بليز ساندرار - 4 قصائد عن الحب والعشق.. ت: حسّونة المصباحي

-1
قبلاتنا، مداعباتنا، أغاني قبّرات مجنّحة،
تسّاقط من أعلى السّماء، هذا المساء، من هذه السّماء الصّافية.
الضّمّة القويّة لأشجار البلّوط تبدو لنا عادية
وضجيج الغابة يختلط بصلواتنا.
كلّ حبّ الأرض جدّ نزيه هذا المساء،
وأنت نائمة، مثل هضبة، يغطيها العنب.
وأنا نهر، يسيل، بطيئا وفخورا،
نهر يجرف شمس عُرْيك
ويشرب، بطيئا وفخورا، نبيذ هذه الشمس...
سأتزوجك !...
مثل الطريق الوادي المتعرّج
هذا المساء،
في آغبرار ذهبيّ بآتجاه اللامتناهي للأراضي …

-2
آه !دعيني أعشق يديك المفعمتين بالحب !
يديك، مُترمّلتين من الخواتم، هما الآن أجمل.
عطر ليلك يتضوّع حولهما.
وتوتري صادق حين أقبل يديك.
أنا عابد جيّد لوهم لطيف.
لي رغبة في أن أحب وعقيدة الحبّ .
في عمق الخريف الشاسع حيث تتسربل الأيام بالحداد
إشارة منك، أيتها السيّدة، تجعلني أهرع اليك.
وها أنا أجثو على ركبتيّ عند سماء ذيل ثوبك …
سماء الذكرى تضيئ من حولنا …
يداك لهما بريق فجر أبديّ...
-آه ! أتركيني أعشق يديك المفعمتين بالحب !

-3:مشهد شبقيّ
في طرق اللامتناهي، هذا ما يقوله الصوت الأجشّ لسكير رهيب:
صدرك العريض، عظامك، مثل أسس جوهريّة لمشهد شاسع، سلسلة من الغرانيت، دعامتان صلبتان عليهما تنتصبان هضبتان مُتموّجتان، هما نهداك. نهداك اللطيفان، حلمتان مشمستان بنيران فمك، حقولا ومروجا ينزلان فاترين بآتجاه سهول القمح الذهبية، التي هي بطنك!أراض خصبة، بطن شاسع، يضجّ بصخب المحشّات الميكانيكيّة وببريق الحياة، سهول شاسعة حيث تومض كتل بشريّة-الأنهار والطرقات امسكت به في الشباك، مثل فريسة، بطنك لحظة الجماع، والقوافل تتسلق حوله، وتلتصق به مثل الذباب وتمتصّ هذه الجثة، ومقبرة الحصاد هذه!بعيدا، في الأفق، التجويف الكبير للبحر الأصليّ، البحر الدمويّ، حيث شعرك تزيّن بذهب رخيص، بذهب كانت كل قصص حبنا تريد أن تشربه غير أنه سممّها.ذلك أن جبهتك عنيدة، وأنا كنت قد أرهقت نفسي بالنظر الى عينيك حيث تدور، رؤية ثملى، عجلة عذابات، نجمة جنون في سماء اللعنة، تلك التي أنت رمزها:الحياة!
لقد آحتضنت كلّ هذا.وكان عليّ أن أشرب البحر، بحر من الدم.عليك اللعنة، ذلك أن شعرك ليس من الشمس!
أنا ظمآن دائما!

-4:العجلة
آمرأة تنتصب، عارية، مبهرة، لا تلبس سوى شعرها. إشعاعها لا يأتي فقط من جمالها الشكلي. إنه داخلي، فكما لو أن من خلال جسدها، هناك جسدا آخر، بتناوبات، في آنشقاق، مثالي! العري الداخلي.
هي لم تكن تبستم. ولم تكن تتأمّل. عيناها كانتا محجوبتين بشعرها. هي تشعّ. وهي تنتصب، هائلة مثل نواة العالم، الرحم.
حولها تتراكم السحب، ثقيلة، مُتوعّدة، رصاصية، تهزها رجّات صمّاء، مثقلة بالغثيان.
فجاءة، آندلعت عاصفة هوجاء . زحمة السحب آنهارت مصحوبة بزمجرة ملايين الرعود التي ترددت اصداؤها. والبروق آنبجست. كانت تنبجس بآتجاه المرأة.
البروق كانت الأيادي. والمرأة بدت لي كما لو انها في قلب الفضاء، في حلقة من الأيادي.كل تلك الأيادي كانت تحيط بها. كل تلك الأيادي كانت تمتد نحوها.كانت هناك يدا الفنان النحيفتان، واليدان المتعرقتان للمصرفيّ، واليدان المعقوفتان للبخيل، واليدان المغفّلتان للرجل العجوز، واليدان الخجولتان للشاب، واليدان الورعتان لرجل الدين، واليدان المدنّستان للقاتل. أيادي كلّ الرجال، أيادي كل الأجيال، تمتدّ ولهانة بآتجاه المرأة.، بآتجاه المومس.وكانت هناك أيضا يدا المسيح الهاذيتان.
هي صمتت.كانت قبّا.كلّ الأشعّة تتجمع بآتجاهها آنطلاقا من حتار العالم.العجلة كانت تدور محمولة في الليل، وكانت ترتجّ، وتدقّ شرارات من كون الى كون كما على بلاط.واللأشعة كانت تتلوّى مثل البروق والمرأة ظلّت هناك، ساكنة، وسط ذلك الفلك الشاحب للكهرباء، وسط المطر الغزير من الرغبات المتدفقة الى العالم الآخر.
عندئذ عرفت أن تلك المرأة هي أنت، مزنّرة بالجنون اليائس للكائنات، أنت آه أيها الحبيبة الغالية، التي أسمّرها، عنيدة، في الشجرة الملتوية لرغبتي.


.
 

المرفقات

  • 001.jpg
    001.jpg
    72.6 KB · المشاهدات: 163
أعلى