رزان نعيم المغربي - الكتابة والجسد

مفتتح الكلام / قبلة

خذني كما قصيدة من سرير الذاكرة، خذني إليك من سرير الحلم جسداً مغتالة رغباته السرية. وخذني بعيداً عن مدارات الجاذبية لنتشكل حروفاً تصنع أبجدية الروح. ودع اللذة تباغتنا، ونحن على منصة الشوق، تسرج صهوة نصك المتفرد وتقول جعلتك قصيدة!
أو، دعني انفق ثروتي الباقية من الخيال والحلم، دعني التهم بياض الورق كما تلتهم أطراف أصابعي في لحظة نشوة!
مفتتح الكلام: يغريني بياض الورق يتحول جسداً ممدداً ينتظر شبوب الحبر وتدفقه؟ أدرك مطالبه، ترى من أين لي غواية أوراقي بالحروف إذا ما عاندني سن الريشة عن الانسياب؟
بل هو الانسياب، تعلمته على يديك ظهيرة يوم، حين قلبت مزاجي من ثورة الغضب إلى كامل الرضى،، اقتربت شفاك تحاذي كلماتي قبل النطق، مقفلاً عليها القول، توازيها بحنو، تلامسها برقة، تسيجها بدوائر مكهربة دون انطباق، أتنفس رائحتك ويسري على أوراقي رحيقك، تبتل بالحب، أزرع حروفا مضيئة، على الجسد المندى، فإذا بالبياض يتشرب صبوات الكتابة، وأفرح لأول قبول بعد عناد الحروف للقلم، وتنتصر لانتزاع قبلة أولى.

مفتتح الجسد/ عناق

أخذتني إليك برفق أنهك لاءات الأنوثة، فتحولت إلى نعم الرغبة المنتظرة. هاهي سطوري تمتد افقياً وعمودياً وتقف عند الفواصل حائرة إلى أين المنتهى؟
فإذا بك رجل خبر دروب الهوى والجسد، وشق الثوب ينير منابت الصدر، ويضيء لون العاج المرمري فيقلب حدة مزاج شهوتك في الدقيقة ألف مرة!
مرة ترضخ لعصياني ومرة تثور لرقتي، وتأخذني بعنف إذا ما يدي تعبت ونأت لتحرر عناق القلم للجسد الابيض، وتضغط يدك على مفاصل الرغبات فيطير قرطي كعصفور مذعور محلقاً نحو أبعد مسافة، نصل معاً إلى سدرة المنتهى.!
يعاود الحنين القلم في انزياحاته المجنونة، تهمس شعراً للأذن الملتاعة بفقدان قرطها مسترضياً، وتهبط نحو مكمن النبض لتسمع جواب القلب إلى أين يبغي الوصول؟ وبين العصيان والرفض يقف دوما ظل الرغبة لكتابة أجمل نص حلمنا به، وبين الرضا والقبول، عنف تمارسه كبربري لا يرضيه القليل، وتقول أن امتلائك حسن من ذوق اختيارك! فأهمس : أن حرماني يوازي كبريائي فلا أستزيد لظمأى من ماء يقتلني حباً !!
إلى متى تنتظر المسافات البيضاء المتبقية ليكتفي حبر القلب من التدفق ؟

مدارات الشوق/ وله

يدور القلم نحو سرة النص ليكشف عن سره، ويصل إلى خواتيم تليق بافتتاحية العشق المباغت، هكذا تباغتني بين لحظة سكون وشهوتي محترقة، ولحظة تمرد تغري اشتعالاتك للتأجج.
والنص الملعون لا يكتفي، يشتهي الاكتمال ليمتلئ جسده، بنقصان فيض الحبر ! أطلب مزيداً من الوقت، مزيدا من الصبر، لأن الأنفاس المبتورة، قصفت بيننا الكلمات، مالها الأفعال تصبح ناقصة دون أي علة؟ أم هو ترف اللحظة تملي علينا اختزال الكلمات؟
خذني إليك يا بياض القلب وارتشف رحيق الهوى أو ردني مبعثرة في كل مكان، فالجسد مضاء بالوله!
تفاجئني أوراقي، تهتز لريح دخلت من نوافذ الحب المفتوحة، متقلبة على منصات الشوق وبياض الورق ابتل بحبره، ومزاج الحب يتحول من رياحاً عنيفة إلى مطر غزير يغرقها، أسبح ساحبة أنفاسا لاهثة مما تبقى من أنفاسه، ألملم الورق المبعثر أرتبه أبجدية لنصي الجديد، أتفقد وشمه الأزرق، حول مدارات الأنوثة، الحاملة توق لضوء جديد وانطفاء آخر ثم أخر
في البدء سألتك: كيف تكتب القصيدة، فأجبتني: أصل الغواية سؤال! تعالي أجعل منك شعراً ثم اكتبيني نثراً أو كما يحلو لك.
أنها الكتابة، صبوة محترقة، ضوء على جسد القصيدة

* عن موقع الف
 
أعلى