نقوس المهدي
كاتب
القيت هذه المحاضرة في المعهد الألماني للدراسات الشرقية في تموز 1999
الجسد هو مكاني وزماني، الجسد هو مساحتي الوجودية الوحيدة، هو حدودي النهائية واللانهائية. إنه عالمي الأول والأخير، المادة الاولى التي اكتشفتها عندما بدأت اكتشف العالم في طفولتي. إنه المادة الأغرب التي بدأت ربما أتساءل حول معناها في تلك السن المبكرة. الجسد هو علاقتي الاولى بالعالم الخارجي، انه صلة الوصل بين ذاتي والآخر، بين مادتي ومادة الآخر، بين حواسي وحواس من ليس أنا. الجسد هو وعيي الاول والوحيد ازاء الوجود، هو الحافز لتساؤلاتي حول وجودي، هو الفاصل بين الوجود وعكسه.
الجسد هو ما حرضني، منذ البدء على الانتباه الى الوقت، هو ما جعلني أقلق على الوقت، على المسافة التي تفصلني بين الجسد وعدمه.
وهذه المسافة، هي حدود جسدي المأسوية، هي تذكيري الدائم والمؤلم بنهاية محتمة لا مفر منها. هذه المسافة هي مصدر خوفي لكنها مصدر نشوتي في آنٍ واحد. والنشوة هنا لا أقصد بها ذروة الاكتفاء الآلي في العملية الجنسية الغريزية، انما تلك المرتبطة عضوياً بفكرة الموت المقدس.
فإذا كان الجسد مصدر الحياة والموت البيولوجيين وبسببها، هو أيضاً نقطة الانطلاق نحو عالم الموت اللاهوتي. النشوة التي ذكرتها اذن هي تلك المقبلة من هذه المأساة الميتافيزيكية، حيث بلوغ الجسد ذروة الزوال في الفعل الايروسي يشبه ذروة الزوال في فعل الموت. بكلمة أخرى، النشوة الايروسية لا تعني قمة الفرح الدنيوي، بل قمة الابتهاج الجهنمي. اذن الايروسية تحمل في طياتها معنى الجسد الجحيمي والنعيمي في آنٍ واحد، من هنا ارتباط الايروسية باللاهوت، فالأخير قائم على الازدواجية الكلاسيكية المعروفة: العذاب والهناء، الجحيم والنعيم، الحياة من اجل ذروة الموت، والموت من اجل ذروة الانتشاء بفضل التلاشي في العدم، اي الذوبان به، وبفراغ اللاشيء الجميل، ذلك الفراغ الاولي الذي لم يعرف الولادة ولا المنية، الفراغ الذي يعيدنا الى الاتحاد بالعناصر الطبيعية الاولى، تلك غير الواعية وغير العارفة.
إذن في الايروسية مفهوم التضحية المقدسة حيث الموت يمثل الهدف والخلاص، حيث الجسد يفنى كي ينتعش الروح.
وعندما يكون الموت خرقاً للحدود الفاصلة بين الوجود واللاوجود، تكون الايروسية في هذا المعنى خرقاً للحياة "الطبيعية" البيولوجية، انتهاكاً لحدودها "الآمنة"، من أجل دخول عالم "ايروس" الممنوع والمحرّم، المغري والجذاب، القاتل بعنفه وجماله. اعني عنف الرغبة وجمال الاحساس بها.
من هنا اقتراب معنى الايروسية من معنى القدسية، ويقول المفكّر الفرنسي جورج باتاي في هذا الصدد: "ايروس، هو قبل كل شيء الإله المأسوي". وفي مكان آخر: "إنما انتهاك المحرم هو الذي يسحر" (...) وينير ما يحرّمه بنور مشؤوم وسموي في الوقت ذاته: انه ينيره، بكلمة اخرى، بنور ديني".
ونستطيع القول، ان الحب الايروسي (اذ ما من ايروسية بدون حب والعكس صحيح) قائم اولاً وآخراً على عنصر الرغبة.
وصفت في "البيت المائل والوقت والجدران" جسدين مشدودين احدهما الى الآخر، وصفتهما في ذروة الرغبة المتبادلة، اي في قمة ايروسيتهما. بكلمة اخرى، وصفت تراجيدياً جسدين متجاذبين – متنافرين. لكن، وعلى عكس ما قد يتصور كل من لم يقرأ الكتاب، لم أصف اي مشهد جنسي، ولا حتى اي جزء من اجزاء الجسد. فالجسدان في كتابي هما قبل كل شيء عبارات عن حركتين مكثفتين داخل مكان ما محدد الموقع والمساحة، داخل غرفة غير واضحة المعالم. الجسدان ايضاً غير واضحي الملامح، وكل ما امنحهما من نعت، هو البياض، ذلك اللون الذي يعزلهما، احدهما عن الآخر، كما عن العالم الذي يحوطهما. بل كل ما امنحهما، هو ذلك التوتر الشديد بينهما. الاجساد الايروسية هي الاجساد التي تتخطى مفهوم اللذة لكي تتحول ايماءات متشنجة وصامتة بين اربعة حيطان بيضاء. كما نرى هنا، الحيطان ايضاً تتلوّن بالبياض، وهو لون يتكرر عندي بكثافة، لون قد يدل على جحيمية الموقف والمشاعر، على صعوبة الوضع الوجودي التي رأت نفسها فيها تلك الاجساد، والصعوبة لا تولد فقط من العجز عن التواصل، بل ايضاً مما قد أسميه "الحد الفاصل"، هذه النقطة الجوهرية حيث تفترق فيها طريق اللذة المكتفية، او العملية الجنسية الغرائزية، عن طريق الرغبة غير المكتملة، اي ما يسبق الاكتفاء، اعني ذلك الشعور بالانجذاب والاشتياق.
الا ان هذه الرغبة غير المحققة لا تغدق على صاحبها مباهج النعيم، بل العكس تماماً، تغمره بأحاسيس الخوف والموت والضياع والفراغ.
الجسدان اللذان اصفهما في "البيت المائل..."، ينتميان الى تلك الفئة الملعونة من البشر، حيث معنى الحب يرافقه معنى الموت، وحيث مفهوم الوقت يرافقه مفهوم الزوال، وما الاخير سوى الوجه الآخر للأبدية، ذلك التماهي بالكون وذلك الامحاء!
الايروسية هي اذن هذا النوع من العلاقة، حيث الحب يلد الرغبة والرغبة تلد الدرامية. وعودة الى فكرة التجاذب – التنافر، فالدرامية لا تظهر الا في مناخ كهذا من المد والجزر، اعني في الغموض والالتباس في الاحاسيس. اقول هذا لأنه بدون الالتباس لا تنضج الايروسية الحقيقية التي هي أصلاً ملتبسة بفعل انتمائها في آنٍ واحد الى الجسد والى ما بعده، اعني الى الفيزيك والميتافيزيك. هذا يعيدنا بدون شك الى فكرة الابدية او التماهي بالكون مثلما ذكرته اعلاه، فكرة متصلة اتصالاً وثيقاً في كتابي، بالطقوس الديونيزية. وقد اقول ان "البيت المائل..." قائم اساساً على ميثولوجيا ديوينزوس التي كنت دائماً، وما زلت، اشعر بتقارب قوي بيني وبينها، بسبب انتمائها الى عالم التراجيديا، اي العنف في المشاعر، كالرغبة العارمة ومأساة عدم بلوغها. وغالباً ما تكون مشاعر الرغبة الصاخبة نابعة من الاحساس العنيف والجامح برغبة عميقة في الالتصاق بكل ما هو لاهوتي. بكلمة اخرى، اريد بذلك ما اشرت اليه اعلاه، وهو ان عنف الرغبة يؤدي دائماً الى الرغبة في الموت. والاخير هو اصلاً شعور لاهوتي محض نحمله في لا وعينا منذ الانسان الاول. الاجساد اذن في "البيت المائل..." تمثّل تلك الايروسية الديونيزية القائمة على هذا المحور الثلاثي: الموت، اي الزوال والذوبان بالأزل – المحرم، اي الجنس واللاهوت والمجازفة في خرقهما وانتهاكهما – الرغبة، اي التوتر الصاخب الذي يرافق الاجساد الايروسية.
نعود مرة اخرى الى جورج باتاي الذي يقول: "في البدء، كما يبدو، كان لممارسة الباخوسيات في اليونان معنى يتجاوز الفعل الجنسي المرح والطالب اللذة فحسب. فالممارسة الديونيزية كانت في البداية شديدة اللاهوتية، كانت اذن حركة ملتهبة، حركة ضائعة. (...)
كان الطقس الديونيزي اساساً مأسوياً. وفي الوقت ذاته كان ايروسياً، وذلك في هاذية. لكننا من جهة اخرى نعرف ان طقس ديونيزوس كان ايروسياً بقدر ما كان تراجيدياً... في اي حال، كان اول ما كان تراجيدياً اذن، انما في هول التراجيديا هذا ادخلته الايروسية". وهكذا، نرى كيف ان الايروسية تكون قد انجزت حركتها الجحيمية في لعبة تبدأ عنيفة لتنتهي كذلك عنيفة.
فالجسدان اللذان اصفهما، هما جسدان هاذيان، حيث تكريس معنى العطاء والتضحية بدون حدود، وذلك من اجل التوبة. اذن الجسدان اللذان أتناولهما يجهلان الممارسة الفورية والمباشرة للذة اذ هما يتجاوزانها نحو آفاق ميتا – جسدية حيث الرغبة والخوف، حيث الاشتياق الى اللذة ومحاولة تخطيها في آنٍ واحد، لأن المبتغى هو دائماً أبعد وأعمق وأجمل.
الجسدان اللذان أتكلم عليهما لا يعرفان احدهما الآخر اذ يعيش كل واحد في هاجس الوصول الى الآخر، يتغذى من صورة الجسد الثاني، من فكرته اعني، لا من مادته. وكأن مع تحقيق المادة تموت الايروسية وكل ما تنتجه هذه الفكرة من حالات وصولاً الى الحالة الفورية – الكتابية.
هكذا عاش جسداً كتابي الحالة الميتا – جسدية، وهي حالة هاذية وجحيمية كما قلت، لأنها تجعلهما يتذوقان بعنفٍ ازدواجية الالتباس، يتذوقانها بإمتياز. فمن جهة يعيشان جسدهما الفيزيكي بكلية وعمق وشغف، ومن جهة اخرى يتوقان، من خلال حدود هذا الجسد المادية، نحو صورة الجسد، نحو لا حدوديته، نحو انعكاسه البراّق وماورائية مكانه وزمانه، هذا ما اسميه ديونيزية الاجساد حيث تتداخل المعاني الفيزيكية والميتا– فيزيكية وتتقاطع حتى الهذيان الجحيمي، المميت، الخانق.
الاجساد في "البيت المائل..." تعيش الشغف حتى الموت، تعيش الاشتياق حتى الجنون. فعندما تتجاوز الاجساد الاحاسيس السريعة والسطحية تكون قد دخلت طور التناقضات القاتلة، تلك التي تروم المادة لكنها تروم ايضاً اثيرها، هالتها، بل تكون قد دخلت مدار الثنائية الجهنمية المهلكة. نعم؟ يهلك الجسدان في بحثهما، احدهما عن الآخر في ما بعد حدودهما المكانية والزمنية. يهلك الجسدان في مطاردة مأساتهما عبر تجاوز الواحد للآخر رغبةً منهما في القبض على ايروس اللاهوت، اعني على ذلك الجسد الصاخب والطاهر في آنٍ معاً، المدنّس والمقدّس، الزائل والأزلي.
وعودة الى مفهوم التوبة الذي ذكرته آنفاً، نرى في جسدَي "البيت المائل..." هذا النزوع الى الاغتسال من الخطيئة، وهذا الندم لفعل اثم ما.
فتتكرر في الكتاب فكرة براءة الجسد وتبرئته من فعل الكتابة، مفهوم لطالما تردد بكثرة ايضاً في كتاب سابق وهو "بدءاً من. او ربما". وهكذا نلاحظ ان "البيت المائل..." يحمل في طياته اثمين كبيرين، الاول هو الفعل الايروسي والثاني هو الفعل اللغوي. واذا كانت الايروسية فعلاً جحيمياً أكيداً، حتى لو كان هذا الفعل متصلاً تلقائياً بالمعاني الصوفية – اللاهوتية (فعلينا الا ننسى ازدواجية الاتجاهات الميتا – فيزيكية التي غالباً ما تنتهي الى الهوة الجهنمية)، فالكتابة ايضاً فعل جحيمي آخر، حيث يصبح الفعلان جلادي الجسد الضحية. اصف الجسد كذلك لأنه ما ان دخل طور الايروسية فقد طهارته الاولى، سذاجته البدائية، تلك التي تعرفهما النباتات والحيوانات، وكلها تنتمي الى الدورة الطبيعية الجارية تلقائياً لا فكرياً. ايضاً، ما ان دخل الجسد طول الفعل الكتابي فقد مجانية فعل الحياة ليغرق اكثر فأكثر في وحل آثام الكتابة هذه. فالأخيرة، كما أصفها في كتابي، هي فعل الخطيئة بامتياز كونها انفصلت عن المطلق لكي تبدأ فعل التيه والمتاهة، واعني فعل الخطأ. فكثيراً ما أتناول موضوع الكتابة من هذه الزاوية المرعبة، لاعتقادي ان المطلق هو مكان النعيم وزمانه، وانه يتمثل في حرف واحد ذهبي نقدي ابدي لم يلد ولو يولد، بل هكذا كان منذ الازل.
ثم جاء الفعل الكتابي كعنصر تمرّد، كتعبير عن تحد وكبرياء خدش ذلك الحرف الاول، حفر فيه، نحت داخله، خرّبه، اضاع مركزه، صار يكرره بحثاً عنه، ينسخه الى ما لا نهاية، رغبة منه في العودة الى الاصل. الا انه كلما تعمّق بحثه كان يخسر فرصة الايجاد، حتى ابتعد نهائياً عنه، متدخرجاً في هاوية بلا قعر، في انزلاق جهنمي لا خلاص منه. الكتابة اذن تشبه حالة السقوط عبر خطأ الاعادة، عبر خطيئة التجزئة. يقول جاك دريدا في هذا السياق: "مكرر، الخط ذاته لا يعود تماماً هو ذاته، الدائرة لا تعود تملك نقطة الوسط ذاتها، فالأصل خدعة". وعندما يضيع اصل الحرف، لا يبقى امام الكتابة سوى الريبة، حالة الخطيئة بامتياز، وعندما تضيع مباشرة الجسد، لا يبقى امام المرء سوى هول التشكيك.
وقد أشبّه الفعلين الخاطئين، الايروسية والكتابة، بفعل الانعكاس المرآتي (نسبة الى المرآة)، حيث الاصل هو وليس هو، وحيث الصورة هو مادة الاغراء، بل الهدف الاساسي. فإذا مددنا يدنا الى تلك الزجاجة المعاكسة، لمسنا الجسد ولم نلمسه، اذ هو موجود وغير موجود، هي في السطح وفي القعر، لكن اين قعر المرآة؟ هنا بالذات تقع جهنمية الفكرة، جحيمية المتيافيزيكية، اي في ما بعد الجسد المتمثل في الايروسية، ما بعد – الكلمة المتمثل في الكتابة. لذا أردت في "البيت المائل..." ان اكرر تبرئة الجسد من كل هذه الخطايا، اردت الاحتفاظ به قدر الامكان في دائرة الطهارة التي أصلاً ولد فيها، ومن هنا الشعور بالذنب المفرط والرغبة العارمة في التوبة.
اذن اجسادي الايروسية هي اجساد بريئة وقعت رغماً عنها في الخطيئة التي مع ذلك كأنها (الخطيئة) شرّ لا بد منه. فها هي الاجساد تتمرغ في لذة العذاب، فهي لا تتراجع ولا تكف عن الغوص في الحالة المميتة تلك. بل كأننا امام اشخاص يرومون الموت بشدّة تعلقهم بالحياة، او بكلمة اخرى يرغبون في الحياة الى درجة الموت.
ايضاً يقول جورج باتاي في هذا الصدد: "الايروسية هي اقرار الحياة حتى في عمق الموت... فإن تعلّق الامر بالايروسية المحض (الحب – الوجد) او بالشهوانية الجسدية فحسب، الحدة هي الاقوى كلما لاح موت الانسان ودماره... فمعرفة الوجد لا تربط فقط الحب بالوضوح، انما ايضاً بالعنف والموت – لأن الموت كما يبدو، هو حقيقة الحب. كذلك الحب هو حقيقة الموت".
في الصفحة الاولى من "البيت المائل..." قلت: "(...) اشتهيت الموت لأني اشتهيت الحياة، الحياة بموتها، الحياة كي لا أموت، لكني متّ ميتتين، أكثر من ميتة متّ". فالجسدان في كتابي اراهما في صخبهما حتى العنف، في وجدهما حتى الموت. وهما ممزقان بين وضوح قمة الشغف والتباس هوة الرغبة.
انهما يتألمان وينزفان بين ضفتي ذاك الحب العميق، تتجاذبهما ثنائية الشعور المسيطر بحدة من يختبر الوجد حتى الموت وكثافته.
كأن الموت هو الحقيقة النهائية الواحدة والمطلقة في فعل الحب، كأنه الهدف والمرام، بل هو النتيجة وقد يكون السبب. اقول السبب لأن الحياة وصفتهما في كتابي، اعني الرغبة في الحياة، لفرط ما كانت كثيفة وحادة، التصقت بطرفهما الآخر، لاقت وجهها الثاني، ذابت فيه حتى المزج التام وعدم التمكن من التمييز. عاش الجسدان شغف حتى تخومه النهائية، تلك الحدود الفاصلة التي تضعنا على عتبة المناطق الخطرة، مناطق لا دخول اليها تماماً، ولا خروج منها اطلاقاً، اعني مناطق الموت الخانق حيث كثافة الحياة حتى اقصاها، والحد الاقصى هو دائماً نهاية الشيء وبداية نقيضه – شبيهه.
هكذا افهم الجسد، هكذا اراه منتهياً، اي مبتدئاً في الحدة ومنتهياً فيها، اراه صاخباً، هاذياً، كثيفاً، لكن ضمن شروطه الايروسية الحقيقية.
وأشير هنا الى ان الايروسية قد تكون عبارة عن نظرة، او لمسة عابرة. فما يهم في هذه المادية الجسدية، هو تلك الكهرباء التي يخلقها الجسدان، تلك الايحاءات بالرغبة، ذلك التوتر الذي يجمع ويفصل، ذلك الصمت الذي يؤدي الى الجنون والموت.
شرط الايروسية الحقيقية هو عدم الاكتفاء، شرطها خوض المشاعر العميقة بحدة وصخب. فالايروسية هي الشحنة المغناطيسية التي تحلم بالوصول ولم تصل. شرط الايروسية عدم بلوغ الشهوانية الغريزية، انما بلوغ معنيي اللاهوت والموت.
هكذا ارى الجسد – الحب – الوجد في الكتابة.
.
Kacimi
الجسد هو مكاني وزماني، الجسد هو مساحتي الوجودية الوحيدة، هو حدودي النهائية واللانهائية. إنه عالمي الأول والأخير، المادة الاولى التي اكتشفتها عندما بدأت اكتشف العالم في طفولتي. إنه المادة الأغرب التي بدأت ربما أتساءل حول معناها في تلك السن المبكرة. الجسد هو علاقتي الاولى بالعالم الخارجي، انه صلة الوصل بين ذاتي والآخر، بين مادتي ومادة الآخر، بين حواسي وحواس من ليس أنا. الجسد هو وعيي الاول والوحيد ازاء الوجود، هو الحافز لتساؤلاتي حول وجودي، هو الفاصل بين الوجود وعكسه.
الجسد هو ما حرضني، منذ البدء على الانتباه الى الوقت، هو ما جعلني أقلق على الوقت، على المسافة التي تفصلني بين الجسد وعدمه.
وهذه المسافة، هي حدود جسدي المأسوية، هي تذكيري الدائم والمؤلم بنهاية محتمة لا مفر منها. هذه المسافة هي مصدر خوفي لكنها مصدر نشوتي في آنٍ واحد. والنشوة هنا لا أقصد بها ذروة الاكتفاء الآلي في العملية الجنسية الغريزية، انما تلك المرتبطة عضوياً بفكرة الموت المقدس.
فإذا كان الجسد مصدر الحياة والموت البيولوجيين وبسببها، هو أيضاً نقطة الانطلاق نحو عالم الموت اللاهوتي. النشوة التي ذكرتها اذن هي تلك المقبلة من هذه المأساة الميتافيزيكية، حيث بلوغ الجسد ذروة الزوال في الفعل الايروسي يشبه ذروة الزوال في فعل الموت. بكلمة أخرى، النشوة الايروسية لا تعني قمة الفرح الدنيوي، بل قمة الابتهاج الجهنمي. اذن الايروسية تحمل في طياتها معنى الجسد الجحيمي والنعيمي في آنٍ واحد، من هنا ارتباط الايروسية باللاهوت، فالأخير قائم على الازدواجية الكلاسيكية المعروفة: العذاب والهناء، الجحيم والنعيم، الحياة من اجل ذروة الموت، والموت من اجل ذروة الانتشاء بفضل التلاشي في العدم، اي الذوبان به، وبفراغ اللاشيء الجميل، ذلك الفراغ الاولي الذي لم يعرف الولادة ولا المنية، الفراغ الذي يعيدنا الى الاتحاد بالعناصر الطبيعية الاولى، تلك غير الواعية وغير العارفة.
إذن في الايروسية مفهوم التضحية المقدسة حيث الموت يمثل الهدف والخلاص، حيث الجسد يفنى كي ينتعش الروح.
وعندما يكون الموت خرقاً للحدود الفاصلة بين الوجود واللاوجود، تكون الايروسية في هذا المعنى خرقاً للحياة "الطبيعية" البيولوجية، انتهاكاً لحدودها "الآمنة"، من أجل دخول عالم "ايروس" الممنوع والمحرّم، المغري والجذاب، القاتل بعنفه وجماله. اعني عنف الرغبة وجمال الاحساس بها.
من هنا اقتراب معنى الايروسية من معنى القدسية، ويقول المفكّر الفرنسي جورج باتاي في هذا الصدد: "ايروس، هو قبل كل شيء الإله المأسوي". وفي مكان آخر: "إنما انتهاك المحرم هو الذي يسحر" (...) وينير ما يحرّمه بنور مشؤوم وسموي في الوقت ذاته: انه ينيره، بكلمة اخرى، بنور ديني".
ونستطيع القول، ان الحب الايروسي (اذ ما من ايروسية بدون حب والعكس صحيح) قائم اولاً وآخراً على عنصر الرغبة.
وصفت في "البيت المائل والوقت والجدران" جسدين مشدودين احدهما الى الآخر، وصفتهما في ذروة الرغبة المتبادلة، اي في قمة ايروسيتهما. بكلمة اخرى، وصفت تراجيدياً جسدين متجاذبين – متنافرين. لكن، وعلى عكس ما قد يتصور كل من لم يقرأ الكتاب، لم أصف اي مشهد جنسي، ولا حتى اي جزء من اجزاء الجسد. فالجسدان في كتابي هما قبل كل شيء عبارات عن حركتين مكثفتين داخل مكان ما محدد الموقع والمساحة، داخل غرفة غير واضحة المعالم. الجسدان ايضاً غير واضحي الملامح، وكل ما امنحهما من نعت، هو البياض، ذلك اللون الذي يعزلهما، احدهما عن الآخر، كما عن العالم الذي يحوطهما. بل كل ما امنحهما، هو ذلك التوتر الشديد بينهما. الاجساد الايروسية هي الاجساد التي تتخطى مفهوم اللذة لكي تتحول ايماءات متشنجة وصامتة بين اربعة حيطان بيضاء. كما نرى هنا، الحيطان ايضاً تتلوّن بالبياض، وهو لون يتكرر عندي بكثافة، لون قد يدل على جحيمية الموقف والمشاعر، على صعوبة الوضع الوجودي التي رأت نفسها فيها تلك الاجساد، والصعوبة لا تولد فقط من العجز عن التواصل، بل ايضاً مما قد أسميه "الحد الفاصل"، هذه النقطة الجوهرية حيث تفترق فيها طريق اللذة المكتفية، او العملية الجنسية الغرائزية، عن طريق الرغبة غير المكتملة، اي ما يسبق الاكتفاء، اعني ذلك الشعور بالانجذاب والاشتياق.
الا ان هذه الرغبة غير المحققة لا تغدق على صاحبها مباهج النعيم، بل العكس تماماً، تغمره بأحاسيس الخوف والموت والضياع والفراغ.
الجسدان اللذان اصفهما في "البيت المائل..."، ينتميان الى تلك الفئة الملعونة من البشر، حيث معنى الحب يرافقه معنى الموت، وحيث مفهوم الوقت يرافقه مفهوم الزوال، وما الاخير سوى الوجه الآخر للأبدية، ذلك التماهي بالكون وذلك الامحاء!
الايروسية هي اذن هذا النوع من العلاقة، حيث الحب يلد الرغبة والرغبة تلد الدرامية. وعودة الى فكرة التجاذب – التنافر، فالدرامية لا تظهر الا في مناخ كهذا من المد والجزر، اعني في الغموض والالتباس في الاحاسيس. اقول هذا لأنه بدون الالتباس لا تنضج الايروسية الحقيقية التي هي أصلاً ملتبسة بفعل انتمائها في آنٍ واحد الى الجسد والى ما بعده، اعني الى الفيزيك والميتافيزيك. هذا يعيدنا بدون شك الى فكرة الابدية او التماهي بالكون مثلما ذكرته اعلاه، فكرة متصلة اتصالاً وثيقاً في كتابي، بالطقوس الديونيزية. وقد اقول ان "البيت المائل..." قائم اساساً على ميثولوجيا ديوينزوس التي كنت دائماً، وما زلت، اشعر بتقارب قوي بيني وبينها، بسبب انتمائها الى عالم التراجيديا، اي العنف في المشاعر، كالرغبة العارمة ومأساة عدم بلوغها. وغالباً ما تكون مشاعر الرغبة الصاخبة نابعة من الاحساس العنيف والجامح برغبة عميقة في الالتصاق بكل ما هو لاهوتي. بكلمة اخرى، اريد بذلك ما اشرت اليه اعلاه، وهو ان عنف الرغبة يؤدي دائماً الى الرغبة في الموت. والاخير هو اصلاً شعور لاهوتي محض نحمله في لا وعينا منذ الانسان الاول. الاجساد اذن في "البيت المائل..." تمثّل تلك الايروسية الديونيزية القائمة على هذا المحور الثلاثي: الموت، اي الزوال والذوبان بالأزل – المحرم، اي الجنس واللاهوت والمجازفة في خرقهما وانتهاكهما – الرغبة، اي التوتر الصاخب الذي يرافق الاجساد الايروسية.
نعود مرة اخرى الى جورج باتاي الذي يقول: "في البدء، كما يبدو، كان لممارسة الباخوسيات في اليونان معنى يتجاوز الفعل الجنسي المرح والطالب اللذة فحسب. فالممارسة الديونيزية كانت في البداية شديدة اللاهوتية، كانت اذن حركة ملتهبة، حركة ضائعة. (...)
كان الطقس الديونيزي اساساً مأسوياً. وفي الوقت ذاته كان ايروسياً، وذلك في هاذية. لكننا من جهة اخرى نعرف ان طقس ديونيزوس كان ايروسياً بقدر ما كان تراجيدياً... في اي حال، كان اول ما كان تراجيدياً اذن، انما في هول التراجيديا هذا ادخلته الايروسية". وهكذا، نرى كيف ان الايروسية تكون قد انجزت حركتها الجحيمية في لعبة تبدأ عنيفة لتنتهي كذلك عنيفة.
فالجسدان اللذان اصفهما، هما جسدان هاذيان، حيث تكريس معنى العطاء والتضحية بدون حدود، وذلك من اجل التوبة. اذن الجسدان اللذان أتناولهما يجهلان الممارسة الفورية والمباشرة للذة اذ هما يتجاوزانها نحو آفاق ميتا – جسدية حيث الرغبة والخوف، حيث الاشتياق الى اللذة ومحاولة تخطيها في آنٍ واحد، لأن المبتغى هو دائماً أبعد وأعمق وأجمل.
الجسدان اللذان أتكلم عليهما لا يعرفان احدهما الآخر اذ يعيش كل واحد في هاجس الوصول الى الآخر، يتغذى من صورة الجسد الثاني، من فكرته اعني، لا من مادته. وكأن مع تحقيق المادة تموت الايروسية وكل ما تنتجه هذه الفكرة من حالات وصولاً الى الحالة الفورية – الكتابية.
هكذا عاش جسداً كتابي الحالة الميتا – جسدية، وهي حالة هاذية وجحيمية كما قلت، لأنها تجعلهما يتذوقان بعنفٍ ازدواجية الالتباس، يتذوقانها بإمتياز. فمن جهة يعيشان جسدهما الفيزيكي بكلية وعمق وشغف، ومن جهة اخرى يتوقان، من خلال حدود هذا الجسد المادية، نحو صورة الجسد، نحو لا حدوديته، نحو انعكاسه البراّق وماورائية مكانه وزمانه، هذا ما اسميه ديونيزية الاجساد حيث تتداخل المعاني الفيزيكية والميتا– فيزيكية وتتقاطع حتى الهذيان الجحيمي، المميت، الخانق.
الاجساد في "البيت المائل..." تعيش الشغف حتى الموت، تعيش الاشتياق حتى الجنون. فعندما تتجاوز الاجساد الاحاسيس السريعة والسطحية تكون قد دخلت طور التناقضات القاتلة، تلك التي تروم المادة لكنها تروم ايضاً اثيرها، هالتها، بل تكون قد دخلت مدار الثنائية الجهنمية المهلكة. نعم؟ يهلك الجسدان في بحثهما، احدهما عن الآخر في ما بعد حدودهما المكانية والزمنية. يهلك الجسدان في مطاردة مأساتهما عبر تجاوز الواحد للآخر رغبةً منهما في القبض على ايروس اللاهوت، اعني على ذلك الجسد الصاخب والطاهر في آنٍ معاً، المدنّس والمقدّس، الزائل والأزلي.
وعودة الى مفهوم التوبة الذي ذكرته آنفاً، نرى في جسدَي "البيت المائل..." هذا النزوع الى الاغتسال من الخطيئة، وهذا الندم لفعل اثم ما.
فتتكرر في الكتاب فكرة براءة الجسد وتبرئته من فعل الكتابة، مفهوم لطالما تردد بكثرة ايضاً في كتاب سابق وهو "بدءاً من. او ربما". وهكذا نلاحظ ان "البيت المائل..." يحمل في طياته اثمين كبيرين، الاول هو الفعل الايروسي والثاني هو الفعل اللغوي. واذا كانت الايروسية فعلاً جحيمياً أكيداً، حتى لو كان هذا الفعل متصلاً تلقائياً بالمعاني الصوفية – اللاهوتية (فعلينا الا ننسى ازدواجية الاتجاهات الميتا – فيزيكية التي غالباً ما تنتهي الى الهوة الجهنمية)، فالكتابة ايضاً فعل جحيمي آخر، حيث يصبح الفعلان جلادي الجسد الضحية. اصف الجسد كذلك لأنه ما ان دخل طور الايروسية فقد طهارته الاولى، سذاجته البدائية، تلك التي تعرفهما النباتات والحيوانات، وكلها تنتمي الى الدورة الطبيعية الجارية تلقائياً لا فكرياً. ايضاً، ما ان دخل الجسد طول الفعل الكتابي فقد مجانية فعل الحياة ليغرق اكثر فأكثر في وحل آثام الكتابة هذه. فالأخيرة، كما أصفها في كتابي، هي فعل الخطيئة بامتياز كونها انفصلت عن المطلق لكي تبدأ فعل التيه والمتاهة، واعني فعل الخطأ. فكثيراً ما أتناول موضوع الكتابة من هذه الزاوية المرعبة، لاعتقادي ان المطلق هو مكان النعيم وزمانه، وانه يتمثل في حرف واحد ذهبي نقدي ابدي لم يلد ولو يولد، بل هكذا كان منذ الازل.
ثم جاء الفعل الكتابي كعنصر تمرّد، كتعبير عن تحد وكبرياء خدش ذلك الحرف الاول، حفر فيه، نحت داخله، خرّبه، اضاع مركزه، صار يكرره بحثاً عنه، ينسخه الى ما لا نهاية، رغبة منه في العودة الى الاصل. الا انه كلما تعمّق بحثه كان يخسر فرصة الايجاد، حتى ابتعد نهائياً عنه، متدخرجاً في هاوية بلا قعر، في انزلاق جهنمي لا خلاص منه. الكتابة اذن تشبه حالة السقوط عبر خطأ الاعادة، عبر خطيئة التجزئة. يقول جاك دريدا في هذا السياق: "مكرر، الخط ذاته لا يعود تماماً هو ذاته، الدائرة لا تعود تملك نقطة الوسط ذاتها، فالأصل خدعة". وعندما يضيع اصل الحرف، لا يبقى امام الكتابة سوى الريبة، حالة الخطيئة بامتياز، وعندما تضيع مباشرة الجسد، لا يبقى امام المرء سوى هول التشكيك.
وقد أشبّه الفعلين الخاطئين، الايروسية والكتابة، بفعل الانعكاس المرآتي (نسبة الى المرآة)، حيث الاصل هو وليس هو، وحيث الصورة هو مادة الاغراء، بل الهدف الاساسي. فإذا مددنا يدنا الى تلك الزجاجة المعاكسة، لمسنا الجسد ولم نلمسه، اذ هو موجود وغير موجود، هي في السطح وفي القعر، لكن اين قعر المرآة؟ هنا بالذات تقع جهنمية الفكرة، جحيمية المتيافيزيكية، اي في ما بعد الجسد المتمثل في الايروسية، ما بعد – الكلمة المتمثل في الكتابة. لذا أردت في "البيت المائل..." ان اكرر تبرئة الجسد من كل هذه الخطايا، اردت الاحتفاظ به قدر الامكان في دائرة الطهارة التي أصلاً ولد فيها، ومن هنا الشعور بالذنب المفرط والرغبة العارمة في التوبة.
اذن اجسادي الايروسية هي اجساد بريئة وقعت رغماً عنها في الخطيئة التي مع ذلك كأنها (الخطيئة) شرّ لا بد منه. فها هي الاجساد تتمرغ في لذة العذاب، فهي لا تتراجع ولا تكف عن الغوص في الحالة المميتة تلك. بل كأننا امام اشخاص يرومون الموت بشدّة تعلقهم بالحياة، او بكلمة اخرى يرغبون في الحياة الى درجة الموت.
ايضاً يقول جورج باتاي في هذا الصدد: "الايروسية هي اقرار الحياة حتى في عمق الموت... فإن تعلّق الامر بالايروسية المحض (الحب – الوجد) او بالشهوانية الجسدية فحسب، الحدة هي الاقوى كلما لاح موت الانسان ودماره... فمعرفة الوجد لا تربط فقط الحب بالوضوح، انما ايضاً بالعنف والموت – لأن الموت كما يبدو، هو حقيقة الحب. كذلك الحب هو حقيقة الموت".
في الصفحة الاولى من "البيت المائل..." قلت: "(...) اشتهيت الموت لأني اشتهيت الحياة، الحياة بموتها، الحياة كي لا أموت، لكني متّ ميتتين، أكثر من ميتة متّ". فالجسدان في كتابي اراهما في صخبهما حتى العنف، في وجدهما حتى الموت. وهما ممزقان بين وضوح قمة الشغف والتباس هوة الرغبة.
انهما يتألمان وينزفان بين ضفتي ذاك الحب العميق، تتجاذبهما ثنائية الشعور المسيطر بحدة من يختبر الوجد حتى الموت وكثافته.
كأن الموت هو الحقيقة النهائية الواحدة والمطلقة في فعل الحب، كأنه الهدف والمرام، بل هو النتيجة وقد يكون السبب. اقول السبب لأن الحياة وصفتهما في كتابي، اعني الرغبة في الحياة، لفرط ما كانت كثيفة وحادة، التصقت بطرفهما الآخر، لاقت وجهها الثاني، ذابت فيه حتى المزج التام وعدم التمكن من التمييز. عاش الجسدان شغف حتى تخومه النهائية، تلك الحدود الفاصلة التي تضعنا على عتبة المناطق الخطرة، مناطق لا دخول اليها تماماً، ولا خروج منها اطلاقاً، اعني مناطق الموت الخانق حيث كثافة الحياة حتى اقصاها، والحد الاقصى هو دائماً نهاية الشيء وبداية نقيضه – شبيهه.
هكذا افهم الجسد، هكذا اراه منتهياً، اي مبتدئاً في الحدة ومنتهياً فيها، اراه صاخباً، هاذياً، كثيفاً، لكن ضمن شروطه الايروسية الحقيقية.
وأشير هنا الى ان الايروسية قد تكون عبارة عن نظرة، او لمسة عابرة. فما يهم في هذه المادية الجسدية، هو تلك الكهرباء التي يخلقها الجسدان، تلك الايحاءات بالرغبة، ذلك التوتر الذي يجمع ويفصل، ذلك الصمت الذي يؤدي الى الجنون والموت.
شرط الايروسية الحقيقية هو عدم الاكتفاء، شرطها خوض المشاعر العميقة بحدة وصخب. فالايروسية هي الشحنة المغناطيسية التي تحلم بالوصول ولم تصل. شرط الايروسية عدم بلوغ الشهوانية الغريزية، انما بلوغ معنيي اللاهوت والموت.
هكذا ارى الجسد – الحب – الوجد في الكتابة.
.
صورة مفقودة
Kacimi