نقوس المهدي
كاتب
رغم أن القُبلة تعبر عن النهاية السعيدة في الكثير من الأفلام العربية، ورغم أنها إحدى عناصر الشعر الرومانسي العربي، إلا أنه ينظر إلى القبلة الايروتيكية في فضاء عام كفعل يخدش" الحياء"، ويخالف القانون في أغلب الدول العربية.
مشهد حبيبين وهما يتبدلان القُبل في الأماكن العامة في ألمانيا وفي الغرب عموما، هو مشهد عادي من الحياة اليومية. وطبعا يصعب أو يستحيل مشاهدة نفس المشهد في أغلب الدول العربية. ورغم أن القبلة كانت حاضرة ومنذ بدايات السينما في العالم العربي وبالضبط في مصر، فإنها اليوم تتعرض للحذف في الكثير من التلفزيونات العربية، حتى أن هناك حاليا في مصر نقاش على المستوى السياسي بمنع ما يسمى "بالمشاهد الساخنة" وهي المشاهد التي تحتوي على قبل عميقة. أما في الشعر العربي فالقبلة كانت مصدر إلهام الكثير من الشعراء، بداية من الشعر الجاهلي وصولا إلى قصيدة النثر الحديثة.
يبدو السؤال" ما هي القُبلة؟" للوهلة الأولى سؤالا بسيطا. لكننا سألنا الطبيب النفساني المغربي أبو بكر حركات المتخصص في علم الجنس عن تعريفه للقبلة، فأجاب: "القبلة هي لمس الشفتين لجزء من أجزاء جسم شخص آخر، وفي بعض الأحيان حتى لمس المرء بشفتيه لجسمه، إذا كنا نريد الحديث عن الايروتيكية بصفة فردانية". ويضيف:"القبلة هي أيضا طريقة نريد التعبير بها عن حبنا أو مشاعرنا الإيجابية والحسية والايروتكية."
القبلة في الفضاء العمومي كنوع من التحدي السياسي
السينما "النظيفة" أو سينما بدون قبل
كانت الأفلام المصرية أو الأفلام اللبنانية التي أنتجت في سنوات السبعينات، تعج بمشاهد القُبل، حتى أن الكثير من الأفلام التجارية في تلك الفترة كانت تحتوي على مشاهد محشورة وغير مبررة للعُري والعري الجريء أحيانا. غير أن الأمر سينقلب إلى ضده في السينما العربية في السنوات الأخيرة ، مع ظهور جيل جديد من الممثلات و الممثلين الذين رفعوا شعار "السينما النظيفة" وهي السينما الخالية من القبلات.
ومن هؤلاء الممثلات حنان ترك ومنى زكي وحلا شيحا وغادة عادل... وممثلات أخريات. مما اضطر مخرجي السينما أمثال المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى استقدام ممثلات من دول عربية أخرى يقبلن بالقيام بهذا النوع من الأدوار، المصنفة في خانة أدوار الإغراء. وبخصوص القبل السينمائية يقول الدكتور حركات: "القبلة السينمائية تظهر في الشاشة أكثر من ساخنة، ويمكن أن تهيج المتلقين الذين يشاهدونها ولكنها في حقيقة الأمر قبلة باردة جدا".
ضمان "الحقوق الجنسية"
القبلة تغيب أحيانا كثيرة في علاقات زوجية استمرت فترة طويلة
ورغم أن الرقابة في الكثير من دول العالم العربي تسمح بالقبلة في السينما، إلا أن التلفزيونات العربية تمارس رقابة على مشاهد القبل. يقول عالم الاجتماع المتخصص في الجنس عبد الصمد الديالمي، عن ذلك:"أنا ضد الرقابة والمقص، لأن هذه أمور تشكل جانبا من الواقع وهو جانب أساسي في العلاقات بين الجنسين، إذن لا ينبغي أن نترك هذا المجال فارغا، لأن الشباب بحاجة إلى توجيه وتربية جنسية، والقنوات التلفزيونية ينبغي أن تعطي للشباب ثقافة عقلانية وثقافة تضمن حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحقوق الجنسية."
ويضيف عالم الاجتماع:"التلفزة العمومية ينبغي أن تساهم في جعل القبلة شيئا طبيعيا ومرغوبا فيه، فهي تعبر عن حب وتقارب، وتعبر عن التوقف عن العدوانية. رجل وامرأة يقبلان بعضهما البعض هي رسالة جميلة لا ينبغي أن نقمعها." ويستغرب عالم الاجتماع عندما يقارن بين الماضي والحاضر ويقول:" هناك تراجع حاصل: في المغرب مثلا في السبعينات من القرن الماضي كانت القبلة شيئا مقبولا حتى فيما بين غير المتزوجين، خاصة في بعض المدن الكبيرة كالدار البيضاء. لكن مع التراجع الحاصل الآن، هناك رفض لهذا التعبير العاطفي والشبقي".
القبلة تعبير عن الحب أم عن الجنس؟
هناك خيط رفيع بين قبلة الحب وقبلة الجنس
يقول الدكتور أبو بكر حركات إجابة عن هذا السؤال: "القبلة الايروتيكية ليست مرتبطة بالضرورة بالحب، من الممكن أن تكون هناك قبلة جنسية بين حبيبين، كما يمكن أن تكون بين شخصين تربطهما فقط علاقة رغبة جنسية. ومن الممكن أيضا أن تكون القبلة بين الحبيبين قبلة حب وخالية من الحمولة الايروتيكية".
لكن يبقى هناك خيط رفيع بين قبلة الحب وقبلة الجنس، وهو ما جعلنا نطلب توضيحا أكثر من الدكتور حركات المتخصص في علم الجنس:" الحب يجعلنا نريد أن نكون قريبين من الشخص الذي نحب، بدافع الإحساس به، وبدافع الحنان وليس بدافع جنسي. لكن هذا لا ينفي أن أقبل الشخص الذي أحب وأعبر له من خلال قبلتي عن اشتياق جنسي".
رغم ذلك فإن القبلة تغيب أحيانا كثيرة في علاقات زوجية استمرت فترة طويلة، حينها تفقد القبلة حمولتها العاطفية وحمولتها الجنسية. يقول الدكتور بهذا الخصوص: "المسألة أن الكثير من الرجال لا يحسنون مهارة المقدمات الجنسية قبل المعاشرة، وبالتالي تصبح القبلة شيئا جامدا. خاصة إذا وصل الزوجين إلى مرحلة من الفتور الجنسي في العلاقة الجنسية". ويضيف عن هذه الفترة المسماة بالفتور: "يمكن أن يبدأ الفتور في الأشهر الأولى ويمكن أن يأتي بعد 30 سنة. ليست هناك قاعدة".
القبلة الايروتيكية مرفوضة في الفضاء العام
القبلة حاضرة أيضا في الأساطير حيث أن قبلة المرأة الجميلة كان لها مفعول السحر
لقبلة الايروتيكية مازالت تعتبر غير مقبولة في الأماكن العمومية، في العالم العربي. "لأن علاقتنا بالجسد وبالجنس في العالم العربي، هي علاقة تدخل في إطار الطابوهات، ولأن القبلة الايروتيكية هي تعبير عن الجنس، ولأننا مازلنا نعاني من الكبت" هذه هي الأسباب التي عددها الطبيب النفساني. ويضيف الدكتور:"هذه القبلات تجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح والامتعاض. هذا بالإضافة إلى الجانب الديني: فتبادل القبل حتى بين الزوجين في الفضاء العام فهو بالنسبة للكثيرين إخلال بالحياء العام وبالتالي مناف للدين."
أما عبد الصمد الديالمي عالم الاجتماع فيقول:"هذا شيء يتعلق بالأخلاق العامة التي مازالت أبوية ومتخلفة تجعل من كل تعبير جنسي في الشارع العام، شيئا مخجلا. إذن القبلة في المنظور العربي والإسلامي خدش للحياء العام ". أم كلثوم وفي أغنية "قول لي ولا تخابيش" في فيلم سلامة، وهو فيلم أنتج في الأربعينيات من القرن الماضي، ناقشت موضوع القبلة، عندما طُرح عليها السؤال في الأغنية "حلال القبلة ولا حرام؟"، فقالت بما معناه:"القبلة إذا كانت للملهوف فليأخذ عوض الواحدة ألوف".
ريم نجمي
مراجعة: عبده جميل المخلافي
مشهد حبيبين وهما يتبدلان القُبل في الأماكن العامة في ألمانيا وفي الغرب عموما، هو مشهد عادي من الحياة اليومية. وطبعا يصعب أو يستحيل مشاهدة نفس المشهد في أغلب الدول العربية. ورغم أن القبلة كانت حاضرة ومنذ بدايات السينما في العالم العربي وبالضبط في مصر، فإنها اليوم تتعرض للحذف في الكثير من التلفزيونات العربية، حتى أن هناك حاليا في مصر نقاش على المستوى السياسي بمنع ما يسمى "بالمشاهد الساخنة" وهي المشاهد التي تحتوي على قبل عميقة. أما في الشعر العربي فالقبلة كانت مصدر إلهام الكثير من الشعراء، بداية من الشعر الجاهلي وصولا إلى قصيدة النثر الحديثة.
يبدو السؤال" ما هي القُبلة؟" للوهلة الأولى سؤالا بسيطا. لكننا سألنا الطبيب النفساني المغربي أبو بكر حركات المتخصص في علم الجنس عن تعريفه للقبلة، فأجاب: "القبلة هي لمس الشفتين لجزء من أجزاء جسم شخص آخر، وفي بعض الأحيان حتى لمس المرء بشفتيه لجسمه، إذا كنا نريد الحديث عن الايروتيكية بصفة فردانية". ويضيف:"القبلة هي أيضا طريقة نريد التعبير بها عن حبنا أو مشاعرنا الإيجابية والحسية والايروتكية."
القبلة في الفضاء العمومي كنوع من التحدي السياسي
السينما "النظيفة" أو سينما بدون قبل
كانت الأفلام المصرية أو الأفلام اللبنانية التي أنتجت في سنوات السبعينات، تعج بمشاهد القُبل، حتى أن الكثير من الأفلام التجارية في تلك الفترة كانت تحتوي على مشاهد محشورة وغير مبررة للعُري والعري الجريء أحيانا. غير أن الأمر سينقلب إلى ضده في السينما العربية في السنوات الأخيرة ، مع ظهور جيل جديد من الممثلات و الممثلين الذين رفعوا شعار "السينما النظيفة" وهي السينما الخالية من القبلات.
ومن هؤلاء الممثلات حنان ترك ومنى زكي وحلا شيحا وغادة عادل... وممثلات أخريات. مما اضطر مخرجي السينما أمثال المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى استقدام ممثلات من دول عربية أخرى يقبلن بالقيام بهذا النوع من الأدوار، المصنفة في خانة أدوار الإغراء. وبخصوص القبل السينمائية يقول الدكتور حركات: "القبلة السينمائية تظهر في الشاشة أكثر من ساخنة، ويمكن أن تهيج المتلقين الذين يشاهدونها ولكنها في حقيقة الأمر قبلة باردة جدا".
ضمان "الحقوق الجنسية"
القبلة تغيب أحيانا كثيرة في علاقات زوجية استمرت فترة طويلة
ورغم أن الرقابة في الكثير من دول العالم العربي تسمح بالقبلة في السينما، إلا أن التلفزيونات العربية تمارس رقابة على مشاهد القبل. يقول عالم الاجتماع المتخصص في الجنس عبد الصمد الديالمي، عن ذلك:"أنا ضد الرقابة والمقص، لأن هذه أمور تشكل جانبا من الواقع وهو جانب أساسي في العلاقات بين الجنسين، إذن لا ينبغي أن نترك هذا المجال فارغا، لأن الشباب بحاجة إلى توجيه وتربية جنسية، والقنوات التلفزيونية ينبغي أن تعطي للشباب ثقافة عقلانية وثقافة تضمن حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحقوق الجنسية."
ويضيف عالم الاجتماع:"التلفزة العمومية ينبغي أن تساهم في جعل القبلة شيئا طبيعيا ومرغوبا فيه، فهي تعبر عن حب وتقارب، وتعبر عن التوقف عن العدوانية. رجل وامرأة يقبلان بعضهما البعض هي رسالة جميلة لا ينبغي أن نقمعها." ويستغرب عالم الاجتماع عندما يقارن بين الماضي والحاضر ويقول:" هناك تراجع حاصل: في المغرب مثلا في السبعينات من القرن الماضي كانت القبلة شيئا مقبولا حتى فيما بين غير المتزوجين، خاصة في بعض المدن الكبيرة كالدار البيضاء. لكن مع التراجع الحاصل الآن، هناك رفض لهذا التعبير العاطفي والشبقي".
القبلة تعبير عن الحب أم عن الجنس؟
هناك خيط رفيع بين قبلة الحب وقبلة الجنس
يقول الدكتور أبو بكر حركات إجابة عن هذا السؤال: "القبلة الايروتيكية ليست مرتبطة بالضرورة بالحب، من الممكن أن تكون هناك قبلة جنسية بين حبيبين، كما يمكن أن تكون بين شخصين تربطهما فقط علاقة رغبة جنسية. ومن الممكن أيضا أن تكون القبلة بين الحبيبين قبلة حب وخالية من الحمولة الايروتيكية".
لكن يبقى هناك خيط رفيع بين قبلة الحب وقبلة الجنس، وهو ما جعلنا نطلب توضيحا أكثر من الدكتور حركات المتخصص في علم الجنس:" الحب يجعلنا نريد أن نكون قريبين من الشخص الذي نحب، بدافع الإحساس به، وبدافع الحنان وليس بدافع جنسي. لكن هذا لا ينفي أن أقبل الشخص الذي أحب وأعبر له من خلال قبلتي عن اشتياق جنسي".
رغم ذلك فإن القبلة تغيب أحيانا كثيرة في علاقات زوجية استمرت فترة طويلة، حينها تفقد القبلة حمولتها العاطفية وحمولتها الجنسية. يقول الدكتور بهذا الخصوص: "المسألة أن الكثير من الرجال لا يحسنون مهارة المقدمات الجنسية قبل المعاشرة، وبالتالي تصبح القبلة شيئا جامدا. خاصة إذا وصل الزوجين إلى مرحلة من الفتور الجنسي في العلاقة الجنسية". ويضيف عن هذه الفترة المسماة بالفتور: "يمكن أن يبدأ الفتور في الأشهر الأولى ويمكن أن يأتي بعد 30 سنة. ليست هناك قاعدة".
القبلة الايروتيكية مرفوضة في الفضاء العام
القبلة حاضرة أيضا في الأساطير حيث أن قبلة المرأة الجميلة كان لها مفعول السحر
لقبلة الايروتيكية مازالت تعتبر غير مقبولة في الأماكن العمومية، في العالم العربي. "لأن علاقتنا بالجسد وبالجنس في العالم العربي، هي علاقة تدخل في إطار الطابوهات، ولأن القبلة الايروتيكية هي تعبير عن الجنس، ولأننا مازلنا نعاني من الكبت" هذه هي الأسباب التي عددها الطبيب النفساني. ويضيف الدكتور:"هذه القبلات تجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح والامتعاض. هذا بالإضافة إلى الجانب الديني: فتبادل القبل حتى بين الزوجين في الفضاء العام فهو بالنسبة للكثيرين إخلال بالحياء العام وبالتالي مناف للدين."
أما عبد الصمد الديالمي عالم الاجتماع فيقول:"هذا شيء يتعلق بالأخلاق العامة التي مازالت أبوية ومتخلفة تجعل من كل تعبير جنسي في الشارع العام، شيئا مخجلا. إذن القبلة في المنظور العربي والإسلامي خدش للحياء العام ". أم كلثوم وفي أغنية "قول لي ولا تخابيش" في فيلم سلامة، وهو فيلم أنتج في الأربعينيات من القرن الماضي، ناقشت موضوع القبلة، عندما طُرح عليها السؤال في الأغنية "حلال القبلة ولا حرام؟"، فقالت بما معناه:"القبلة إذا كانت للملهوف فليأخذ عوض الواحدة ألوف".
ريم نجمي
مراجعة: عبده جميل المخلافي