نقوس المهدي
كاتب
الرسول العاشق (1)
ص63
خيال الرسول وعقله ودينه ملك عائشة . .
يعتبر الفقهاء حياة الرسول قبل البعثة تخرج من دائرة العصمة. أي أن العصمة ترتبط بفترة بعثته فقط. وحتى هذه العصمة لها دائرة محددة هي دائرة التبليغ كما أشرنا.. وعلى ضوء هذا التفسير يمكن ربط الرسول ( ص ) بعلاقات نسائية سواء قبل البعثة أو بعدها دون حرج. على أساس أن هذه العلاقة إنما هي في محيط الجانب البشري من شخصيته.. وفي المرحلة المكية ارتبط الرسول بعلاقة حب والزواج بالسيدة خديجة رغم فارق السنة بينهما. ورغم كونها ثيبا وتكبره في السن.. ورغم وجود عشرات الأبكار اللاتي يحلمن الزواج من رجل كمحمد بن عبد الله تتوافر فيه جميع الخصال التي تحلم بها أية امرأة وزيادة.. إلا أن الرسول ارتبط بخديجة وانجب منها فاطمة. وكان زواجا مباركا من قبل الله سبحانه. وتحققت للدعوة مكاسب كثيرة من وراء هذا الزواج.. من هنا يمكن القول إن الرسول اختار خديجة بتوجيه من الوحي.. والله سبحانه وجه عاطفة الرسول نحو خديجة حتى يقبلها زوجة له.. وخديجة كانت تحمل المواصفات التي تؤهلها للارتباط بالرسول في هذه المرحلة.. لقد كان من الممكن للرسول أن يميل بعاطفته نحو فتاة بكر وهو بشر له نوازعه . لكن الله سبحانه يريد أن يبين لنا أن عصمة الرسول لا تعني إلغاء عواطفه ومشاعره بل توظيف هذه المشاعر وتوجيهها.. وهذا ما حدث بين الرسول وخديجة.. وهو ما غاب عن الفقهاء حين فسروا العصمة هذا التفسير الضيق وفق الروايات التي تبنوها وصاغوا للرسول شخصية أخرى هي شخصية العاشق المولع بالنساء واعتبروا هذا الجانب من شخصية الرسول مرتبط ببشريته ولا صلة ولا بنبوته ولا يتناقض معها إن العصمة لا تلغي عواطف الرسول ونوازعه البشرية ولكنها تضبط هذه العواطف والنوازع وفق مصلحة الرسالة . . والفقهاء تحت ضغط الروايات اضطروا إلى فصل العصمة عن النوازع واعتبروا أن للرسول مطلق الحرية في إطلاق نوازعه والتصرف في شهواته وأن ذلك كله لا يصطدم بأهداف الرسالة.. وإذا كانت حياة القادة ملكا لأمتهم . فكيف الحال بحياة الرسول المبعوث للعالمين وهو خاتم الرسل..؟
إن القائد الذي يهب نفسه لقضية يتفرق ويتجرد لها ولا يأتي بما يناقضها ويصطدم بمصالحها وأهدافها. والرسول نبي وقائد . فكيف له أن يطلق العنان لشهواته ونوازعه ويأتي من السلوكيات والممارسات ما يثير الشبهات حوله ويشكك في دعوته..
ودفاع الفقهاء عن هذه السلوكيات والممارسات التي ألصقت بالرسول يعد صورة من صور الانحراف والتزييف التي لحقت بالدين بعد وفاة الرسول وهي قاعدة عامة مرت بها جميع الرسالات الإلهية . غير أن الصورة اختلفت مع الإسلام. فإن التزييف والتحريف جاء من جهة الروايات المخترعة التي باركها الفقهاء ودعموها بتفسيراتهم حتى كانت النتيجة هي تشويه الرسول.. ولا شك أن تشويه الرسول هو تشويه للدين الذي جاء به.. والفقهاء بهذه الصورة يكونوا قد أعادوا سيرة الأحبار والرهبان في أقوامهم. بأن جعلوا هذه الروايات حكما على الرسول وعلى القرآن . ثم جعلوا أقوالهم حكما على هذه الروايات . وبالتالي أصبحت أقوالهم وتفسيراتهم هي الدين وتبعهم المسلمون على هذا. وهذه هي متاهة الأحبار والرهبان..
ومن خلال كم الروايات التي رويت حول علاقة الرسول بعائشة وتفسيرات الفقهاء لهذه الروايات وتبريراتهم لها سوف تتضح الصورة.. ويتبين لنا كيف أن هؤلاء الفقهاء جنوا على الرسول وسفهوا عقول المسلمين..
- تاريخ عائشة:
يروي ابن سعد عن عائشة قولها : تزوجني رسول الله ( ص ) في شوال سنة عشر من النبوة قبل الهجرة لثلاث سنين وأنا ابنة ست سنين. وهاجر رسول الله فقدم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وأعرس بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر. وكنت يوم دخل بي ابنة تسع سنين (1).. ولقد أجمع الفقهاء على أساس هذه الرواية وغيرها أن الرسول ( ص ) تزوج عائشة وهي ابنة ست. ودخل بها وهي ابنة تسع(2)..
وعلى هذا الأساس تكون عائشة من مواليد السنة الرابعة من البعثة وهو تاريخ يتناقض مع سيرة عائشة قبل أن يقترن بها الرسول. فلو كان المؤرخون قد سكتوا عن تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول لأمكن لمثل هذه الرواية أن تمضي في سلام دون أن يحيط الشك بها . لكنهم ذكروا روايات أخرى تفرض إعادة النظر في عمر عائشة وتاريخ زواجها بالرسول ( ص )..
يقول ابن حجر : كان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها ومات النبي ( ص ) ولها نحو ثمانية عشر عاما (3 ).. وحسب قول ابن حجر يكون تاريخ ميلاد عائشة في السنة الخامسة للبعثة على أساس أن الرسول قضى في مكة ثلاثة عشر عاما( 4 ).. إلا أنه بعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أنه ما دامت عائشة تقول إنها تزوجت الرسول قبل الهجرة بثلاث سنوات سنة عشر من البعثة وكان عمرها ست ودخل بها بعد الهجرة بحوالي العام وكان عمرها تسع . فإن تاريخ ميلاد عائشة حسب روايتها يكون في السنة الثالثة من البعثة لا الرابعة وتكون قد تزوجت الرسول في سن العاشرة لا التاسعة
ويروي ابن سعد أن رسول الله ( ص ) لما خطب عائشة من أبي بكر قال أبو بكر : يا رسول الله إني كنت أعطيتها مطعما لابنه جبير فدعني حتى أسلها منه . فاستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله ( 1 ) . .
وهذه الرواية تكشف لنا عدة معالم جديدة في تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول . وهذه المعالم هي:
- متى تزوج جبير عائشة..؟ إذ كان القوم يقولون حسبما تروي عائشة عن نفسها أنها تزوجت الرسول في السنة السادسة من عمرها. فمعنى هذا أن مطعما تزوجها قبل ذلك. أي قبل السادسة . ولما كان هذا الكلام لا يعقل فلا بد وأن يتجه الشك نحو تاريخ ميلاد عائشة..
- إن مطعما وجبير ولده كانا على ملة الشرك وهذا يدل على أن هذا الزواج كان قبل بعثة النبي واستمر حتى بعث وحتى توفيت خديجة وتزوج بعدها سودة بنت زمعة . لأن عائشة حسب الروايات هي الزوجة الثالثة في حياة الرسول . . ومرة أخرى يتجه الشك نحو تاريخ ميلاد عائشة..؟ كم كان عمرها حين تزوجت جبيرا..؟ وكم استمر هذا الزواج..؟
- والمعلم الثالث الذي تكشفه لنا هذه الرواية هو أن عائشة لم تكن بكرا كما تحاول تأكيد ذلك الروايات الأخرى التي مال إليها الفقهاء وشهروها وعمموها ..
- والمعلم الرابع هو الشك في تاريخ زواج عائشة بالرسول. فمع هذه الرواية يكون سن عائشة أكبر من ذلك بكثير. ويكون تاريخ زواجها من الرسول بعد ذلك بكثير أيضا.. ومثل هذا التصور هو الذي يتلاءم مع دور عائشة وتاريخها وهو التبرير الوحيد لذلك الكم الهائل من الروايات والعلم الذي ورثته عن الرسول ( ص ) حسبما تشير الروايات.. ذلك الكم الذي لم ينسب لفاطمة بنت النبي والتي ولدت قبل البعثة بخمس سنوات أي حين ولدت عائشة - حسب الروايات - كان عمرها حوالي تسع سنوات..
يروي أبو داود عن عائشة قالت : تزوجني رسول الله ( ص ) وأنا بنت سبع. قال سليمان: أو ست. ودخل بي وأنا بنت تسع ( 1 ).. ويروي النسائي عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله (ص) لسبع سنين ودخل علي لتسع سنين( 2 )..
ويروي ابن ماجة عن عبد الله قال: تزوج النبي ( ص ) عائشة وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع وتوفي عنها وهي بنت ثماني عشر سنة ( 3 ).. وهذه الروايات الثلاثة إنما تؤكد أن الرسول عقد على عائشة في سن السابعة لا في سن السادسة. هذا على الرغم من أن جميع كتب السنن تؤكد أن العقد تم في السادسة. حتى هذه الكتب الذي ذكرت رواية وقوع العقد في السابعة ذكرت أيضا رواية وقوع العقد في السادسة.. وقد ذكرنا هذه الروايات كنموذج لتخبط القوم وعدم دقتهم في أمر النقل وهو ما يؤكد ضرورة خضوع الرواية للنقد والتحليل للتثبت منها ويؤكد من جهة أخرى أن وقوع الدس والتحريف أمر وارد . .
وبجمع هذه الروايات مع الروايات السابقة التي تتحدث عن التاريخ ميلاد عائشة وتاريخ اقتران الرسول بها يتبين لنا أن الأصل هي تلك الروايات التي تتحدث عن تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول. وأن الروايات التي تحاول ربط تاريخها بالرسول مباشرة بمعنى ربطها من طفولتها بالنبي مباشرة هي روايات إلى الوضع أقرب.. يروي ابن سعد عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن النساء قد اكتنين فكنني . قال : تكني بابنك عبد الله ( 1 )..
وكانت عائشة تتباهى على بقية نساء النبي ( ص ) بأنها البكر الوحيدة بينهن ( 2 ) . . إلا أن هناك روايات تؤكد أن هذا الادعاء غير صحيح . .
يروي أبو داود عن أم سلمة: الرسول ( ص ) لما تزوج بها أقام عندها ثلاثا ثم قال: ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك.. وكان رسول الله إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا. وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ( 3 )..
وهذه الرواية تشير إلى أن الرسول تزوج أكثر من بكر فلو كان قد تزوج واحدة وهي عائشة كما تدعي لما كانت هناك حاجة أن يعلن أن من سنته الإقامة عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا . فاعلان السنة إشارة إلى التكرار . .
وليت الفقهاء انحازوا إلى جانب الرسول ( ص ) ورجحوا روايات زواج عائشة قبل الرسول وكونها ثيبا. لكنهم انساقوا وراء تيار الحكام ورجحوا الروايات الأخرى التي تصطدم بالعقل وبخلق النبي وتحط من قدره وتخرجه من دائرة الرجولة والنضج والكمال البشري لتدخله في دائرة السفه والعشق المجنون بطفلة ولهوه معها . . - أرجوحة ودمى..
تروي كتب السنن أن رسول الله ( ص ) أصيب بحالة من الحزن والاكتئاب بعد وفاة خديجة فأراد الله أن يسري عنه فزوجه عائشة . .
يروي ابن سعد : وجد رسول الله ( ص ) على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة (1)..
ويروي مسلم عن عائشة قالت : قال رسول الله ( ص ) أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي . فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ( 2 ) . .
ويروي ابن سعد عن عائشة قالت : إن رسول الله قال لها : رايتك في المنام مرتين . أرى رجلا يحملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك . فاكشف عنها فإذا هي أنت . فأقول إن يك هذا من الله يمضه ( 3 ) . .
ومثل هذه الروايات تريد أن تؤكد حقيقة واحدة هي أن زواج عائشة بالرسول لم يكن زواجا عاديا وإنما كان زواجا قرانه جبريل وشهدت عليه الملائكة . وما ينبثق من هذا التصور هو أن تأخذ عائشة وضعا خاصا من دون نساء النبي يجعلها محظية الرسول وموضع سره . فمن ثم فإن تسليط الأضواء عليها من دون زوجات النبي يصبح أمرا مبررا . .
يروي مسلم عن عائشة قالت : تزوجني رسول الله ( ص ) لست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين . فقدمنا المدينة فوكعت شهرا فوفى شعري جميمة - أي تساقط شعري بسبب الحمى فلما شفيت تربى شعري فكثر وهو معنى فوفى شعري - فاتتني أم رومان - والدتها وهي أم رومان بنت عمير بن عامر - وأنا على أرجوحة ومعي صواحب فصرخت بي فأتيتها وما أدري ما تريدني فأخذت بيدي فأوقفتني على الباب فقلت هه هه . حتى ذهب نفسي فأدخلتني بيتا فإذا نسوة من الأنصار
ص 70
فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر . فأسلمتني إليهن وأصلحنني فلم يرعني إلا ورسول الله ضحى فأسلمتني إليه ( 1 )
ويروى عن عائشة أنها كانت تلعب بالبنات - العرائس - عند رسول الله قالت : وكانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن من رسول الله - يهربن منه - فكان يسربهن إلي ( 2 ) . .
قال النووي تعليقا على هاتين الروايتين بعد أن وصف الأرجوحة : المراد هذه اللعب المسماة بالبنات التي تلعب بها الجواري الصغار . ومعناه التنبيه على صغر سنها .
قال القاضي : وفيه جواز اتخاذ اللعب وإباحة لعب الجواري بهن وقد جاء في الحديث أن النبي رأى ذلك فلم ينكره . قالوا وسببه تدريبهن لتربية الأولاد وإصلاح شأنهن وبيوتهن . هذا كلام القاضي . ويحتمل أن يكون مخصوصا من أحاديث النهي عن اتخاذ الصور لما ذكره من المصلحة . ويحتمل أن يكون مخصوصا من أحاديث النهي عن اتخاذ الصور لما ذكره من المصلحة . ويحتمل أن يكون هذا منهيا عنه وكانت قصة عائشة هذه ولعبها في أول الهجرة قبل تحريم الصور ( 3 ) . .
وقولها : وكن ينقمعن أي يتغيبن في البيت حياء وهيبة له عليه السلام . ومعنى يسربهن يرسلهن . قال النووي : وهذا من لطفه عليه السلام وحسن معاشرته ( 4 ) . .
ومما ذكر الفقهاء حول هاتين الروايتين يتبين لنا أن الفقهاء إنما يتعاملون مع الروايات بمنطق التسليم المطلق خاصة إذا كانت هذه الروايات من جهة البخاري ومسلم . فهم لا يعنيهم أن يعملوا عقولهم في هذه الروايات لأن ذلك من المحظورات وإنما واجبهم ووظيفتهم أن يفسروها ويبرروها كي تدين الأمة بها . وفوق ذلك يستنبطون منها الأحكام . .
ص 71
لقد انشغل الفقهاء بدمي عائشة هل هي حرام أم حلال ؟ ولم ينشغلوا بالرسول وشخصه وهل يليق به هذا الوضع أم لا . . ؟
ويروي ابن سعد عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله ( ص ) يوما وأنا ألعب بالبنات . فقال : ما هذا يا عائشة . . ؟ فقلت خيل سليمان . فضحك ( 1 ) . .
ويروي أن النبي إذا دخل عليها وهي تلعب استتر بثوبه منها ( 2 ) . . إن الرواة لم يكتفوا بتزويج الرسول طفلة لم تبلغ الحلم بل زادوا الطين بلة بإضافة روايات أخرى تؤكد أن الرسول تفاعل مع هذا الوضع واندمج فيه وأخذ يلاعب عائشة تارة يجمع لها صواحبها وتارة يستتر منها. .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل يجوز مثل هذا الكلام في حق نبي خاتم ؟
وهل كان لدى الرسول من الوقت ليلهو مع عائشة . . ؟
أو السؤال الذي يجب أن يسبق هذه الأسئلة جميعا : ما الذي يضطر الرسول إلى الاقتران بطفلة وأمامه نساء العرب . . ؟
وأما هذه التساؤلات ليس إمامنا سوى أن نقر بأن مثل هذه الروايات اخترعت من قبل السياسة . والهدف هو تضخيم عائشة.. وتضخيم عائشة يعني تضخيم أبو بكر.. وتضخيم أبو بكر يعني تضخيم خط الحكام الذين سادوا بعد وفاة الرسول ( ص ) والذين استمدوا شرعيتهم من نظام أبي بكر . . وهذه اللعبة من أساسها هي من صنع معاوية الذي عجز عن إيجاد الدعم الشرعي لنظامه فعمل على تضخيم أبي بكر وعمر ليواجه بهما علي وخطه . .
ولما كان أبو بكر وعمر كلاهما في حاجة إلى نصوص لدعمهما برز دور عائشة . وما دور عائشة ليبرز دون أن تكون لها هذه المكانة التي خلقتها الروايات . .
ص 72
ولو كان الفقهاء مالوا إلى جانب الرسول ( ص ) ورفضوا هذه الروايات لفقدت عائشة دورها ومكانتها ولكشفت لنا الحقيقة جلية واضحة . لكنهم اتبعوا الآباء وقدسوا ما ورثوه عنهم . وبالتالي رفعت عائشة على حساب الرسول وأسهمت رواياتها في بناء الصرح القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول والذي ورثه معاوية في النهاية ليفرض على الأمة دينا ونهجا جديدا غير الذي جاء به الرسول ( 1 ) . .
- عائشة ونساء النبي :
يروي مسلم عن عائشة قولها : ما غرت على امرأة ما غرت علي خديجة ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها . ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى قالت : فأغضبته يوما فقلت خديجة ؟ فقال الرسول ( ص ) : " إني قد رزقت حبها " ( 3 ) . .
وفي رواية قالت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها ( 4 ) . .
وفي رواية قالت : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة . . ؟ فيقول الرسول ( ص ) : " إنها كانت وكانت . وكان لي منها ولد " ( 5 ) . .
لنعرض لأقوال الفقهاء حول هذه الروايات . .
قال القسطلاني عن الغيرة : فيه - أي الحديث - ثبوت الغيرة . وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عن من دونهن ( 6 ) . .
ص 73
وقال ابن حجر : إن عائشة كانت تغار من نساء النبي وكانت تغار من خديجة أكثر . . وخلائلها جمع خليلة أي صديقة . وهي أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها ( 1 ) . .
وقول الرسول ( ص ) إني قد رزقت حبها هو تصريح كاف من الرسول يبرر هذا الموقف العدائي من عائشة تجاه خديجة . وحين قالت عائشة للرسول إنها بديل خديجة الأفضل والخير . كان رده عليها حاسما بقوله : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس . وواستني بما لها إذ حرمني الناس . ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء . . وهذا الرد من الرسول لم يذكره البخاري ومسلم في رواياتهما التي انتهت بقول عائشة فأبدلك الله خيرا منها .
وإنما ذكر في رواية أحمد وغيره . . والبخاري ومسلم إنما قدما على سائر كتب الحديث لمثل هذا . فهما قد اختارا الروايات المبهمة والمبتورة فضلا عن الروايات التي تضفي المشروعية على الخط القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول . .
وإذا كان مسلم قد احتضن بعض الروايات التي تخص آل البيت والإمام علي خصوم هذا الخط . فإن البخاري أغلق الباب في وجهها تماما ولعل هذا هو سبب تقديمه على مسلم وتسليط الأضواء عليه . . فقول الرسول ( ص ) عن خديجة إنها كانت
وكانت . هي رواية البخاري الذي رفض قبول الروايات الأخرى التي تفصل مآثر خديجة ومكانتها العالية واختار هذه الرواية المبهمة . .
قال القرطبي : كان حبه ( ص ) لها - أي لخديجة - لما تقدم ذكره من الأسباب - في رواية أحمد - وهي كثيرة كل منها كان سببا في إيجاد المحبة . ومما كافأ النبي به خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها ( 2 ) . .
ص 74
وقول القرطبي هذا كما هو شأن سائر أقوال الفقهاء فيما يتعلق بحياة الرسول خاصة . إنما يهدف إلى تسطيح علاقة الرسول بخديجة وترفيغ هذه العلاقة من مضمونها الحقيقي وتصويرها بأنها علاقة شخصية بين رجل وامرأة . بين امرأة محضية مخلصة وهي خديجة . . ورجل وفي هو الرسول .
احترم خديجة وكبح جماح شهوته وعشقه للنساء طوال حياته حتى إذا ما ماتت أصبح يرتع في النساء . . هكذا يصور لنا قول القرطبي . . ولا شك أن مثل هذه الروايات إنما تقطع بأفضلية خديجة وعلو مقامها وأن عائشة لا توزن أمامها بشئ . وهذا هو سبب كراهيتها لها . .
يقول الرسول ( ص ) : " خير نسائها مريم . وخير نسائها خديجة " ( 1 ) . .
ويقول ( ص ) على لسان جبريل عن خديجة : " اقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب " ( 2 ) . .
وقد أقر الفقهاء بهذا وأجمعوا عليه لوضوح الأمر وضح الشمس ولعدم وجود روايات تضاهيها في حق عائشة . . إلا أن القوم تداركوا الأمر واخترعوا رواية مضحكة وشر البلية ما يضحك من أجل رفع مقام عائشة وتغطية مصائبها وآثامها التي سوف نعرض لها فيما بعد . .
تقول الرواية : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون . وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ( 3 ) . .
ص 75
قال القاضي : فضل الثريد لسرعة استساغته والتذاذه وإشباعه وتقديمه على غيره من الأطعمة التي لا تقوم مقامه وليس هو بنص في تفضيلها على مريم وآسية ويحتمل أن المراد نساء وقتها وليس فيه أيضا ما يشعر بترجيحها على فاطمة إذ يمكن أن يمثل فاطمة بما هو أرفع . وبالجملة يدل أن لعائشة فضلا كثيرا على النساء لا على قوم النساء ( 1 ) . .
وقال ابن حجر : وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد . . الخ . لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة . وقد أثار ابن حبان إلى أن أفضليتها التي يدل عليها هذا الحديث وغيره مقيدة بنساء النبي ( ص ) حتى لا يدخل فيها مثل فاطمة ( 2 ) . .
ويبدو من خلال هذه الأقوال إن الفقهاء يريدون الانتزاع فضيلة لعائشة غير أنهم يتخبطون في تحقيق المقارنة بينها وبين آسية ومريم وفاطمة ثم خديجة . وفي النهاية رجحوا كفتها على النساء النبي دون أن يستثنوا خديجة التي سبق الاجماع على أفضليتها وعظيم دورها . .
قال السبكي : ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل . ولكن الذي نختاره وندين به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة ( 3 ) . .
ومثل هذا القول المتناقض إنما يعود سببه إلى تخبط القوم في الروايات الواردة في السيدة خديجة وفاطمة . وعائشة وعدم محاولة تمييزها عن بعضها . فهم تحت ضغط السياسة يحاولون رفع عائشة وتلميعها رغم عدم وجود روايات صريحة في حقها . . إلا أن الأمر الملفت للنظر هنا هو أن الرسول الذي أوتي جوامع الكم لم يجد تعبيرا يعبر به عن فضل عائشة سوى مقارنتها بالطعام . . وهذا ادعى للشك في أن هذه القول منسوب للرسول . إذ أن تأمل الرواية من أولها يقود إلى اليقين أن جملة ( فضل عائشة على النساء ) الخ . .
ص 76
قد ألصقت بالرواية التي لا يظهر من نصها ما يفيد وجود ترابط في المعنى بين النص الخاص بمريم وآسية .
والنص الخاص بعائشة . . وليس هنا مقام بحث أفضلية خديجة على عائشة وإنما ما نريد إثباته هو مواقف عائشة ومدى شرعيتها.. أما عن موقف عائشة من حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة النبي ( ص ) فيروى أن النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة. وكان النبي إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر. فقالت: بلى. فركبت. فجاء النبي إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا. وافتقدته عائشة . فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر - نبات بري - وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني . ولا أستطيع أن أقول شيئا ( 1 ).
وهذه الرواية تعكس لنا صورة أخرى من صور غيرة عائشة من نساء النبي إلا أن غيرتها هذه المرة قد دفعت بها نحو محاولة الانتحار بوضع رجليها في حشيش تكثر فيه الهوام . وكل ذلك سببه أن حفصة استغفلتها وركبت بعيرها لتنعم وحدها بجوار الرسول . .
وبالتأمل في مثل هذه الرواية يتبين لنا أن فيها استخفاف كبير بالعقل وبالرسول في آن واحد .
إذ كيف لعائشة الغيورة أن تتسامح مع حفصة لهذا الحد وتعطيها بعيرها لتستأثر بالرسول وحدها..؟
وكيف للرسول لا يميز بين حفصة وعائشة وقد سلم عليها وسمع صوتها . . ؟
هل كشف الرسول أمر حفصة وأراد أن يتمادى معها في هذه اللعبة وهذا ما أثار عائشة ودفع بها نحو محاولة الانتحار . . ؟
وحفصة وعائشة هما اللتان أفشيتا سر الرسول ( ص ) وتظاهرتا عليه ونزلت فيهما آيات سورة التحريم . .
ويروى أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي اللتين قال الله تعالى فيهما : ( إن تتوبا إلى الله فقد صفت قلوبكما ) . . فقال عمر : هما حفصة وعائشة ( 1 ) . . وكان الرسول ( ص ) قد قرر اعتزالهما شهرا كاملا من شدة موجدته - أي ضيقه وغضبه - عليهن ( 2 ) . .
ويروي مسلم والنسائي عن عائشة قالت : أرسل أزواج النبي ( ص ) فاطمة ابنته إليه فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابة أبي قحافة . وأنا ساكتة - أي عائشة - فقال لها الرسول : أي بنية ألست تحبين ما أحب ؟ فقالت : بلى . قال : فأحبي هذه - أي عائشة - فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من أبيها ورجعت إلى أزواج النبي فأخبرتهن بالذي قال الرسول . فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شئ فارجعي إلى رسول الله فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة . فقالت فاطمة : الله لا أكلمه فيها أبدا . فأرسل أزواج النبي زينب بنت جحش وهي التي تساميني منهن في المنزلة - أي على مستوى جمالها وحسنها وحب الرسول لها - عند رسول الله . فاستأذنت - أي زينب - على الرسول وهو مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها الرسول فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة . .
قالت عائشة : ثم وقعت بي فاستطالت علي وأنا أرقب رسول الله وأرقب طرفه هل يأذن لي فيها . فلم تبرح زينب حتى عرفت أن الرسول لا يكره أن انتصر . فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها فقال الرسول مبتسما إنها ابنة أبي بكر . .
وفي رواية أخرى : فلما وقعت بها لم أنشبها أن أثخنتها غلبة ( 1 ) . .
لقد أوقفتنا هذه الرواية لنشاهد موقعة نسائية في بيت الرسول ( ص ) الذي يراقب أحداثها مبتسما ثم ينحاز في النهاية إلى صف عائشة ليس لشئ إلا لكونها ابنة أبي بكر . وقد حدد الرسول بهذا أن قيمة عائشة ومكانتها مستمدة من أبيها . فبسلطان أبيها فرضت نفسها على الرسول واستحوذت عليه وزادت من دلالها وعدوانها على بقية أزواج النبي . . من أجل عيون أبي بكر مال الرسول لعائشة وظلم أزواجه . .
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :
هل يتلاءم مثل هذا السلوك مع أدب النبوة . . ؟
وهل يمكن أن تكون زوجات النبي بمثل هذا الخلق . . ؟
هل من أدب النبوة أن لا يحترم النبي مشاعر زوجاته ولا يكلمهن أو يجيبهن وهو مضطجع بجوار عائشة في مرطها ( لحافها ) لا يتحرك من مكانه ؟
ثم هو في النهاية يبارك فعل عائشة وسبها لزينب . . ؟
والغريب أن النسائي قبل أن يروي هذا الحديث جاء بحديث مناقض له على لسان الرسول ( ص ) يقول : " من كان له امرأتان يميل لأحدهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقية مائل " ( 2 ) . .
ولسوف يرى القارئ في هذا الكتاب المزيد من عجائب الرواة والفقهاء الذين أجمعوا أن ميل الرسول لعائشة إنما هو أمر قلبي والقلوب بيد الله تعالى . .
قال النووي : قولها يسألنك العدل معناه يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب وكان ( ص ) يسوي بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه . أما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها ولا يلزمه التسوية فيها لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه ( 1 ) . . والنووي بقوله هذا إما أنه ساذج أو يستغفلنا . لأن الرواية من أساسها تتهم الرسول بعدم التسوية بين أزواجه في الأفعال والمبيت وهو ما سبب هذا الصدام بين زينب وعائشة . . وكان النووي يريد أن يؤكد لنا أن سبب ثورة أزواج النبي هو غيرتهن من ميل الرسول بقلبه نحو عائشة وهو تأكيد تدحضه الروايات التي تؤكد أن عائشة هي معشوقة الرسول الوحيدة . . ومن زينب إلى أم سلمه ومثال جديد لتطرف عائشة في حضرة الرسول ( ص ) . .
يروي أن أم سلمة زوج النبي ( ص ) أرسلت بقصعة فيها طعام إلى الرسول وهو عند عائشة . فضربت عائشة يد الرسول فسقطت القصعة فانكسرت . فجعل النبي يجمع بين فلقتي القصعة وهو يقول : " غارت أمكم " ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى : فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر - حجر - ففلقت به الصحفة . أي القصعة ( 3 ) . . ومثل هذا التصرف العدواني على رسول الله ( ص ) عده الفقهاء من باب الغيرة المسموح بها ولم يشغلوا أنفسهم ببحث مدى شرعية هذا التصرف الذي حدث على ما يظهر من الرواية على الملأ في حضور جمع من الصحابة وهم الذين خاطبهم الرسول
بقوله : " غارت أمكم " . . وقد علق أحد الفقهاء على هذه الرواية ببحث لغوي في معنى الكسرتين وأنهما بمعنى الفلقتين . وكان الرسول قد عوض أم سلمة بقصعة جديدة . فكان تعليقه هو : الظاهر أن القصعتين كانتا ملكا له
( ص ) وفعله كان لإرضاء من أرسلت الطعام وإلا فضمان التلف يكون بالمثل وهو ههنا القيمة إلا أن يقال القصعتان كانتا متماثلتين في القيمة بحيث كان كل منهما صالحة أن تكون بدلا للأخرى والله تعالى أعلم ( 1 ) . .
وهكذا تحول الأمر إلى قضية فقهية وسلطت الأضواء على القصعة ومدى الضرر الذي لحق بصاحبتها نتيجة لكسرها ونسي الرسول . . ولم ينحصر دور عائشة في محيط مشاكسة زوجات النبي والحط من قدرهن بل تجاوز هذا الحد إلى محاولة تقويم نساء النبي وتحديد مكانتهن وقدرهن بما لا يصطدم مع مكانتها العالية بالطبع . .
تروي عائشة خلالا ما أعطيتها امرأة . ملكني رسول الله ( ص ) وأنا بنت سبع سنين . وأتاه الملك بصورتي في كفه فنظر إليها وبنا بي لتسع سنين . ورأيت جبريل ولم تره امرأة غيري . وكنت أحب نسائه إليه . وكان أبي أحب أصحابه إليه . ومرض رسول الله في بيتي فمرضته . فقبض ولم يشهده غيري والملائكة ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى : ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري . وأنزل الله براءتي من السماء . وكنت اغتسل أنا وهو من إناء واحد . ولم يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري . وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري . وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري ( 3 ) . .
وبهذه الرواية تسعى عائشة إلى تأكيد أفضليتها على نساء النبي بل على النساء أجمعين . فمن ثم فإن لغتها هي لغة استعلاء نابعة من المقام الذي صورته لنفسها وملكت به صلاحيته نقد وتقويم نساء النبي . .
وإذا كنا قد ناقشنا سابقا مسألة سن عائشة وتاريخ ارتباطها بالرسول . ومسألة أفضلية خديجة عليها وأنا أحب النساء إلى النبي لا عائشة . فبهذا تكون عائشة قد فقدت ميزتان من مميزات القوامة التي تدعيها لنفسها . وبقيت ميزة رؤية جبريل ومكانة أبيها عند الرسول ومرضه في بيتها . وهذه ادعاءات تدحضها روايات أخرى . .
أما مسألة رؤيتها لجبريل فهو أمر لم يصح ولم يقل به أحد من الفقهاء . والكل مجمع أن شخص جبريل لم تتح رؤيته إلا لرسول الله وحده . .
وأما مسألة مكانة أبيها فالكم الهائل من الروايات الواردة في الإمام علي تؤكد أنه صاحب المقام العال والمكانة من الرسول لا أبي بكر . . وقد شهدت عائشة بذلك . . روي أن أبا بكر استأذن على النبي ( ص ) فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول : والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي ( 1 ) . .
أما مسألة مرض الرسول ( ص ) ووفاته في بيتها وعلى صدرها فهناك روايات أخرى تؤكد أن الرسول حال مرضه كان في رعاية علي ومات بين يديه . .
روي : قبض رسول الله ورأسه في حجر علي ( 2 ) . .
وروي " توفى رسول الله ( ص ) ورأسه في حجر علي وغسله علي والفضل محتضنه ( 3 ) ..
وسئل ابن عباس أن عائشة تقول : توفى رسول الله بين سحري ونحري . فقال : أتعقل ؟ والله لتوفى رسول الله وإنه لمستند إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس ( 4 ) . .
وفيما يتعلق ببراءة عائشة من السماء في حادثة الإفك التي ارتبطت بغزوة بني المصطلق فمن حيث التحقيق التاريخي هناك شك في ارتباط عائشة بهذه الحادثة ( 1 ) . .
أما ما ادعته عائشة من مميزات أخرى مثل اغتسالها مع الرسول في إناء واحد ونزول الوحي في لحافها واعتراضها صلاة الرسول وهي نائمة فذلك سوف نعرض له فيما بعد . . تقول عائشة عن سودة بنت زمعة زوج النبي ( ص ) : ما من الناس امرأة أحب إلى أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زعمة إلا أنها امرأة فيها حسد ( 2 ) . .
وتقول : وددت أن كنت استأذنت رسول الله ( ص ) كما استأذنته سودة فأصلي الصبح بمنى قبل أن يجئ الناس . فقالوا لعائشة : استأذنته سودة ؟ فقالت : نعم . إنها كانت امرأة ثقيلة ثبطة فأذن لها ( 3 ) . .
وتقول عن أم سلمة : لما تزوج رسول الله ( ص ) أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكروا لنا من جمالها . قالت : فتلطفت لها حتى رأيتها . فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال . قالت : فذكرت ذلك لحفصة - وكانتا يدا واحدة -
فقالت : لا والله إن هذه إلا الغيرة . ما هي كما تقولين . فتلطفت لها حفصة حتى رأتها . فقالت : قد رأيتها . لا والله ما هي كما تقولين ولا قريب وإنها لجميلة . قالت - أي عائشة - : فرأيتها بعد فكانت لعمري كما قالت حفصة ولكني كنت غيري
( 4 ) . .
وتروي عائشة : دعتني أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي ( ص ) عند موتها فقالت : قد كان يكون بيننا وبين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك . فقلت : غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحللك من ذلك ( 5 ) . .
وتقول عن زينب بنت جحش : لم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب . . ما عدا سورة من حدة وكانت فيها تسرع ( 1 )
وتقول عن زينب وأم سلمة : كانت زينب وأم سلمة لهما عنده مكان . وكانتا أحب نسائه إليه فيما أحسب بعدي ( 2 ) . .
ويروى أن عائشة لما رأت صفية بنت حيي زوج النبي - وكانت يهودية من سبى خيبر - قال لها رسول الله ( ص ): " كيف رأيتها يا عائشة "..؟ قالت : رأيت يهودية. قال الرسول: " لا تقولي هذا فإنها قد أسلمت " ( 3 ) . .
ومن هذه الروايات وغيرها يتبين لنا أن عائشة لم تكن مجرد زوجة للنبي ( ص ) وإنما كانت بالإضافة إلى ذلك امرأة مهيمنة متدللة متعالية استحوذت على الرسول وتحدث بلسانه واطلقت لسانها في نسائه . كما يتبين لنا أن الرسول ( ص ) راض عن هذا الوضع وسعيد به . وبدا وكأنه لا يجرؤ على التصدي لها ومقاومتها بسبب عشقه البالغ لها . .
- عائشة والنبي : وكما صورت لنا الروايات السابقة أطراف من حال عائشة مع نساء النبي سوف نعرض هنا لروايات أخرى تعرض لحالها مع النبي ( ص ) وما كان يبدر منها من مواقف وسلوكيات في حضرته وداخل بيته . .
يروى أن رسول الله ( ص ) كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه . فأنزل الله عز وجل ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) إلى آخر الآية ( 4 ) . .
ويروى أن عائشة قالت : التمست رسول الله ( ص ) فأدخلت يدي في شعره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 ترجمة عائشة . باب ذكر أزواج رسول الله . .
( 2 ) زواج الرسول عائشة في السادسة ودخوله بها في التاسعة رواية تتفق عليها جميع كتب السنن . أنظر البخاري كتاب النكاح ومسلم .
( 3 ) فتح الباري ج 7 / 107
( 4 ) وإذا حسبت على أساس أن الرسول قضي في مكة عشر أعوام حسب رواية مسلم ( كتاب الفضائل باب كم بقي النبي في مكة والمدينة ) يكون تاريخ ميلادها في السنة الثانية . ( * )
* ( هامش )*
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . ترجمة عائشة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) كتاب النكاح . . ( 2 ) كتاب النكاح . .
( 3 ) كتاب الأنكحة . . ومثل هذه الروايات يضعها الفقهاء تحت عنوان : باب تزويج الصغار . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . وقد حاول الفقهاء احتواء هذه الرواية فقالوا إن عبد الله الذي كنت به عائشة هو ابن أختها أسماء وهو عبد الله بن الزبير . وكيف هذا وهي تكنى بأم المؤمنين . . ؟
( 2 ) أنظر طبقات ابن سعد والبخاري ومسلم وسيأتي عرض مواقف عائشة من نساء النبي .
( 3 ) كتاب النكاح . باب في المقام عند البكر . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . .
( 2 ) باب فضل عائشة . .
( 3 ) طبقات ابن سعد ج 8 . . وانظر نماذج مثل هذه الروايات في كتب السنن . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) كتاب النكاح . ومثله في البخاري وكتب السنن وطبقات ابن سعد . .
( 2 ) كتاب فضائل الصحابة . باب فضل عائشة . .
( 3 ) مسلم كتاب النكاح طبعة استانبول . هامش تزويج الأب البكر الصغيرة . ط دار الجيل بيروت .
( 4 ) المرجع السابق . باب فضل عائشة وانظر فتح الباري ح 9 / كتاب النكاح . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . . ( 2 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) أنظر لنا كتاب السيف والسياسة . . ( 2 ) باب فضل خديجة . . ( 3 ) المرجع السابق . .
( 4 ) المرجع السابق وانظر البخاري كتاب مناقب الأمصار باب تزويج النبي خديجة . .
( 5 ) أنظر البخاري . . ( 6 ) فتح الباري ج 7 / 136. وهامش مسلم طبعة استانبول . باب فضائل خديجة . . ( * )
73
* ( هامش ) *
( 1 ) فتح الباري ج 7 / 136 ( 2 ) فتح الباري ج 7 / 137 . . ( * )
74
* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري باب تزويج النبي خديجة . . ( 2 ) المرجع السابق . . ومثله في مسلم . .
( 3 ) مسلم باب فضل خديجة . . والبخاري باب فضل عائشة . . ( * )
75
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم هامش باب فضل خديجة . . ( 2 ) فتح الباري ج 7 / 107 ( 3 ) المرجع السابق ج 7 / 139 . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم كتاب فضائل الصحابة . باب فضل عائشة . . والبخاري كتاب النكاح . باب القرعة بين النساء . . وليس هناك ما يؤكد أن الرسول كان يصطحب النساء معه في الخروج . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم باب فضل عائشة . والنسائي كتاب عشرة النساء باب حب النساء . وفي رواية النسائي : ثم أقبلت تشتمني فشتمتني . . فاستقبلتها فلم ألبث أن أفحمتها . .
( 2 ) أنظر شرح النووي لمسلم . وهامش طبعة استانبول . وطبقات ابن سعد . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) أنظر مسلم كتاب الطلاق . باب في الايلاء واعتزال النساء وتخييرهن . .
( 2 ) كتاب حب النساء . باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض . . وانظر ابن ماجة باب القسمة بين النساء . ويذكر أن الراوي هنا هو أبو هريرة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم . هامش باب فضل عائشة . . ( 2 ) النسائي . كتاب عشرة النساء . باب الغيرة . . ( 3 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) حاشية السندي . هامش المرجع السابق . . ( 2 ) طبقات ابن سعد ج 8 ترجمة عائشة . . ( 3 ) المرجع السابق . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي . أنظر فتح الباري ج 7 2/ ( 2 ) ابن سعد ج 2 . باب ذكر من قال توفي رسول الله في حجر علي . .
( 3 ) المرجع السابق . . ( 4 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) قيل إن المقصود بحادثة الإفك مارية القبطية . أنظر تفاصيل الحادثة في سيرة ابن هشام ح 3 غزوة المصطلق وخبر الإفك . وانظر المراجع التاريخية الأخرى . . ( 2 ) ابن سعد ح 8 / ترجمة سودة . . ( 3 ) المرجع السابق . . ( 4 ) المرجع السابق . ترجمة أم سلمة . . ( 5 ) ابن سعد ج 8 ترجمة أم حبيبة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم باب فضل عائشة . .
( 2 ) ابن سعد ج 8 ترجمة زينب بنت جحش . .
( 3 ) المرجع السابق ترجمة صفية بنت حيي .
( 4 ) النسائي كتاب عشرة النساء . باب الغيرة .(*)
.
Gazbia Sirry - Egypt
ص63
خيال الرسول وعقله ودينه ملك عائشة . .
يعتبر الفقهاء حياة الرسول قبل البعثة تخرج من دائرة العصمة. أي أن العصمة ترتبط بفترة بعثته فقط. وحتى هذه العصمة لها دائرة محددة هي دائرة التبليغ كما أشرنا.. وعلى ضوء هذا التفسير يمكن ربط الرسول ( ص ) بعلاقات نسائية سواء قبل البعثة أو بعدها دون حرج. على أساس أن هذه العلاقة إنما هي في محيط الجانب البشري من شخصيته.. وفي المرحلة المكية ارتبط الرسول بعلاقة حب والزواج بالسيدة خديجة رغم فارق السنة بينهما. ورغم كونها ثيبا وتكبره في السن.. ورغم وجود عشرات الأبكار اللاتي يحلمن الزواج من رجل كمحمد بن عبد الله تتوافر فيه جميع الخصال التي تحلم بها أية امرأة وزيادة.. إلا أن الرسول ارتبط بخديجة وانجب منها فاطمة. وكان زواجا مباركا من قبل الله سبحانه. وتحققت للدعوة مكاسب كثيرة من وراء هذا الزواج.. من هنا يمكن القول إن الرسول اختار خديجة بتوجيه من الوحي.. والله سبحانه وجه عاطفة الرسول نحو خديجة حتى يقبلها زوجة له.. وخديجة كانت تحمل المواصفات التي تؤهلها للارتباط بالرسول في هذه المرحلة.. لقد كان من الممكن للرسول أن يميل بعاطفته نحو فتاة بكر وهو بشر له نوازعه . لكن الله سبحانه يريد أن يبين لنا أن عصمة الرسول لا تعني إلغاء عواطفه ومشاعره بل توظيف هذه المشاعر وتوجيهها.. وهذا ما حدث بين الرسول وخديجة.. وهو ما غاب عن الفقهاء حين فسروا العصمة هذا التفسير الضيق وفق الروايات التي تبنوها وصاغوا للرسول شخصية أخرى هي شخصية العاشق المولع بالنساء واعتبروا هذا الجانب من شخصية الرسول مرتبط ببشريته ولا صلة ولا بنبوته ولا يتناقض معها إن العصمة لا تلغي عواطف الرسول ونوازعه البشرية ولكنها تضبط هذه العواطف والنوازع وفق مصلحة الرسالة . . والفقهاء تحت ضغط الروايات اضطروا إلى فصل العصمة عن النوازع واعتبروا أن للرسول مطلق الحرية في إطلاق نوازعه والتصرف في شهواته وأن ذلك كله لا يصطدم بأهداف الرسالة.. وإذا كانت حياة القادة ملكا لأمتهم . فكيف الحال بحياة الرسول المبعوث للعالمين وهو خاتم الرسل..؟
إن القائد الذي يهب نفسه لقضية يتفرق ويتجرد لها ولا يأتي بما يناقضها ويصطدم بمصالحها وأهدافها. والرسول نبي وقائد . فكيف له أن يطلق العنان لشهواته ونوازعه ويأتي من السلوكيات والممارسات ما يثير الشبهات حوله ويشكك في دعوته..
ودفاع الفقهاء عن هذه السلوكيات والممارسات التي ألصقت بالرسول يعد صورة من صور الانحراف والتزييف التي لحقت بالدين بعد وفاة الرسول وهي قاعدة عامة مرت بها جميع الرسالات الإلهية . غير أن الصورة اختلفت مع الإسلام. فإن التزييف والتحريف جاء من جهة الروايات المخترعة التي باركها الفقهاء ودعموها بتفسيراتهم حتى كانت النتيجة هي تشويه الرسول.. ولا شك أن تشويه الرسول هو تشويه للدين الذي جاء به.. والفقهاء بهذه الصورة يكونوا قد أعادوا سيرة الأحبار والرهبان في أقوامهم. بأن جعلوا هذه الروايات حكما على الرسول وعلى القرآن . ثم جعلوا أقوالهم حكما على هذه الروايات . وبالتالي أصبحت أقوالهم وتفسيراتهم هي الدين وتبعهم المسلمون على هذا. وهذه هي متاهة الأحبار والرهبان..
ومن خلال كم الروايات التي رويت حول علاقة الرسول بعائشة وتفسيرات الفقهاء لهذه الروايات وتبريراتهم لها سوف تتضح الصورة.. ويتبين لنا كيف أن هؤلاء الفقهاء جنوا على الرسول وسفهوا عقول المسلمين..
- تاريخ عائشة:
يروي ابن سعد عن عائشة قولها : تزوجني رسول الله ( ص ) في شوال سنة عشر من النبوة قبل الهجرة لثلاث سنين وأنا ابنة ست سنين. وهاجر رسول الله فقدم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وأعرس بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر. وكنت يوم دخل بي ابنة تسع سنين (1).. ولقد أجمع الفقهاء على أساس هذه الرواية وغيرها أن الرسول ( ص ) تزوج عائشة وهي ابنة ست. ودخل بها وهي ابنة تسع(2)..
وعلى هذا الأساس تكون عائشة من مواليد السنة الرابعة من البعثة وهو تاريخ يتناقض مع سيرة عائشة قبل أن يقترن بها الرسول. فلو كان المؤرخون قد سكتوا عن تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول لأمكن لمثل هذه الرواية أن تمضي في سلام دون أن يحيط الشك بها . لكنهم ذكروا روايات أخرى تفرض إعادة النظر في عمر عائشة وتاريخ زواجها بالرسول ( ص )..
يقول ابن حجر : كان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها ومات النبي ( ص ) ولها نحو ثمانية عشر عاما (3 ).. وحسب قول ابن حجر يكون تاريخ ميلاد عائشة في السنة الخامسة للبعثة على أساس أن الرسول قضى في مكة ثلاثة عشر عاما( 4 ).. إلا أنه بعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أنه ما دامت عائشة تقول إنها تزوجت الرسول قبل الهجرة بثلاث سنوات سنة عشر من البعثة وكان عمرها ست ودخل بها بعد الهجرة بحوالي العام وكان عمرها تسع . فإن تاريخ ميلاد عائشة حسب روايتها يكون في السنة الثالثة من البعثة لا الرابعة وتكون قد تزوجت الرسول في سن العاشرة لا التاسعة
ويروي ابن سعد أن رسول الله ( ص ) لما خطب عائشة من أبي بكر قال أبو بكر : يا رسول الله إني كنت أعطيتها مطعما لابنه جبير فدعني حتى أسلها منه . فاستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله ( 1 ) . .
وهذه الرواية تكشف لنا عدة معالم جديدة في تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول . وهذه المعالم هي:
- متى تزوج جبير عائشة..؟ إذ كان القوم يقولون حسبما تروي عائشة عن نفسها أنها تزوجت الرسول في السنة السادسة من عمرها. فمعنى هذا أن مطعما تزوجها قبل ذلك. أي قبل السادسة . ولما كان هذا الكلام لا يعقل فلا بد وأن يتجه الشك نحو تاريخ ميلاد عائشة..
- إن مطعما وجبير ولده كانا على ملة الشرك وهذا يدل على أن هذا الزواج كان قبل بعثة النبي واستمر حتى بعث وحتى توفيت خديجة وتزوج بعدها سودة بنت زمعة . لأن عائشة حسب الروايات هي الزوجة الثالثة في حياة الرسول . . ومرة أخرى يتجه الشك نحو تاريخ ميلاد عائشة..؟ كم كان عمرها حين تزوجت جبيرا..؟ وكم استمر هذا الزواج..؟
- والمعلم الثالث الذي تكشفه لنا هذه الرواية هو أن عائشة لم تكن بكرا كما تحاول تأكيد ذلك الروايات الأخرى التي مال إليها الفقهاء وشهروها وعمموها ..
- والمعلم الرابع هو الشك في تاريخ زواج عائشة بالرسول. فمع هذه الرواية يكون سن عائشة أكبر من ذلك بكثير. ويكون تاريخ زواجها من الرسول بعد ذلك بكثير أيضا.. ومثل هذا التصور هو الذي يتلاءم مع دور عائشة وتاريخها وهو التبرير الوحيد لذلك الكم الهائل من الروايات والعلم الذي ورثته عن الرسول ( ص ) حسبما تشير الروايات.. ذلك الكم الذي لم ينسب لفاطمة بنت النبي والتي ولدت قبل البعثة بخمس سنوات أي حين ولدت عائشة - حسب الروايات - كان عمرها حوالي تسع سنوات..
يروي أبو داود عن عائشة قالت : تزوجني رسول الله ( ص ) وأنا بنت سبع. قال سليمان: أو ست. ودخل بي وأنا بنت تسع ( 1 ).. ويروي النسائي عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله (ص) لسبع سنين ودخل علي لتسع سنين( 2 )..
ويروي ابن ماجة عن عبد الله قال: تزوج النبي ( ص ) عائشة وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع وتوفي عنها وهي بنت ثماني عشر سنة ( 3 ).. وهذه الروايات الثلاثة إنما تؤكد أن الرسول عقد على عائشة في سن السابعة لا في سن السادسة. هذا على الرغم من أن جميع كتب السنن تؤكد أن العقد تم في السادسة. حتى هذه الكتب الذي ذكرت رواية وقوع العقد في السابعة ذكرت أيضا رواية وقوع العقد في السادسة.. وقد ذكرنا هذه الروايات كنموذج لتخبط القوم وعدم دقتهم في أمر النقل وهو ما يؤكد ضرورة خضوع الرواية للنقد والتحليل للتثبت منها ويؤكد من جهة أخرى أن وقوع الدس والتحريف أمر وارد . .
وبجمع هذه الروايات مع الروايات السابقة التي تتحدث عن التاريخ ميلاد عائشة وتاريخ اقتران الرسول بها يتبين لنا أن الأصل هي تلك الروايات التي تتحدث عن تاريخ عائشة قبل زواجها بالرسول. وأن الروايات التي تحاول ربط تاريخها بالرسول مباشرة بمعنى ربطها من طفولتها بالنبي مباشرة هي روايات إلى الوضع أقرب.. يروي ابن سعد عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن النساء قد اكتنين فكنني . قال : تكني بابنك عبد الله ( 1 )..
وكانت عائشة تتباهى على بقية نساء النبي ( ص ) بأنها البكر الوحيدة بينهن ( 2 ) . . إلا أن هناك روايات تؤكد أن هذا الادعاء غير صحيح . .
يروي أبو داود عن أم سلمة: الرسول ( ص ) لما تزوج بها أقام عندها ثلاثا ثم قال: ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك.. وكان رسول الله إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا. وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ( 3 )..
وهذه الرواية تشير إلى أن الرسول تزوج أكثر من بكر فلو كان قد تزوج واحدة وهي عائشة كما تدعي لما كانت هناك حاجة أن يعلن أن من سنته الإقامة عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا . فاعلان السنة إشارة إلى التكرار . .
وليت الفقهاء انحازوا إلى جانب الرسول ( ص ) ورجحوا روايات زواج عائشة قبل الرسول وكونها ثيبا. لكنهم انساقوا وراء تيار الحكام ورجحوا الروايات الأخرى التي تصطدم بالعقل وبخلق النبي وتحط من قدره وتخرجه من دائرة الرجولة والنضج والكمال البشري لتدخله في دائرة السفه والعشق المجنون بطفلة ولهوه معها . . - أرجوحة ودمى..
تروي كتب السنن أن رسول الله ( ص ) أصيب بحالة من الحزن والاكتئاب بعد وفاة خديجة فأراد الله أن يسري عنه فزوجه عائشة . .
يروي ابن سعد : وجد رسول الله ( ص ) على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة (1)..
ويروي مسلم عن عائشة قالت : قال رسول الله ( ص ) أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي . فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ( 2 ) . .
ويروي ابن سعد عن عائشة قالت : إن رسول الله قال لها : رايتك في المنام مرتين . أرى رجلا يحملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك . فاكشف عنها فإذا هي أنت . فأقول إن يك هذا من الله يمضه ( 3 ) . .
ومثل هذه الروايات تريد أن تؤكد حقيقة واحدة هي أن زواج عائشة بالرسول لم يكن زواجا عاديا وإنما كان زواجا قرانه جبريل وشهدت عليه الملائكة . وما ينبثق من هذا التصور هو أن تأخذ عائشة وضعا خاصا من دون نساء النبي يجعلها محظية الرسول وموضع سره . فمن ثم فإن تسليط الأضواء عليها من دون زوجات النبي يصبح أمرا مبررا . .
يروي مسلم عن عائشة قالت : تزوجني رسول الله ( ص ) لست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين . فقدمنا المدينة فوكعت شهرا فوفى شعري جميمة - أي تساقط شعري بسبب الحمى فلما شفيت تربى شعري فكثر وهو معنى فوفى شعري - فاتتني أم رومان - والدتها وهي أم رومان بنت عمير بن عامر - وأنا على أرجوحة ومعي صواحب فصرخت بي فأتيتها وما أدري ما تريدني فأخذت بيدي فأوقفتني على الباب فقلت هه هه . حتى ذهب نفسي فأدخلتني بيتا فإذا نسوة من الأنصار
ص 70
فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر . فأسلمتني إليهن وأصلحنني فلم يرعني إلا ورسول الله ضحى فأسلمتني إليه ( 1 )
ويروى عن عائشة أنها كانت تلعب بالبنات - العرائس - عند رسول الله قالت : وكانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن من رسول الله - يهربن منه - فكان يسربهن إلي ( 2 ) . .
قال النووي تعليقا على هاتين الروايتين بعد أن وصف الأرجوحة : المراد هذه اللعب المسماة بالبنات التي تلعب بها الجواري الصغار . ومعناه التنبيه على صغر سنها .
قال القاضي : وفيه جواز اتخاذ اللعب وإباحة لعب الجواري بهن وقد جاء في الحديث أن النبي رأى ذلك فلم ينكره . قالوا وسببه تدريبهن لتربية الأولاد وإصلاح شأنهن وبيوتهن . هذا كلام القاضي . ويحتمل أن يكون مخصوصا من أحاديث النهي عن اتخاذ الصور لما ذكره من المصلحة . ويحتمل أن يكون مخصوصا من أحاديث النهي عن اتخاذ الصور لما ذكره من المصلحة . ويحتمل أن يكون هذا منهيا عنه وكانت قصة عائشة هذه ولعبها في أول الهجرة قبل تحريم الصور ( 3 ) . .
وقولها : وكن ينقمعن أي يتغيبن في البيت حياء وهيبة له عليه السلام . ومعنى يسربهن يرسلهن . قال النووي : وهذا من لطفه عليه السلام وحسن معاشرته ( 4 ) . .
ومما ذكر الفقهاء حول هاتين الروايتين يتبين لنا أن الفقهاء إنما يتعاملون مع الروايات بمنطق التسليم المطلق خاصة إذا كانت هذه الروايات من جهة البخاري ومسلم . فهم لا يعنيهم أن يعملوا عقولهم في هذه الروايات لأن ذلك من المحظورات وإنما واجبهم ووظيفتهم أن يفسروها ويبرروها كي تدين الأمة بها . وفوق ذلك يستنبطون منها الأحكام . .
ص 71
لقد انشغل الفقهاء بدمي عائشة هل هي حرام أم حلال ؟ ولم ينشغلوا بالرسول وشخصه وهل يليق به هذا الوضع أم لا . . ؟
ويروي ابن سعد عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله ( ص ) يوما وأنا ألعب بالبنات . فقال : ما هذا يا عائشة . . ؟ فقلت خيل سليمان . فضحك ( 1 ) . .
ويروي أن النبي إذا دخل عليها وهي تلعب استتر بثوبه منها ( 2 ) . . إن الرواة لم يكتفوا بتزويج الرسول طفلة لم تبلغ الحلم بل زادوا الطين بلة بإضافة روايات أخرى تؤكد أن الرسول تفاعل مع هذا الوضع واندمج فيه وأخذ يلاعب عائشة تارة يجمع لها صواحبها وتارة يستتر منها. .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل يجوز مثل هذا الكلام في حق نبي خاتم ؟
وهل كان لدى الرسول من الوقت ليلهو مع عائشة . . ؟
أو السؤال الذي يجب أن يسبق هذه الأسئلة جميعا : ما الذي يضطر الرسول إلى الاقتران بطفلة وأمامه نساء العرب . . ؟
وأما هذه التساؤلات ليس إمامنا سوى أن نقر بأن مثل هذه الروايات اخترعت من قبل السياسة . والهدف هو تضخيم عائشة.. وتضخيم عائشة يعني تضخيم أبو بكر.. وتضخيم أبو بكر يعني تضخيم خط الحكام الذين سادوا بعد وفاة الرسول ( ص ) والذين استمدوا شرعيتهم من نظام أبي بكر . . وهذه اللعبة من أساسها هي من صنع معاوية الذي عجز عن إيجاد الدعم الشرعي لنظامه فعمل على تضخيم أبي بكر وعمر ليواجه بهما علي وخطه . .
ولما كان أبو بكر وعمر كلاهما في حاجة إلى نصوص لدعمهما برز دور عائشة . وما دور عائشة ليبرز دون أن تكون لها هذه المكانة التي خلقتها الروايات . .
ص 72
ولو كان الفقهاء مالوا إلى جانب الرسول ( ص ) ورفضوا هذه الروايات لفقدت عائشة دورها ومكانتها ولكشفت لنا الحقيقة جلية واضحة . لكنهم اتبعوا الآباء وقدسوا ما ورثوه عنهم . وبالتالي رفعت عائشة على حساب الرسول وأسهمت رواياتها في بناء الصرح القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول والذي ورثه معاوية في النهاية ليفرض على الأمة دينا ونهجا جديدا غير الذي جاء به الرسول ( 1 ) . .
- عائشة ونساء النبي :
يروي مسلم عن عائشة قولها : ما غرت على امرأة ما غرت علي خديجة ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها . ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى قالت : فأغضبته يوما فقلت خديجة ؟ فقال الرسول ( ص ) : " إني قد رزقت حبها " ( 3 ) . .
وفي رواية قالت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها ( 4 ) . .
وفي رواية قالت : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة . . ؟ فيقول الرسول ( ص ) : " إنها كانت وكانت . وكان لي منها ولد " ( 5 ) . .
لنعرض لأقوال الفقهاء حول هذه الروايات . .
قال القسطلاني عن الغيرة : فيه - أي الحديث - ثبوت الغيرة . وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عن من دونهن ( 6 ) . .
ص 73
وقال ابن حجر : إن عائشة كانت تغار من نساء النبي وكانت تغار من خديجة أكثر . . وخلائلها جمع خليلة أي صديقة . وهي أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها ( 1 ) . .
وقول الرسول ( ص ) إني قد رزقت حبها هو تصريح كاف من الرسول يبرر هذا الموقف العدائي من عائشة تجاه خديجة . وحين قالت عائشة للرسول إنها بديل خديجة الأفضل والخير . كان رده عليها حاسما بقوله : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس . وواستني بما لها إذ حرمني الناس . ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء . . وهذا الرد من الرسول لم يذكره البخاري ومسلم في رواياتهما التي انتهت بقول عائشة فأبدلك الله خيرا منها .
وإنما ذكر في رواية أحمد وغيره . . والبخاري ومسلم إنما قدما على سائر كتب الحديث لمثل هذا . فهما قد اختارا الروايات المبهمة والمبتورة فضلا عن الروايات التي تضفي المشروعية على الخط القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول . .
وإذا كان مسلم قد احتضن بعض الروايات التي تخص آل البيت والإمام علي خصوم هذا الخط . فإن البخاري أغلق الباب في وجهها تماما ولعل هذا هو سبب تقديمه على مسلم وتسليط الأضواء عليه . . فقول الرسول ( ص ) عن خديجة إنها كانت
وكانت . هي رواية البخاري الذي رفض قبول الروايات الأخرى التي تفصل مآثر خديجة ومكانتها العالية واختار هذه الرواية المبهمة . .
قال القرطبي : كان حبه ( ص ) لها - أي لخديجة - لما تقدم ذكره من الأسباب - في رواية أحمد - وهي كثيرة كل منها كان سببا في إيجاد المحبة . ومما كافأ النبي به خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها ( 2 ) . .
ص 74
وقول القرطبي هذا كما هو شأن سائر أقوال الفقهاء فيما يتعلق بحياة الرسول خاصة . إنما يهدف إلى تسطيح علاقة الرسول بخديجة وترفيغ هذه العلاقة من مضمونها الحقيقي وتصويرها بأنها علاقة شخصية بين رجل وامرأة . بين امرأة محضية مخلصة وهي خديجة . . ورجل وفي هو الرسول .
احترم خديجة وكبح جماح شهوته وعشقه للنساء طوال حياته حتى إذا ما ماتت أصبح يرتع في النساء . . هكذا يصور لنا قول القرطبي . . ولا شك أن مثل هذه الروايات إنما تقطع بأفضلية خديجة وعلو مقامها وأن عائشة لا توزن أمامها بشئ . وهذا هو سبب كراهيتها لها . .
يقول الرسول ( ص ) : " خير نسائها مريم . وخير نسائها خديجة " ( 1 ) . .
ويقول ( ص ) على لسان جبريل عن خديجة : " اقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب " ( 2 ) . .
وقد أقر الفقهاء بهذا وأجمعوا عليه لوضوح الأمر وضح الشمس ولعدم وجود روايات تضاهيها في حق عائشة . . إلا أن القوم تداركوا الأمر واخترعوا رواية مضحكة وشر البلية ما يضحك من أجل رفع مقام عائشة وتغطية مصائبها وآثامها التي سوف نعرض لها فيما بعد . .
تقول الرواية : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون . وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ( 3 ) . .
ص 75
قال القاضي : فضل الثريد لسرعة استساغته والتذاذه وإشباعه وتقديمه على غيره من الأطعمة التي لا تقوم مقامه وليس هو بنص في تفضيلها على مريم وآسية ويحتمل أن المراد نساء وقتها وليس فيه أيضا ما يشعر بترجيحها على فاطمة إذ يمكن أن يمثل فاطمة بما هو أرفع . وبالجملة يدل أن لعائشة فضلا كثيرا على النساء لا على قوم النساء ( 1 ) . .
وقال ابن حجر : وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد . . الخ . لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة . وقد أثار ابن حبان إلى أن أفضليتها التي يدل عليها هذا الحديث وغيره مقيدة بنساء النبي ( ص ) حتى لا يدخل فيها مثل فاطمة ( 2 ) . .
ويبدو من خلال هذه الأقوال إن الفقهاء يريدون الانتزاع فضيلة لعائشة غير أنهم يتخبطون في تحقيق المقارنة بينها وبين آسية ومريم وفاطمة ثم خديجة . وفي النهاية رجحوا كفتها على النساء النبي دون أن يستثنوا خديجة التي سبق الاجماع على أفضليتها وعظيم دورها . .
قال السبكي : ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل . ولكن الذي نختاره وندين به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة ( 3 ) . .
ومثل هذا القول المتناقض إنما يعود سببه إلى تخبط القوم في الروايات الواردة في السيدة خديجة وفاطمة . وعائشة وعدم محاولة تمييزها عن بعضها . فهم تحت ضغط السياسة يحاولون رفع عائشة وتلميعها رغم عدم وجود روايات صريحة في حقها . . إلا أن الأمر الملفت للنظر هنا هو أن الرسول الذي أوتي جوامع الكم لم يجد تعبيرا يعبر به عن فضل عائشة سوى مقارنتها بالطعام . . وهذا ادعى للشك في أن هذه القول منسوب للرسول . إذ أن تأمل الرواية من أولها يقود إلى اليقين أن جملة ( فضل عائشة على النساء ) الخ . .
ص 76
قد ألصقت بالرواية التي لا يظهر من نصها ما يفيد وجود ترابط في المعنى بين النص الخاص بمريم وآسية .
والنص الخاص بعائشة . . وليس هنا مقام بحث أفضلية خديجة على عائشة وإنما ما نريد إثباته هو مواقف عائشة ومدى شرعيتها.. أما عن موقف عائشة من حفصة بنت عمر بن الخطاب زوجة النبي ( ص ) فيروى أن النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة. وكان النبي إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر. فقالت: بلى. فركبت. فجاء النبي إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا. وافتقدته عائشة . فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر - نبات بري - وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني . ولا أستطيع أن أقول شيئا ( 1 ).
وهذه الرواية تعكس لنا صورة أخرى من صور غيرة عائشة من نساء النبي إلا أن غيرتها هذه المرة قد دفعت بها نحو محاولة الانتحار بوضع رجليها في حشيش تكثر فيه الهوام . وكل ذلك سببه أن حفصة استغفلتها وركبت بعيرها لتنعم وحدها بجوار الرسول . .
وبالتأمل في مثل هذه الرواية يتبين لنا أن فيها استخفاف كبير بالعقل وبالرسول في آن واحد .
إذ كيف لعائشة الغيورة أن تتسامح مع حفصة لهذا الحد وتعطيها بعيرها لتستأثر بالرسول وحدها..؟
وكيف للرسول لا يميز بين حفصة وعائشة وقد سلم عليها وسمع صوتها . . ؟
هل كشف الرسول أمر حفصة وأراد أن يتمادى معها في هذه اللعبة وهذا ما أثار عائشة ودفع بها نحو محاولة الانتحار . . ؟
وحفصة وعائشة هما اللتان أفشيتا سر الرسول ( ص ) وتظاهرتا عليه ونزلت فيهما آيات سورة التحريم . .
ويروى أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي اللتين قال الله تعالى فيهما : ( إن تتوبا إلى الله فقد صفت قلوبكما ) . . فقال عمر : هما حفصة وعائشة ( 1 ) . . وكان الرسول ( ص ) قد قرر اعتزالهما شهرا كاملا من شدة موجدته - أي ضيقه وغضبه - عليهن ( 2 ) . .
ويروي مسلم والنسائي عن عائشة قالت : أرسل أزواج النبي ( ص ) فاطمة ابنته إليه فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابة أبي قحافة . وأنا ساكتة - أي عائشة - فقال لها الرسول : أي بنية ألست تحبين ما أحب ؟ فقالت : بلى . قال : فأحبي هذه - أي عائشة - فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من أبيها ورجعت إلى أزواج النبي فأخبرتهن بالذي قال الرسول . فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شئ فارجعي إلى رسول الله فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة . فقالت فاطمة : الله لا أكلمه فيها أبدا . فأرسل أزواج النبي زينب بنت جحش وهي التي تساميني منهن في المنزلة - أي على مستوى جمالها وحسنها وحب الرسول لها - عند رسول الله . فاستأذنت - أي زينب - على الرسول وهو مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها الرسول فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة . .
قالت عائشة : ثم وقعت بي فاستطالت علي وأنا أرقب رسول الله وأرقب طرفه هل يأذن لي فيها . فلم تبرح زينب حتى عرفت أن الرسول لا يكره أن انتصر . فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها فقال الرسول مبتسما إنها ابنة أبي بكر . .
وفي رواية أخرى : فلما وقعت بها لم أنشبها أن أثخنتها غلبة ( 1 ) . .
لقد أوقفتنا هذه الرواية لنشاهد موقعة نسائية في بيت الرسول ( ص ) الذي يراقب أحداثها مبتسما ثم ينحاز في النهاية إلى صف عائشة ليس لشئ إلا لكونها ابنة أبي بكر . وقد حدد الرسول بهذا أن قيمة عائشة ومكانتها مستمدة من أبيها . فبسلطان أبيها فرضت نفسها على الرسول واستحوذت عليه وزادت من دلالها وعدوانها على بقية أزواج النبي . . من أجل عيون أبي بكر مال الرسول لعائشة وظلم أزواجه . .
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :
هل يتلاءم مثل هذا السلوك مع أدب النبوة . . ؟
وهل يمكن أن تكون زوجات النبي بمثل هذا الخلق . . ؟
هل من أدب النبوة أن لا يحترم النبي مشاعر زوجاته ولا يكلمهن أو يجيبهن وهو مضطجع بجوار عائشة في مرطها ( لحافها ) لا يتحرك من مكانه ؟
ثم هو في النهاية يبارك فعل عائشة وسبها لزينب . . ؟
والغريب أن النسائي قبل أن يروي هذا الحديث جاء بحديث مناقض له على لسان الرسول ( ص ) يقول : " من كان له امرأتان يميل لأحدهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقية مائل " ( 2 ) . .
ولسوف يرى القارئ في هذا الكتاب المزيد من عجائب الرواة والفقهاء الذين أجمعوا أن ميل الرسول لعائشة إنما هو أمر قلبي والقلوب بيد الله تعالى . .
قال النووي : قولها يسألنك العدل معناه يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب وكان ( ص ) يسوي بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه . أما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها ولا يلزمه التسوية فيها لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه ( 1 ) . . والنووي بقوله هذا إما أنه ساذج أو يستغفلنا . لأن الرواية من أساسها تتهم الرسول بعدم التسوية بين أزواجه في الأفعال والمبيت وهو ما سبب هذا الصدام بين زينب وعائشة . . وكان النووي يريد أن يؤكد لنا أن سبب ثورة أزواج النبي هو غيرتهن من ميل الرسول بقلبه نحو عائشة وهو تأكيد تدحضه الروايات التي تؤكد أن عائشة هي معشوقة الرسول الوحيدة . . ومن زينب إلى أم سلمه ومثال جديد لتطرف عائشة في حضرة الرسول ( ص ) . .
يروي أن أم سلمة زوج النبي ( ص ) أرسلت بقصعة فيها طعام إلى الرسول وهو عند عائشة . فضربت عائشة يد الرسول فسقطت القصعة فانكسرت . فجعل النبي يجمع بين فلقتي القصعة وهو يقول : " غارت أمكم " ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى : فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر - حجر - ففلقت به الصحفة . أي القصعة ( 3 ) . . ومثل هذا التصرف العدواني على رسول الله ( ص ) عده الفقهاء من باب الغيرة المسموح بها ولم يشغلوا أنفسهم ببحث مدى شرعية هذا التصرف الذي حدث على ما يظهر من الرواية على الملأ في حضور جمع من الصحابة وهم الذين خاطبهم الرسول
بقوله : " غارت أمكم " . . وقد علق أحد الفقهاء على هذه الرواية ببحث لغوي في معنى الكسرتين وأنهما بمعنى الفلقتين . وكان الرسول قد عوض أم سلمة بقصعة جديدة . فكان تعليقه هو : الظاهر أن القصعتين كانتا ملكا له
( ص ) وفعله كان لإرضاء من أرسلت الطعام وإلا فضمان التلف يكون بالمثل وهو ههنا القيمة إلا أن يقال القصعتان كانتا متماثلتين في القيمة بحيث كان كل منهما صالحة أن تكون بدلا للأخرى والله تعالى أعلم ( 1 ) . .
وهكذا تحول الأمر إلى قضية فقهية وسلطت الأضواء على القصعة ومدى الضرر الذي لحق بصاحبتها نتيجة لكسرها ونسي الرسول . . ولم ينحصر دور عائشة في محيط مشاكسة زوجات النبي والحط من قدرهن بل تجاوز هذا الحد إلى محاولة تقويم نساء النبي وتحديد مكانتهن وقدرهن بما لا يصطدم مع مكانتها العالية بالطبع . .
تروي عائشة خلالا ما أعطيتها امرأة . ملكني رسول الله ( ص ) وأنا بنت سبع سنين . وأتاه الملك بصورتي في كفه فنظر إليها وبنا بي لتسع سنين . ورأيت جبريل ولم تره امرأة غيري . وكنت أحب نسائه إليه . وكان أبي أحب أصحابه إليه . ومرض رسول الله في بيتي فمرضته . فقبض ولم يشهده غيري والملائكة ( 2 ) . .
وفي رواية أخرى : ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري . وأنزل الله براءتي من السماء . وكنت اغتسل أنا وهو من إناء واحد . ولم يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري . وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري . وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري ( 3 ) . .
وبهذه الرواية تسعى عائشة إلى تأكيد أفضليتها على نساء النبي بل على النساء أجمعين . فمن ثم فإن لغتها هي لغة استعلاء نابعة من المقام الذي صورته لنفسها وملكت به صلاحيته نقد وتقويم نساء النبي . .
وإذا كنا قد ناقشنا سابقا مسألة سن عائشة وتاريخ ارتباطها بالرسول . ومسألة أفضلية خديجة عليها وأنا أحب النساء إلى النبي لا عائشة . فبهذا تكون عائشة قد فقدت ميزتان من مميزات القوامة التي تدعيها لنفسها . وبقيت ميزة رؤية جبريل ومكانة أبيها عند الرسول ومرضه في بيتها . وهذه ادعاءات تدحضها روايات أخرى . .
أما مسألة رؤيتها لجبريل فهو أمر لم يصح ولم يقل به أحد من الفقهاء . والكل مجمع أن شخص جبريل لم تتح رؤيته إلا لرسول الله وحده . .
وأما مسألة مكانة أبيها فالكم الهائل من الروايات الواردة في الإمام علي تؤكد أنه صاحب المقام العال والمكانة من الرسول لا أبي بكر . . وقد شهدت عائشة بذلك . . روي أن أبا بكر استأذن على النبي ( ص ) فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول : والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي ( 1 ) . .
أما مسألة مرض الرسول ( ص ) ووفاته في بيتها وعلى صدرها فهناك روايات أخرى تؤكد أن الرسول حال مرضه كان في رعاية علي ومات بين يديه . .
روي : قبض رسول الله ورأسه في حجر علي ( 2 ) . .
وروي " توفى رسول الله ( ص ) ورأسه في حجر علي وغسله علي والفضل محتضنه ( 3 ) ..
وسئل ابن عباس أن عائشة تقول : توفى رسول الله بين سحري ونحري . فقال : أتعقل ؟ والله لتوفى رسول الله وإنه لمستند إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس ( 4 ) . .
وفيما يتعلق ببراءة عائشة من السماء في حادثة الإفك التي ارتبطت بغزوة بني المصطلق فمن حيث التحقيق التاريخي هناك شك في ارتباط عائشة بهذه الحادثة ( 1 ) . .
أما ما ادعته عائشة من مميزات أخرى مثل اغتسالها مع الرسول في إناء واحد ونزول الوحي في لحافها واعتراضها صلاة الرسول وهي نائمة فذلك سوف نعرض له فيما بعد . . تقول عائشة عن سودة بنت زمعة زوج النبي ( ص ) : ما من الناس امرأة أحب إلى أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زعمة إلا أنها امرأة فيها حسد ( 2 ) . .
وتقول : وددت أن كنت استأذنت رسول الله ( ص ) كما استأذنته سودة فأصلي الصبح بمنى قبل أن يجئ الناس . فقالوا لعائشة : استأذنته سودة ؟ فقالت : نعم . إنها كانت امرأة ثقيلة ثبطة فأذن لها ( 3 ) . .
وتقول عن أم سلمة : لما تزوج رسول الله ( ص ) أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكروا لنا من جمالها . قالت : فتلطفت لها حتى رأيتها . فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال . قالت : فذكرت ذلك لحفصة - وكانتا يدا واحدة -
فقالت : لا والله إن هذه إلا الغيرة . ما هي كما تقولين . فتلطفت لها حفصة حتى رأتها . فقالت : قد رأيتها . لا والله ما هي كما تقولين ولا قريب وإنها لجميلة . قالت - أي عائشة - : فرأيتها بعد فكانت لعمري كما قالت حفصة ولكني كنت غيري
( 4 ) . .
وتروي عائشة : دعتني أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي ( ص ) عند موتها فقالت : قد كان يكون بيننا وبين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك . فقلت : غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحللك من ذلك ( 5 ) . .
وتقول عن زينب بنت جحش : لم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب . . ما عدا سورة من حدة وكانت فيها تسرع ( 1 )
وتقول عن زينب وأم سلمة : كانت زينب وأم سلمة لهما عنده مكان . وكانتا أحب نسائه إليه فيما أحسب بعدي ( 2 ) . .
ويروى أن عائشة لما رأت صفية بنت حيي زوج النبي - وكانت يهودية من سبى خيبر - قال لها رسول الله ( ص ): " كيف رأيتها يا عائشة "..؟ قالت : رأيت يهودية. قال الرسول: " لا تقولي هذا فإنها قد أسلمت " ( 3 ) . .
ومن هذه الروايات وغيرها يتبين لنا أن عائشة لم تكن مجرد زوجة للنبي ( ص ) وإنما كانت بالإضافة إلى ذلك امرأة مهيمنة متدللة متعالية استحوذت على الرسول وتحدث بلسانه واطلقت لسانها في نسائه . كما يتبين لنا أن الرسول ( ص ) راض عن هذا الوضع وسعيد به . وبدا وكأنه لا يجرؤ على التصدي لها ومقاومتها بسبب عشقه البالغ لها . .
- عائشة والنبي : وكما صورت لنا الروايات السابقة أطراف من حال عائشة مع نساء النبي سوف نعرض هنا لروايات أخرى تعرض لحالها مع النبي ( ص ) وما كان يبدر منها من مواقف وسلوكيات في حضرته وداخل بيته . .
يروى أن رسول الله ( ص ) كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه . فأنزل الله عز وجل ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) إلى آخر الآية ( 4 ) . .
ويروى أن عائشة قالت : التمست رسول الله ( ص ) فأدخلت يدي في شعره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 ترجمة عائشة . باب ذكر أزواج رسول الله . .
( 2 ) زواج الرسول عائشة في السادسة ودخوله بها في التاسعة رواية تتفق عليها جميع كتب السنن . أنظر البخاري كتاب النكاح ومسلم .
( 3 ) فتح الباري ج 7 / 107
( 4 ) وإذا حسبت على أساس أن الرسول قضي في مكة عشر أعوام حسب رواية مسلم ( كتاب الفضائل باب كم بقي النبي في مكة والمدينة ) يكون تاريخ ميلادها في السنة الثانية . ( * )
* ( هامش )*
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . ترجمة عائشة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) كتاب النكاح . . ( 2 ) كتاب النكاح . .
( 3 ) كتاب الأنكحة . . ومثل هذه الروايات يضعها الفقهاء تحت عنوان : باب تزويج الصغار . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . وقد حاول الفقهاء احتواء هذه الرواية فقالوا إن عبد الله الذي كنت به عائشة هو ابن أختها أسماء وهو عبد الله بن الزبير . وكيف هذا وهي تكنى بأم المؤمنين . . ؟
( 2 ) أنظر طبقات ابن سعد والبخاري ومسلم وسيأتي عرض مواقف عائشة من نساء النبي .
( 3 ) كتاب النكاح . باب في المقام عند البكر . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . .
( 2 ) باب فضل عائشة . .
( 3 ) طبقات ابن سعد ج 8 . . وانظر نماذج مثل هذه الروايات في كتب السنن . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) كتاب النكاح . ومثله في البخاري وكتب السنن وطبقات ابن سعد . .
( 2 ) كتاب فضائل الصحابة . باب فضل عائشة . .
( 3 ) مسلم كتاب النكاح طبعة استانبول . هامش تزويج الأب البكر الصغيرة . ط دار الجيل بيروت .
( 4 ) المرجع السابق . باب فضل عائشة وانظر فتح الباري ح 9 / كتاب النكاح . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) طبقات ابن سعد ج 8 . . ( 2 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) أنظر لنا كتاب السيف والسياسة . . ( 2 ) باب فضل خديجة . . ( 3 ) المرجع السابق . .
( 4 ) المرجع السابق وانظر البخاري كتاب مناقب الأمصار باب تزويج النبي خديجة . .
( 5 ) أنظر البخاري . . ( 6 ) فتح الباري ج 7 / 136. وهامش مسلم طبعة استانبول . باب فضائل خديجة . . ( * )
73
* ( هامش ) *
( 1 ) فتح الباري ج 7 / 136 ( 2 ) فتح الباري ج 7 / 137 . . ( * )
74
* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري باب تزويج النبي خديجة . . ( 2 ) المرجع السابق . . ومثله في مسلم . .
( 3 ) مسلم باب فضل خديجة . . والبخاري باب فضل عائشة . . ( * )
75
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم هامش باب فضل خديجة . . ( 2 ) فتح الباري ج 7 / 107 ( 3 ) المرجع السابق ج 7 / 139 . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم كتاب فضائل الصحابة . باب فضل عائشة . . والبخاري كتاب النكاح . باب القرعة بين النساء . . وليس هناك ما يؤكد أن الرسول كان يصطحب النساء معه في الخروج . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم باب فضل عائشة . والنسائي كتاب عشرة النساء باب حب النساء . وفي رواية النسائي : ثم أقبلت تشتمني فشتمتني . . فاستقبلتها فلم ألبث أن أفحمتها . .
( 2 ) أنظر شرح النووي لمسلم . وهامش طبعة استانبول . وطبقات ابن سعد . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) أنظر مسلم كتاب الطلاق . باب في الايلاء واعتزال النساء وتخييرهن . .
( 2 ) كتاب حب النساء . باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض . . وانظر ابن ماجة باب القسمة بين النساء . ويذكر أن الراوي هنا هو أبو هريرة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم . هامش باب فضل عائشة . . ( 2 ) النسائي . كتاب عشرة النساء . باب الغيرة . . ( 3 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) حاشية السندي . هامش المرجع السابق . . ( 2 ) طبقات ابن سعد ج 8 ترجمة عائشة . . ( 3 ) المرجع السابق . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي . أنظر فتح الباري ج 7 2/ ( 2 ) ابن سعد ج 2 . باب ذكر من قال توفي رسول الله في حجر علي . .
( 3 ) المرجع السابق . . ( 4 ) المرجع السابق . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) قيل إن المقصود بحادثة الإفك مارية القبطية . أنظر تفاصيل الحادثة في سيرة ابن هشام ح 3 غزوة المصطلق وخبر الإفك . وانظر المراجع التاريخية الأخرى . . ( 2 ) ابن سعد ح 8 / ترجمة سودة . . ( 3 ) المرجع السابق . . ( 4 ) المرجع السابق . ترجمة أم سلمة . . ( 5 ) ابن سعد ج 8 ترجمة أم حبيبة . . ( * )
* ( هامش ) *
( 1 ) مسلم باب فضل عائشة . .
( 2 ) ابن سعد ج 8 ترجمة زينب بنت جحش . .
( 3 ) المرجع السابق ترجمة صفية بنت حيي .
( 4 ) النسائي كتاب عشرة النساء . باب الغيرة .(*)
.
Gazbia Sirry - Egypt