نقوس المهدي
كاتب
يخطئ الذي يدير وجهه، وينكفئ، كي لا يحط نظره على ملصق مسرحية "مونولوجات الفرج"، الذي التصق منذ سنوات عديدة بجدران محطات المترو الباريسية. سيان، من يخشى فتح دفتي الكتاب مخافة وقوعه أمام فجاجة البذيء ولا أخلاقية النابي.لم أشاهد المسرحية، ولكنني قرأت الكتاب، في ترجمة دومينيك ديشّون عن الإنجليزية في طبعة دار دونويل. ما قد يمكّنني من تهدئة روع الذين تفزعهم صور حقائق واضحة النهار، ولا يرتاحون طالما لم يسربلوها بسواد، ويهمهموا لها من خلف حجاب.
لا يبطن النص نية الاستئناس بصيغ الايروسية لوحدها. ولم تسعَ كاتبته إيف إنسلير إلى اختلاق صدمات إضافية لمن ضحوا بحصانتهم الحقيقية في سبيل دروع من ورق.
الحقيقة أنها، عكس ما قد يتبادر إلى الذهن في أول وهلة، اتخذت نفسها مناضلة نسائية من طينة مخالفة. أرادت أن تنافح عن أفكار محددة وتعرض معضلات اجتماعية ونفسية تستلزم حلا. ما لم يَحُل بينها وبين إعطاء القيمة لدرس إيروس الذي لا محيد عنه من أجل التحرر.
أرادت أن تشجب الاغتصاب ومعه كل أصناف التمثيل البدني بالمرأة، بدءا باستئصال بظرها، رتق شفريها الكبيرين، وانتهاء بكل أشكال الاعتداءات الجنسية على عموم النساء. الأمر إذن ليس مستهجنا حتى الآن. أليس كذلك؟
أما إذا ذكرتُ أن إيف بدأت نصها كما يلي: " أنطق بمفردة "الفرج" لأنه من المفروض علي ألا أنبس بها، فهي تثير القلق، الانزعاج، التأفف والتقزز". وقبل أن يقاطعها أحد أرسلت حججها الدامغة مثل السيوف بقولها مواصلة: "ما نكتمه يصير سرا، والأسرار تولّد العار، الخوف والأساطير".
قالت أنها تفضل استعمال كلمة "الفرج" لأن للكس معاني أخرى، مثلما ترى أن الرحم مفردة جيدة ولكنها جد محددة. "الفرج ليس كلمة بورنوغرافية بل هو مجرد مصطلح طبي يشير إلى عضو فزيولوجي مثل اليد تماما".
تدعو النساء، ودعوتها باب من أبواب خلاصهن، إلى التعرف على فروجهن، ثم إلى الإنصات إليها ومنحها اللذة كي تظل معافاة وسليمة كما ارتأت. محرضة إياهن على إرضائها وشرح كيفية إتيان ذلك لعشاقهن. قالت أن بداية التحرر وتبديد كل المخاوف وتحطيم الأساطير تبدأ بالنطق بكلمة "فرج".
الفرج إذن كما كتبت إيف يشبه مثلث برمودا المحاط بأسرار ودياميس كثيرة، فلا أحد يؤوب منه سالما كي يحدثنا عنه.
تظهر الصورة أكثر نصاعة الآن. فالكاتبة تسعى إلى كسر شوكة السر المحاط بالفرج دون اتخاذ تقية منافقة. تصرخ وكأنها تقول: لنسقط أقنعة القداسة على هذا العضو الذي حُوّل إلى وحش وهو في الحقيقة حمل جميل ولطيف. من هنا يستعيد كينونته الطبيعية وتعود المياه إلى مجاريها. لهذا لم تذخر جهدا في تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية كخطوة أولى في مسار عسير.
كانت إستراتيجيتها في مهمتها هي محاورة النساء، والتحدث إليهن، من فئات عمرية متباينة، وفي مختلف أصقاع الأرض. مساندة لنضالهن، وواقفة، عند الاحتياج، إلى جنبهن في المحن التي هزت أطراف كثيرة من العالم.
تراوح إذن بين شهادة وملاحظة، وهي تكتب نصا هيئ لمسرح أحادي البطل، تكون فيه امرأة شاهدة على كل النساء وحاملة لهموم كل اللواتي شاركن بقول حول عضوهن النفيس والمكنون في صندوق أوصدته الآلهة بإيعاز من البشر المتسلطين.
تتجنب الأمهات إطلاق تسمية الفرج على عضو بناتهن وهن جد صغيرات، فيعمدن إلى استعمال أسماء مصغرة ومختلقة، تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر. من هنا تبدأ، في نظري، تربية اللبس التي تلف هذه المنطقة من جسد المرأة قبل أن يلفها الزغب. هذا الذي يشكل مدعاة نفور كثير من الرجال. قالت امرأة من محاورات إيف ما أجده حصيفا أنه "لا يمكن أن نحب فرجا إذا كنا لا نحب الزغب".
لقد عانت هذه المرأة مع بعلٍ يمقت، عن عمى جمال الزغب، إذ يرغمها على حلق عانتها، فتظهر على بشرتها بثور حمراء تزعجها بشدة. ولما أقلعت عن حلقه طفق يخونها زاعما أنها الجانية، لأنها لا ترضخ، في عرفه، لنزواته الجنسية.
تذكير هام: "إذا كنتم تعزون الفرج فعليكم أن تحبوا الزغب أيضا، إذ لا يمكن أخذ أحدهما من دون الآخر".
فإذا كان الزغب كسوة طبيعية رائعة، ضدا على الجهلة الذين يدعون تحضرا ويتهمون الموالين لحدائق الرب، أنهم لا يحسنون التمييز بين الجمال وبين ما به شين، فإن إيف هي طرحت سؤالا آخر لا يخلو من حس شعري: ترى ماذا ستلبسون لفروجكن لو قدر أن احتيج ذلك وطُلب منكن؟
تراوحت الإجابات بين رداء وآخر في كثير من هم رمزي وجمالي يبعث على التفكير، منهن من أجبن: قبعة- معطف جلدي- جوارب حريرية- جينز- قميص نوم- وشم- حذاء ذو كعب عال- الدنتيلا- واقي المطر- القطن...
أما إذا أتيح لها أن تتحدث، مثلما جاء لدى دونيس ديدرو بفعل فاعل إذ لا خيار لهن لديه مادام الأمر يتعلق بخاتم سحري، إيف هي تستشيرهن أن يخترن الكلمات التي تناهى إليهن أنها المفضلة لدى عضوهن الذي له لغة أخرى. قال بعضهن: "بروية-أنا جائع-الطعام معد-حاول كرة أخرى-مزيدا من فضلك- لا تتوقف- تعال، ادخل- شكرا- صباح الخير...
تُضمّن إيف نصها من حين إلى آخر قطعا تحيل إلى معلومات تاريخية أو سياسية حول الفرج تطلق عليها "حقائق حول الفرج"، جاء في واحدة منها، اقتبستها من كتاب "موسوعة الأساطير وأسرار المرأة"، أن امرأة حوكمت سنة 1593 بتهمة السحر إذ اكتشف رجل قضاء –متزوج- بظرها لما عرضت عليه واعتبره حلمة الشيطان، وعندما أراه لعدد من مساعديه، أكدوا جميعهم أنهم لم يروا، من قبل، على الإطلاق شيئا مشابها.
ونقرأ في اقتباس آخر من كتاب نتالي أونجيه "يا نساء"، بأن البظر هو العضو الوحيد الذي خلق فقط للذة في البدن. فهو يحتوي على ثمانية ألف عصب؛ أي ضعف ما في الأير.
راوحت الكاتبة بين الحديث عن "ورشة الفرج" التي تعتبر كنوع من النادي الذي وضعته إحداهن من أجل توعية النساء وتقريبهن من فروجهن المجهولة لديهن. تطلب منهن المشرفة أن يرسمنه. ثم تسألهن آونة أخرى إن كن يستطعن أن يحددن موقع بظورهن. هي تمارين تندرج كلها ضمن المشروع الكبير حول التعرف والتعريف بالفرج وخاصياته وبكل ما يحيط به، ما يعني العلم به، وإذا قلنا العلم فإننا نريد به تبديد الجهل الذي يؤدي إلى المخفي والمستور أي شبح الخوف الدموي.
أما تلك التي لا تحب فرجها ولا تنظر إليه قط، فقد حكت أنها التقت يوما بمحض الصدفة برجل يدعى بول، وذلك قدام دكان بقال الحارة؛ إذ انفلتت القطع النقدية من يدها فعمد هذا الرجل إلى مساعدتها في جمعها. قالت بعد ذلك أنها لم تدرك متى تواجدت معه جنبا إلى جنب في سريره.
هذا الرجل لا يستسيغ التوابل في طعامه ولا يحب موسيقى الروك، ولا يولي أهمية خاصة لملابس النساء الداخلية، ثم أنه يقضي وقت الصيف جالسا في الظل. لا يعبر بيسر عن عواطفه، لا يعاني من مشاكل ولا يستشعر أية عواطف. فهو ليس مدمنا على الكحول، ليس ظريفا، ليس مهما ولا غريبا... هذا الرجل صَدَق أنه يحب الفروج. فهو عارف بها، إذ يعشق لمسها، طعمها، رَيّاها، وأكثر من ذلك بل أهم منه فهو يحب تملّيها عن كثب. صرحت المرأة أنها رضخت له وأشعل النور أول مرة مارسا فيها الجنس إذ ألح عليها فنظر طويلا إلى عضوها ثم سرعان ما تحول إلى ذئب شرس وابتل فرجها، وصار لها رأي آخر منذ لقائها بالسيد بُّول. إذ تحول عضوها إلى عمل فني طالما مجده بول وتغنى به.
جاء في كتاب راشيل مانيس "تقنية الرعشة" الذي ذكرته إيف، أنه يمنع بيع الذكر المطاطي الهزاز في كل من ولايات تكساس، جورجيا، أوهايو وأركانساس. ويغرم من يخالف هذا القانون بمقدار عشرة آلاف دولار. وللعجب العجاب يرخص لبيع الأسلحة في نفس الولايات. ومع ذلك لم نشهد قط مجازر سببها أير مطاطي. استخبرت إيف طفلة في السادسة من عمرها، كعادتها خلال إعدادها لهذا الكتاب، بقولها لها: لو سنح لفرجك أن يتكلم ماذا عساه يقول؟ أجابت: سلحفاة أو كمنجة.
بماذا يوحي لك فرجك؟
بكرزة ذات قشرة داكنة. أو بلؤلؤة ألفيتها ضمن كنز لا يعود إلا إلي.
وهل لفرجك شيء مفارق؟
في مكان ما في عمقه القصي ثمة دماغ ذكي.
ما هي رائحة فرجك؟
ندف الثلج.
في الأخير، أقول أنه لو رفع الحصار المتزمت المضروب على الجسد لصار تحرره ممكنا. لكن هذا يشكل نقطة من غيض. فما دمنا لم نسقط السلطات القاهرة التي تجثم على حيوات الناس وتتاجر فيها، محللة ومحرمة ما شاءته باسم جغرافيا عتيقة ومدونة أنساب لا تصمد، فإننا سنجرجر إلى الأبد هذا النقص وهذه العقد وهذه القداسة.
.
لحن غرامي داخل القصر
ايتوري سيمونيتي
لا يبطن النص نية الاستئناس بصيغ الايروسية لوحدها. ولم تسعَ كاتبته إيف إنسلير إلى اختلاق صدمات إضافية لمن ضحوا بحصانتهم الحقيقية في سبيل دروع من ورق.
الحقيقة أنها، عكس ما قد يتبادر إلى الذهن في أول وهلة، اتخذت نفسها مناضلة نسائية من طينة مخالفة. أرادت أن تنافح عن أفكار محددة وتعرض معضلات اجتماعية ونفسية تستلزم حلا. ما لم يَحُل بينها وبين إعطاء القيمة لدرس إيروس الذي لا محيد عنه من أجل التحرر.
أرادت أن تشجب الاغتصاب ومعه كل أصناف التمثيل البدني بالمرأة، بدءا باستئصال بظرها، رتق شفريها الكبيرين، وانتهاء بكل أشكال الاعتداءات الجنسية على عموم النساء. الأمر إذن ليس مستهجنا حتى الآن. أليس كذلك؟
أما إذا ذكرتُ أن إيف بدأت نصها كما يلي: " أنطق بمفردة "الفرج" لأنه من المفروض علي ألا أنبس بها، فهي تثير القلق، الانزعاج، التأفف والتقزز". وقبل أن يقاطعها أحد أرسلت حججها الدامغة مثل السيوف بقولها مواصلة: "ما نكتمه يصير سرا، والأسرار تولّد العار، الخوف والأساطير".
قالت أنها تفضل استعمال كلمة "الفرج" لأن للكس معاني أخرى، مثلما ترى أن الرحم مفردة جيدة ولكنها جد محددة. "الفرج ليس كلمة بورنوغرافية بل هو مجرد مصطلح طبي يشير إلى عضو فزيولوجي مثل اليد تماما".
تدعو النساء، ودعوتها باب من أبواب خلاصهن، إلى التعرف على فروجهن، ثم إلى الإنصات إليها ومنحها اللذة كي تظل معافاة وسليمة كما ارتأت. محرضة إياهن على إرضائها وشرح كيفية إتيان ذلك لعشاقهن. قالت أن بداية التحرر وتبديد كل المخاوف وتحطيم الأساطير تبدأ بالنطق بكلمة "فرج".
الفرج إذن كما كتبت إيف يشبه مثلث برمودا المحاط بأسرار ودياميس كثيرة، فلا أحد يؤوب منه سالما كي يحدثنا عنه.
تظهر الصورة أكثر نصاعة الآن. فالكاتبة تسعى إلى كسر شوكة السر المحاط بالفرج دون اتخاذ تقية منافقة. تصرخ وكأنها تقول: لنسقط أقنعة القداسة على هذا العضو الذي حُوّل إلى وحش وهو في الحقيقة حمل جميل ولطيف. من هنا يستعيد كينونته الطبيعية وتعود المياه إلى مجاريها. لهذا لم تذخر جهدا في تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية كخطوة أولى في مسار عسير.
كانت إستراتيجيتها في مهمتها هي محاورة النساء، والتحدث إليهن، من فئات عمرية متباينة، وفي مختلف أصقاع الأرض. مساندة لنضالهن، وواقفة، عند الاحتياج، إلى جنبهن في المحن التي هزت أطراف كثيرة من العالم.
تراوح إذن بين شهادة وملاحظة، وهي تكتب نصا هيئ لمسرح أحادي البطل، تكون فيه امرأة شاهدة على كل النساء وحاملة لهموم كل اللواتي شاركن بقول حول عضوهن النفيس والمكنون في صندوق أوصدته الآلهة بإيعاز من البشر المتسلطين.
تتجنب الأمهات إطلاق تسمية الفرج على عضو بناتهن وهن جد صغيرات، فيعمدن إلى استعمال أسماء مصغرة ومختلقة، تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر. من هنا تبدأ، في نظري، تربية اللبس التي تلف هذه المنطقة من جسد المرأة قبل أن يلفها الزغب. هذا الذي يشكل مدعاة نفور كثير من الرجال. قالت امرأة من محاورات إيف ما أجده حصيفا أنه "لا يمكن أن نحب فرجا إذا كنا لا نحب الزغب".
لقد عانت هذه المرأة مع بعلٍ يمقت، عن عمى جمال الزغب، إذ يرغمها على حلق عانتها، فتظهر على بشرتها بثور حمراء تزعجها بشدة. ولما أقلعت عن حلقه طفق يخونها زاعما أنها الجانية، لأنها لا ترضخ، في عرفه، لنزواته الجنسية.
تذكير هام: "إذا كنتم تعزون الفرج فعليكم أن تحبوا الزغب أيضا، إذ لا يمكن أخذ أحدهما من دون الآخر".
فإذا كان الزغب كسوة طبيعية رائعة، ضدا على الجهلة الذين يدعون تحضرا ويتهمون الموالين لحدائق الرب، أنهم لا يحسنون التمييز بين الجمال وبين ما به شين، فإن إيف هي طرحت سؤالا آخر لا يخلو من حس شعري: ترى ماذا ستلبسون لفروجكن لو قدر أن احتيج ذلك وطُلب منكن؟
تراوحت الإجابات بين رداء وآخر في كثير من هم رمزي وجمالي يبعث على التفكير، منهن من أجبن: قبعة- معطف جلدي- جوارب حريرية- جينز- قميص نوم- وشم- حذاء ذو كعب عال- الدنتيلا- واقي المطر- القطن...
أما إذا أتيح لها أن تتحدث، مثلما جاء لدى دونيس ديدرو بفعل فاعل إذ لا خيار لهن لديه مادام الأمر يتعلق بخاتم سحري، إيف هي تستشيرهن أن يخترن الكلمات التي تناهى إليهن أنها المفضلة لدى عضوهن الذي له لغة أخرى. قال بعضهن: "بروية-أنا جائع-الطعام معد-حاول كرة أخرى-مزيدا من فضلك- لا تتوقف- تعال، ادخل- شكرا- صباح الخير...
تُضمّن إيف نصها من حين إلى آخر قطعا تحيل إلى معلومات تاريخية أو سياسية حول الفرج تطلق عليها "حقائق حول الفرج"، جاء في واحدة منها، اقتبستها من كتاب "موسوعة الأساطير وأسرار المرأة"، أن امرأة حوكمت سنة 1593 بتهمة السحر إذ اكتشف رجل قضاء –متزوج- بظرها لما عرضت عليه واعتبره حلمة الشيطان، وعندما أراه لعدد من مساعديه، أكدوا جميعهم أنهم لم يروا، من قبل، على الإطلاق شيئا مشابها.
ونقرأ في اقتباس آخر من كتاب نتالي أونجيه "يا نساء"، بأن البظر هو العضو الوحيد الذي خلق فقط للذة في البدن. فهو يحتوي على ثمانية ألف عصب؛ أي ضعف ما في الأير.
راوحت الكاتبة بين الحديث عن "ورشة الفرج" التي تعتبر كنوع من النادي الذي وضعته إحداهن من أجل توعية النساء وتقريبهن من فروجهن المجهولة لديهن. تطلب منهن المشرفة أن يرسمنه. ثم تسألهن آونة أخرى إن كن يستطعن أن يحددن موقع بظورهن. هي تمارين تندرج كلها ضمن المشروع الكبير حول التعرف والتعريف بالفرج وخاصياته وبكل ما يحيط به، ما يعني العلم به، وإذا قلنا العلم فإننا نريد به تبديد الجهل الذي يؤدي إلى المخفي والمستور أي شبح الخوف الدموي.
أما تلك التي لا تحب فرجها ولا تنظر إليه قط، فقد حكت أنها التقت يوما بمحض الصدفة برجل يدعى بول، وذلك قدام دكان بقال الحارة؛ إذ انفلتت القطع النقدية من يدها فعمد هذا الرجل إلى مساعدتها في جمعها. قالت بعد ذلك أنها لم تدرك متى تواجدت معه جنبا إلى جنب في سريره.
هذا الرجل لا يستسيغ التوابل في طعامه ولا يحب موسيقى الروك، ولا يولي أهمية خاصة لملابس النساء الداخلية، ثم أنه يقضي وقت الصيف جالسا في الظل. لا يعبر بيسر عن عواطفه، لا يعاني من مشاكل ولا يستشعر أية عواطف. فهو ليس مدمنا على الكحول، ليس ظريفا، ليس مهما ولا غريبا... هذا الرجل صَدَق أنه يحب الفروج. فهو عارف بها، إذ يعشق لمسها، طعمها، رَيّاها، وأكثر من ذلك بل أهم منه فهو يحب تملّيها عن كثب. صرحت المرأة أنها رضخت له وأشعل النور أول مرة مارسا فيها الجنس إذ ألح عليها فنظر طويلا إلى عضوها ثم سرعان ما تحول إلى ذئب شرس وابتل فرجها، وصار لها رأي آخر منذ لقائها بالسيد بُّول. إذ تحول عضوها إلى عمل فني طالما مجده بول وتغنى به.
جاء في كتاب راشيل مانيس "تقنية الرعشة" الذي ذكرته إيف، أنه يمنع بيع الذكر المطاطي الهزاز في كل من ولايات تكساس، جورجيا، أوهايو وأركانساس. ويغرم من يخالف هذا القانون بمقدار عشرة آلاف دولار. وللعجب العجاب يرخص لبيع الأسلحة في نفس الولايات. ومع ذلك لم نشهد قط مجازر سببها أير مطاطي. استخبرت إيف طفلة في السادسة من عمرها، كعادتها خلال إعدادها لهذا الكتاب، بقولها لها: لو سنح لفرجك أن يتكلم ماذا عساه يقول؟ أجابت: سلحفاة أو كمنجة.
بماذا يوحي لك فرجك؟
بكرزة ذات قشرة داكنة. أو بلؤلؤة ألفيتها ضمن كنز لا يعود إلا إلي.
وهل لفرجك شيء مفارق؟
في مكان ما في عمقه القصي ثمة دماغ ذكي.
ما هي رائحة فرجك؟
ندف الثلج.
في الأخير، أقول أنه لو رفع الحصار المتزمت المضروب على الجسد لصار تحرره ممكنا. لكن هذا يشكل نقطة من غيض. فما دمنا لم نسقط السلطات القاهرة التي تجثم على حيوات الناس وتتاجر فيها، محللة ومحرمة ما شاءته باسم جغرافيا عتيقة ومدونة أنساب لا تصمد، فإننا سنجرجر إلى الأبد هذا النقص وهذه العقد وهذه القداسة.
.
لحن غرامي داخل القصر
ايتوري سيمونيتي