم القديمة المحفوظة بعناية
يقرأونها بهدوء ، ثم يجرون
أقدامهم خلفهم للمرة الأخيرة.

حياتهم ، يقولون ، كانت تراجيدية.
يا الهي ، ضحكات الناس المخيفة ،
الدموع ، العرق ، حنين السماء
اللانهائي ، وكل الأماكن المقفرة.

إنهم يقفون عند النافذة وينظرون
الى الأشجار ، الأطفال ، الطبيعة البعيدة ،
العمال في مقلع الرخام وهم يدقون ،
والشمس التي ستغيب الى الأبد.

كل شيء يمضي. انظرْ الى الرسالة الصغيرة هناك ،
قصيرة ، بسيطة وعميقة , والتي تؤقلم نفسها ،
مليئة باللامبالاة والصفح
تجاه الذي سيقرأها ويبكي.

إنهم يرون أنفسهم في المرآة ، ينظرون الى الساعة ،
يتساءلون إن كان هذا جنوناً ربما، خطأ ،
"كل شيء يمضي" يهمسون، "الآن"،
في الفعل نفسه أبعدوا احتمال تأجيله.

(1927)


* بريفيزا Preveza


الموت هو الزاغات التي تحلق عالياً
باتجاه الأسوار السود والسطوح القرميدية ،
الموت هو النساء اللاتي يسمحن أن يقع العشاق في هواهن
كما لو كن يقشرن البصلَ .

الموت هو الطرق القذرة غير المهمة
باسمائها الشهيرة اللامعة
حقل الزيتون ، البحر المطوق ،
مع الشمس ، الموت وسط الأموات.

الموت هو الشرطي الذي ينحني ،
كي يضبط الوجبة الموزونة بشحة ،
الموت هو البصل المعلق في الشرفات ،
والمعلم مع صحيفته.

قاعدة عسكرية ، حامية ، قوة حرس في بريفيزا.
في يوم الأحد سوف نستمع الى الأوركسترا العسكرية.
استخرجت لنفسي دفتر الحساب المصرفي ،
أول ايداع لي كان ثلاثون دراخما.

حين تمشي ببطء على رصيف الميناء ،
تتساءل مع نفسك: " هل أنا موجود؟" ثم:
"أنت غير موجود!"
السفينة البخارية ترفع الراية في الأعلى.
ربما يأتي السيد المحافظ الى هنا.

لو كان على الأقل بين هؤلاء الناس
واحد فقط مات من الملل ...
صامتين وحزينين ، بشكل قنوع ،
كنا حينها كلنا سنتسلى بالدفن.

(1928)

* بريفيزا: مدينة في ابيروس شمال غرب اليونان.

(ترجمة عن السويدية)

عبد الستار نورعلي



تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...