نعيم عبد مهلهل
كاتب
أحتمالات الغيب في شهوة الكأس
نعيم عبد مهلهل
ولد الأنسان ليكون رائيا قبل أن يكون شاعرا أو رائد فضاء ، وكان البدء معه بحث في الموجود وقراءة الاحساس الغامض الذي يسكنه ، فيحولهُ الى انفعال أو يذهب ليعبر عنه بشكل افتراضي مثل إحساسه أن الكون مسيطر عليه من خلال الروح البعيدة والتي ابتدأ معها في بدء التصور والفعل أن تخيلها شكلا لأنوثةٍ يرى في نهديها بدء الخصب ونموه فكان أن جسدها على شكل دمية بنهدين كبيرين ، وترك المكان الخصب مكشوفا من دون ورقة التين ، وحين تطورت الاخيلة والرؤى ولدت الاساطير والتدوينات تطورت الرؤى الغيبية الى فعل التدوين ، وأخذت المشاعر معه تنمو بأتجاه احترام العُرف والشخوص فكانت من تراثها الاساطير والحكايات وما تم اختلاقه او العيش معه او الايمان به ، فأتى لنا تدوين قصص الخليقة وما صاحبها من قصص لملوك وآلهة وانبياء وقديسين وقادة وحرب ، ومنها قصة آدم الذي رميت فيها ورقة التين على ذاك المكان لتصير الحكاية ملاصقة لرؤى الايمان الاولى في مراحلها الابدية من آدم الى نوح الى ابراهيم وأيوب وإسماعيل الى يعقوب ويوسف ويونس وموسى ويسوع ( ع ) ثم الخاتمة في محمد( ص )خاتم المرسلين.
أبتعد عن تلك المساحة الخطرة من التأويل والمعتقد لتشعب التواريخ فيها والرؤى ، وأذهب الى غيب ما يسكنني من تفكير وقدرة على الرؤيا حتى في بساطة التخيل .
أحشد أحلامي وافكاري وتحليلي وتصوري حتى في لحظة النشوة بكأس فيدور في رأسي أله من نشوة العطر في لجة العشق والحزن والمشاهدة ، فأمامي خريطة طويلة عريضة لعالم اليوم. من الصين الى قضاء الفاو. ومن عبادان الى برلين الألمان. ومن صورة أمي وضفائر الحنة الى رغبتها بقبر قرب عليّْ لتنال الجنة.
هذا العالم المتسع كل رؤاي فيه أني اترنح في بهجة ما اعيشهُ وأنا ادرك أنَ صاحب دمشق باقٍ لوقتٍ أطول وأن بلادي ستمر بمعمعة الموت بشكل اقسى في فوضى الكذب على الله والوطن وفقراءه ، وسأدركُ لحظتي في اكتشاف مراهم تعيد اللذة الى رحم العاقر وأن احظى لحضور مهرجان كان الفرنسي في العام القادم ، وأن تقلَ رعشة يدي أمام موظف الجوازات في مطار اسطنبول ، لأن الخشية من الموقف المجهول قابلة للتحقق في ظل الاشتباه إنك من داعش ، أو انك تتغزل بوجه أبنة سلطان الاستانة أو انك سرقت درهما من خزينة دولة يسرق ساستها المليارات ويجدون في لندن ملاذا آمنا.!
هذا الفعل الروحي المتحفز في داخلي ، يرى ويسمع ويتنبئ وتلك من منح الله على الفقراء حين تكون بيوت الطين قصورهم.
لهذا الورقة البيضاء التي أمامي اتخيل فيها تفكير من يسكنها العطر في ثنايا العمر لأشعر أن بعضهن تؤمن بخلودها فيما انجبت وابدعت ومارست ، فيما أخريات يبدأ الذوبان فيهن وهن في الثلاثين لأنهن خاملات متقاعسات وبطيئات الفهم بأن الله في رؤى الخليقة أبدع في وصف انوثة آدم ، وهو من اعطاها مساحة الامتحان لتقضم التفاحة ، وتبقى بعيدة حبيسة قدر الطبيخ ، والندرة من خرجن الى ابعد من دائرة البهارات الى الرسم والشعر والطب والهندسة والتعليم ، فحُقَ لي أن اعرف الواحدة لماذا تفكر بمنطق مكانها ولاتفكر بمنطق خفق قلبها ، واعيد ذلك الى مستوى الثقافة والبيئة وطقوس السرير مع بعلها.
في الكأس ، كما في الرأس . يفور الإحساس واللحظة ويكون الاشراك بين المدام والغرام رؤيا محسوبة بغيب الرعشة واللذة والابتكار والجرأة ، فحتى تكون عرافا ، عليك أن تكون جهادياً في الكشف ومنطق الكلام وتحريك الحواس.
وبهذا تستطيع أن تمتلك الفهم وتحبو الى أدراك الصلة مع العالم من خلال نبوءة وليس من خلال كاتم صوت.!
أنها أحتمالات ، ومن بعضها الحاسة السادسة التي لا تنم عن ذكاء مفرط ، إنما هي رؤية متخيلة لصورة متحققة جراء امتلاكنا لحواس لا يملكها غيرنا ، لهذا جميع ذوي الحواس لفهم النسيان ، ومن ظل خالدا هو دافنشي وسقراط وأينشتاين والخوارزمي ويسوع وأبن الهيثم وبورخيس.
الغيب يولد من الشهوة ، من أحساس يسكننا وقد لانعرف مصدره ومرجعيته ، وقد يكون موهبة فطرية إلا أن الجميع يمتلكونها ولكن بنسبٍ ودرجات مختلفة ، ومنها من يسكنه التوقع والحدس وهذا ما يحدث للجميع خلال مراحل حياته.
أنا أرى الغيب تلك الإغماضة الهائمة في طيف يبتعد ويقترب مع ما يسكننا من ظن وهاجس ونبوءة ورؤيا.
الرؤيا التي تسكنني هو وجهكِ والمصائر وما سيحدث في المتغيرات القادمة وحتما هي أشبه بالثورات ، ولكنها ثورات الكترونية ولاتمتلك تلك الصيحات المجنونة والبنادق البدائية في ثورة البولشوي والباستيل ، أنما اليوم هناك ضفتان للرؤيا القادمة، واحدة على شكل مفخخة وسكين يقطع الرقاب وأخرى على شكل موقع للتواصل الاجتماعي .وفي الحالتين يبدو الغيب مفضوحا ، ليس مع الكأس فقط ، بل يمكنك أن تتنبئ بمجرد التمعن بعيون مذيعة نشرة الأخبار....!