نقوس المهدي
كاتب
ولد بيير لووّيس في الغاند سنة 1870 ومات في مسكنه الباريسي سنة 1925، نصف أعمى، مشلولا تقريبا، مصابا بمرض عصبي ومعذبا بالأرق، متأثرا على الجانب النفسي وليس أقل منه على الصعيد الجسدي. لقد توقف عن النشر منذ سنته السادسة والثلاثين من عمره، وظل يعيش مرابطا في مكتبه بسكناه حي بولان فيليي، بين رفوفِ كتبٍ عاليةٍ وخلف أستار سميكة منسدلة دوما على نوافذ آيلة على السقوط تقريبا. ثمة فقط بعض أصدقائه قد حظوا بالوصول إليه، خاصة منهم الكاتب تيري ساندر، الذي كان بمثابة مريد له وسكرتير لديه.
يحلو لنا أن نتخيل اللحظة التي انفتح فيها ضوء النهار على ما يشبه الكهف الاصطناعي ذاك، بعد موت ذلك المنزوي الإرادي، وعلى ما سوف يجده ثمة ورثته من بقايا وجود رجل قد كان على ما يبدو من أحد كبار الايروسيين الأفذاذ في أواخر القرن التاسع عشرة وبداية القرن العشرين.
مسودتان مهمتان (من بين أخريات أقل أهمية منها) دُفعت للطبع. هما رواية "نفس" (لدى ألبان ميشال سنة 1927) لكن بالأخص "ثلاث بنات من أمها" التي صدرت سريا طبعتها الأولى الأصلية، المأخوذة مباشرة عن المسودة المكتوبة بمداد بنفسجي، وذلك سنة 1926، لكن بدون تاريخ، متضمنة فقط الملاحظة التالية: على نفقات هاوٍ من أجل أصدقائه.
أما "نفس" التي تم إنهاؤها على ما يبدو سنة1913، والتي ضاع جزؤها الثالث، قدمها كلود فارير الذي وضع لها مقدمة فيما بعد، على أنها أهم كتاب لصاحبه... لسنا نقاسمه الرأي اليوم، ولنضجر، لنعترف بذلك، بخصوص الحساسية الهجينة لهذه الرواية المنحطة وليس يمكن أن ننتعش أحيانا سوى لدى النزوات الشهوانية للشابة المخضرمة والجميلة أراكولي.
لست أخشى أن أقول عن "ثلاث بنات من أمها" أنه ضمن كل أعمال بيير لووّيس فهو الكتاب الذي نفضل؛ الأكثر إثارة؛ الأكثر حماسا؛ الأكثر رعبا أحيانا؛ الأكثر صفاء؛ أقل صنعة وأكثرها حداثة على كل حال.
ومع ذلك فإذا كانت شرعية نسبة "روح" إليه لا غبار عليها فإن "ثلاث بنات من أمها" غير محسوم أمرها.
أغاني بيليتس من ترجمة لويس
من الواضح أنه إذا كان بيير لووّيس قد سطر بمداده على الورق، طيلة انزوائه الطويل، ذكرياته عن عديد من توجساته أو انحرافاته الايروسية، فإن ورثة الكاتب بعد موته، قد دمروا، حسب ما تقتضيه العادة وبدافع ديني، أغلب تلك الأوراق الفضائحية.
ليس أقل ذيوعا أن يقلد سكرتير لووّيس، حد الإجادة الكاملة، كتابة معلمه، مستعملا نفس المداد البنفسجي، وأن تكون العديد من المسودات المنسوبة إلى روائينا، والتي يبيعها كثير من الكتبيين ما بين زمن موته وبداية الحرب العالمية الأخيرة، هي في الواقع، مختَلقة.
لقد انخدع إليوار نفسه ثمة رغم بصيرته ومعرفته الواسعة. ففقط بمجرد تحليل خطي جد دقيق ومعالجة حازمة لأبعاد الكتابة يمكن رفع ذلك اللبس نوعا.
أما بالنسبة لي، إن كنت أخمن ، دون أية وثوقية، بأن لووّيس هو بالفعل كاتب "ثلاث بنات من أمها"، فإن ذلك لهو من جراء الإعجاب الذي أكن لهذا الكتاب العظيم، والذي يبدو لي أنه يتجاوز بكثير ما يمكن أن يشكل قدرات تيري ساندر.
أما بخصوص كتاب ايروسي آخر ظهر بتوقيع لووّيس "نصائح إلى صبية"، فإن عدم ثقتي فيه تربو على إعجابي به، لأنني لست أجد فيه شيئا أكثر من سخرية إباحية.
غير أن هذا الكتاب ليس من المؤكد قط أنه ليس للووّيس وإباحيته الفجة نوعا قد تكون هي مثلها ما أغاظ أندريه جيد بخصوص أقوال وفكاهات مرافق شبابه.
لنعود إلى "ثلاث بنات" وأضيف أن عصر كتابتها يمكن أن يتم تحديده حوالي 1910 حسب بعض أوصاف الملبس التي وردت فيها. أما إذا تعلق الأمر، ما ليس مستبعدا أبدا، بمعارضة فليست لهذا الدليل إذن أية قيمة.
طالما راق لنا أن نرى في العنوان "ثلاث بنات من أمها" نوعا من دعابة قاسية من لووّيس تجاه زوجته وأخواتها الاثنتين وحماته السيدة خوسيه ماريا دي هيريدا. لقد حصلت ثمة للصغيرتين هيريدا (كما يطلق عليهما في أوساط الرمزية ذلك الزمن) ولأمهما حينها ثمة شهرة.
تلك الدعابة الشريرة على أي حال يمكن أن تكون من عمل السكرتير. أما بالنسبة للووّيس فإنا ندرك منذ زمن ميله المفرط للقحاب، خاصة الصبايا منهن.
أقرأ نماذج من ترجمته الرائعة لأغاني بيليتيس
فمراسلاته مع رودان ودوبيسي لا تترك قطمجالا للشك في ذلك، بالرغم من التدمير الذي أتاه ورثته. فمجهوداته سواء في مدينة اشبيلية أو باريس ليست تذهب سدى، للحصول على الفتيات الصغيرات (التي تباع وتشترى) وكذا الحصول على الكتب القديمة والمثيرة. أليس مفارقا أن يكون حبه لتلك الكتب صنو حبه لتلك الفتيات؟
قد يكون ذلك فقط ربما مجرد استهتار...لا أخفي أنني أفكر هنا في لاربو، هذا الشّبِق المحسوم أمره، لكنه ليس يكتب كتبا ايروسية بالمعنى الحقيقي، ولكنه يتألق في أعيننا بنفس الفساد بألق البراءة، لهذا فلاربو الذي يحب أن يُدْنِي المكتبة (الوطنية) من بورديل (ماخور) (كابانيه)، قطبي الجاذبية اللذين ربما أنفق بينهما سعادته القصيرة.
واضح جدا أنني لا أزعم أني أسجل ملاحظة أصيلة وأنا أكتب أن الأخلاق ليست تتمظهر قط اليوم وكما ينبغي إلا بأشكال عدوانية. فالشباب من كلا الجنسين، وخاصة منهم الطلاب، بتميّز وبخلاف الذين عرفهم القرن الماضي، هم شغوفون بمعرفة ومحاربة الشر، فغاراتهم تتأتى من منطلقهم كأخلاقيين، على المواقف المنافقة التي استند إليها أبكارهم بشكل مريح.
لعل أفضل وسائل أخلاق الصدمة هذه، التي يربطنا بها تماما توجهها السياسي والمناصر، هي التحرر الجنسي الجامح (بشكل مؤقت؟) إلى درجة المجون الأقصى، فالشيء بديهي للغاية إلى درجة أننا لسنا نحس بالرغبة في شرحه للذين يرفضون فهمه. فراهنية دو ساد، التي يحس بها الشبان وتغيب عن أغلب "الرجال الناضجين"، ليس لها من داع آخر.
في نظرنا، لم تعد الايروسية الأدبية تسلية بل تصير أداة للتطور الاجتماعي متى أصبحت هجومية ومنفجرة وتحولت إلى قذيفةِ قطيعةٍ ضد كل ترسانة "ضد الأخلاق" والأبوية المتسامحة، حيث تتخندق خلفها طبقة متخلفة ومهترئة بقدر ما تقف حاجزا أمام سير التاريخ. بافو، ساد، جورج باتاي، لكي لا نشير فقط إلا إلى ثلاث رجالات الايروسية الكبار، الذين كانوا أيضا رسل الهدم، يزكون جيدا هذا الرأي.
أما عن الرواية المنسوبة إلى لووّيس التي أنا بصدد تناولها، فهي ترتبط في نواحي عدة بما نعتبره مثال النوع، وليس بمحض الصدفة فقط أن تكون كل طبعاتها مطاردة في فرنسا من طرف محققي الشرطة الأخلاقية السريين آنذاك. فهو يرسل سيلا من الطمي والغائط على مؤسسة جد مقدسة، جد محترمة وجد مقرفة كالعائلة. إنه محرض وفاحش مثل ألق الفالوس الشمسي الهائل الذي ينتصب من على خصيتي الرخام الذي نراه حتى اليوم في خرائب معبد ديلوس.
شيء آخر، يثيرني هنا أكثر بلا شك ويثير حفيظة بعض الناس أكثر، إنه إنساني، نموذجي في السفالة، المرأة، البنت والصبية، لسن مهانات ثمة وساقطات حتى أسفل درك وضعهن الإنساني إلا لكي يصبحن متاع حنان وحب.
فالقارئ إن لم يكن غبيا فسوف يحب العاهرة الفتية شاغلوت مثلما أحبها الكاتب بالتأكيد. ليس فقط رغبة مني في الصدم أن أستعير أنا أيضا لغة الدين كي أسجل بأن هذه الشخصية هي من بين أكثرها إثارة في الأدب وفي الواقع. كما أعلم فهي قديسة مثالية في الوجهة المعاكسة للقديسين الذين نباركهم. فنرفال في مستوىً مدهش من إلهامه التَقى مع "قديسة الهاوية"!
فما يتواجد في أسفل لهو مثله مثل ما يتواجد في أعلى. لا نرى أن التذكير، لدى مغادرة الذرن العالي بكون هذا العلم السري لأغلب الديانات الكبرى، غير مفيد (وأنه شيق). لربما هذا كاف، أليس كذلك، كي أوضح بأنه لستُ فقط أتفق مع، بل أرى أن ذلك محبذ، نشر "ثلاث بنات من أمها"، ومضاعفة هائلة متى أمكن من رائعة بيير لووّيس أو لمجهول قد كان عبقريا ذات مرة!
* أندريه بير مانديارغ
الايروسية سلاح ضد التزمت!
ت: عبد الله كرمون
.
يحلو لنا أن نتخيل اللحظة التي انفتح فيها ضوء النهار على ما يشبه الكهف الاصطناعي ذاك، بعد موت ذلك المنزوي الإرادي، وعلى ما سوف يجده ثمة ورثته من بقايا وجود رجل قد كان على ما يبدو من أحد كبار الايروسيين الأفذاذ في أواخر القرن التاسع عشرة وبداية القرن العشرين.
مسودتان مهمتان (من بين أخريات أقل أهمية منها) دُفعت للطبع. هما رواية "نفس" (لدى ألبان ميشال سنة 1927) لكن بالأخص "ثلاث بنات من أمها" التي صدرت سريا طبعتها الأولى الأصلية، المأخوذة مباشرة عن المسودة المكتوبة بمداد بنفسجي، وذلك سنة 1926، لكن بدون تاريخ، متضمنة فقط الملاحظة التالية: على نفقات هاوٍ من أجل أصدقائه.
أما "نفس" التي تم إنهاؤها على ما يبدو سنة1913، والتي ضاع جزؤها الثالث، قدمها كلود فارير الذي وضع لها مقدمة فيما بعد، على أنها أهم كتاب لصاحبه... لسنا نقاسمه الرأي اليوم، ولنضجر، لنعترف بذلك، بخصوص الحساسية الهجينة لهذه الرواية المنحطة وليس يمكن أن ننتعش أحيانا سوى لدى النزوات الشهوانية للشابة المخضرمة والجميلة أراكولي.
لست أخشى أن أقول عن "ثلاث بنات من أمها" أنه ضمن كل أعمال بيير لووّيس فهو الكتاب الذي نفضل؛ الأكثر إثارة؛ الأكثر حماسا؛ الأكثر رعبا أحيانا؛ الأكثر صفاء؛ أقل صنعة وأكثرها حداثة على كل حال.
ومع ذلك فإذا كانت شرعية نسبة "روح" إليه لا غبار عليها فإن "ثلاث بنات من أمها" غير محسوم أمرها.
أغاني بيليتس من ترجمة لويس
من الواضح أنه إذا كان بيير لووّيس قد سطر بمداده على الورق، طيلة انزوائه الطويل، ذكرياته عن عديد من توجساته أو انحرافاته الايروسية، فإن ورثة الكاتب بعد موته، قد دمروا، حسب ما تقتضيه العادة وبدافع ديني، أغلب تلك الأوراق الفضائحية.
ليس أقل ذيوعا أن يقلد سكرتير لووّيس، حد الإجادة الكاملة، كتابة معلمه، مستعملا نفس المداد البنفسجي، وأن تكون العديد من المسودات المنسوبة إلى روائينا، والتي يبيعها كثير من الكتبيين ما بين زمن موته وبداية الحرب العالمية الأخيرة، هي في الواقع، مختَلقة.
لقد انخدع إليوار نفسه ثمة رغم بصيرته ومعرفته الواسعة. ففقط بمجرد تحليل خطي جد دقيق ومعالجة حازمة لأبعاد الكتابة يمكن رفع ذلك اللبس نوعا.
أما بالنسبة لي، إن كنت أخمن ، دون أية وثوقية، بأن لووّيس هو بالفعل كاتب "ثلاث بنات من أمها"، فإن ذلك لهو من جراء الإعجاب الذي أكن لهذا الكتاب العظيم، والذي يبدو لي أنه يتجاوز بكثير ما يمكن أن يشكل قدرات تيري ساندر.
أما بخصوص كتاب ايروسي آخر ظهر بتوقيع لووّيس "نصائح إلى صبية"، فإن عدم ثقتي فيه تربو على إعجابي به، لأنني لست أجد فيه شيئا أكثر من سخرية إباحية.
غير أن هذا الكتاب ليس من المؤكد قط أنه ليس للووّيس وإباحيته الفجة نوعا قد تكون هي مثلها ما أغاظ أندريه جيد بخصوص أقوال وفكاهات مرافق شبابه.
لنعود إلى "ثلاث بنات" وأضيف أن عصر كتابتها يمكن أن يتم تحديده حوالي 1910 حسب بعض أوصاف الملبس التي وردت فيها. أما إذا تعلق الأمر، ما ليس مستبعدا أبدا، بمعارضة فليست لهذا الدليل إذن أية قيمة.
طالما راق لنا أن نرى في العنوان "ثلاث بنات من أمها" نوعا من دعابة قاسية من لووّيس تجاه زوجته وأخواتها الاثنتين وحماته السيدة خوسيه ماريا دي هيريدا. لقد حصلت ثمة للصغيرتين هيريدا (كما يطلق عليهما في أوساط الرمزية ذلك الزمن) ولأمهما حينها ثمة شهرة.
تلك الدعابة الشريرة على أي حال يمكن أن تكون من عمل السكرتير. أما بالنسبة للووّيس فإنا ندرك منذ زمن ميله المفرط للقحاب، خاصة الصبايا منهن.
أقرأ نماذج من ترجمته الرائعة لأغاني بيليتيس
فمراسلاته مع رودان ودوبيسي لا تترك قطمجالا للشك في ذلك، بالرغم من التدمير الذي أتاه ورثته. فمجهوداته سواء في مدينة اشبيلية أو باريس ليست تذهب سدى، للحصول على الفتيات الصغيرات (التي تباع وتشترى) وكذا الحصول على الكتب القديمة والمثيرة. أليس مفارقا أن يكون حبه لتلك الكتب صنو حبه لتلك الفتيات؟
قد يكون ذلك فقط ربما مجرد استهتار...لا أخفي أنني أفكر هنا في لاربو، هذا الشّبِق المحسوم أمره، لكنه ليس يكتب كتبا ايروسية بالمعنى الحقيقي، ولكنه يتألق في أعيننا بنفس الفساد بألق البراءة، لهذا فلاربو الذي يحب أن يُدْنِي المكتبة (الوطنية) من بورديل (ماخور) (كابانيه)، قطبي الجاذبية اللذين ربما أنفق بينهما سعادته القصيرة.
واضح جدا أنني لا أزعم أني أسجل ملاحظة أصيلة وأنا أكتب أن الأخلاق ليست تتمظهر قط اليوم وكما ينبغي إلا بأشكال عدوانية. فالشباب من كلا الجنسين، وخاصة منهم الطلاب، بتميّز وبخلاف الذين عرفهم القرن الماضي، هم شغوفون بمعرفة ومحاربة الشر، فغاراتهم تتأتى من منطلقهم كأخلاقيين، على المواقف المنافقة التي استند إليها أبكارهم بشكل مريح.
لعل أفضل وسائل أخلاق الصدمة هذه، التي يربطنا بها تماما توجهها السياسي والمناصر، هي التحرر الجنسي الجامح (بشكل مؤقت؟) إلى درجة المجون الأقصى، فالشيء بديهي للغاية إلى درجة أننا لسنا نحس بالرغبة في شرحه للذين يرفضون فهمه. فراهنية دو ساد، التي يحس بها الشبان وتغيب عن أغلب "الرجال الناضجين"، ليس لها من داع آخر.
في نظرنا، لم تعد الايروسية الأدبية تسلية بل تصير أداة للتطور الاجتماعي متى أصبحت هجومية ومنفجرة وتحولت إلى قذيفةِ قطيعةٍ ضد كل ترسانة "ضد الأخلاق" والأبوية المتسامحة، حيث تتخندق خلفها طبقة متخلفة ومهترئة بقدر ما تقف حاجزا أمام سير التاريخ. بافو، ساد، جورج باتاي، لكي لا نشير فقط إلا إلى ثلاث رجالات الايروسية الكبار، الذين كانوا أيضا رسل الهدم، يزكون جيدا هذا الرأي.
أما عن الرواية المنسوبة إلى لووّيس التي أنا بصدد تناولها، فهي ترتبط في نواحي عدة بما نعتبره مثال النوع، وليس بمحض الصدفة فقط أن تكون كل طبعاتها مطاردة في فرنسا من طرف محققي الشرطة الأخلاقية السريين آنذاك. فهو يرسل سيلا من الطمي والغائط على مؤسسة جد مقدسة، جد محترمة وجد مقرفة كالعائلة. إنه محرض وفاحش مثل ألق الفالوس الشمسي الهائل الذي ينتصب من على خصيتي الرخام الذي نراه حتى اليوم في خرائب معبد ديلوس.
شيء آخر، يثيرني هنا أكثر بلا شك ويثير حفيظة بعض الناس أكثر، إنه إنساني، نموذجي في السفالة، المرأة، البنت والصبية، لسن مهانات ثمة وساقطات حتى أسفل درك وضعهن الإنساني إلا لكي يصبحن متاع حنان وحب.
فالقارئ إن لم يكن غبيا فسوف يحب العاهرة الفتية شاغلوت مثلما أحبها الكاتب بالتأكيد. ليس فقط رغبة مني في الصدم أن أستعير أنا أيضا لغة الدين كي أسجل بأن هذه الشخصية هي من بين أكثرها إثارة في الأدب وفي الواقع. كما أعلم فهي قديسة مثالية في الوجهة المعاكسة للقديسين الذين نباركهم. فنرفال في مستوىً مدهش من إلهامه التَقى مع "قديسة الهاوية"!
فما يتواجد في أسفل لهو مثله مثل ما يتواجد في أعلى. لا نرى أن التذكير، لدى مغادرة الذرن العالي بكون هذا العلم السري لأغلب الديانات الكبرى، غير مفيد (وأنه شيق). لربما هذا كاف، أليس كذلك، كي أوضح بأنه لستُ فقط أتفق مع، بل أرى أن ذلك محبذ، نشر "ثلاث بنات من أمها"، ومضاعفة هائلة متى أمكن من رائعة بيير لووّيس أو لمجهول قد كان عبقريا ذات مرة!
* أندريه بير مانديارغ
الايروسية سلاح ضد التزمت!
ت: عبد الله كرمون
.
صورة مفقودة