نقوس المهدي
كاتب
ثم مضيت معهن، فيا حسن منظرك وأنت في موكبك من حورك وولدانك وخدامك، حتى انتهيت إلى بعض خيامك، فنظرت إلى خيمة من درة مجوفة مفصصة بالياقوت والزمرد، فنظرت إلى حسن أبوابها وبجهة ستورها، ثم رميت ببصرك إلى داخلها فنظرت إلى فرشها ونجدها وزرابيها وحسن تأسيس بنيانها (3) ، قد بنيت (4) طرائق على جنادل الدرَّ والياقوت، ثم نظرت إلى سريرك في ارتفاعه وعليه فرشه من الحرير والإستبراق بطائنهن قد علا ظواهرهن من النور المتكثف، وعلى أطرافهن من فوق الحرير والديباج، وحسن الرفرف الأخضر، وهي فصول المجالس. فلما تأملت تلك الفرش بحسنها وفوقها المرافق قد ثنتها، حار طرفك فيها. ثم نظرت إلى حجلتها من فوق سريرها قد أحدقت بالعرش من فوقها.
فتوهم حسن الأبواب، وحسن الستور، وحسن (1) عرصة القبة بحسن فرشها، وحسن السرير وحسن قوائمه وارتفاعه، وحسن الفرش فوقه والمرافق فوق فرشه، والحجلة المضروبة من فوق ذلك كله، فتأملت (2) ذلك كله ببصرك، فلما دنوت من فرشك تطأمنت (3) سريرك فارتفعت الحوراء وارتقت عليه.
فتوهم صعودها عليه بعظيم بدنها ونعيمه حتى استوت عليه جالسة، ثم ارتقيتَ على السرير فاستويت عليه معها فقابلتك وأنت مقابلها، فيا حسن منظرك إليها جالسة في حللها وحليها، بصباحة وجهها ونعيم جسمها. الأساور في معاصمها، والخواتم في أكفها، والخلاخيل في أسواقها، والحقاب (1) في حقوها (2) ، والوشاح قد تنظر نهديها وجال بخصرها، والقلائد في عنقها، والأكاليل من الدر والياقوت على قصتها وجبينها، والتاج من فوق ذلك على رأسها، والذوائب من تحت التاج قد حل من مناكبها وبلغ أردافها وأنعالها، ترى (3) وجهك في نحرها وهي تنظر إلى وجهها في نحرك، وقد أحدق الولدان بقبتك، وقد قام الرهط بين يديك ويديها، وقد تدلت (4) الأشجار بثمارها من جوانب حجلتك، واطردت الأنهار حول قصرك، واستعلى (5) الجداول على خيمتك بالخمر والعسل واللبن والسلسبيل. وقد كمل حسنك وحسنها، وأنت لابس الحرير والسندس، وأساور الذهب واللؤلؤ على كل مفصل من مفاصلك، وتاج الدر والياقوت منتصب فوق رأسك، وأكاليل الدر مفصصة بالنور على جبينك.
وقد أضاءت الجنة وجميع قصورك من إشراق بدنك ونور وجهك وأنت تعاين من صفاء قصورك جميع أزواجك وخدمك وجميع أبنية مقاصيرك. وقد تدلت عليك ثمار أشجارك، واطردت أنهارك من الخمر واللبن من تحتك، والماء والعسل من فوقك، وأنت جالس مع زوجاتك على أريكتك، وقد فتحت مصاريع أبوابك وأرخيت عليك حجال خيمك، وحفت الخدام والولدان بقبتك، وسمعت زجلهم بالتقديس لربك، وقد اطلعوا على ضمير قلبك فسارعوا إلى كل ما حدثت به نفسك من أنواع كرامتك وسرورك وأمانيك، فأتوك بكل أمنيتك. وأنت وزوجك بأكمل الهيئة وأتم النعمة، وقد حار فيها طرفك تنظر إليها متعجباً من جمالها وكمالها، طرب قلبك بملاحتها، وأنس قلبك بها من حسنها، فهى منادمة لك على أريكتك تنازعك وتعاطيك الخمر والسلسبيل والتسنيم في كأسات الدر وأكاويب قوارير الفضة.
فتوهم الكأس من الياقوت والدر في بنانها، وقد قربت إليك ضاحكة بحسن ثغرها، فسطع نور بنانها في الشراب مع نور وجهها ونحرها ونور الجنان ونور وجهك وأنت مقابلها، واجتمع في الكأس الذي في بنانها نور الكأس ونور الشراب ونور وجهها ونور نحرها ونور ثغرها، فما ظنك بذوائب شاب أمرد، كامل الخلق، أنور الوجه، أبيض الجسم، أنضر الثياب، أصفر الحلي من ذهب الجنان يشوبه حمرة الياقوت وبياض الدر وحسن العقيان (1) . فيا لك من عروس ويا تلك عروس طفلة أنيسة عربوبة (2) كامل خلقها، ويا جمال وجهها، ويا بياض نهودها وتثني جسمها، يكسوها التأنيث، ويلينها النعيم، تنظر إليك بغنج الحور، وتكلمك بملاحة المنطق، وتداعبك بالدلائل، وتلاعبك بالعشق والطرب، بيدها كأس در لا ظل له، أو ياقوت لا شبه له من صفائه ورقة جسمه، قد جملته بحسن كفها وزمردها ونور خواتمها فيه.
فتوهم حسن الكأس مع بياضه مع بياض الشراب مع بياض كفيها وحسنه.
فتوهم كأس الدر والياقوت أو الفضة في صفاء ذلك في بنانها الكامل، وقد اقتربت إليك ضاحكة بحسن ثغرها، وسطع نور بنانها في الشراب مع نور وجهها ونحرها، وأنت مقابلها فضحكت أيضاً إليها، فاجتمع في الكأس الذي في بنانها نورك مع نورها مع نور الكأس ونور الشراب ونور وجهها ونور نحرها ونور ثغرها ونور الجنان.
فتوهمه بهذه الأنوار في ضيائه، يلمع بصفائه في كفها، وقد مدت به إليك يدها بخواتمها، وأساورها في معاصمها، فناولتك الكأس بكفها، فيا حسن مناولتها ويا حسنها من يد، ثم تعاطتك كأسات الخمر في دار الأمن واللذات والسرور، فتناولته منها ثم وضعته على فيك ثم سلسلته في فيك، فسار سروره في قلبك وعمت لذته جوارحك، فوجدت منه طعماً أطيب طعماً وألذه قيام بين يديك.
فتوهم ذلك وقد شربت الكأس من يدها، ثم ناولتها من يدك، فتناولته بحسن كفها وهى ضاحكة، فيا حسن مضحكها، فشربته من يدك، حتى إذا تعاطيتما الكأس ودار فيما بينكما، وشاع نور الشراب في وجنتيها، ورفعتما أصواتكما بالتحميد والتقديس لمولاكما وسيدكما، ورفعت الولدان والخدام أصواتهم تسبيحاً وتهليلاً مجاوبة لكما، فيا حسن تلك الأصوات بتلك النغمات في تلك القصور وتلك الخيمات.
فبينما أنتما في لذاتكما وسروركما، وقد مضت الأحقاب من الدهور وما تشعران من اشتغال قلوبكما بنعيمكما، إذ هجمت الملائكة بالسلام عليك، وأتتك بالتحف والألطاف من عند ربك، حتى إذا انتهت رسل ربك إلي الحجبة الذين دونك والقهارمة الموكلين بك، فطلبوا إليهم الإذن عليك ليوصلوا ما أتوا به من عند مولاك إليك، فقالت عند ذلك حجبتك لملائكة ربك: إن ولي الله مشغول مع أزواجه وإنا لنكره الإذن عليه إعظاماً وإجلالاً له، وكذلك يقول الله ربك تبارك وتعالى {في شغل فاكهون} (1) وبذلك جاء التفسير. فأعظم به من شغل، وأعظم بك من ملِك تستأذن عليك رسل ربك. وكذلكفشربته، والولدان قيام بين يديك.
فتوهم ذلك وقد شربت الكأس من يدها، ثم ناولتها من يدك، فتناولته بحسن كفها وهى ضاحكة، فيا حسن مضحكها، فشربته من يدك، حتى إذا تعاطيتما الكأس ودار فيما بينكما، وشاع نور الشراب في وجنتيها، ورفعتما أصواتكما بالتحميد والتقديس لمولاكما وسيدكما، ورفعت الولدان والخدام أصواتهم تسبيحاً وتهليلاً مجاوبة لكما، فيا حسن تلك الأصوات بتلك النغمات في تلك القصور وتلك الخيمات.
فبينما أنتما في لذاتكما وسروركما، وقد مضت الأحقاب من الدهور وما تشعران من اشتغال قلوبكما بنعيمكما، إذ هجمت الملائكة بالسلام عليك، وأتتك بالتحف والألطاف من عند ربك، حتى إذا انتهت رسل ربك إلي الحجبة الذين دونك والقهارمة الموكلين بك، فطلبوا إليهم الإذن عليك ليوصلوا ما أتوا به من عند مولاك إليك، فقالت عند ذلك حجبتك لملائكة ربك: إن ولي الله مشغول مع أزواجه وإنا لنكره الإذن عليه إعظاماً وإجلالاً له، وكذلك يقول الله ربك تبارك وتعالى {في شغل فاكهون} (1) وبذلك جاء التفسير. فأعظم به من شغل، وأعظم بك من ملِك تستأذن عليك رسل ربك. وكذلك يقول الرافع قدر أوليائه في جواره تبارك وتعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً} (1) فقيل في التفسير: إن ذلك استئذان الملائكة عليهم، فقيل له: رسل الله بالباب يا ولي الله لا تدخل عليك (2) إلا بإذن يا ولي الله، فقد نلت من الله الرضا وبلغت غاية الملك والمنى (3) .
فتوهم الملائكة وهى قائلة حين أبت حجابك أن تستأذن لهم عليك: إنا رسل الله إليه بهدايا وتحف من عند ربه، فوثبتْ عند ذلك حجابك تستأذن لهم عليك.
فتوهم أيدي الحجاب وقد مدوا بها إلى حلق الياقوت المفصص بالدر على صفائح الذهب الأحمر، فقرعوا حلق أبواب قصرك، فلما اصطك حلق الياقوت بأبواب قصرك من الدر والزمرد طنت الحلق على الأبواب بأحسن طنين تلذ به الأسماع وتسر (4) به قلوب المستمعين، فلما سمعتْ الأشجار طنينها تمايلت ثمارها على بعضها بعضاً فهبت بذلك أراييح طيبها ونسيمها، ثم (5) أشرقتَ من قبتك بجمال وجهك وإشراق نورك، فبادرتْ الحجبة إليك بالقول مسرعة وهى مع ذلك غاضة أبصارها تعظيماً لك، ولما رمق أبصارهم من إشراق نور وجهك: يا ولي الله، رسل الله إليك بالباب ومعهم التحف من عند ربك، فرجعت إليهم بالجواب: أن ائذنوا لرسل مولاي، ففتحت الحجبة عند إذنك لهم أبواب قصرك وأنت متكئ، فدخلوا على أريكتك والولدان قد صفوا بين يديك، فأقبلت الملائكة بحسن صورهم والهدايا تلمع وتسطع نوراً في أيديهم، فدخلوا عليك من أبواب متفرقة لينجز لك ربك ما وعدك من كل باب، سلام عليك، فبادروا بالسلام عليكم بحسن نغماتهم من كل أبوابك، ثم أتبعوا تسليمهم: يا ولي الله إن ربك يقول: عليك السلام، وقد أرسل إليك بهذه الهدايا والتحف.
فتوهم سرور قلبك بتحف ربك ولطفه (1) إياك حتى إذا خرجوا من عندك أقبلت على نعمتك مع زوجتك قد حار فيها طرفك، واشتد بها سرورك.
فبينا أنت معها في غاية السرور والحبور إذا أتى (2) النداء بأحسن نغمة وأحلى (3) كلام من بعض ما أعد الله من أزواجك: يا ولي الله أما لنا منك دولة؟ أما آن لك أن تنظر إلينا؟ فلما امتلأت (1) مسامعك من حسن كلامها طار قلبك عشقاً لحسن نغمتها فأجببتها (2) : ومن أنت بارك الله فيك؟ فردت الجواب إليك: أنا من اللواتي قال الله عز وجل {فلا تعلم نفْس ما أخْفِيَ لَهم مِنْ قرةِ أعْين} (3) .
فتوهم وثوبك من سريرك إلى صحن قبتك، ثم مشيت مع ولدانك وخدمك، ووفد (4) ولدانها وخدامها يستقبلونك، واستقبلوك ومشوا بين يديك حتى أتيت قبة من ياقوتة حمراء في قصر من در وياقوت، فلما دنوت من باب قصرها قامت قهارمتك وخدامك رافعي ستور قصرك، فدخلته ممتلئاً سروراً.
فتوهم باب القصر وحسن الستر وحسن الحجاب والقهارمة والخدام، ثم دخلت قصرك الذي نادتك منه زوجتك، فلما دخلت من بابه وقع بصرك على حسن جدرانه من الزمرد الأخضر، وحسن رياضه، وبهجة بنائه، وإشراق عرصاته، ونظرت إلى قبتك التي فيها زوجتك يتلألأ نور القبة نوراً وضوءاً وإشراقاً بنور وجهك ونور وجه زوجتك، فلما نظرتْ إليك، نظرتْ من فرش الحرير والإستبرق والأرجوان، فنزلت عن سريرها مبادرة، قد استخفها شدة الشوق إليك، وأزعجها العشق، فاستقبلتك بالترحيب والتبجيل، ثم عطفت عليك لمعانقتك.
.
فتوهم حسن الأبواب، وحسن الستور، وحسن (1) عرصة القبة بحسن فرشها، وحسن السرير وحسن قوائمه وارتفاعه، وحسن الفرش فوقه والمرافق فوق فرشه، والحجلة المضروبة من فوق ذلك كله، فتأملت (2) ذلك كله ببصرك، فلما دنوت من فرشك تطأمنت (3) سريرك فارتفعت الحوراء وارتقت عليه.
فتوهم صعودها عليه بعظيم بدنها ونعيمه حتى استوت عليه جالسة، ثم ارتقيتَ على السرير فاستويت عليه معها فقابلتك وأنت مقابلها، فيا حسن منظرك إليها جالسة في حللها وحليها، بصباحة وجهها ونعيم جسمها. الأساور في معاصمها، والخواتم في أكفها، والخلاخيل في أسواقها، والحقاب (1) في حقوها (2) ، والوشاح قد تنظر نهديها وجال بخصرها، والقلائد في عنقها، والأكاليل من الدر والياقوت على قصتها وجبينها، والتاج من فوق ذلك على رأسها، والذوائب من تحت التاج قد حل من مناكبها وبلغ أردافها وأنعالها، ترى (3) وجهك في نحرها وهي تنظر إلى وجهها في نحرك، وقد أحدق الولدان بقبتك، وقد قام الرهط بين يديك ويديها، وقد تدلت (4) الأشجار بثمارها من جوانب حجلتك، واطردت الأنهار حول قصرك، واستعلى (5) الجداول على خيمتك بالخمر والعسل واللبن والسلسبيل. وقد كمل حسنك وحسنها، وأنت لابس الحرير والسندس، وأساور الذهب واللؤلؤ على كل مفصل من مفاصلك، وتاج الدر والياقوت منتصب فوق رأسك، وأكاليل الدر مفصصة بالنور على جبينك.
وقد أضاءت الجنة وجميع قصورك من إشراق بدنك ونور وجهك وأنت تعاين من صفاء قصورك جميع أزواجك وخدمك وجميع أبنية مقاصيرك. وقد تدلت عليك ثمار أشجارك، واطردت أنهارك من الخمر واللبن من تحتك، والماء والعسل من فوقك، وأنت جالس مع زوجاتك على أريكتك، وقد فتحت مصاريع أبوابك وأرخيت عليك حجال خيمك، وحفت الخدام والولدان بقبتك، وسمعت زجلهم بالتقديس لربك، وقد اطلعوا على ضمير قلبك فسارعوا إلى كل ما حدثت به نفسك من أنواع كرامتك وسرورك وأمانيك، فأتوك بكل أمنيتك. وأنت وزوجك بأكمل الهيئة وأتم النعمة، وقد حار فيها طرفك تنظر إليها متعجباً من جمالها وكمالها، طرب قلبك بملاحتها، وأنس قلبك بها من حسنها، فهى منادمة لك على أريكتك تنازعك وتعاطيك الخمر والسلسبيل والتسنيم في كأسات الدر وأكاويب قوارير الفضة.
فتوهم الكأس من الياقوت والدر في بنانها، وقد قربت إليك ضاحكة بحسن ثغرها، فسطع نور بنانها في الشراب مع نور وجهها ونحرها ونور الجنان ونور وجهك وأنت مقابلها، واجتمع في الكأس الذي في بنانها نور الكأس ونور الشراب ونور وجهها ونور نحرها ونور ثغرها، فما ظنك بذوائب شاب أمرد، كامل الخلق، أنور الوجه، أبيض الجسم، أنضر الثياب، أصفر الحلي من ذهب الجنان يشوبه حمرة الياقوت وبياض الدر وحسن العقيان (1) . فيا لك من عروس ويا تلك عروس طفلة أنيسة عربوبة (2) كامل خلقها، ويا جمال وجهها، ويا بياض نهودها وتثني جسمها، يكسوها التأنيث، ويلينها النعيم، تنظر إليك بغنج الحور، وتكلمك بملاحة المنطق، وتداعبك بالدلائل، وتلاعبك بالعشق والطرب، بيدها كأس در لا ظل له، أو ياقوت لا شبه له من صفائه ورقة جسمه، قد جملته بحسن كفها وزمردها ونور خواتمها فيه.
فتوهم حسن الكأس مع بياضه مع بياض الشراب مع بياض كفيها وحسنه.
فتوهم كأس الدر والياقوت أو الفضة في صفاء ذلك في بنانها الكامل، وقد اقتربت إليك ضاحكة بحسن ثغرها، وسطع نور بنانها في الشراب مع نور وجهها ونحرها، وأنت مقابلها فضحكت أيضاً إليها، فاجتمع في الكأس الذي في بنانها نورك مع نورها مع نور الكأس ونور الشراب ونور وجهها ونور نحرها ونور ثغرها ونور الجنان.
فتوهمه بهذه الأنوار في ضيائه، يلمع بصفائه في كفها، وقد مدت به إليك يدها بخواتمها، وأساورها في معاصمها، فناولتك الكأس بكفها، فيا حسن مناولتها ويا حسنها من يد، ثم تعاطتك كأسات الخمر في دار الأمن واللذات والسرور، فتناولته منها ثم وضعته على فيك ثم سلسلته في فيك، فسار سروره في قلبك وعمت لذته جوارحك، فوجدت منه طعماً أطيب طعماً وألذه قيام بين يديك.
فتوهم ذلك وقد شربت الكأس من يدها، ثم ناولتها من يدك، فتناولته بحسن كفها وهى ضاحكة، فيا حسن مضحكها، فشربته من يدك، حتى إذا تعاطيتما الكأس ودار فيما بينكما، وشاع نور الشراب في وجنتيها، ورفعتما أصواتكما بالتحميد والتقديس لمولاكما وسيدكما، ورفعت الولدان والخدام أصواتهم تسبيحاً وتهليلاً مجاوبة لكما، فيا حسن تلك الأصوات بتلك النغمات في تلك القصور وتلك الخيمات.
فبينما أنتما في لذاتكما وسروركما، وقد مضت الأحقاب من الدهور وما تشعران من اشتغال قلوبكما بنعيمكما، إذ هجمت الملائكة بالسلام عليك، وأتتك بالتحف والألطاف من عند ربك، حتى إذا انتهت رسل ربك إلي الحجبة الذين دونك والقهارمة الموكلين بك، فطلبوا إليهم الإذن عليك ليوصلوا ما أتوا به من عند مولاك إليك، فقالت عند ذلك حجبتك لملائكة ربك: إن ولي الله مشغول مع أزواجه وإنا لنكره الإذن عليه إعظاماً وإجلالاً له، وكذلك يقول الله ربك تبارك وتعالى {في شغل فاكهون} (1) وبذلك جاء التفسير. فأعظم به من شغل، وأعظم بك من ملِك تستأذن عليك رسل ربك. وكذلكفشربته، والولدان قيام بين يديك.
فتوهم ذلك وقد شربت الكأس من يدها، ثم ناولتها من يدك، فتناولته بحسن كفها وهى ضاحكة، فيا حسن مضحكها، فشربته من يدك، حتى إذا تعاطيتما الكأس ودار فيما بينكما، وشاع نور الشراب في وجنتيها، ورفعتما أصواتكما بالتحميد والتقديس لمولاكما وسيدكما، ورفعت الولدان والخدام أصواتهم تسبيحاً وتهليلاً مجاوبة لكما، فيا حسن تلك الأصوات بتلك النغمات في تلك القصور وتلك الخيمات.
فبينما أنتما في لذاتكما وسروركما، وقد مضت الأحقاب من الدهور وما تشعران من اشتغال قلوبكما بنعيمكما، إذ هجمت الملائكة بالسلام عليك، وأتتك بالتحف والألطاف من عند ربك، حتى إذا انتهت رسل ربك إلي الحجبة الذين دونك والقهارمة الموكلين بك، فطلبوا إليهم الإذن عليك ليوصلوا ما أتوا به من عند مولاك إليك، فقالت عند ذلك حجبتك لملائكة ربك: إن ولي الله مشغول مع أزواجه وإنا لنكره الإذن عليه إعظاماً وإجلالاً له، وكذلك يقول الله ربك تبارك وتعالى {في شغل فاكهون} (1) وبذلك جاء التفسير. فأعظم به من شغل، وأعظم بك من ملِك تستأذن عليك رسل ربك. وكذلك يقول الرافع قدر أوليائه في جواره تبارك وتعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً} (1) فقيل في التفسير: إن ذلك استئذان الملائكة عليهم، فقيل له: رسل الله بالباب يا ولي الله لا تدخل عليك (2) إلا بإذن يا ولي الله، فقد نلت من الله الرضا وبلغت غاية الملك والمنى (3) .
فتوهم الملائكة وهى قائلة حين أبت حجابك أن تستأذن لهم عليك: إنا رسل الله إليه بهدايا وتحف من عند ربه، فوثبتْ عند ذلك حجابك تستأذن لهم عليك.
فتوهم أيدي الحجاب وقد مدوا بها إلى حلق الياقوت المفصص بالدر على صفائح الذهب الأحمر، فقرعوا حلق أبواب قصرك، فلما اصطك حلق الياقوت بأبواب قصرك من الدر والزمرد طنت الحلق على الأبواب بأحسن طنين تلذ به الأسماع وتسر (4) به قلوب المستمعين، فلما سمعتْ الأشجار طنينها تمايلت ثمارها على بعضها بعضاً فهبت بذلك أراييح طيبها ونسيمها، ثم (5) أشرقتَ من قبتك بجمال وجهك وإشراق نورك، فبادرتْ الحجبة إليك بالقول مسرعة وهى مع ذلك غاضة أبصارها تعظيماً لك، ولما رمق أبصارهم من إشراق نور وجهك: يا ولي الله، رسل الله إليك بالباب ومعهم التحف من عند ربك، فرجعت إليهم بالجواب: أن ائذنوا لرسل مولاي، ففتحت الحجبة عند إذنك لهم أبواب قصرك وأنت متكئ، فدخلوا على أريكتك والولدان قد صفوا بين يديك، فأقبلت الملائكة بحسن صورهم والهدايا تلمع وتسطع نوراً في أيديهم، فدخلوا عليك من أبواب متفرقة لينجز لك ربك ما وعدك من كل باب، سلام عليك، فبادروا بالسلام عليكم بحسن نغماتهم من كل أبوابك، ثم أتبعوا تسليمهم: يا ولي الله إن ربك يقول: عليك السلام، وقد أرسل إليك بهذه الهدايا والتحف.
فتوهم سرور قلبك بتحف ربك ولطفه (1) إياك حتى إذا خرجوا من عندك أقبلت على نعمتك مع زوجتك قد حار فيها طرفك، واشتد بها سرورك.
فبينا أنت معها في غاية السرور والحبور إذا أتى (2) النداء بأحسن نغمة وأحلى (3) كلام من بعض ما أعد الله من أزواجك: يا ولي الله أما لنا منك دولة؟ أما آن لك أن تنظر إلينا؟ فلما امتلأت (1) مسامعك من حسن كلامها طار قلبك عشقاً لحسن نغمتها فأجببتها (2) : ومن أنت بارك الله فيك؟ فردت الجواب إليك: أنا من اللواتي قال الله عز وجل {فلا تعلم نفْس ما أخْفِيَ لَهم مِنْ قرةِ أعْين} (3) .
فتوهم وثوبك من سريرك إلى صحن قبتك، ثم مشيت مع ولدانك وخدمك، ووفد (4) ولدانها وخدامها يستقبلونك، واستقبلوك ومشوا بين يديك حتى أتيت قبة من ياقوتة حمراء في قصر من در وياقوت، فلما دنوت من باب قصرها قامت قهارمتك وخدامك رافعي ستور قصرك، فدخلته ممتلئاً سروراً.
فتوهم باب القصر وحسن الستر وحسن الحجاب والقهارمة والخدام، ثم دخلت قصرك الذي نادتك منه زوجتك، فلما دخلت من بابه وقع بصرك على حسن جدرانه من الزمرد الأخضر، وحسن رياضه، وبهجة بنائه، وإشراق عرصاته، ونظرت إلى قبتك التي فيها زوجتك يتلألأ نور القبة نوراً وضوءاً وإشراقاً بنور وجهك ونور وجه زوجتك، فلما نظرتْ إليك، نظرتْ من فرش الحرير والإستبرق والأرجوان، فنزلت عن سريرها مبادرة، قد استخفها شدة الشوق إليك، وأزعجها العشق، فاستقبلتك بالترحيب والتبجيل، ثم عطفت عليك لمعانقتك.
.
صورة مفقودة